Site icon IMLebanon

«إستقامة» جعجع في خدمة عون

 

لا عودة إلى الوراء في ترشيح الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون. هذا ما استنتجَه الذين التقوا رئيس حزب «القوات اللبنانية» في معراب، الذي استفاض في شرح معالم المرحلة.

«الدنيا الخربانة» في كلّ المنطقة، مِن اليمن إلى العراق وسوريا، تُملي لبنانياً الذهابَ بسرعة نحو انتخاب رئيس الجمهورية، من دون الالتفات إلى «الشخص» بل تجاوُز ذلك إلى ملء الموقع، بَعد أكثر من سنتين على الفراغ.

يُظهر جعجع «إستقامة» واضحة في تعاطيه مع ملفّ انتخابات الرئاسة، استقامة يترجمها مع حلفائه السابقين ـ الحاليين، ومع الجُدد، ولا سيّما منهم عون الذي بات ترشيح «القوات» له بمثابة المسلّمات، تلك المسلّمات التي حدَت بجعجع إلى رفضِ عرض مغرٍ بسحب ترشيح متزامن لكلّ من سليمان فرنجية وعون.

يكشف جعجع بجرأة: «نعم سألني الرئيس الحريري في حال سحبَ ترشيح فرنجية ماذا أفعل؟ رفضتُ سحبَ ترشيح عون، لأنّ ذلك لن يقدّم ولن يؤخّر، في الطريق الى انتخاب رئيس، بل سيُصعّب المهمّة أكثر».

ما يقوله جعجع عن عون قليل ومدروس، وما لا يقوله كثير. ما يفعله لانتخابه كبير، وما يطلب من مرشّحه أن يفعل قليل. منذ مصالحة معراب، وعون ينام على حرير التعطيل، ينتظر من جعجع أن يكون كاسحة ألغام طريق بعبدا، لكنّه يعتصم بالصمت.

يراقب حزب الله وهو يحمّل تيار «المستقبل» مسؤولية عدم الانتخاب، ولا يَنبس ببِنت شفة، ولا بالتلميح تجاه الحزب الذي يعطي حلفاءَه المعارضين لعون هوامش تكفي لتعطيل الانتخاب.

إستمعَ جعجع الى آراء كثيرة في معراب، دافعَ عن موقف الحريري الرافض انتخابَ عون، متفهّماً، وحمّلَ المسؤولية لإيران وحزب الله بتعطيل انتخاب عون، لكنّه في المقابل لم يتقدّم خطوة واحدة، لحضّ عون على تقليع شوكِه بيديه.

ربّما يقول قائل في هذا الإطار: ماذا لو أحرَجنا عون ودفعناه لأن يواجه حزب الله بالحقيقة؟ قد يؤدّي ذلك بالحزب الى انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيساً، وهذا ما لا نريده.

يؤمِن جعجع، ويشاركه النائب وليد جنبلاط الرأي، بأنّ انتخاب عون هو الحلّ الممكن، مع أنّه ليس مضموناً مئة في المئة، هذا الخيار هو الأسلم، فمَن يضمن أن لا يطولَ تعطيل انتخاب الرئيس لسنة أو سنتين أو ربّما أكثر.

وإذا كانت معراب لا تتكلم، فإنّ كثيراً من الأسئلة يطرحها القريبون والبعيدون، عن الجدوى من ترشيح عون، وعمّا حقّقه هذا الترشيح بَعد ستّة أشهر على إعلانه.

لم يدافع عون عن مفهوم المرشّح المسيحي الإجماعي، عندما دقّت ساعة الكلام، فحلفاؤه هم مَن وقفَ في وجه هذا المرشّح، لا بل تجاهلوه، وجَعلوا من فرَضية أنّ توافقَ المسيحيين يخلق العجائب مجرّدَ أضحوكة، فها هم حلفاء عون يعطّلون انتخابَ مرشّح الإجماع، ويستخفّون بالإجماع.

لم يؤدِّ ترشيح عون إلى تحقيق الهدف الذي يرجوه جعجع وهو انتخاب رئيس للجمهورية، لا بل على العكس من ذلك، بدا أنّ هذا الهدف بعيد المنال، في ظلّ رفضِ إيران إجراءَ الانتخابات، ومع ذلك بقيَ عون صامتاً.

يقول البعيدون والقريبون إنّ مرشّحاً لا يستطيع الدفاع عن ترشيحه أمام حلفائه، بل يتمسّك بالصمت السلبي في وجه تعطيلهم انتخابَه، لا يملك أيّ هامش للمناورة، إذا ما انتُخب رئيساً، وهو لن يستطيع أن يدافع عن نفسه وعن موقع الرئاسة (كما يتمنّى جعجع)، بل سيَعمد إلى افتعال كثيرٍ من الأزمات، ولا سيّما منها المتعلقة بتعديل «اتفاق الطائف»، وهذا منحى سيوصِل التوتّر إلى أعلى مستوياته، وسيَحرف الأنظار عن القضايا الأساسية المرتبطة بالسيادة والسلاح وقتال حزب الله في سوريا، والمحكمة والقرارات الدولية، هذا فضلاً عن مسار شاقّ منتظَر في تشكيل الحكومات وفي إقرار قانون الانتخاب.