شدد رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون على «عمق العلاقات اللبنانية – الفرنسية»، وتمنى بعد لقائه المرشحة للانتخابات الرئاسية الفرنسية مارين لوبن أن «تشهد العلاقات في الآتي من الأيام المزيد من التجذر، بالنظر إلى القيم المشتركة التي تجمع بين الشعبين اللبناني والفرنسي». أما رئيس الحكومة سعد الحريري فأكـــد بعد استقبالها في السراي الكبيرة أن «اللبنانيين والعرب كما بقية شعوب العالم ينظرون إلى فرنسا على أنها بلد المنبع لحقوق الإنــسان وفكرة الدولة التي تساوي بين جميع أبنائها من دون أي تمييز عرقي أو ديني أو طبقي»، فيــما اعتـــبرت لوبن ان «انتخاب الرئيس عون يشكل بداية مرحلة اســتقرار وازدهار وتجدد للبنان».
وكانت لوبن، يرافقها النائب الفرنسي جيلبير كولار وعدد من معاونيها، زارت قصر بعبدا، حيث استقبلها عون في حضور النائب سيمون أبي رميا. وقالت بعد الاجتماع: «تباحثنا في الأمور المشتركة التي تشغل بالنا، نتيجة أزمة اللاجئين ذات الوطأة الشديدة على لبنان، وهي تحمّله أعباء كبرى. لكن من البديهي أن هذه الأزمة لا يمكن أن تستمر، بالنظر إلى عواقبها الجسيمة التي تطاول الاقتصاد ومختلف أوجه العناية بهذا العدد الهائل من النازحين».
أضافت: «ناقشنا أيضاً مسألة نمو التطرف الإسلامي التي تثير قلقاً أساسياً، وسبل مواجهته، وضرورة التعاون في هذا الإطار بين مختلف الدول الواعية لهذا الخطر. ولبنان وفرنسا، نظراً إلى تاريخهما المشترك، يجب أن يشكلا الحجر الأساس في تنظيم النضال ضد هذا التطرف». وقالت إنها عرضت للرئيس عون «المعنى العميق للنضال السياسي الذي أقوم به من أجل الحرية والسيادة، وهو نضال يتلاقى صداه مع نضال لبنان التاريخي من أجل أن يحافظ بنفسه على حريته وسيادته وجذوره. وتمنى لي حظاً موفقاً في الانتخابات الرئاسية، وإني آمل بأن تتسنى لي الفرصة في أن استقبله شخصياً في زيارة رسمية بعد انتخابي في شهر أيار (مايو) المقبل». وتوجهت لوبن بعد ذلك إلى السراي، والتقت الرئيس الحريري، في حضور مدير مكتبه نادر الحريري.
وأكد الحريري خلال الاجتماع ، وفق بيان لمكتبه الإعلامي أن «المسلمين هم أول ضحايا الإرهاب المتستر بلباس الدين، بينما هو في الواقع لا دين له، والمسلمون المعتدلون الذي يشكلون الغالبية الساحقة من المسلمين في العالم، هم أول هدف للإرهاب المتطرف باسم الدين، لأنهم في الواقع أول المواجهين له». ولفت إلى أن «الخطأ الأكبر في مقاربة هذا الموضوع هو الخلط الطائش الذي نشهده في بعض وسائل الإعلام والخطابات بين الإسلام والمسلمين من جهة، وبين الإرهاب من جهة ثانية».
وشرح الحريري أن «لبنان الذي لا يتجاوز عدد سكانه الأربعة ملايين نسمة بات يستقبل على أراضيه قرابة مليوني لاجئ سوري وفلسطيني، وهو الأمر الذي يعرض اقتصاده وبناه التحتية لضغط غير مسبوق، وهو الأمر الذي تعمل الحكومة اللبنانية على وضع خطة متكاملة لمواجهة أعبائه، لمطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته كاملة في هذا المجال».
وقالت لوبن، من جهتها: «تباحثنا في الأزمة السورية، وعبّر كل منا عن موقفه تجاهها، وتبادلنا وجهات النظر حول نقاط عدة، وكانت لنا تحليلات مشتركة، لا سيّما حول الضرورة القصوى لوضع كل الدول التي تسعى لمحاربة التطرف الإسلامي حول طاولة واحدة، وتحديداً تنظيم «داعش» الذي يتوسع في شكل كبير في العديد من الدول، بما فيها فرنسا ويقوم بتجنيد العديد من الأشخاص في الكثير من الدول أيضاً، ولا سيما في المدن الفرنسية، وهذا التطرف الإسلامي لا يزال يحوز الأهمية والدعم في فرنسا». وأكدت أن «هناك بعض الاختلاف في وجهات النظر، وأوضحت للرئيس الحريري موقفي حيال الأزمة السورية وهو أنه لا يوجد أي حل قابل للحياة ومعقول خارج الاختيار ما بين الثنائي بشار الأسد من جهة والدولة الإسلامية من جهة أخرى. وقلت في شكل واضح أنه في إطار السياسة الأقل ضرراً والأكثر واقعية، أرى أن الأسد يشكل اليوم حلاً يدعو إلى الاطمئنان أكثر بالنسبة إلى فرنسا من الدولة الإسلامية، إذا تسلم هذا التنظيم الحكم في سورية، مثلما حصل في ليبيا».
كما التقت لوبن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وأكدت أن «أفضل طريقة لحماية المسيحيين في الشرق الأوسط هي القضاء على التطرف الإسلامي، لأنه خطر قاتل، ويهدف إلى تدمير كل الأقليات»، وقالت: «ما يهمني هو العمل على تمكين المسيحيين من البقاء في أرضهم».
لوبن
وعصراً اجتمعت لوبن في صالون السفراء في المجلس النيابي مع النواب: ميشال موسى ممثلاً كتلة «التحرير والتنمية»، عاطف مجدلاني ممثلاً «كتلة المستقبل»، فؤاد السعد ممثلاً «اللقاء الديموقراطي» وألان عون ممثلاً «تكتل التغيير والإصلاح».