حك الرئيس ميشال سليمان على جراح الغالبية العظمى من اللبنانيين، الذين لم يعودوا يقبضون مجلسهم النيابي الذي يقاطع الانتخابات الرئاسية فيما لا يجد حرجا في التجديد لنفسه، ورأى انه يستحيل الخروج من الازمة اللبنانية الا من خلال تطبيق «اعلان بعبدا»، كما لفت في لقاء سياسي في نقابة المحامين تحت عنوان «رئاسة الجمهورية بين الامس واليوم».
الى ان سنتين من ولايته الرئاسية اقتصرت على تصريف الاعمال. وهذا «امر معيب» بحسب رأيه، ومؤكدا ان رئيس الجمهورية يجب ان يكون رئيسا قادرا على حل مجلس النواب وتحديد نصاب الجلسات وخفضها عندما تدعو الحاجة؟
هذا ليس مجرد كلام سياسي، لانه نابع من ايمان رئاسي بان ما فعله مجلس النواب وما يفعله يؤثر على سير الديموقراطية وحرية الناخب في ان يعطي صوته الى من يستحقه، ولفت الرئيس سليمان الى «اننا في وضع شبيه بالحرب الباردة التي ترتفع سخونتها بشكل كبير بسبب التعسف الاسرائيلي على الشعب والحقوق الفلسطينية «الامر الذي ادى الى تنامي الارهاب الذي يكاد يتحول حربا عالمية ثالثة مقابل الانعزال الذي تمارسه الدولة اليهودية.
وشدد الرئيس سليمان على سلبيات تعطيل الديموقراطية التي زادت من مستوى تبادل نفوذ سياسي بنفوذ اسوأ منه اوصل الى صراعات وحروب طويلة، فيما بقي الوضع في لبنان على شيء من التماسك على رغم الاهتزاز الامني والاقتصادي والسياسي، ما يعني تمسك اللبنانيين بالعقد الاجتماعي الذي يرعي حياتهم اكثر بكثير مما فعله ويفعله المسؤولون عن الشعب قياسا على تجربة الحكم التي مارسها الرئيس سليمان انطلاقا من اتفاق الطائف، اي بعد عشرين سنة من الحروب الاهلية بما في ذلك «تقسيم الصلاحيات من خلال تصنيفات متعلقة بالدستور وهي الصلاحيات الدستورية المقترنة بالتوقيع على المهام المنوطة بصلاحيات رئيس الجمهورية.
واستدرك الرئيس سليمان بالقول عن الفراغ الرئاسي ان «من قاطع الانتخابات الرئاسية ليس له الحق في ان يذهب ويمدد لنفسه»، اقله كي يكون منسجما مع نفسه (…) وتابع «على رئيس الدولة ان يأخذ لنفسه الثلثين لكن عند التعثير يمضي بالاكثرية العادية، افضل من ان يبقى البلد بلا رئيس … هذا الحل افضل من بقاء الشغور».
كما تحدث عن الدور الاساسي لرئيس الجمهورية في مختلف الميادين، لانه «القاضي الاول» وهذا الامر مستمد من انه يوقع الاعدام والعفو الخاص ويقسم اليمين الدستورية للحفاظ على دستور الدولة وقوانينها (…) فكيف يحافظ على قوانينها اذا لم يراقب القضاء ومجلس النواب عن كثب. وكل الاجهزة الرقابية والقانونية تقسم اليمين امام الرئيس «لانه يتبعهم بالتوجيه وبالاجتماعات».
ومما قاله ان «التمديد للمحكمة الدولية رسالة اتت الى رئيس الجمهورية وانا اجبت عليها بالتمديد» (…) وهناك بند مهم جدا مناط بالرئيس هو رئاسة هيئة الغاء الطائفية السياسية، لذلك اسقط مشروع «قانون الارثوذكسي لانه مخالف للدستور، لان القانون المشار اليه مسيء للبنان ومسيء لدور رئيس الجمهورية ومسيء للمسيحيين قبل المسلمين (…)
هذا ليس اجتهادا من قبل الرئيس سليمان بقدر ما هو واقع سياسي اكدته التطورات السياسية التي جانبت الاخطاء الدستورية، لان ما سبق الطائف كان لغة المدفع الذي حرم هذا الاتفاق ميزاته وتوازنه، ما يتطلب تعديلا عاجلا للدستور في ظل مناخ وفاقي مؤات لجهة منح رئيس الجمهورية حق حل مجلس النواب والاعتراض على القوانين ودعوته مجلس الوزراء الى الانعقاد في حالتي الضرورة والظروف الاستثنائية، بعكس ما هو حاصل في الظروف الراهنة التي حالت دون هذه الاعمال وموقف رئيس الجمهورية منها لم يكن واضحا لا في الممارسة ولا في الاخذ بوجهة النظر؟!
من حق الرئيس سليمان بعدما ترك المنصب ان يسأل «اين هي رئاسة الجمهورية ومن المسؤول عن تعطيل الانتخابات الرئاسية والى متى ستبقى من دون رئيس؟ واين هو مجلس النواب الذي لم يعرف الى الان كيف يلتئم وكيف يؤمن نصابه القانوني لانتخاب رئيس للجمهورية … رئيس قوي بالنسبة الى ما يمثله للبنانيين على المستوى الشعبي والقيادي وعلى مستوى تاريخه السياسي ومستوى القيم والاخلاق ما يدفع الجميع الى التساؤل عما يمكن ان يكون عليه الرئيس العتيد من غير حاجة الى انتظار معرفته؟!