Site icon IMLebanon

لاقوني على جاندارك

 

 

لم تغفل أم زهير جهاز التلفاز لحظة منذ اندلاع الحرب، التي بدأت بعملية “البايجرز”. جهازها مضبوط دوماً على محطة MTV ليل نهار، وصوته “ملعلع” كي تسمع الحوارات ونشرات الأخبار المتواصلة حول أحدث الضربات الجوية الإسرائيلية والاستهدافات. تزامناً كانت قد وضّبت الشنطة ووضعتها عند باب المدخل تحسباً لأي طارئ، ولم تنسَ نفس العجمي في كيس “نايلو” والنبريش.

 

 

 

أكثر ما أغاظ أم زهير في تلك الحرب المشؤومة، تصريحات يتيم “حزب البعث” في لبنان “علوشي” (علي حجازي). حينما كنت أسمعها تتمتم عن بعد وتبدأ برشق الكلمات جزافاً بشكل غير مفهوم (غالباً مسبات)، أحزر سريعاً أنّها رصدت تصريحاً أو شاهدت مقطع فيديو لحجازي على مواقع التواصل عبر هاتفها “الحذق”.

 

علوشي لم يترك له صاحباً في كل لبنان. وبرغم الهزيمة النكراء ما زال علوشي يتوعد الناس بالويل والثبور وعظائم الأمور. وفي الوقت نفسه يهرب من دار إلى دار ومن زنكة إلى زنكة على طريقة ملك ملوك أفريقيا القذافي (أين الثراء من الثرى).

 

 

 

طُرد حجازي من بكفيا، ويقال إنّه طُرد من أكثر من منطقة لبنانية خلال الحرب. وبعد توقف الحرب ولله الحمد، وضع يده على شنبه وقال: “رح تخلص الحرب وها… بكرا منشوف”. رُصد علوشي على طائرة من طائرات MEA فاراً إلى العراق، وتزامناً كان يعدنا بـ “تحرير” حمص من أصحاب الأرض، مؤكداً أنّها ستكون “أم المعارك”.

 

 

 

لاحقاً بعد أن سقطت حمص بساعات، قال علوشي انتظرونا في دمشق… وما زال حتى اللحظة يتوهم بحرب”الردة” بعد أن فُني النظام وتحولت “عظامه إلى مكاحل”، خصوصاً بعد فرار “ثيادتو” إلى موسكو. ترك الأسد (مش أكيد إنو أسد) في ظلمة الليل “يقاومون” طواحين الهواء ويتوعدون.

 

 

 

يشبه حجازي صديق المقاعد الدراسية فتحي. كان فتحي على شاكلة علوشي مهذاراً كثيرَ الكلام كسولاً. غير فالحٍ ودائماً “الطش” في الصف. يريد أن يفتعل المشاكل مع جميع التلاميذ… وحينما كانت “تحزّ المحزوزية” ويعرف أنّه “رح ياكل قتلة”، كان يهرب من المشكل ويقول: “لاقوني على جاندارك”.

 

ولمن لا يعرف جاندارك، فهي محلة في منطقة الحمرا (سينما جاندارك). كان فتحي يضرب المواعيد للمشكلجية هناك، ثم يلوذ بالفرار.

 

 

 

أمس أخبرت أم زهير تلك السالفة، فقالت لي: “رزق الله على أيام الحمرا الجميلة … وبلي تلقك أنت وعلوشي”.