IMLebanon

الغطاء السياسي تأمّن للتمديد لـ”ألفا وتاتش”

 

على الرغم من الإعتراضات النيابية والشعبية

تحوّل فيروس كورونا إلى شمّاعة تُعلِّق عليها حكومة الأخصائيين كل قراراتها، لا بل إلى حجة “أوريجينال” لتمديد عقدي “ألفا وتاتش” الذي سيأتي للبنانيين “بحلّة جديدة”، مع “باقة من الشروط” سيتفق عليها وزير الإتصالات طلال حواط لتتناسب مع الوضع الإقتصادي الحالي. فأمام الخسائر الفادحة التي مُني بها لبنان مؤخراً، عادت مناورات الكتل السياسية المقنّعة داخل مجلس الوزراء من أجل تقديم الغطاء السياسي العاجل لاستئناف عمل “أوراسكوم” و”زين”، واستكمال حفلة الفساد غير الخاضعة للرقابة ولكن بصيغة مختلفة.

وجد المتحكمون في خيوط مسار الأمور، أيام الحجر الإلزامي جنة لتمرير صفقة جديدة مع بدر الخرافي (شركة زين التي تُدير ميك 2 “تاتش”) والأخوين ساويرس (شركة أوراسكوم التي تدير ميك 1 “ألفا”) والتجديد لهما من دون العودة لدائرة المناقصات. أما الوزير طلال حواط فيميل إلى غض النظر وتنفيذ المطلوب على مبدأ “ريحة الزبالة بتغطي على ريحة البخّور”، وبالتالي لا داعي للتبخير في وزارة الإتصالات في ظل كل الفساد المحيط بالوزارات الأخرى.

 

فرق كبير بين الاسترداد والإستلام، المطلوب اليوم هو استلام الدولة زمام إدارة القطاع بعد أن استرديناه العام 2002 خلال العطلة النيابية. عندها، وبما أن مجلس النواب المخوّل بتأسيس الشركات كي تدير القطاع كان في إجازة، لجأ مجلس الوزراء إلى انشاء شركتين بالإئتمان هما ميك 1 وميك 2 تملك أسهمهما الدولة اللبنانية في بنكي عوده وفرنسبنك، وسلّم إدارتهما لشركتي ميقاتي ودلول حتى الـ2004 قبل فتح الأبواب للشركات العالمية. كان ذلك “حلاً موقتاً” كي لا تدخل أموال القطاع على حسابات ديوان المحاسبة ولا على دائرة المناقصات و”تسوية قانونية”، تحول دون إدخال من يدير القطاع بمعمعات المراقبة المطلوبة.

وفي حديث هاتفي مع مستشار في لجنة الإعلام والإستشارات النيابية علي حمية، علمت “نداء الوطن” أن واقع قطاع الإتصالات في لبنان يحتّم على الدولة استلام وإدارة القطاع بشكل كلي، لتحسين شروط الدولة عند اطلاق المناقصة العالمية. فـ”قانوناً مهما حاولت الدولة تعديل العقد مع شركتي ألفا وتاتش أو حتى فتح باب المناقصة أمام شركات أخرى، سيبقى مال القطاع “مالاً سائباً” لأن أساس نموذج العمل في ميك 1 وميك 2 لا يخضع للرقابة ولا للمحاسبة. بالتالي، تلقائياً يُصار إلى الشك أن مردود القطاع المعلن عنه ما هو الا مردود وهمي”. وأكمل: “في السنوات السابقة تم الإشراف على ألفا وتاتش عبر “هيئة الإشراف” أي من قبل المالكين، وبالتالي هي هيئة داخلية بحتة تعيش وتموت مع العقد وتتقاضى مبالغ طائلة، تخطت حصتها في السنوات الخمس الأخيرة ما شكل خرقاً لبنود العقد، وبالطبع لم تُحاسب”.

 

رأي الأحزاب

 

عبّر عضو المجلس القيادي المسؤول عن الملفات المالية والإقتصادية في الحزب “الإشتراكي” محمد بصبوص لـ”نداء الوطن” عن أن توجههم الحالي رافض لعملية التجديد بالتراضي لشركتي ألفا وتاتش، وأن لديهم موقفاً سلبياً من “شكل الشراكة المتبع” في إدارة قطاع الإتصالات. وبرأيهم على الدولة ان تقوم بعملية استدراج للعروض واضحة المعايير وشفافة تفتح المجال للمنافسة.

