IMLebanon

جعجع لـ «الحياة»: الحوار مع عون ناجح

   – منى المنجومي

نفى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع كل الإشاعات والتفسيرات عن كل زيارة يقوم بها للسعودية. وأكد أن الهدف الأساسي لزيارته هو لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والتعرف الى القيادة السعودية الجديدة. وقال: «هناك إشاعات تقول إن سبب زيارتي للسعودية حرصها على التقارب بيني وبين ميشال عون، وهو أمر غير صحيح، فهي زيارة للتعارف، ومناقشة قضايا المنطقة العربية، وآخر المستجدات في الساحة». وأكد أن السعودية لا تتدخل في الشأن اللبناني.

ولفت جعجع – في حوار مع «الحياة» بعد لقائه العاهل السعودي في جدة – إلى أن سبب خلو الكرسي الرئاسي في لبنان هو إيران، من خلال حلفائها في لبنان. واعتبر أن قيام دولة في لبنان ليس من أولويات إيران، بل أن يستمر «حزب الله» اللاعب الرئيس فيه، كما أن وجود رئيس للجمهورية يساهم في قيام الدولة، ويضعف دور «حزب الله» في لبنان.

وتطرق جعجع لأثر الإتفاق النووي الإيراني، على الدور الذي تلعبه إيران في المنطقة، مؤكداً أن لبنان في أمان من تنظيم «داعش»، فاللبنانيين كافة ضده. وتحدث جعجع عن المساعي المبذولة للوصول إلى اتفاق مع «التيار الوطني الحر»، وهنا نص الحوار:

> ما الغرض من زيارتك للسعودية؟

– بكل فخر حظيت بزيارة السعودية مرات عدة خلال السنوات الخمس الماضية، بواقع كل خمسة أو ستة أشهر، تبعاً للتطورات السياسية في المنطقة العربية. في الزيارة الأخيرة، التي كانت لتقديم واجب العزاء في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عرضت على الإخوة في السعودية ضرورة التعرف الى القيادة الجديدة، وتم تحديد الموعد لزيارة رسمية، ولقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.

> ما القضايا التي تم التطرق لها في محادثاتكم في جدة؟

– تم التطرق للقضايا العربية والمستجدات كافة، بدءاً بالساحتين العراقية والسورية والأحداث في سيناء، إضافة إلى اليمن وليبيا، وأؤكد أن الزيارة للتعرف الى القيادة السعودية الجديدة، وهذا التأكيد ينفي جميع الإشاعات والتفسيرات التي يتم تداولها كل مرة أزور فيها السعودية. ففي زيارتي الأخيرة الخريف الماضي، ولقائي بالأمير الراحل سعود الفيصل، تم تفسير تلك الزيارة على نحو غير صحيح، خصوصاً أنها تزامنت مع طرح موضوع التمديد للمجلس النيابي في لبنان. وأطلقت إشاعات تتمحور حول أن السعودية هي من أقنعتني بالمضي بالتمديد، وهو غير صحيح.

الصحيح أننا في بيروت لم نحضّر للانتخابات النيابية من الحكومة الموجودة، وأصبح التمديد للمجلس النيابي أمراً لا مفر منه، لأنه في عدم التمديد كنا سنقع في فراغ كامل، ودخلنا وقتها مفاوضات بقيادة الرئيس نبيه بري، ووصلنا إلى اتفاق ينص على وضع قانون انتخابي جديد في فترة التمديد، بحيث أن وجود هذا القانون سيمكن من التحضير لأي انتخابات جديدة، وبالفعل أُقر التمديد على هذا الأساس، ومن ثم اجتمعت اللجنة، ولكن للأسف الاتفاق المبرم مع الرئيس بري لم يكتمل.

وأتساءل: لماذا يطلق الفريق الآخر إشاعات تزعم أن السعودية هي التي أقنعتني بهذا التمديد؟

إطلاق الإشاعات لم يتوقف، بأن السعودية حريصة على التقارب بين سمير جعجع والعماد ميشال عون، وأنه السبب الرئيس لزيارتي للسعودية، وهذا غير صحيح. فالسعودية لا تتدخل في الشأن المحلي، وليست لها علاقة بالسياسة الداخلية اللبنانية.

> لماذا لبنان بلا رئيس كل هذا الوقت الطويل؟

– المشكلة في الانتخابات الرئاسية في لبنان تكمن في أن إيران لا تريد في الوقت الراهن أن يتم انتخاب رئيس للبنان، لأن من يعطّل الانتخابات الرئاسية هم حلفاؤها في الداخل، لسببين: يتلخص الأول في أن قيام دولة في لبنان ليس من أولويات إيران، إذ إن من أولوياتها أن يستمر «حزب الله» اللاعب الرئيس داخل لبنان، فوجود رئيس للجمهورية يساهم في قيام الدولة، ويضعف دور «حزب الله» في الساحة اللبنانية، أما السبب الثاني ففي حال قبول إيران بانتخابات رئاسية، هي تريد أن يكون الرئيس الجديد للبنان خادماً لمصالح «حزب الله» وليس مصالح الدولة اللبنانية، وبالتالي فهي تمارس تعطيل الانتخابات للضغط لاختيار رئيس يتوافق معها.

> أليست هناك أي فرصة لتوافق وطني بهذا الشأن؟

– في الواقع لا أرى شيئاً، وسيستمر كرسي الرئاسة اللبنانية خالياً طالما أن هناك تعطيلاً من حلفاء إيران لإتمام عملية الانتخابات الرئاسية واختيار رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، ونحن نريد رئيساً يعلي شأن الدولة اللبنانية ومصالحها.

