Site icon IMLebanon

حلب بين الامس واليوم

صديق والدي كان مدير أحد المصارف وكان يروي لنا أنه في أوائل خمسينات القرن الماضي ذهب منتدباً الى فرع البنك في حلب، لماذا؟ لأنّ حلب في ذلك الزمن كانت مركزاً تجارياً مهماً جداً خصوصاً لمن يتعامل في تجارة القطن والحبوب… فقد كانوا يأتون بالمحاصيل الزراعية من الرقة والجزيرة والحسكة وتباع في سوق حلب، وبذلك أصبحت هذه المدينة السورية مركزاً إقتصادياً وتجارياً كبيراً.

هذا من الناحية التجارية، أما من الناحية الصناعية وبفضل الجالية الارمنية التي اضطرت أن تهاجر من أرمينيا وجاءت الى حلب بحكم موقع حلب الجغرافي وقربها من تركيا، وهكذا كان لمهارة اليد العاملة الارمنية الفضل الكبير لتصبح حلب أهم مركز صناعي في سوريا كلها ومَن يعرف حلب ويعرف سوريا يقدّر أهمية حلب الاقتصادية..

ومن الناحية الاجتماعية وفي الخمسينات أيضاً كانت تقام في حلب مسابقة ملكة جمال القطن… نعم في حلب وفي الخمسينات! وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدل على أهمية حلب الاقتصادية والاجتماعية التي أصبح فيها عدد كبير من الأثرياء من تجار وأصحاب مصانع(…).

ومن الناحية الفنية طبعاً يكفي حلب أنها أنجبت الفنان العملاق الاستاذ صباح فخري وكذلك الصديقة الفنانة الكبيرة السيدة ميادة الحناوي.

وماذا عن دور حلب التاريخي المجيد خصوصاً في مرحلة سيف الدولة الذي شهد ديوانه نشوء ظاهرة أعظم شعراء العرب قاطبة أبو الطيّب المتنبي الذي قيل فيه «ما اجتمع إثنان إلاّ كان ثالثهما»… إشارة الى أنّه تناول قضايا الحياة كافة في شعره ما يجعل شعره حاضراً للاستشهاد به في كل قضية وأمر، وعندما يذكر أبو الطيّب لا يمكن إغفال منافسه أبو فراس الحمداني ابن عم سيف الدولة، وقصائده الرقيقة وأبرزها ما غناه ناظم الغزالي: «أقول وقد ناحت بقربي حمامة»، وكذلك ما غنته كوكب الشرق أم كلثوم «اراك عصي الدمع شيمتك الصبر».

وسأكتفي بما تقدم وهو غيض من فيض عن حلب وأهميتها.

أما اليوم وبفضل غباء نظام بشار الاسد وجهله بالحكم وتمسكه بكرسي الرئاسة تغيّرت صورة حلب، فكيف هي اليوم؟

أولاً: أكثر من مئة ألف قتيل بين طفل وشاب وامرأة وعجوز.

ثانياً: تهجير 3.5 ملايين ولم يبقَ في حلب اليوم إلاّ مليون ونصف المليون.

ثالثاً: الدمار الهائل في المؤسسات الرسمية وفي الجوامع وفي المدارس والجامعات والبيوت والمباني الجميلة ومعروف عن حلب أنّ المباني فيها كانت من حجر.

رابعاً: على الصعيد الصناعي 200 مصنع نسيج انتقلت بكاملها الى تركيا بسبب الحرب.

وبدلاً من الشعب الحلبي والعائلات المحترمة والارستقراطية يوجد في حلب اليوم وبفضل النظام الغبي:

* الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام «داعش».

* «النصرة».

* «القاعدة» والتنظيمات التابعة لها:

– جبهة تحرير ثوار سوريا.

– لواء صقور الشام.

– لواء التوحيد (لا يعترف بالإئتلاف السوري).

– لواء الفتح.

* الجبهة الاسلامية (مدعومة من «القاعدة») وتضم:

– جيش الاسلام.

– حركة أحرار الشام.

– أنصار الشام.

– لواء الحق.

– لواء التوحيد.

الجبهة الاسلامية الكردية (1000 مقاتل).

* جبهة الاصالة والتنمية (تحالف من 13 ألف مقاتل).

* هيئة دروع الثورة.

* الجبهة الاسلامية السورية «حركة أحرار الشام الاسلامية»، وتضم:

– لواء الحق.

– أنصار الشام.

– جيش التحرير.

– لواء مجاهدي الشام.

لم يكتفِ بشار بما فعله في شعبه بل لكي يؤكد غباءه صرّح بأنّ ما جرى في فرنسا من عنف كان هو يحذر منه وزاد قائلاً لقد بدأتم تتلقون ما كنا نحذر منه.

العالم بأكمله شجب وأدان العملية الارهابية التي حصلت في باريس ولم يبقَ مسؤول أو دولة في العالم إلاّ واستنكر هذه العملية، وحده بشار الاسد انتقد السلطات الفرنسية!

عجيب غريب هذا الرجل الذي لم يتعلم شيئاً ولن يتعلم شيئاً في حياته ولا يزال بالرغم من الدمار والقتل… وجميع قوى العالم أرسلت طائراتها لتقتل شعبه وهو يتحدث كأنّ شيئاً لم يحدث، والدنيا بالنسبة إليه بألف خير وما زالت كما هي!