أكثر من عشرة مرشحين علويين في طرابلس يتنافسون على مقعد واحد! غياب «المرجعية» العلوية، إثر خروج رفعت عيد من جبل محسن، فتحت شهية الطامحين. إلّا أنّ العارفين يؤكدون أنّ كثراً من هؤلاء سينزلون من «البوسطة» قبل أيار ٢٠١٨
منذ خروج الأمين العام للحزب العربي الديمقراطي رفعت علي عيد من جبل محسن إلى سوريا، بدا أن الشخصيات العلوية الأخرى باتت أكثر تفلّتاً من القيود السياسية. ارتفع منسوب الرغبة لدى البعض في ممارسة العمل السياسي، نتيجة اقتناعه بأنه يملك تمثيلاً يُتيح له الحقّ بالترشح إلى الانتخابات النيابية. في غياب عيد، بات كلّ سياسي علوي يعتقد بأنّه مشروع «زعيم» قادر على القبض على نبض الشارع. قبل ذلك، «كانت الأمور تحت السيطرة أكثر»، يقول أحد السياسيين الطرابلسيين.
في مدينة الفيحاء، مقعد علوي واحد يجذب إليه، قبل اتخاذ المعركة طابعاً جدياً، أكثر من عشرة مُرشحين. الأسماء، التي بدأت صور أصحابها تنتشر في جبل محسن، عديدة. البعض ينتمي إلى فئة المُرشحين الدائمين، والبعض الآخر «حديث» على الساحة، والقسم الثالث كان يدور سابقاً في فلك الحزب العربي الديمقراطي.
السؤال عن هوية المرشحين، يقود إلى أسماء علي درويش، محمد طرابلسي (مُقرب من الوزير السابق فيصل كرامي)، أحمد عمران (ابن شقيقة النائب الراحل أحمد حبوس)، هويدا خضور، خليل الشتوي، محمد جحجاح (محسوب على الوزير السابق أشرف ريفي)، عبد الخالق عبد الخالق، حافظ ديب (كان يفتخر بعلاقته برفعت عيد وبصورهما سوية)، نزار الموعي (يُقال بحسب المعلومات إنّه وضع ترشّحه بتصرف العربي الديمقراطي)، ليلى شحود، جابر عباس، الطبيب نصر خضر (والد المحافظ بشير خضر، وعلاقته جيدة بالعهد الرئاسي)، بدر حسين عيد، بسام ونوس وعرين حسن (مُقربان من تيار المستقبل).
«العربي الديمقراطي» لا يزال الأقوى في جبل محسن رغم غياب عيد
سبب هذه «العجقة»، بحسب عدد من المرشحين الذين تواصلت معهم «الأخبار» وتحفظت عن ذكر أسمائهم حالياً، «غياب رفعت عيد… أصبح هناك هامش أكبر للحركة. نهدف من الترشيح الى خلق ديناميكية مُعينة وتأمين المطالب الأساسية لشارع جبل محسن الذي هو جزء من طرابلس». لكنهم يُدركون، بواقعية، أنّ القرار في ما خصّ المقعد العلوي في طرابلس «أكبر منّا»، وهو يعود إلى سوريا، «لوجود ارتباطات عضوية بينها وبين العلويين».
يقول عمران إنّ غياب «السيّد رفعت» السبب الأساس لبروز المرشحين، فـ«الطموحون كُثر ولا يُمكن حرمان أحد». لكن يعتقد الرجل بأنّ «الحزب العربي لا يزال الطرف الأقوى». هل تُعتبر الترشيحات جدّية؟ يُجيب عمران بأنّه «فقط من يترشح على لائحة يكون جدّياً».
ليست المرّة الأولى التي تشهد فيها الساحة العلوية هذا الكمّ من الترشيحات، أقلّه منذ بداية الألفية الجديدة. عُين النائب الراحل علي عيد عام ١٩٩١ نائباً «فحاول الدكتور خضر خضر الترّشح ضدّه»، استناداً إلى أحد الباحثين العلويين. ترشح عيد منفرداً في انتخابات الـ١٩٩٢، وتنافس مع أحمد حبوس في دورة الـ١٩٩٦. لم يؤثر الوجود السوري في لبنان في عدد المُرشحين العلويين، «ففي عام 2000 أكمل السباق ٧ مرشحين، ليتكرر الأمر بعدها». المُستغرب، استناداً إلى الباحث، كثرة المُرشحين العلويين في ظلّ القانون النسبي وفق الصوت التفضيلي، «فالتصويت العلوي له طابع سياسي واضح، هو فريق ٨ آذار محلياً وسوريا إقليمياً». من يريد أن يُقنع الناخب العلوي بالاقتراع له «لا يُمكن أن يتبنى طروحات أخرى». يشرح الرجل بأنّه «غير صحيح أنّ كلّ الناس مع آل عيد أو مع الحزب العربي الديمقراطي، الانتقادات كثيرة. لكن العلويين مع الخطّ السياسي الذي ينتمي إليه آل عيد، لهذا هم الأقوى». تبعاً لذلك، يكمن ذكاء المُرشح في «إقناع الناخبين بأنه مؤيد للمقاومة ولسوريا، عندئذ يكون الناس قد وجدوا بديلاً للخروج من تحت عباءة آل عيد. حالياً، لا أحد من المرشحين يستطيع أن يلعب هذا الدور. ومن المتوقع أن تتراجع طفرة الترشيحات كلّما اقتربنا من موعد الانتخابات».
أوساط عدّة في طرابلس تُقلّل من احتمال أن تكون كثرة الترشيحات «لُعبة» من القوى السياسية في المدينة بهدف تشتيت الأصوات العلوية، وتقليص إمكانية فوز مُرشح الحزب العربي الديمقراطي. يوجد شبه تأكيد بأنّ «الأصوات العلوية لا تتشتت، إذ لا يوجد طرف قادر على أن يمون على أكثر من ٥٠٠ شخص بالحدّ الأقصى».
مصادر مُقربة من الحزب العربي الديمقراطي تقول إنّه «فعلياً لا يوجد مُرشحون. كلّ واحد منهم يستغلّ غياب رفعت عيد، ويقول لماذا ليس أنا؟ الأمور في بداياتها، وما يحصل غير جدّي» وتؤكد أنّ لا مُشكلة مع أي من المرشحين، «ولكن هناك ثلاثة ثوابت يجب الالتزام بها: المقاومة وسوريا وفلسطين. ولا يُمكن أن يأتي مرشح غريب عن شعبه وعن جبل محسن». أما حول ما حُكي عن تشتيت الأصوات العلوية، «فلنتوقف عن الكذب على بعض. العربي الديمقراطي يملك القدرة الأكبر على التجيير. وأكبر دليل، هو الانتخابات البلدية الأخيرة حين لم يقترع العلويون إلا بعد أن أعطينا كلمة السر، ولم نُصوت سوى للمختارين».