أسبوع الفرج: مجلس الوزراء الخميس يكرّس آلية «النأي بالنفس»
الأزمة تحضر في خطاب عون المتوسّطي.. والحريري لترجمة الأقوال بالأفعال
غداً، عطلة المولد النبوي الشريف، وبعده يعود الرئيس ميشال عون، الذي يتوجه اليوم إلى إيطاليا في زيار رسمية، لوضع اللمسات الأخيرة، على أجندة الأسبوع المقبل، المحفوف بالآمال، على ان تكون جلسة لمجلس الوزراء (الخميس على الارجح) في بعبدا، لإصدار بيان رسمي تجاه النقاط التي أثارها الرئيس سعد الحريري في ثنايا خطاب الاستقالة، وتتعلق «بالنأي بالنفس» عن الصراعات العربية والإقليمية، فضلاً عن إعلان لبناني واضح بالتمسك بالعلاقات مع الدول العربية، وإعلان الالتزام بروح التسوية السياسية، واتفاق الطائف.
وهذا المناخ أكّد عليه الرئيس الحريري، في كلام له امام قوى الإنتاج، الذين التقاهم في بيت الوسط، مساء أمس وهو أكد ان «الحوار سيستكمل في الأيام القادمة بكل إيجابية وانفتاح، وهو جدي لإيجاد الحلول الجدية للحفاظ على علاقاتنا مع كل أصدقائنا العرب، وخصوصا الخليج. نحن نكون أقوى حين نعمل سويا، ونحترم بعضنا البعض ونراعي مصالح بعضنا البعض ونغار عليها، من أجل مصلحة لبنان بداية والمصالح العربية».
وأردف قائلاً: «الحوار القائم حاليا يرتكز على مبدأ النأي بالنفس، فعلا وليس فقط قولا، فهذه هي مصلحة لبنان، ليس لأن هذا ما أريده بل لأن لبنان بحاجة إليه، وكذلك اللبنانيون الذين يعيشون خارج لبنان، فمصالح اللبنانيين تقتضي أن يكون لدينا نأي حقيقي بالنفس لمصلحة لبنان وكل اللبنانيين الذين يعيشون في الخليج أو في كل أنحاء العالم. إن لم نعرف مصلحة لبنان العليا ونوجه سياستنا على هذا الأساس فستكون لدى لبنان مشكلة. لذلك، كل الحوار الجاري اليوم هو على هذا الأساس، وكل الأجواء التي نسمعها إيجابية، وما نحتاج إلى مزيد من الحوار، والاسبوع المقبل يكون بداية الفرج بإذن الله لكل اللبنانيين».
مخرج الحل
في هذا الوقت، أكدت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان المخرج لحل أزمة استقالة الرئيس الحريري بات شبه جاهز، لكنه ينتظر الصيغة النهائية التي ينتظرها الرئيس الحريري بدوره ليعطي رأيه فيها.
وأشارت إلى ان المخرج يكمن في مضمون البيان الوزاري لحكومة «استعادة الثقة»، وقد يكون من خلال اضافات توضيحية موسعة بصيغة جديدة تتعلق بموضوعي النأي بالنفس والعلاقات بالدول العربية.
وأوضحت المصادر ان الرئيسين نبيه برّي والحريري سيقومان خلال فترة سفر الرئيس عون إلى روما اليوم والتي تستمر حتى الجمعة، باتصالات مع المعنيين في القوى السياسية لتذليل أي عقبات قد تطرأ على صياغة بنود الحل، وقد أبدى الرئيس برّي امام زواره، أمس، تفاؤله بالحل، فيما قال الرئيس الحريري، ان الحوار القائم حالياً يرتكز على مبدأ النأي بالنفس فعلاً وليس قولاً.
