قد يصعب انكار طابع الزخم الذي اتسمت به حركة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري في الساعات الاخيرة من اجل تعبيد طريق الولادة الحكومية بعد ازالة المطبات. ومع ذلك يصعب أيضاً تجاهل الكثير من التساؤلات والشكوك التي بدأت ترتسم في الافق حول ضغط خارجي لعدم التشكيل ما دامت اي عقدة لم تشق طريقها الى الحل حتى الساعة ولا تقدمت اي من القوى السياسية خطوة واحدة في اتجاه تسهيل المسار.
وامس اجاد رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال القائه كلمته في مهرجان تغييب الامام موسى الصدر الاربعيني في ساحة القسم في المرج – بعلبك بقوله انه متشائل اي نصف متشائم ونصف متفائل بشأن تشكيل الحكومة، املا ان تحصل فكفكة العقد بين ثلاثة او اربعة ايام، باجتماع الرئيس المكلف الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
الى ذلك، اعرب الرئيس الحريري عن اعتقاده ب قرب تشكيل الحكومة الجديدة، رغم الصعوبات التي تعترض عملية التشكيل، وقال: اذا كنا نريد حكومة توافقية، فعلى الجميع ان يتنازل قليلا، واحيانا اميل شخصيا الى التنازل اكثر قليلا لأنني اعتقد ان البلد اهم من حزبي السياسي او غيره.
واكد متانة علاقته مع المملكة العربية السعودية، وقال: علاقتي مع المملكة ممتازة، وكذلك مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وكما تعلمون، فان المملكة ساهمت في انجاح مؤتمر سيدر، وقدمت مليار دولار في صناديق التنمية لدعم لبنان.
اضاف: لدينا خلافات سياسية مع حزب الله، وهو يعرف ذلك، هم لن يقبلوا ابدا سياستي تجاه الخليج، وانا لم اقبل سياساتهم تجاه ايران واشياء اخرى.
وتابع: من مصلحة لبنان انتهاج سياسة النأي بالنفس وعدم الانخراط في الصراعات الدائرة في اليمن او سوريا لانها لا تجلب، الا المشاكل للبنان. لا يمكننا الاستمرار هكذا لفترة طويلة، فعلينا تأليف الحكومة لاطلاق الدورة الاقتصادية والقيام بالاصلاحات اللازمة وتأمين تنفيذ المشاريع الحيوية والضرورية التي يحتاج اليها المواطنون في حياتهم اليومية.
وفي وقت تحدثت معلومات عن زيارة مرتقبة للرئيس الحريري الى قصر بعبدا خلال الساعات ال ٤٨ المقبلة، أفيد ان من الصيغ المتداولة لتسهيل الولادة الحكومية، اعطاء القوات اللبنانية 4 حقائب ليس من بينها وزارة سيادية او نيابة رئاسة الحكومة على ان تكون الوزارات ال4 دسمة، الا ان هذا العرض ينتظر ايضا بحثَه بين الرئيس الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في الساعات المقبلة. فيما تبدو العقدة الدرزية في طريقها للحل عن طريق تعيين وزيرين درزيين اشتراكيين ووزير درزي غير اشتراكي.
وليس بعيدا، اعتبر نائب رئيس الحكومة وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الاعمال غسان حاصباني ان موعد ولادة الحكومة منوط بتحقيق التوافق على كل النقاط الخلافية المطروحة. وقال في تصريح إذا لاقى المعنيون في مسار التأليف القوات اللبنانية في منتصف الطريق وتقربت وجهات النظر، يمكن الانتهاء من التأليف سريعا، لأن الوضع الاقتصادي والمالي لا يحتمل التأخير. ولفت الى ان النقاش الحكومي لا يزال في مربعي الأحجام والحقائب، مؤكداً ان القوات قدمت كل التسهيلات لتشكيل هذه الحكومة ولا يمكنها التنازل اكثر مما هو ممكن، لأن هناك وكالة من المواطنين الذين انتخبوا القوات لتمثيل تطلعاتهم، مشدداً على ان المسألة لا تتعلق بتعداد الحقائب، إنما بنوعيتها التي تسمح للقوات في المساهمة في إنجاح الحكومة والعهد والسير قدما في استقرار لبنان.
لفصل العودة عن الحل
من جهة ثانية، حضر ملف النزوح السوري في جولة قام بها رئيس مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، على المسؤولين اللبنانيين.
فزار رئيس الجمهورية الذي طلب ان تضطلع المفوضية بدور اكبر في تسهيل العودة الآمنة للنازحين في لبنان الى بلادهم، خصوصا في المناطق التي باتت مستقرة، واشار الى ان لبنان سيواصل تنظيم العودة المتدرجة للنازحين الراغبين في ذلك.
وانتقل غراندي من بعبدا الى بيت الوسط حيث استقبله الرئيس المكلف. وبعد الاجتماع، رأى ان مع تطور الوضع في سوريا من المهم التفكير في ما يحصل لمستقبل الوضع هناك، لافتا الى انه كرر للرئيس الحريري أن افضل حل للاجئين السوريين في المنطقة، البالغ عددهم خمسة ملايين، هو في تأمين عودة آمنة وكريمة لهم الى بلدهم. ولفت الى ان الوضع كان سيئا جدا خلال السنوات الماضية في سوريا، لكننا نحاول معرفة مخاوف الناس في ما يتعلق بموضوع العودة او عدمها، واضاف: ناقشنا بصراحة كبيرة مع الحكومة السورية كيفية التعامل مع بعض العقبات، بعضها مادي والآخر مرتبط بأمور قانونية، وابلغنا الرئيسين عون والحريري نتائج مناقشاتنا، وسألتقي في وقت لاحق وزير الخارجية جبران باسيل. وأكد ان تعاونهم سيستمر مع لبنان، قائلا: ندرك ان هناك عناصر جديدة دخلت على المناقشات، مثلا خطط روسيا التي من المهم جدا مناقشتها لانها تلعب دورا مهما في سوريا راهنا. لذلك يجب أن نناقش معها الامر ايضا. لقد التقيت مع الجهات الروسية في دمشق وجنيف ولدينا حوار وثيق معها وهي تلعب دورا هاما. ونأمل ان يستمر المانحون بتقديم دعمهم للبنان وللاردن التي زرتها منذ بضعة ايام، وتركيا ايضا، لذلك نحتاج الى دعم الدول المانحة للاستمرار بدعم الدول المضيفة.
والتقى غراندي المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم. وتوجه مساء الى اللقلوق حيث اجتمع الى وزير الخارجية جبران باسيل.