IMLebanon

الاغتراب لا يزال يحلم بلبنان!

 

تحدّى اللبنانيون أمطار مونتريال ولم يتوانوا عن أداء واجبهم الوطني بعدما فتح باب التصويت في الاغتراب لأول مرّة في تاريخ الجمهورية اللبنانية، فتوجهوا منذ صباح الأحد الباكر الى Le 4ème Bataillon du 22e Régiment في لافال، وهو من أكبر مراكز الاقتراع في بلاد الانتشار حيث سجل ما يزيد عن الستة آلاف ناخب من مختلف الدوائر، تحت إشراف القنصل اللبناني في مونتريال أنطوان عيد وبالتعاون مع متطوعين من الجالية اللبنانية من مختلف المجالات.

حضر لبنان، بكل مناطقه وأطيافه وطوائفه، بكل ألوانه وأعلامه في قاعة واحدة، يسودها جو التعاون والاحترام للآخر من جهة، وللقوانين والتعليمات الرسمية من جهة أخرى، من دون أن يُسجّل أي إشكال حتى ساعة كتابة هذا الخبر، في صورة حضارية تعكس حقيقة اللبناني عندما يكون في دولة القانون، تحت سقف الديمقراطية بعيداً عن الضغوطات المعهودة على الناخبين للتأثير على أصواتهم، ومن دون التوترات الأمنية المتوقعة عند كل استحقاق، وبغياب المواكب السيّارة الاستفزازية والتي من شأنها تعكير صفاء الانتخابات وترهيب المواطنين.

أما الغائب الأكبر عن صفوف الناخبين في مونتريال فكان الشباب، حيث طغى حضور المتقدمين في العمر والذين هاجروا خلال سنوات الحرب السوداء، أما الشباب فكان اليأس والقرف من الطبقة السياسية الحالية حافزه الأساسي للتمنع عن المشاركة في التصويت، بعدما لفظه الوطن إلى شواطئ العالم الحر الذي يحترم المواطن ويُقدّم له الخدمات من دون منيّة زعيم ولا تبعيّة حزب أو تيار، حيث فرص العمل متاحة أمام الكفاءات وليس المحسوبيات والقانون واحد يُطبّق على المواطنين سواسية كأسنان المشط بعيداً عن الوساطات والزبائنية!

إن فتح باب التصويت للمغتربين خطوة هامة نحو تطوير الدولة، خاصة للجالية التي ابتعدت بقالبها وبقي الوطن في قلبها فتشعر أنها معنيّة شأنها شأن المقيم على الأراضي اللبنانية لإيصال صوتها وإحداث التغيير المنشود، إلا أن هذه الخطوة جاءت منقوصة حيث تم اعتماد الأوراق، مع كل تكلفة طباعتها الباهظة، بدلاً من استحداث برامج الكترونية ليتم التصويت من خلال شاشات الكمبيوتر إسوة بالأنظمة المتحضرة، والذي كان كفيلاً بضمان شفافية العملية الانتخابية من دون إخضاعها للتشكيك بنقلها وحفظها حتى يوم الفرز.

على أمل أن تنتقل حضارة الاقتراع في مراكز الاغتراب إلى لبنان في ٦ أيار، وأن تُترجم مبادئ العيش المشترك واحترام الآخر خلال وبعد العملية الانتخابية، تبقى دولة القانون والمؤسسات حلم كل لبناني يعيش في لبنان، أو بلاد الاغتراب.