في سوريا كما في لبنان، بعد 8 ك2 (2024)، أيام أخرى، بل ربما أسابيع أو أشهر أو سنوات، (صفحة تطوى مع إعلان إسقاط الرئيس بشار الأسد، وصفحة تفتح مع اعلان المعارضة السورية المسلحة «هيئة تحرير الشام» دخول دمشق، واسقاط النظام).
وبعيداً عن كشف مصير الاسد، بأنه بات في موسكو مع عائلته، فإن المشهد الاقليمي، من تقدم اسرائيل دون تردد الى خط فك الارتباط عام 1974، وإزالته باعلان ضمه الى ما يسمى بالسيادة الاسرائيلية، تمهيدا للسيطرة على جبل الشيخ «السوري»، فضلا عن اعادة خلط الاوراق الاقليمية والدولية والتحالفات، فإن الحدث لبنانياً، بدأ يسجل انعكاسات مرتقبة، سواءٌ على مستوى التحالفات الداخلية، او الاحتفالات، او الموقف من حزب لله وسلاحه، عند اطراف سياسية وتريث وحبس انفاس لدى حلفاء سوريا من داخل محور الممانعة.
رئاسياً، اعتبرت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن الانشغال بالتطورات المتسارعة في سوريا قد يدفع إلى التأخير في النقاش في الملف الرئاسي اقله في اليومين المقبلين، ولفتت إلى أن أصواتاً تبدأ بالصدور من أجل عودة الإهتمام بالملف الرئاسي، وانطلاقا من ذلك فإن مروحة الاتصالات قد تقوم بين يوم وآخر حول إمكانية الوصول الى التفاهم المنشود.
وقالت إن المدخل الرئيسي لذلك هو طرح أسماء مرشحين يتلاقى حولها الفرقاء السياسيون من دون توسيع الدائرة وجعلها فضفاضة.
الى ذلك، أوضحت ان موضوع تعزيز انتشار الجيش في الجنوب محور متابعة وكذلك مهمته الواردة في اتفاق وقف اطلاق التار مع استئناف لجنة مراقبة هذا الإتفاق.
وتوقع مصدر شارك في حفل اعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام في باريس مساء السبت الماضي، ان يلتقي الكاردينال الماروني مار بشارة بطرس الراعي الرئيس ايمانويل ماكرون للبحث في اهمية ان تخرج جلسة 9 ك2 (2024) بانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وكشف مصدر نيابي ان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسل وصل الى باريس لاجراء مشاورات يتعلق بعضها بالوضع في لبنان.
إذاً، طرح انهيار النظام السوري بهذه السرعة وخلال عشرة ايام تقريباً امام قوى المعارضة المسلحة المدعومة من الخارج، اسئلة كثيرة حول مصير سوريا مستقبلاً، وانعكاس هذا الزلزال السوري وارتداداته على لبنان وعلى منطقة الشرق الاوسط لاحقاً، في ظل خريطة الشرق الاوسط الجديدة التي تُرسم برضى اقليمي ودولي لا يستطيع احد تعديلها إلا بمواجهات دامية ليس أوانها الآن ولا احد بعد قادر على خوضها على الاقل في المدى المنظور؟ وفي ظل المخاوف من تمدد الفصائل المسلحة نحو المناطق اللبنانية، واغلبها كان للبنان معها تجربة مريرة في حرب الجرود البقاعية مع «جبهة النصرة واخواتها»؟
وقالت مصادر سياسية انه لا بد من ترقّب نتائج عمل لجنة الاشراف على تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار، وترقب نتائج مساعي التوافق لانتخاب رئيس للجمهورية في جلسة 9 كانون الثاني المقبل لمعرفة ما سيُفرض على لبنان بعد الذي جرى في سوريا واقفال المعابر امام تدفق السلاح اليه، كيف سيتصرف حزب لله؟ إذ أن الغموض يحيط بالوضع المقبل وبنوايا الاطراف المحليين والخارجيين.
وبرأي مصدر نيابي مستقل ومحايد وخارج المحاور، «فإن التركيبة القائمة في سوريا وبعض دول المنطقة منذ عشرات السنين قد انقلبت ودخلنا مرحلة جديدة، ويبدو ان سوريا بحاجة الى اتفاق طائف سوري – عربي ودولي لتشكيل نظام جديد يجمع كل الاطراف ويحفظ وحدة البلاد ومكوناتها واستقلالها كما حصل في لبنان. وقال المصدر لـ«اللواء»: أشك في نجاح مشروع بول بريمر القديم لتقسيم سوريا فالظروف والمعطيات التي كانت قائمة وقتها تغيرت.
