في ظل الازمات التي يعيشها لبنان ومحاولات ايجاد حلول لها تخفف عن اللبنانيين الأعباء المعيشية والمتعددة والمتلاحقة، أطل امس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من على منبر الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك وألقى كلمة لبنان وقال: نحن في لبنان نتلمس طريقنا للنهوض من الأزمات المتلاحقة التي عصفت بنا على مختلف الصعد: أمنيا، تمكن لبنان من تثبيت أمنه واستقراره بعد أن قضى على تجمعات الإرهابيين في الجرود الشرقية والشمالية وفكك خلاياهم النائمة.
سياسيا، أجرى انتخاباته النيابية وفق قانون يعتمد النسبية للمرة الأولى في تاريخه مما انتج تمثيلا أكثر عدالة لجميع مكونات المجتمع اللبناني. وهو اليوم على طريق تشكيل حكومة تبعا لنتائج هذه الانتخابات.
اقتصاديا، وضعت الخطوط العريضة لخطة اقتصادية لتحقيق النهوض، تأخذ بعين الاعتبار مقررات مؤتمر سيدر، ركائزها تفعيل القطاعات الانتاجية، وتحديث البنية التحتية، وردم الهوة بين الإيرادات والإنفاق في الميزانية.
ولكن، أزمات الجوار لا تزال تضغط علينا بثقلها وبنتائجها؛ فمع بدء الأحداث في سوريا بدأت موجات النزوح هربا من جحيم الحرب، تتدفق الى لبنان، وقد حاول قدر إمكاناته تأمين مقومات العيش الكريم للنازحين. ولكن الأعداد الضخمة وتداعياتها على المجتمع من نواح عدة، وندرة المساعدات الدولية، تجعل الاستمرار في تحمل هذا العبء غير ممكن.
وعليه، أعيد تأكيد موقف بلادي الساعي لتثبيت حق العودة الكريمة والآمنة والمستدامة للنازحين الى أرضهم، والرافض كل مماطلة أو مقايضة في هذا الملف الكياني، أو ربطه بحل سياسي غير معلوم متى سيأتي، والرافض قطعا لأي مشروع توطين، سواء لنازح أو للاجئ. وفي هذا السياق نسجل ترحيبنا بأي مبادرة تسعى لحل مسألة النزوح على غرار المبادرة الروسية.
ورأى ان لبنان، بمجتمعه التعددي الذي يعيش فيه المسيحيون والمسلمون معا ويتشاركون الحكم والإدارة، وبما يختزن من خبرات أبنائه المنتشرين في كل بقاع الأرض، وبما يشكل من عصارة حضارات وثقافات عاشها على مر العصور، يعتبر نموذجيا لتأسيس أكاديمية دولية لنشر هذه القيم، أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار.
وختم: لقد أطلقت من على هذا المنبر العام الماضي، مبادرة جعل لبنان مركزا دوليا لحوار الأديان والثقافات والأعراق، ونطمح أن تتجسد هذه المبادرة اليوم باتفاقية متعددة الأطراف لإنشاء الأكاديمية فيه، تكون مشروعا دوليا للتلاقي والحوار الدائم وتعزيز روح التعايش، بما يتماشى مع أهداف الأمم المتحدة وسلوك الديبلوماسية الوقائية لتفادي النزاعات.
إن الإنسان عدو لما، ومن يجهل، وطريق الخلاص هي في التلاقي والحوار ونبذ لغة العنف وتطبيق العدالة بين الشعوب، وهي وحدها تعيد الى مجتمعاتنا الاستقرار والأمان، وتحقق التنمية المستدامة التي تبقى المرتجى.
وفي هذا الاطار، التقى الرئيس عون على هامش اعمال الجمعية العمومية رئيسة كرواتيا كوليندا غرابار كيتاروفيك التي أبدت اهتماما بالغا بالتعاون الاقتصادي مع لبنان في مجالي الاستثمار وتبادل الخبرات.
كما التقى عون الرئيسة الاستوانية كرستي كالجيلاد وشكرها على مشاركة قوات بلادها في عمل اليونيفيل وعرض معها العلاقات الثنائية.
وكذلك التقى رئيسة وزراء النروج ارنا سولبرغ، حيث عبرت عن اهتمام بلادها في المواضيع التي أشار اليها عون في كلمته امام الجمعية العمومية وكان تأكيد نروجي على دعم لبنان بكل ما يعود عليه استقرارا وأمنا.
من جهة ثانية وعلى الضفة الحكومية، انطلقت في الساعات الاخيرة حركة اتصالات جديدة يضطلع بها الرئيس الحريري مع القوى السياسية المحلية، معظمها من وراء الكواليس، للبحث في اقتراحات يمكن ان تساعد في تذليل العقبات التي تعترض طريق التشكيل. وفي السياق، استقبل الحريري في بيت الوسط النائب وائل ابو فاعور في حضور الوزير غطاس خوري وجرى بحث في المستجدات السياسية والحكومية.
كما التقى سفراء بريطانيا والولايات المتحدة الاميركية واليونان، واطلع من وزير الداخلية نهاد المشنوق على أحداث مطار رفيق الحريري الدولي، حيث وقع خلاف بين قائد جهاز امن المطار العميد جورج ضومط، وقائد سرية الدرك في المطار العقيد بلال الحجار، ادى الى انسحاب الدرك عن التفتيش الاولي وتسلم عناصر الجيش اللبناني التابعين لجهاز الامن عمليات تفتيش المسافرين والحقائب، ما انعكس على حركة المسافرين التي توقفت لفترة زمنية، ما دفع الوزير المشنوق الى التوجه للمطار وبعد اجتماع مع رئيسه وجولة في ارجائه اعلن اعتذاره من المسافرين عن التأخير في معاملاتهم واعلن ان الجميع سيلتزم أوامر وزير الداخلية والاشكال لن يتكرر.
وفي السياق، أفيد ان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية باشر التحقيقات بموضوع توقف حركة المطار والاشكال الحاصل بين رئيس جهاز الامن وقائد وحدة قوى الامن الداخلي هناك، وكلف الأجهزة المعنية بإجراء تحقيق مشترك في الموضوع.