IMLebanon

كذب علي ولو صَدَقَ

 

 

حتى لو شاء علي عبد الكريم علي أن يكون صادقاً، فهو غير قادر بحكم طبيعة عمله كسفير للنظام السوري في إقليم لبنان. النظام يكذِب. إذاً على سفير النظام أن يكذب كي يحفظ رأسه بطبيعة الحال. طبعاً لا يعرف علي شيئاً عن السجون السورية، ولم يرَ سجاناً، حتى في المنام. لم يكن أمام السفير، المورّد الخدّين، سوى نفي مزاعم اختفاء خمسة سوريين داخل سفارة بلادهم. أمن السفارة لا يمكنه فعل مثل هذا الأمر المشين. رجال أمن السفارة السورية أكثر تهذيباً من “الحرس البابوي”، وجميعهم خضعوا لدورات مكثّفة في الـ “savoir vivre” والتعامل المهذّب مع المواطنين، المعارضين للنظام، قبل الموالين.

 

الأسبوع الماضي تداول ناشطون على وسائل الإعلام ومواقع المعارضة السورية قضية اختفاء خمسة سوريين استُدرجوا لتسلّم جوازات سفرهم من السفارة السورية الكائنة في اليرزة… وتبخّروا. الخمسة هم توفيق الحاجي وأحمد زياد العيد وإبراهيم ماجد الشمري ومحمد عبد الإله سليمان الواكد ومحمد سعيد الواكد.

 

تعددت روايات عملية الإختطاف، خصوصاً أنها ليست المرة الأولى التي يختفي فيها سوريون بطرق غامضة. وهناك من يرى أن عنجر، كصرح فكري، انتقلت إلى اليرزة، وتعتمد عنجر الجديدة على أدوات لبنانية لتنفيذ مهمات أمنية نظيفة. السفير علي نفى “المزاعم” عن خطف سوريين. أساساً ليس من شيم النظام الخطف والتعذيب والإخفاء القسري. تكذب منظمات الأمم المتحدة عندما تتحدث عن أكثر من 140 ألف مفقود منذ بداية الثورة قبل عقد. علي، وفي حديث إلى محطة الجديد بدا حازماً بتبرئة طواقم السفارة من عملية الإخفاء “بالتأكيد داخل السفارة لم يختف أحد، ونحن نتواصل الآن مع الأجهزة الأمنية ونأمل التوصل إلى جواب”، ويُستشف من “تأكيد” علي أن الخمسة اختفوا، لكن كيف؟ تلك هي المسألة. وأن سعادته قلق خصوصاً أن الخمسة من درعا وبينهم مشتبه بانتمائه إلى “الجيش السوري الحر”.

 

لم يطل قلق علي على مواطنيه الخمسة إذ قطعت قيادة الجيش الشك باليقين، وكشفت في بيان أنها “أحالت يوم الجمعة الفائت إلى المديرية العامة للأمن العام كلاً من السوريين (ت. ح)،أي توفيق الحاجي و(ع. ق)، استناداً لإشارة النيابة العامة العسكرية، لدخولهما خلسة إلى الأراضي اللبنانية ووجودهما عليها بصورة غير قانونية”، على اعتبار أن مليون نازح على الأقل ختموا باسبوراتهم في مراكز الأمن العام الحدودية، ويقيمون في الربوع اللبنانية بصورة شرعية! وفي البيان نفسه تأكيد على توقيف سوريين آخرين تردد أنهم أطلقوا بعد التحقيق معهم.

 

وكأن سطل مياه باردة نزل بين كتفي السفير علي بعدما قرأ بيان الجيش. إرتاح علي، والراحة الأبدية لروح توفيق فايز الحاجي إن أُعيد إلى بلده.