يبدو ان باراك اوباما لا يزال يراوح عند نظريته التي كشف عنها عام ٢٠١٢، عندما وصف المعارضة السورية بأنها مجموعة من الفلاحين واطباء الاسنان ليس من المستحسن تسليحهم لأنهم لا يجيدون القتال.
لكن لوران فابيوس لم يُضف شيئاً الى الانتقادات التي توَجه الى الرئيس الاميركي، عندما كتب في “الواشنطن بوست”، داعياً الى إنقاذ حلب من “داعش” والنظام السوري اللذين يقاتلان المعارضة المعتدلة في المدينة، واصفاً اياهما بأنهما “وجهان لبربرية واحدة تلتقيان في إرادة مشتركة هي القضاء على المعارضة المعتدلة”!
فابيوس لا يغالي عندما يصف التخلي عن حلب (في اشارة موجّهة الى اوباما) بأنه مدخل الى كارثتين: اولاً وقوع مذبحة كبيرة قد تودي بأكثر من ٣٠٠ ألف ضحية من المدنيين المحاصرين في المدينة وهو ما يتجاوز الكارثة التي كانت تتهدد كوباني، وثانياً ان سقوط حلب سيؤدي الى تجزئة سوريا اقطاعات لأمراء الحرب بما يفضي الى التقسيم الذي سينتقل الى الاردن ولبنان والعراق!
ولكن من قال يا مسيو فابيوس انه ليس مطلوباً تشريع أبواب التقسيم في سوريا كما في غيرها من دول المنطقة، وهل يحتاج المرء الى العناء ليكتشف ان عمليات “التحالف الدولي لمحاربة الارهاب” لا تتم إلا وفق روزنامة البيت الابيض، التي باتت تلقى طوفاناً من الانتقادات حتى من داخل إدارة اوباما؟
في هذا السياق تقول صحيفة “النيويورك تايمس” إن اوباما يتجه الى إجراء تعديل في حكومته بحيث يصرف وزير الخارجية جون كيري الذي لطالما اعترض على سياسته المتعامية عن فظائع مذابح النظام السوري وما ولّدته من إرهاب وإرهابيين، وبحيث يستبدل وزير الدفاع تشاك هيغل الذي كان قد وجّه مذكرة الى سوزان رايس تنتقد استراتيجية بلده بشأن سوريا، وتحذّر من ان سياسة اوباما في خطر بسبب فشلها في توضيح نياتها حيال بشار الاسد.
إذا صحّت المعلومات التي تقول ان اوباما يرى ان كيري يغرّد خارج “السرب البيضوي” ويتبع خطاً تصاعدياً في انتقاداته، وان هيغل ممتعض الى درجة التخلي عن ادارة المرحلة لمصلحة رئيس هيئة الاركان مارتن ديمبسي، فان ذلك يعني وجود موقفين في واشنطن، موقف اوباما و”البنتاغون” في جبهة، والادارة السياسية في جبهة ثانية، وهو ما يفسّر سياسة التعامي المقززة التي لطالما طبقها اوباما حيال مسلسل المذابح السورية منذ اربعة اعوام تقريباً!
موقف فابيوس الداعي الى ضرب بربريتي الاسد مع “داعش” يتلاقى مع موقف رجب طيب اردوغان الذي زار باريس قبل ايام، وكذلك مع مواقف الشركاء العرب في التحالف، وهو ما يدفعني الى طرح السؤال:
هل تؤدي سياسة اوباما الى فرط التحالف الدولي لتعمّ الفوضى وتتمزق الخرائط؟