 

أما الوزير حسين الحاج حسن فقد صرح مراراً وتكراراً كرئيس للجنة الاعلام والاتصالات النيابية، وأكد موقفه الواضح كجهة سياسية ممثلة لـ”حزب الله” في شأن “استلام الدولة اللبنانية إدارة القطاع الخلوي اليوم قبل الغد وسريعاً. فبرأيه إن “استلام إدارة قطاع الاتصالات الخلوية من الدولة هو الممر القانوني الإلزامي قبل تحسين شروط الدولة في تقديم أي مناقصة جديدة لإدارة وتشغيل شركتي الخلوي”.

 

من جهتها، صرحت النائبة رولا الطبش كعضو في لجنة الإتصالات والإعلام النيابية وممثلة لتيار “المستقبل” أنه، برأيها “علينا العودة إلى عهد ما قبل الوزير نقولا الصحناوي، وتحميل المصاريف التشغيلية على الشركتين وليس الدولة كما هو الحال حالياً”. وأضافت: “موضوعنا ليس في أمر التجديد أو عدمه، أولاً نحن مع إدارة القطاع من قبل الدولة وثانياً لسنا مع التجديد لمجرد التجديد وبنفس الشروط، يجب أن تكون هناك مناقصة شفافة بشروط جديدة لتحسين القطاع، يمكن أن تقدم عليها ألفا وتاتش”.

 

وفي هذا الإطار، أشار عضو لجنة الإتصالات والإعلام النيابية وممثل “القوات اللبنانية” النائب زياد حواط أننا نواجه أزمة معيشية كبيرة في البلاد، ومن المفترض ان نتوجه إلى القطاعات الانتاجية لدعم الإقتصاد بدل الذهاب الى خيار حجز أموال المودعين في المصارف. وتابع: “نجد اليوم في الشراكة والتشركة مع القطاع الخاص كل المنفعة للإقتصاد اللبناني وماليته، وبالتالي علينا أن نسعى إلى التشركة مع القطاع الخاص العالمي من خلال مناقصة عالمية، نُدخل من خلالها الى الخزينة مبالغ طائلة كدفعة أولى ومن ثم يكون لخزينة الدولة حصة سنوية مقابل عمل تلك الشركات. وبهذا نفتح الأبواب أمام المنافسة الحقيقية ونحصل على أفضل خدمة بأرخص الأسعار إضافة إلى تفعيل شركة ليبانون تيليكوم. أما تجديد العمل لهاتين الشركتين ما هو الا استمرار لمسيرة الفساد بالأموال العامة”.

 

من ناحيته، شرح النائب عماد واكيم لـ”نداء الوطن” أن هناك تجاهلاً كلياً لتوصيات لجنة الإتصالات التي نصحت بعدم التجديد لـ”ألفا وتاتش” والإتجاه الى عقد مناقصة جديدة من دون مشاركتهما، إذا ما قررت الدولة عدم استلام زمام الإدارة. وأضاف: “يبدو أننا مقبلون على معركة طاحنة لأننا سنرفض كحزب “القوات اللبنانية” أي تجديد مع شركتي ألفا وتاتش مهما “غيروا ماكياج شروط العقد” فزمن الفساد الوقح قد ولّى”.

 

ثقة التيار “الوطني الحر” في الوزير حواط ليست مطلقة، فقد صرح الوزير السابق نقولا الصحناوي ممثل التيار لـ”نداء الوطن” أنه “علينا أن نعطي الثقة لوزير الإتصالات التكنوقراط طلال حواط، لاختيار العقد الأنسب والصيغة الأفضل والمناسبة للمرحلة الحالية اذا ما قرر التجديد للشركتين”. وأضاف: “علينا اليوم تحفيز التوفير وتغيير آلية العمل. أما آليات قطاع العام فهي ثقيلة ولا تتناسب مع طبيعة قطاع الإتصالات الذي يحتاج مبالغ طائلة من الإستثمار، ومتابعة التكنولوجيا العالمية والتجديد المتواصل لذا يُحبّذ أن تبقى الإدارة خاصة ذات الآليات المرنة التي تشبهه أكثر”.

