IMLebanon

حلب؟

المرّات القليلة التي خرج فيها بشار الأسد على الإعلام منذ بداية الثورة الشاملة عليه، كانت تأتي

في العادة بعد تحقيق قواته تقدّماً ميدانياً في نقطة محدَّدة ومهمة، لكنه هذه المرّة قلب الآية: خرج ليستبق تطوراً ميدانياً معاكساً وكبيراً، لن يكون لمصلحته.

تنظيراته التبريرية لخسائره الكبيرة في الآونة الأخيرة وخصوصاً في ادلب ودير الزور واشتمال ذلك التنظير على كلام محدّد عن الجيش ومعركته الميدانية و»اضطراره» أحياناً الى إخلاء منطقة «غير مهمة» لتدعيم الدفاعات عن مناطق «أكثر أهمية».. ذلك وغيره، يدلّ على أنه «يتوقع» تبعات ميدانية خطيرة وكبيرة للتطور الحاصل في الموقف الأميركي التركي إزاء الوضع السوري من زاويته الشمالية.

أي، كأنه يحاول مسبقاً تفخيت وتبخيس القراءات التي ستلي معركة قد تجري قريباً في حلب مثلاً وتودي الى سقوطها في أيدي المعارضة.. ويقول سلفاً، (أو يحاول) أن ذلك لن يؤكد نظرية اقترابه أكثر فأكثر من الاندثار والاندحار، بل العكس، سيدفع الى «تعزيز» الدفاعات عن المناطق «الأكثر أهمية» في عُرفه، مثل دمشق والخط الساحلي.

صحيح انه أحد أبرز أساطين النكران، وأكبر روّاد عالم المكابرة، لكن لا يمكن اتهامه بقلّة المعرفة أو سوء الاطلاع على ما يجري في سوريا وحولها، مثلما لا يمكن الأخذ بفرضية عدم وصول ما يكفي من معطيات إليه.. ولأنه كذلك يصحّ الافتراض (السعيد) بأنه يقرأ بواقعية لكنه يتصرف بجنون.. ويعرف المعاني الميدانية والسياسية لما سُمّي التوافق الأميركي التركي بعد 4 سنوات من التمنّع الأوبامي. ويعرف تحديداً، ان حسابات أنقرة إزاء الأكراد و»داعش» لا تقيم فاصلاً يضع الأسد وبقايا سلطته خارج نطاقها. بل العكس تماماً: محاربة الارهاب تبدأ من الرأس وليس من الذيل. واستمرار وجود الأسد يعني استمرار تنامي الظاهرة الارهابية.. ولا يخرج التمدد الكردي بدوره، عن هذه القاعدة بل يؤكدها. أي طالما ان الأمر لم يُحسم مركزياً، فإن كل الاحتمالات السلبية واردة في الأطراف.

وإذا كان الحسم المركزي ليس في يد الأتراك وحدهم، فإن أمر حدودهم الجنوبية وأمنهم القومي هو شأنهم أولاً وثانياً وثالثاً.. والى آخر العدّ. وفي قمة متطلبات ذلك الشأن، السعي الى إقامة منطقة حظر طيران أو حزام أمني حدودي في المنطقة الداخلية الشمالية السورية، وبما يسمح بتحقيق جملة أهداف فيها منافع مشتركة لهم وللمعارضة المسلحة «المعتدلة».

.. بدلاً من أن يطلّ على عادته، ليتفاخر بـ»إنجاز» إسقاط الزبداني (مثلاً) خرج الأسد لينعى (مسبقاً) خسارة حلب؟!