تقترب مهلة إنجاز قانون الانتخاب الجديد من المهلة القاتلة لانتهاء ولاية البرلمان اللبناني الممدد له في 20 حزيران (يونيو) الجاري، فيما الغموض يكتنف مصير الجلسة النيابية التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري الإثنين المقبل لمناقشة مشروع القانون والتصويت عليه تمهيداً لنشره في الجريدة الرسمية قبل انتهاء التمديد، خصوصاً أن اللجنة التي تضم ممثلين عن القوى السياسية الرئيسة ما زالت اجتماعاتها تراوح مكانها ولم تتمكن من تحقيق تقدم ملموس يمكن التأسيس عليه للتوافق على القانون، وهذا ما يؤخر انعقاد جلسة مجلس الوزراء التي يفترض أن تخصص لوضع مشروع قانون تحيله إلى البرلمان للتصديق عليه.
وعلمت «الحياة» من مصادر سياسية مواكبة الأجواء السائدة في داخل اللجنة التي أخذت على عاتقها بلورة مجموعة من الأفكار يتوجب على الحكومة صوغها في مشروع متكامل، أن موجة التفاؤل التي يروج لها البعض حول إمكان التوصل إلى تفاهم يدفع في اتجاه إنجاز القانون لا تقوم على معطيات راسخة بمقدار ما أنها تهدف إلى الضغط للتوافق على القانون.
ولفتت المصادر السياسية نفسها إلى أن الخلاف في داخل اللجنة كان يتمحور حول الصوت التفضيلي بين فريق يدعو إلى احتسابه في القضاء وآخر في الدائرة الانتخابية التي يتبع لها القضاء، لكن سرعان ما تبدل المشهد السياسي بسبب إصرار رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل على إعادة الاعتبار لمشروع القانون التأهيلي بعدما صرف النظر عنه. أي ان تجري الانتخابات على مرحلتين الاولى في القضاء على النظام الاكثري والثانية في الدائرة الاوسع وفق النظام النسبي حيث تتنافس اللائحتان الاولان الفائزتان في المرحلة الاولى.
واعتبرت أن باسيل من خلال تمسكه بالتأهيلي أعاد المشاورات إلى المربع الأول نافضاً يده من موافقته على الصوت التفضيلي اللاطائفي، مشترطاً احتسابه في القضاء، مقابل رأي الاكثرية في اللجنة تشترط احتسابه في الدائرة الانتخابية الاوسع. ورأت أن باسيل يضع نفسه في منافسة غير مباشرة مع نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان، الذي يعترف جميع أعضاء اللجنة بدوره في تضييق الخلاف لقدرته على التواصل مع جميع الأطراف، خصوصاً الذين لا يشاركون في اجتماعات اللجنة.
وقالت المصادر إن باسيل يقدم رزمة مقترحات تلقى استحالة في تبنّيها من أعضاء في اللجنة، ومع أنه يدرك أن لا مجال للسير فيها، أو الأخذ ببعضها، فإنه يحاول أن يرفع «سعره» كأساس للتوصل الى قانون جديد بهدف تحقيق أمرين: الأول محاولته انتزاع مكسب في القانون ليخاطب من خلاله المسيحيين بأنه وراء انتزاعه، وليقطع الطريق على عدوان لمنعه من أن يقطف ثمار الجهد الذي بذله لتذليل العقبات أمام القانون العتيد.
أما الأمر الثاني، فهو كما تقول المصادر، أن باسيل يصر على تكبير حجر مقترحاته الانتخابية لعله ينجح في الضغط على الآخرين في اللجنة لمعاودة تبنيهم التأهيلي، الذي هو بمثابة نسخة طبق الأصل عن الأرثوذكسي.
وكشفت أن باسيل كان سحب التأهيلي من التداول واستعاض عنه بالصوت التفضيلي في القضاء، في مقابل تفضيل الأكثرية أن يكون التفضيلي من خارج القيد الطائفي في الدائرة الانتخابية.
ومع أن أعضاء في اللجنة، كما تقول المصادر، لم يقتنعوا بالأسباب التي تدفع باسيل إلى التمسك بالتفضيلي في القضاء، فإنها تعزو السبب إلى أن الأخير يخشى في حال تقرر ضم البترون وزغرتا، والكورة وبشري في دائرة انتخابية واحدة من حصول تكتل يؤدي إلى تجيير الأصوات لمنافسيه في اللائحة الأخرى في البترون، ما يهدد قدرته على الفوز بأحد المقعدين المارونيين في مسقطه.
وترى المصادر ضرورة احتساب التفضيلي في الدائرة الانتخابية، لوجود أقضية بعضها تخصص مقاعدها النيابية للمسلمين وأخرى للمسيحيين، وبالتالي لن يكون للصوت التفضيلي ثقل انتخابي.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن الدائرة الانتخابية التي تضم طرابلس والمنية والضنية لن يكون فيها من وزن انتخابي للصوت المسيحي في القضاءين الأخيرين اللذين يتمثل فيهما المسلمون بثلاثة مقاعد، وبالتالي هناك أكثر من سبعة آلاف ناخب مسيحي فيهما، ويمكن أن يؤدي اعتماد الصوت التفضيلي في الدائرة إلى تجيير أصواتهم التفضيلية إلى المرشحين المسيحيين عن طرابلس وهذا ما لا يحبذه باسيل.
وتقول المصادر ان باسيل عاد إلى طرح التأهيلي على أساس طائفي، ليفتح الباب أمام الدخول في مقايضة تقضي بتخليه عن طرحه هذا في مقابل التسليم له بحصر الصوت التفضيلي في القضاء ليقطع الطريق على إمكان تسرب أصوات تفضيلية من الدائرة الانتخابية التي يتبع لها قضاء البترون يؤدي إلى حصول مفاجأة لن تكون لمصلحته ويريد التحسب لها.