– محمد شقير
قال مصدر نيابي بارز إن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قرر منذ أن سحب مشروعه الانتخابي من التداول، أن ينأى بنفسه عن الدخول في سجال مع أحد حول قانون الانتخاب، وإنه ينتظر من الحكومة أن تقول كلمة الفصل فيه ليكون في وسعنا أن نبني على الشيء مقتضاه، خصوصاً أن رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري يكرران باستمرار أن لا تمديد للبرلمان وأن الفراغ في السلطة التشريعية لن يحصل وأن الانتخابات النيابية لن تجرى على أساس القانون النافذ، أي الستين.
وينقل المصدر النيابي عن بري قوله أمام زواره، أن عون والحريري التزما بهذه اللاءات الثلاث كما كانا التزما بإجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون جديد، وبالتالي علينا أن ننتظر منهما كيف سيترجما التزامهما هذا في قانون انتخاب يحظى بتوافق الأطراف الرئيسة ويأخذ بهواجس بعض المكونات الأساسية في البلد.
ويؤكد المصدر النيابي نفسه أن الرئيس بري أخذ على عاتقه عدم التشويش على تفاؤل رئيسي الجمهورية والحكومة بقرب التوصل إلى قانون انتخاب جديد قبل التاسع عشر من حزيران (يونيو) المقبل عشية انتهاء ولاية البرلمان الممددة، والذي من شأنه أن يضع البلد أمام مفترق طريق يستدعي منا الإفادة من الوقت المتبقي لإنجاز القانون، لأن لا مصلحة لأحد في جر البلد إلى حافة الهاوية.
ومع أن الرئيس بري يجزم كما ينقل عنه زواره، بأن لا مشكلة في فتح دورة استثنائية للبرلمان تبدأ في الأول من حزيران المقبل، أي فور انتهاء عقده الحالي في 31 أيار (مايو) الجاري على أمل أن تشكل الفرصة الأخيرة لإنتاج قانون الانتخاب لقطع الطريق على إسقاط البلد في فراغ لا بد من أن ينسحب على المؤسسات الدستورية الأخرى من دون لف ودوران، فإنه بدأ يتحسب من الآن لكل الاحتمالات بما فيها تعذر التوصل إلى تفاهم حول القانون.
ويرى الرئيس بري -وفق زواره- أن لا مانع من التحسب لاحتمال انتهاء الدورة الاستثنائية من دون حصول تقدم يدفع في اتجاه إنتاج قانون الانتخاب، ما من شأنه أن يبرر التأجيل التقني للانتخابات النيابية شرط أن يترافق مع تمديد المهل وأولها توجيه الدعوة للهيئات الناخبة للاشتراك في الانتخابات في موعدها المؤجل بعد أن يصار إلى التفاهم على المدة الزمنية لتأجيلها.
ويضيف أن تعذر الوصول إلى توافق حول قانون الانتخاب سيؤدي إلى حصول فراغ في السلطة التشريعية وهذا يستدعي إجراء انتخابات نيابية جديدة في مدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر إنما على أساس القانون النافذ، أي «الستين»، وبالتالي لا مفر من الهروب إلى الأمام لأن التقيد بإجراء الانتخابات سيكون ملزماً.
الدورة الاستثنائية
ويلفت المصدر النيابي عينه استناداً الى ما لديه من معطيات، إلى أن لا مجال للقفز فوق فتح دورة استثنائية للبرلمان، ويقول إن تجاوز الالتزام بها سيقحم البلد في اشتباك سياسي من العيار الثقيل وإن لا مصلحة لرئيسي الجمهورية والحكومة في الدخول في أزمة حكم مع الثنائي الشيعي، إضافة إلى أطراف أخرى ستجد نفسها مضطرة للتضامن معه.
ويعتقد بأن لا مصلحة للرئيسين عون والحريري في شراء مشكلة تقودهما حتماً إلى الدخول في اشتباك سياسي مع حركة «أمل» و «حزب الله»، ويقول إن الأخير لن يتناغم مع الذين يروجون للفراغ لما سيترتب عليه من أضرار سياسية يتعامل معها من هم في الداخل والخارج على السواء بأنها تعثر للعهد يعيق انطلاقته التي أخذت تواجه بعض العثرات.
ويؤكد المصدر النيابي أن لا مبرر للجوء الوزراء الشيعة إلى تقديم استقالاتهم من الحكومة، ويقول من وجهة نظره إن «أمل» و «حزب الله» هما في غنى عن الاستقالة لأن الفراغ في السلطة التشريعية سينسحب على السلطة الإجرائية.