> من واقع تصريحات العماد ميشال عون ومواقفه السياسية أن الكتلة المسيحية اللبنانية تعاني من خلافات وانشقاقات؟ ما المساعي المبذولة لطي الخلافات؟

– صحيح. هناك مجهود يبذل خلال الشهور الستة الماضية مع التيار الوطني الحر، نجح إلى حد كبير، إذ أزال خلافاً امتد 30 عاماً وكل العداوات السابقة، ورطب الأجواء بيننا، بل نجح في قلب العداوة تنافساً بين الحزبين، خصوصاً في ما يتعلق بمشروع إعادة الجنسية ومشروع القانون الانتخابي الجديد، وهو أول المشاريع المجدولة على قائمة أعمال المجلس النيابي.

لكن يبقى لدينا الكثير من الجهود في هذا الصدد، إذ كما هو معروف نحن قادمون من تاريخ طويل من المواقف السياسية المختلفة، وسنضع كل الجهود لتقدم ونجاح التجربة، ولا تزال هناك جلسات للحوار، لا سيما أن هناك نظرة مختلفة لعدد من الأمور والقضايا، مثل اختلاف النظرة إلى «حزب الله»، وما يجري على الساحة السورية، وكذلك النظرة إلى مشاركة بعض اللبنانيين في الحرب داخل سورية، والنظرة إلى السياسة الخارجية اللبنانية، ونحن نتحاور بهدف الوصول إلى قواسم مشتركة في شأنها.

> تردد فئات لبنانية أنه لا بد من تعديل اتفاق الطائف، ما موقفكم؟ وما الخيارات لتلبية تلك المطالب؟

– على رغم كثرة الحديث حول تعديل صيغة اتفاق الطائف، إلا أنه لم يتقدم أحد ببديل عنه، لا يكفي الحديث عن تعديل بنود اتفاق الطائف من دون وجود بدائل له. ويعد اتفاق الطائف الأقرب لوجود الدولة اللبنانية وكل الدعوات والآراء مرفوضة وستؤدي إلى فراغ في ظل عدم وجود بديل لاتفاق الطائف.

> بعد الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى، هل ترى أنه سيتيح لطهران قدرة أكبر على التلاعب بالمنطقة؟

– أنا لست ضد الإتفاق النووي الإيراني بذاته، خصوصاً أنه حل مشكلة النووي التي بقيت تراوح بين 10 و15 عاماً، وهي مهلة جيدة في الوقت الراهن. لكن مشكلة إيران الحالية هي التمدد داخل المنطقة العربية بشكل غير طبيعي، وعلى إثر الاتفاق النووي سيكون لدى إيران دخل اقتصادي أكبر، وهذا سيمكنها من لعب دور أكبر في المنطقة وفي الدول التي توجد فيها كالعراق وسورية ولبنان واليمن. وبكل شفافية أنا متخوف من انعكاسات هذا الاتفاق على الأحداث على الساحة العربية.

وهناك من يراهن على أن الاتفاق النووي الإيراني سيولد حقبة جديدة من التدخل الإيراني، والتي ستدعم التقارب مع الغرب، وبالتالي ستكون هناك إصلاحات داخلية وتغيرات في سياساتها الخارجية مع دول المنطقة، ولكن أنا شخصياً لست من مؤيدي هذا الرأي.

> هل تركت التدخلات الإيرانية في اليمن خياراً أمام السعودية غير التدخل لحماية الشرعية من خلال تحالف «عاصفة الحزم»؟

– رأينا إيران في شكل مباشر في بعض دول المنطقة، وفي شكل غير مباشر في دول أخرى، تتمدد. وكان لا بد من رد فعل تجاه هذا التمدد الإيراني في المنطقة العربية، و»عاصفة الحزم» جاءت كرد فعل طبيعي لما يحدث، خصوصاً أن التمدد الإيراني أصبح على الحدود الجنوبية للسعودية، والتكتل العربي في «عاصفة الحزم» أمر طبيعي، بل متأخر على التحرك الإيراني المستمر في دول المنطقة العربية.

> هل يواجه لبنان خطر تمدد تنظيم «داعش»؟ وما الاحتياطات التي تتخذ لمنع انتقال العدوى من سورية والعراق؟

– تنظيم «داعش» يشكل خطراً على بني البشر كافة، جميع اللبنانيين ضد هذا التنظيم، وبالتالي لا يستطيع الحضور على الأراضي اللبنانية، أو أن يكون خطراً على لبنان. والباب الوحيد الذي يمكن أن يشكّل من خلاله تنظيم «داعش» خطراً هو «سنّة لبنان»، إذ من غير الممكن دخول الفصائل الأخرى في «داعش» كالمسيحيين والشيعة والدروز على سبيل المثال. لكن هذا الباب مقفل، لأن سنّة لبنان لديهم الاعتدال والوسطية، فتيار المستقبل الذي يمثل السنّة متمسك بالاعتدال والوسطية في نهجه، ومن هذا المنطلق لدينا اطمئنان إلى أن «داعش» لن يشكل خطراً على لبنان.

> إلى أي مدى هناك تنسيق بين حزبكم وحكومة الرئيس تمام سلام؟

– تربطنا بالرئيس تمام سلام علاقة ودية وصداقة كبيرة، لكننا لسنا ممثلين في حكومته في شكل مباشر. والسبب أن تقديرنا منذ البداية أن مثل هذه الحكومة لن تتمكن من العمل كما نرى في الوقت الراهن، فهي السلطة التنفيذية للبلاد، وعندما تُشكَّل في شكل عشوائي كما حدث في حكومة سلام فلن تستطيع أن تكون فاعلة، ولن تكون قادرة على خدمة المواطنين كما يحصل في مشكلة النفايات مثلاً.