 

“خطة الإنقاذ المنشودة تبدأ من المعالجة الصحيحة لملف الإتصالات”، بهذه الكلمات شرحت أمينة عام حزب سبعة الإعلامية غادة عيد لـ”نداء الوطن”، لأن الوضع دقيق الذي تمر به البلاد إقتصادياً بالتزامن مع انتهاء عقدي “ألفا وتاتش”، وقالت: “يقع الضغط اليوم على الوزير الجديد طلال حواط الذي يحمل صفة الإستقلالية والتكنوقراط، وعلى مدى سعيه لإحداث تغيير جذري في الوزارة بعيد عن سابقاتها، وانتاج خطة اتصالات عمادها إدارة المناقصات وبعيدة كل البعد عن خطط عقود التراضي الماضية”. فبحسب عيد، ان التجديد لشركات تم التجديد لها مسبقاً وتكراراً بأمر سياسي ما هو إلا “فساد واضح” و”على إدارة المناقصات الغائبة عن هذا القطاع أن يكون لها دورها فيه بحسب قانون المحاسبة العمومية”.

 

وأكملت عيد: “سئم الشعب من غلاء أسعار فاتورة إتصالاته وضاق بكمية الهدر والفواتير الوهمية. أما أداة الضغط الزائفة والمتمثلة بحاجات الموظفين والموردين إلى السيولة بهدف تمرير صفقة جديدة بالتراضي صارت “أكلة بايتة”. وبرأيها، “تشير التقديرات إلى أن اقتصاد لبنان يخسر في ظروفه الحالية حوالى المئة مليون دولار يومياً فيما تواصل الحكومة الحالية المماطلة في حل ملف قطاع الإتصالات الذي يؤمن لخزينة الدولة ثاني أكبر مردود بعد الضرائب. وعليه يجب أن يتعزز فيه وضع المواطن من جهة التوفير في الفاتورة وبنفس الوقت أن تستفيد منه الدولة اللبنانية بشكل صحيح، من خلال طرح ملعب للمنافسة بين الشركات العالمية وفتح المجال لأكثر من شركتين بهدف تقديم افضل الخدمات والعروض الجديدة”.

 

 

نفط لبنان المهدور

 

“أعلى فاتورة، أسوأ خدمة، انعدام بالشفافية، مدعى عليهما من قبل المدعي العام المالي بتهم فساد وهدر المال العام واختلاس الأموال”، هكذا وصفت الناشطة الحقوقية نعمت بدرالدين شركتي “ألفا وتاتش” لـ”نداء الوطن”، واستغربت كيف أن “وزير الإتصالات لا يرد على الإتصالات ويتجاهل أصوات الشعب الذي طالبه تكراراً باستلام الدولة لقطاع الإتصالات” وتابعت: “أستطيع القول أن المرة الوحيدة التي تم الإشراف على عمل “ألفا وتاتش” كان بين أيار وأيلول 2019، حين تولت لجنة الإعلام والإتصالات مراجعة الأرقام حيث عكست النتيجة واقعاً مؤسفاً، سوء ادارة، عشوائية وتجاوزات “على مد عينك والنظر” وسرقة لما كان يسمى يوماً ما بنفط لبنان”.

 

وأكملت: “هناك تضارب في المصالح واضح عليه أن يتوقف، فرفيق حداد المدير المالي لشركة ألفا هو عينه المسؤول المالي للتيار “الوطني الحر”. أما شربل قرداحي المدير المالي لشركة تاتش هو نفسه المستشار المالي والاقتصادي للتيار “الوطني الحر” والرئيس والمسؤول الرقابي المالي للتيار “الوطني الحر” كذلك الأمر. هناك وقاحة كبرى في عدم حل هاتين الشركتين ونحن في مبادرة وعي نرفض اي مفاوضات لتحسين الشروط مع شركات فاسدة وناهبة مهما كانت الاقتراحات. نريد إطلاق مناقصة شفافة عمادها “مصلحة الدولة” يكون فيه شخص لبنان المعنوي يفاوض من موقع اقوى ولديه قدرة اعلى على فرض الشروط. فلتستلم الدولة القطاع قبل أي شيء وإن أي صيغة ثانية تبقى ملتوية”.

 

وختمت: “أما التلطي خلف قانون 393/2002 هي هرطقة قانونية. فقد انتهت مفاعيل القانون من 1/9/2002 عندما لم ينفذ، فالدولة قد استردت القطاع من تاريخ 1/9/2002 أما المشكلة الحائلة بين الوزير واستلام القطاع هي مشكلة سياسية بحتة، تحكمها تقلبات أحزاب عاثت في بلادنا فساداً ولن تستغني عن مزراب المال والبقرة الحلوب المتبقية لجيوب المسؤولين”.