ويتابع أن عدم فتح دورة استثنائية، وإن كان مثل هذا الاحتمال لا ينسجم مع الواقع السياسي للبلد، سيولد مشكلة بين رئيس الجمهورية و «حزب الله» قبل أن تكون بين الأول ورئيس البرلمان، هذا إذا لم تتوسع حركة الرفض للامتناع عن فتحها.
ويضيف أن الحكومة التي رفعت فور ولادتها شعار «استعادة الثقة» ستتحول حكماً إلى حكومة تصريف أعمال بالتزامن مع تحول أعضاء هيئة مكتب البرلمان برئاسة رئيسه بري إلى ادارة الشؤون الإدارية للمجلس النيابي، ما يعني أن الأخير سيبقى حكماً في مكتبه في ساحة النجمة أو في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة إلى حين انتخاب مجلس نيابي جديد.
ويسأل المصدر النيابي: ما الذي جناه من الوجهة السياسية مَن شهر سيفه ضد العودة إلى قانون الستين لإجراء الانتخابات النيابية؟ وهل يسمح له الوقت المتبقي من انتهاء ولاية البرلمان بالتفاهم في اللحظة الأخيرة على قانون جديد لا يشكل تهميشاً لهذا الطرف أو الغاء لذاك، لا سيما أن فرض أي قانون أمراً واقعاً سيلقى معارضة قد تدفع ببعض الأطراف إلى اتخاذ قرار بعدم المشاركة في الانتخابات النيابية.
سرّ المتفائلين
كما يسأل عن السر الذي يحتفظ به من يبدي تفاؤله باستمرار بقرب الوصول إلى قانون جديد، وهل لديه «كلمة السر» التي تبرر مثل هذا التفاؤل طالما أن المشاورات حول المشاريع الانتخابية تمضي حالياً إجازة قسرية بسبب الاختلاف الذي أدى إلى تعليق اجتماعاتها الموسعة لتحل محلها لقاءات أقل ما يقال فيها اإنها من باب رفع العتب باعتبار أنها محصورة بأهل البيت الواحد «أي الذين يتناغمون من حين لآخر مع المشروع الانتخابي -إنما بنسخته الجديدة- لرئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل».
لذلك يؤكد المصدر أن بري بتفاؤله يريد أن يحرج الذين لا يزالون يراهنون على إنتاج قانون جديد وهو ينسخ عنهم خطابهم لئلا يوفر لهم ذريعة تمكنهم الإفادة منها لإعفاء أنفسهم من مهمة وضع هذا القانون وصولاً إلى تحميل من يعارضهم مسؤولية إعاقة تظهيره إلى العلن. ويرى المصدر أن عودة المفاوضات حول المشاريع الانتخابية إلى ما دون الصفر تعود إلى رفض البعض تقديم التنازلات المطلوبة للقاء الآخرين في منتصف الطريق الذي من شأنه أن يعيد الحرارة إلى هذه الاتصالات.
وعليه، فإن إمكان العودة إلى قانون «الستين» -كما يقول المصدر- لا تزال تتقدم كل الاحتمالات في غياب حد أدنى من التوافق الذي يؤسس لوضع قانون جديد، وفي حال تقرر رفع الغبار عنه ووقف توجيه اللعنات السياسية ضده، فإن القول بأن الضرورات تبيح المحظورات ينطبق على إعادة الاعتبار للقانون النافذ، لتفويت الفرصة أمام إقحام البلد في اشتباك سياسي يتضرر منه العهد بالدرجة الأولى ومعه الحكومة، لأن ليس لديهما ما سيتوجهان به إالى الخارج لدى سؤالهما عن مصير وعودهما المتكررة بوضع قانون جديد تجرى على أساسه الانتخابات.
ويعتبر المصدر النيابي نفسه أن لا بد من وقف زج البلد في سجن قانون الانتخاب الجديد، ويعزو السبب إلى أن هناك ضرورة لتجاوز مثل هذا المأزق في أقرب فرصة ممكنة ليكون أمام الأطراف السياسية مجتمعة استحقاق آخر، أي الالتفات إلى الملف الاقتصادي كأولوية قصوى في الوقت الحاضر لأن إجراء الانتخابات يتطلب الحفاظ على التلازم بين الاستقرارين الأمني والاقتصادي.
فهل تؤدي المشاوارت في حال تقررت إعادة الروح إليها إلى تحضير الأجواء السياسية التي تؤمن الانتقال تدريجياً بلبنان إلى بر الأمان الاقتصادي في وقت تتطلع الأنظار إلى الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء بعد غد الأربعاء برئاسة رئيس الجمهورية لعلها تفرج من خارج جدول أعمالها عن التجديد لرياض سلامة لولاية جديدة على رأس حاكمية «مصرف لبنان» بناء على طلب رئيسي الجمهورية والحكومة اللذين يملكان الحق الحصري في طرح أمور من خارج الجدول؟