واضاف: ولا بد ان يواكب لبنان هذه التطورات بالبحث الجدي بين اطرافه السياسيين وكل اطيافه في تطوير نظامه السياسي، حتى لا يتم فرض نظام جديد عليه لا يتوافق مع تركيبته وظروفه واوضاعه ومصالحه، سواءٌ بالفدرلة او الكونفدرالية او التقسيم المقنّع.
وفي موقف يتسم بالرصانة، ويشكل محطة للتعامل مع «الحدث الكبير» المتمثل بإبعاد آل الاسد عن حكم سوريا، والذي استمر ما لا يقل عن نصف قرن كامل، دعا الاجتماع العاجل الذي عقد في دار الفتوى، بدعوة من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وحضور رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة وتمام سلام الى التعامل مع ما وصفوه بالحدث التاريخي «بحكمة ووعي شديدين، وأن لا ينجرفوا لأي نوع من انواع ردات الفعل العاطفية او ينزلقوا الى دعوات مشبوهة ومتعصبة، فلبنان في المحنة اثبت انه متضامن مع بعضه، وفي الوقت عينه، فإن لبنان يتضامن مع الشعب السوري في خياراته الوطنية».
واكد المفتي والنواب، وفقاً للبيان الذي تلاه الرئيس السنيورة، على ان لبنان لن يقبل باستمرار العدو الإسرائيلي بانتهاك القرار 1701، ودعوا مجلس النواب الى القيام بدوره في اعادة تكوين السلطات الدستورية، بدءاً من انتخاب رئيس الجمهورية وتسمية رئيس مجلس الوزراء لتشكيل حكومة انقاذ وطني، واستنهاض الدعم العربي والدولي لمساعدة لبنان لتأمين عودة النازحين قسراً الى بلدانهم وقراهم، وتأكيد الوقوف الى جانب الحكومة في مسعاه الاساس لتطبيق قرار مجلس الامن الدولي رقم 1701.
وكانت تجمعات واحتفالات شهدتها بيروت والجبل، سواءٌ في الطريق الجديدة او الاشرفية او مقر الحزب التقدمي الاشتراكي للاحتفال باعلان سقوط الاسد.
واكد الرئيس ميقاتي على ان الاولوية الآن لضبط الوضع الحدودي مع سوريا، داعيا الى التأني بلبنان عن تداعيات المستجدات في البلد الجار.
وفي السياق الدبلوماسي، قالت الخارجية اللبنانية، ان لبنان يحترم ارادة الشعب السوري، الذي يعود له وحده اختيار ممثليه ونظامه السياسي.
مجلس الوزراء في صور
وفي الشق المتعلق بخطة انتشار الجيش اللبناني جنوباً، أقرَّ مجلس الوزراء الذي اجتمع قبل ظهر السبت (7 ك1 الجاري) في ثكنة بنوا بركات في مدينة صور، التي نالت حصة كبيرة من الخراب والدمار والاستهداف، خطة انتشار الجيش في الجنوب، واكد الرئيس ميقاتي: ان هذا القرار هو الاساس لوقف اطلاق النار وانسحاب العدو من ارضنا المحتلة.
واكد ميقاتي على الدعم الدائم للجيش اللبناني والتعاون مع «اليونيفيل» ومطالبتنا المجتمع الدولي ولا سيما الجهات الراعية للترتيبات الامنية بالعمل الجاد والحاسم لوقف الخروقات المتمادية للعدو، وانسحابه من الاراضي التي يحتلها والاسهام الفعلي بتنفيذ وقف اطلاق النار،والانتقال إلى وضعية الاستقرار الدائم المعزز بالكرامة والسيادة والحق.
واعلن وزير الاعلام في ختام الجلسة، انه ستتم ازالة الردميات، وأنقاض المباني المدمرة وتنظيف الساحات في الجنوب من القنابل العنقودية، مضيفاً: في جلسة اليوم (أمس) وافقنا على مشروع قانون يرمي الى اعادة بناء المساكن المهدمة من جراء الحرب.
