رأى وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في ختام زيارته لبيروت أمس، أن «من المستحيل أن نتحدث عن الاستقرار والسيادة والأمن في لبنان من دون معالجة مسألة حزب الله»، معتبراً أن «على الشعب اللبناني أن يشعر بقلق تجاه تصرفات حزب الله التي تجذب انتباهاً سلبياً نحو لبنان»، وأكد ان وجود الحزب في سورية «زعزع الاستقرار في لبنان والمنطقة وزاد من سفك الدماء ونزوح الأبرياء ودعم نظام (الرئيس بشار) الأسد البربري».
وألتقى تيلرسون رؤساء الجمهورية ميشال عون والبرلمان نبيه بري والحكومة سعد الحريري، واختلى لعشر دقائق مع نظيره اللبناني جبران باسيل، وشدد الوزير الاميركي على ضرورة ان «تنأى الحكومة اللبنانية بنفسها عن النزاعات الخارجية» وان «يوقف حزب الله نشاطاته في الخارج»، فيما أكد عون والحريري أن «لبنان يلتزم سياسة النأي بالنفس التزاماً تاماً». ونقل المكتب الإعلامي للرئاسة عن الرئيس اللبناني قوله للوزير الأميركي، أن لبنان «لا يتدخل في الشؤون الداخلية للدول، لكنه غير مسؤول عما يحدث من تدخلات من خارجه».
واستغرقت زيارة تيلرسون زهاء 6 ساعات انتهت بمؤتمر صحافي مع الحريري، فيما بقي مساعده السفير ديفيد ساترفيلد في بيروت لعقد اجتماعات بدءاً من اليوم في إطار المسعى الأميركي لإيجاد حلول للخلاف اللبناني- الإسرائيلي على الحدود البحرية، كما قالت مصادر رسمية لـ «الحياة». وأعلن تيلرسون أن هناك أفكاراً «ابتكارية» جرى بحثها مع الحريري «لتخطي العثرات والمضي قدماً». وقال: «لن نطلب من أي من الطرفين التخلي عن أي شيء، إنما طلبنا منهما إيجاد حلول، والمحادثات القائمة بناءة».
وعلمت «الحياة» من مصادر رسمية أن تيلرسون أثار في لقاءاته مع الرؤساء الثلاثة موضوع سلاح «حزب الله» وتدخله في سورية، ونقلت عن عون قوله له: «إننا ندعو المجتمع الدولي والدول الفاعلة إلى إيجاد حل سريع للحرب السورية وأوضاع المنطقة وتطبيق القرار الدولي الرقم 1701، لأنه يؤدي إلى انتفاء الحاجة إلى السلاح». ووفق المصادر، قال بري للوزير الأميركي: «قرأت تصريحك عن أن حزب الله جزء من العملية السياسية في لبنان»، فأكد له تيلرسون ما قاله خلال زيارته الأردن، فسأله بري: «كيف تطلبون نزع سلاح الحزب الذي يعود إلى المقاومة في بلد لا تزال إسرائيل تحتل جزءاً من أرضه وترفض ترسيم الحدود وتهدد بوضع يدها على ثروته النفطية في البلوك الرقم 9؟». وذكرت المصادر أن بري لفت إلى حق أي شعب في مقاومة من يحتل أرضه وهناك إجماع لبناني على تحريرها ومن ضمنها مزارع شبعا. وعندما تتحرر لن تعود هناك حاجة إليه. واعتبر بري أن «الدليل هو أنه حين توافقنا على حل الأزمة في لبنان وفق اتفاق الطائف سلمت الأطراف سلاحها للدولة».
وأوضحت المصادر أنه عند مناقشة مراقبة الحدود بين لبنان وسورية شدد بري على الدور الفعال للقوى الأمنية والجيش اللبناني لضبط الحدود، وأن الجيش استحدث لواء حماية الحدود ودعمه بأحدث التجهيزات لمراقبتها.
وأثار كل من عون وبري والحريري مع الوزير الأميركي موضوع وقف حكومته مساهماتها في تمويل نشاطات وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، خصوصاً أنهم تلقوا رسائل في هذا الصدد من مدير الوكالة كلاوديو كوردوني، فأوضح تيلرسون لبري أنه سيسعى لإعادة النظر في القرار، لافتاً إلى أن موقف بلاده يمكن أن يوظف لمطالبة الدول التي خفضت مساهماتها أو امتنعت منذ مدة عن تسديدها.
كما أثار الرؤساء الثلاثة مع تيلرسون العقوبات المالية الاميركية التي تستهدف تمويل «حزب الله». وقال الحريري: «اتفقنا على أن القطاع المصرفي اللبناني لا يزال حجر الأساس في اقتصادنا. وجدّدت التأكيد للوزير تيلرسون على أن هذا القطاع متين وسليم ويخضع للإشراف، ويلتزم كلياً القوانين والأنظمة الدولية».
وقال الوزير الأميركي: «نحن ممتنون لشراكتنا مع القوات العسكرية اللبنانية، خصوصاً الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، لا سيما أنها في خطوط المواجهة الأمامية مع داعش والقاعدة». وأكد «العمل مع الحكومة اللبنانية والحكومة الإسرائيلية كي تبقى الحدود الجنوبية هادئة، وملتزمون مساعدة لبنان والشعب اللبناني لتحقيق الازدهار من خلال تطوير ثرواتهم الطبيعية بالتوافق مع كل جيرانهم».