ليس تقليلاً لأهمية تمدد الخطة الامنية الى أحياء الضاحية الجنوبية وإن طرحت تساؤلات تتصل بسر تزامن الخطة مع ضرب طبول الاستنفار لمعركة القلمون “الموعودة” في أي لحظة. ولا نثير الامر من زاوية التشكيك “على الطاير” بالخطة ولكن ذلك لا يحجب الظاهرة الموازية في اطلاق العد العكسي لمعركة القلمون في اطار يبدو ظاهريا على الاقل من جانب أحادي معزول عن الدولة الا اذا كان في الامر ما يخفى علنا.
هذه المعركة بصرف النظر عن ضروراتها الميدانية التي تنحصر بواقع انخراط “حزب الله” في الحرب السورية وتقديراته وحساباته حيالها تنطوي على عامل جديد كليا لم يرافق سائر المعارك السابقة التي اثارت غبارًا كثيفا لا في مواجهات جرود عرسال ولا قبلها في معركة القصير. ونعني بذلك انها المرة الاولى التي يطلق فيها نفير الاستنفار الإعلامي والميداني الاستباقي تحضيرا للرأي العام وربما للدولة اللبنانية تحسبا لتداعيات المعركة. وما دام التكتيك المتبع في العد العكسي الجاري للمعركة اتخذ هذه الوجهة العلنية الصريحة بل والشديدة الشفافية في الاعداد لساعة الصفر فان ذلك يجعل التساؤل مشروعا بل حتميا وواجبا عما اذا كانت الحكومة أو وزارة الدفاع أو وزارة الداخلية أو الاجهزة الامنية العديدة قامت بمساءلة “حزب الله” أو بالتنسيق معه حول معركة ستلفح نيرانها بقوة الواقع الأمني والميداني على الحدود الشرقية خصوصا متى كان الحزب لا ينكر صراحة ان تداعيات المعركة متصلة بأمنه كما بأمن مناطق لبنانية مترامية من أقصى البقاع الشمالي الى البقاع الاوسط وربما ابعد وصولا الى العرقوب.
فهل تعتبر الدولة اللبنانية معركة القلمون واجبة وضرورية وحتمية كما يعتبرها الحزب؟ وإذا كان الجواب إيجابيا هل جرى ويجري التنسيق الحتمي بين الدولة والحزب وبأي أقنية وبأي غرفة عمليات مشتركة؟ وإذا كان الجواب سلبيا وليس لدى الدولة المعطيات نفسها التي تسوق حيال حتمية المعركة من الناحية التي تعني لبنان كله وأمنه كله لماذا تصمت الدولة بكل مؤسساتها السياسية والأمنية ولا تفصح عن موقفها قبل اشتعال الشرارة الاولى؟ ام ان تساؤلات كهذه سينظر اليها فقط من زاوية تشكيك تقليدي بعجز الدولة عن ان تكون “شريكا” متساويا مع الحزب على الاقل حين يمس انخراطه في القتال السوري الامن الحدودي في لبنان؟
يستحيل مع واقع التداخل القتالي على الحدود الشرقية الجزم الاستباقي بجدوى المعركة من عدم جدواها وسط معادلة ازدواجية المواجهة التي يتولاها الجيش اللبناني من جهة و”حزب الله” من جهة اخرى. ولكن أليس من حق اللبنانيين ان يحصلوا على “عدالة” في الشفافية في مقابل وضعهم امام عد عكسي مخيف فيما تبدو الدولة كأنها في عالم غيبي؟