كتلة المستقبل
غير ان كل هذه الإشارات التي اعطاها الرئيس الحريري، عن احتمال عودته عن الاستقالة، وبالتالي إنهاء مرحلة التريث في إعلانها، لم يلمسها نواب كتلة «المستقبل» التي اجتمعت أمس برئاسته عصراً في «بيت الوسط»، ونوّهت بالموقف الذي أعلنه لجهة التريث في الاستقالة لاجراء مشاورات واتصالات على مختلف المستويات بهدف التزام جميع القوى السياسية بسياسة النأي بالنفس عن نزاعات المنطقة وحروبها، والتأكيد على الانخراط في نظام المصلحة العربية المشتركة تعزيزاً واحتراماً لعلاقات لبنان العربية، وتأكيداً والتزاماً بأحكام الدستور واتفاق الطائف».
وأوضح مصدر نيابي شارك في اجتماع الكتلة لـ«اللواء» ان الرئيس الحريري ركز في حديثه مع النواب على ضرورة «برهنة النأي بالنفس فعلاً لا قولاً»، مؤكداً ان النأي بالنفس لا يكون من خلال الهجوم على الدول العربية أو التدخل في شؤونها، أو إرسال مقاتلين إليها، الا انه لم يعط معلومات عن المشاورات التي أجراها الرئيس عون في قصر بعبدا، غير انه عبر عن ارتياحه للتعاون القائم بينه وبين الرئيس عون، مؤكداً حرصه على هذه العلاقة مع رئيس الجمهورية، داعياً النواب إلى الحديث بلغة واحدة من دون «شطحات» لا في الإعلام ولا امام الناس.
ولاحظ المصدر ان الحريري بقي على تحفظه في الحديث عن «مرحلةوجوده في الرياض»، لأنه يريد ان يحتفظ بها لنفسه، مثلما كان أبلغ مراسل محطة «سي نيوز» الفرنسية أمس الأوّل، كما انه لم يقل امام الكتلة بشكل مباشر ان الأسبوع المقبل قد يكون أسبوع الفرج، طالما انه تجنّب الإشارة إلى نتائج مشاورات بعبدا.
وكشف المصدر ان موضوعي التعديل الحكومي في إطار إعادة التوازن داخل الحكومة، والانتخابات النيابية المبكرة، طرحا في اجتماع الكتلة، الا ان الحريري لم يعط شيئاً ملموساً بالنسبة للتعديل الحكومي، تاركا كل الخيارات مفتوحة، في حين انه لم يتوقف عند الانتخابات المبكرة.
وفي تقدير مصادر سياسية، ان الرئيس الحريري حين طرح فكرة «اعادة التوازن» إلى الحكومة، في مقابلته مع التلفزيون الفرنسي، أراد توجيه رسالة إيجابية إلى الخارج، علما ان زوّار الرئيس عون استبعدوا مثل هذا الاحتمال، كما ان الرئيس برّي نفى علمه بوجود رغبة باجراء تعديل وزاري، مشيرا إلى ان احدا لم يطرح معه هذا الموضوع، ونقل عنه قوله: «بالكاد ماشيين بهذه الحكومة حتى نقوم بإدخال وزراء جدد اليها».
ورجح برّي انعقاد مجلس الوزراء الأسبوع المقبل، مبدياً امام زواره تفاؤله بحل أزمة استقالة الحريري، الا انه رفض الكشف عن الصيغة التي تمّ التفاهم حولها في ما خص النأي بالنفس.
مجلس الوزراء
وفي السياق، قالت مصادر وزارية لـ «اللواء» ان الرئيس عون سجل امام زواره ارتياحه لخطوة المشاورات التي أجراها مع رؤساء وممثلي الكتل النيابية، والتي ستستكمل من خلال اتصالات ولقاءات يعقدها الرئيسان برّي والحريري بشأن النقاط المختلف عليها، معرباً عن أمله في ان يحمل الأسبوع المقبل المزيد من الإيجابيات على صعيد معالجة التطورات، مؤكدا على ثبات الاستقرار والأمن في البلاد، وعلى متانة العلاقات التي تربط لبنان مع الدول العربية والأجنبية كافة.