متابعة حكومية
وقد تابع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الاوضاع الامنية في البلاد ولاسيما على الحدود مع سوريا في خلال اتصال مع قائد الجيش العماد جوزيف عون وقادة الاجهزة الامنية. وشدد رئيس الحكومة في خلال هذه الاتصالات «على أولوية التشدد في ضبط الوضع الحدودي والنأي بلبنان عن تداعيات المستجدات في سوريا».
كما دعا رئيس الحكومة» اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم «الى التحلي بالحكمة والابتعاد عن الانفعالات خصوصا في هذا الوقت الدقيق الذي يمر به وطننا».
واجرى رئيس الحكومة ايضا اتصالا بالامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية وطلب منه التواصل مع «الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسراً في لبنان» التي تم إنشاؤها بموجب القانون105 /2018 الخاص بالمفقودين والمخفيين قسراً، ومع لجنة معالجة قضية اللبنانيين المعتقلين في سوريا المؤلفة بموجب القرار رقم ٢٠٠٥/٤٣. وشدد رئيس الحكومة «على وضع كل الامكانات المتوافرة والتواصل مع الجهات المعنية في ضوء الافراج عن مئات السجناء من السجون السورية».
وعلى الاثر ومن جهته اتصل الامين العام لمجلس الوزراء بالهيئة واللجنة وطلب منهم الاجتماع بصورة عاجلة لاجراء الترتيبات اللازمة لمتابعة الملف. وتبلغ ان الهيئة واللجنة ستجتمعان في الساعات المقبلة.
ومن تجليات ما جرى في سوريا، على فيديو، يُظهر المواطن مروان نوح في بلدة عرسال، بعد تحريره من السجون السوريّة. وقد تمّ استقبال نوح في عرسال بالزغاريد، حيث كانت عائلته بانتظاره.
وكانت المعارضة المسلّحة في سوريا، اقتحمت سجن صيدنايا ليل أمس الاول، وأفرجت عن جميع السجناء.
واعلنت قيادة الجيش في بيان جديد امس، انه «في ظل التطورات المتسارعة والظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة، تتابع القيادة الوضع على الحدود وفي الداخل منعًا لأي تهديد للسلم الأهلي.
وفي هذا السياق، جرى تعزيز الوحدات المكلفة مراقبة الحدود الشمالية والشرقية وضبطها بالتزامن مع تشديد إجراءات المراقبة، كما تنفذ الوحدات المنتشرة على مساحة لبنان تدابير استثنائية لحفظ الأمن وحماية السلم الأهلي».
على الارض، عرَّز الجيش اللبناني وحداته المكلفة بمراقبة الحدود الشمالية والشرقية.
وضع الجنوب
وبالنسبة لوضع الجنوب، ينتظر لبنان ما سيسفر عنه اجتماع لجنة الاشراف الخماسية على تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار غداً الثلاثاء او الاربعاء، فيما واصل العدو الاسرائيلي عدوانه على قرى الجنوب، ووقعت قوة من جنوده في حقل الغام ما ادى الى وقوع اصابات.
فقد أكدت وسائل إعلام عبرية إصابة 8 جنود إسرائيليين جراء انفجار في منطقة رأس الناقورة عند الحدود مع لبنان. موضحة أن عدداً من الجنود الإسرائيليين دخلوا حقلاً للألغام عند الحدود مع لبنان ما أدى لانفجار كبير وسقوط عدد من الإصابات.
اضافت: إن الانفجار في رأس الناقورة استهدف عناصر من الفرقة 146 ما أدى لمقتل جندي وإصابة 3 بجروح خطيرة وآخرين بحالة متفاوتة.
وأغار الطيران المسيَّر المعادي على احد المنازل في بلدة دبين في حي العريص التحتاني على طريق جديدة مرجعيون ، ما أدى الى ارتقاء 3 شهداء من ابناء البلدة المدنيين.
كما شن العدو غارة على السلسلة الشرقية بين منطقتي قوسايا وعنجر في البقاع الاوسط قرب الحدود مع سوريا.
وذكرت المعلومات أن جيش العدو اعتقل مواطنين لبنانيين، وهما من آل سنان من بلدة عين قنيا، اثناء قيامهما بقطاف الزيتون في مزرعة المجيدية قرب مزارع شبعا.