كان لافتاً للإهتمام خطبة الجمعة التي ألقاها المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله علي خامنئي لأوّل مرة منذ ثماني سنوات حول نشاط الحرس الثوري، لمناسبة مقتل اللواء قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري وأبو مهدي المهندس القيادي البارز في الحشد الشعبي العراقي، ولنا هذه الملاحظات:
أولاً- يقول إنّ قوات الحرس الثوري بقيادة الشهيد قاسم سليماني ساعدت لبنان وسوريا وفلسطين والعراق واليمن وجلبت الأمان لإيران.
والسؤال: ما علاقة الأمن الايراني بلبنان وباليمن وبفلسطين وبسوريا؟
يمكن أن تكون هناك بين العراق وإيران، وبالمناسبة، صحيح أنّ هناك حرباً دامت ٨ سنوات بين العراق وإيران لم ينتصر فيها أحد منهما، والعكس صحيح فالدولتان خسرتا في تلك الحرب أكثر من ألف مليار دولار ثمن أسلحة وألف مليار آخر لتصليح ما خربته الحرب في الدولتين، ناهيك بأكثر من مليون قتيل من الجانبين.
وعند احتلال الاميركيين للعراق عام ٢٠٠٣ وحل الجيش العراقي أصبح العراق دولة ضعيفة من دون أي قيادة أمنية، وبالعكس فالحرس الثوري وعلى رأسه سليماني هو الذي عيّـن نفسه قائداً للميليشيات الشيعية التي نظمها وسلحها وحضرها لإثارة الفتنة بين الشعب العراقي الواحد، أي بين أهل السنّة والشيعة.
اليوم حتى قبيل اغتياله، أي منذ نحو ٤ أشهر قامت في العراق ثورة مضادة ضد النفوذ الايراني بشعارها الاول «إيران برا برا»، فالشعب العربي العراقي البطل لا يقبل أن يكون تحت سلطة الفرس، وهذا العداء التاريخي بين الطرفين سببه أنّ الفرس يعتقدون أنّ القضاء على امبراطوريتهم سببه الاسلام، ولا يريدون أن ينسوا الحرب مع صدّام والكره مرتين: مرة للإسلام ومرة للعرب.
أما المساعدات للبنان وسوريا وفلسطين واليمن، فلا شك أنه بالنسبة للبنان فالمساعدات المالية والعسكرية قد ساعدت اللبنانيين على تحرير لبنان من إسرائيل، وهذا دين علينا لا ننساه، ولكن ما جرى بعد تحرير لبنان سنة ٢٠٠٠ وما جرى في العام ٢٠٠٦ حتى ان السيّد حسن نصرالله اقر انه أخطأ في حرب تموز التي كلفت لبنان واللبنانيين ٥٠٠٠ قتيل عسكري ومدني ومن «حزب الله»، إضافة الى ١٥ مليار دولار ديناً على الشعب اللبناني كافة.
أما عن مساعدة سوريا فبالله عليكم يا سماحة آية الله ماذا بقي من سوريا اليوم بعد حافظ الأسد؟ سوريا التي كانت تملك جيشاً من أكبر جيوش العالم العربي، الوحيد الذي كان يقف في وجه إسرائيل، وكانت الدولة من دون أي ديون داخلية وخارجية… سوريا اليوم، وبسبب سياستكم لتشييع أهل السنّة وبسبب النظام التابع لكم برئاسة بشار الأسد، هي اليوم بحاجة الى ألف مليار دولار لتعود كما كانت، إضافة الى مليون قتيل من الشعب والجيش وجماعة بشار؟ فماذا استفادت سوريا من هذه المساعدات؟ وأين هي؟
وفلسطين، وبفضل صواريخكم العظيمة، تقف أمام أي حل لإقامة الدولة الفلسطينية، وهذا أقصى ما يتمناه الاسرائيليون الذين لا يريدون السلام، فبسياستكم حققتم حلم إسرائيل بعدم قيام الدولة الفلسطينية الحقيقية، ناهيك بالخسائر جراء الحصار المفروض على غزة.
وأخيراً وليس آخراً… اليمن من الدولة الى الدويلات… والمآسي الناجمة عن الحروب بسبب ميليشياتكم الحوثية.
ويقول خامنئي أيضاً يجب النظر الى أنّ قوات الحرس الثوري هي منظمة إنسانية! يكفي ما قلناه عن إنسانية الحرس الثوري، فإذا كان تدمير سوريا ولبنان والعراق وغزة واليمن هو عمل إنساني، فلا نعرف أين الانسانية التي يتحدث عنها رجل دين ومرجعية دينية كبرى، على أي أساس يقول هكذا كلاماً؟
ويقول أيضاً إنّ أميركا هي التي تخلق المشكلة بين الشعبين العراقي والايراني، هذا كلام صحيح، أكيد أكيد أكيد ان مصلحة أميركا في أن تكون العلاقات بين العراق وإيران سيّئة فلماذا يحقق ما يسمّى بـ»الحرس الثوري» هذه الأمنية الاميركية؟ ومن أسس الميليشيات الشيعية في العراق؟ أميركا أو إيران؟ أوليْست الميليشيات الشيعية المسلحة هي التي تدمر العراق اليوم وخلقت اقتتالاً داخل الشعب الواحد؟
وأما المضحك المبكي فبقوله إنّ الحرس الثوري وجه الى الاميركيين صفعة بقصفه قاعدة «عين الأسد»، وهنا لا بد من أن ننوّه بأهمية ودقة صواريخ الحرس الثوري بإصابة وإسقاط الطائرة الاوكرانية التي كانت تقل ١٧٦ راكباً معظمهم إيرانيون الى جنسيات أخرى، فهذه هي الدقة! فيما لم يصب جندي أميركي واحد في القصف، وهكذا تحوّل الفيلم الهندي، شطارة ودقة الحرس الثوري، الى فيلم إيراني.
أخيراً، يقول خامنئي إنّ عملية اغتيال سليماني هي جبانة ولئيمة، اليوم أميركا تعلن الحرب على إيران وتعتبرها دولة إرهابية وتدعم الارهاب وعدد من كبار المسؤولين في إيران وضعوا تحت الفصل السادس، وإيران تصف أميركا بـ«الشيطان الأكبر» وتصف إسرائيل بـ«الشيطان الأصغر»، وتقول إنها ستغيّر النظام الاميركي؟ فماذا كانت إيران تنتظر من أميركا؟ ان تكرّم اللواء قاسم سليماني؟ أو أن ترسل له الهدايا؟ فعلاً أرسلت له هدية على طريقة «الكاوبوي» لأنها اللغة الوحيدة التي يفهم بها هذا النظام.