وكشفت المصادر بأن هناك توجها لأن يصدر بيان بالإجماع عن مجلس الوزراء يُؤكّد الالتزام والتأييد لما يتم الاتفاق حوله بشأن هذه النقاط.
وقالت مصادر وزارية مقربة من فريق الرئيس الحريري، ان لا مشكلة في البيان الوزاري لكن المشكلة في عدم تطبيق بنوده المتعلقة بالنأي بالنفس وحسن العلاقات مع الدول العربية وعدم التدخل في شؤون هذه الدول. والمطلوب الالتزام بهذه القضايا فعلياً. وتوقعت المصادر انعقاد الجلسة الخميس المقبل في 7ك1 المقبل.
الراعي في بعبدا
وكان البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الذي زار قصر بعبدا فور عودته من روما، نقل عن الرئيس عون ان جلسة لمجلس الوزراء ستعقد مطلع الأسبوع المقبل، تطرح فيها نتائج المشاورات.
وعلم ان الراعي نقل إلى الرئيس عون رسالة شفهية من البابا فرنسيس تضمنت ثناء على الجهود التي بذلها رئيس الجمهورية في معالجة الأزمة الأخيرة، وأكّد البابا دعمه وتشجيعه للرئيس عون في سبيل المحافظة على الاستقرار في لبنان.
وفي دردشة معه، أوضح الراعي انه ارسل تقريرا خطيا إلى رئيس الجمهورية حول نتائج زيارته المملكة وتقريرا آخر للفاتيكان. وأشار إلى انه سمع شخصيا من كل من الملك وولي العهد السعوديين تشجيعهما الحريري على العودة إلى بيروت وإعادة تعزيز استقراره السياسي.
وأوضح انه سمع منهما تطمينات حول أهمية وجود الجالية اللبنانية في المملكة ومساهمات أبنائها في نموها وازدهارها.
وكشف أن زيارته إلى المملكة مرجأة منذ العام 2013، وان القائم بأعمال السفارة في بيروت وليد بخاري هو من سعى وأشرف شخصياً على ترتيباتها.
عون في روما
تجدر الإشارة إلى ان الرئيس عون سيغادر بيروت قبل ظهر اليوم متوجهاً إلى روما في زيارة رسمية تستمر ثلاثة ايام، تلبية لدعوة تلقاها من نظيره الايطالي سيرجيو ماتاريلا الذي سيجري معه محادثات في قصر الرئاسة الايطالية تتناول العلاقات اللبنانية – الايطالية وسبل تطويرها في المجالات كافة، كما سيتطرق البحث الى التطورات الاخيرة في لبنان والمنطقة. ويلتقي أيضاً رئيس الوزراء الايطالي باولو جينتيلوني وعدداً من المسؤولين الايطاليين.
ويرافق الرئيس عون وفد رسمي يضم عقيلته السيدة ناديا الشامي عون، ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وسفيرة لبنان لدى ايطاليا السيدة ميرا الضاهر فيوليديس.
ومن المقرر ان يفتتح الرئيس عون غداً الخميس مؤتمر الحوار الاوروبي- المتوسطي الذي يعقد في العاصمة الايطالية ويلقي كلمة باسم لبنان، وذلك في حضور الرئيس الايطالي وعدد من المسؤولين في دول اوروبية ومتوسطية.
ولم تستبعد مصادر مطلعة ان تحضر، في خلال زيارة عون ومشاركته في المؤتمر المتوسطي، الأزمة السياسية، إلى جانب معالجة أزمة النازحين السوريين في اللقاءات التي سيعقدها في روما، ولا سيما وانه دعي إلى حضور المؤتمر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، ووزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، ووزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، إضافة إلى ممثلين عن عدد من دول الخليج العربي والممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فديريكا موغيريني، اضافة إلى مسؤولين ايطاليين وشخصيات لبنانية وعربية.
اللجان المشتركة
وسط هذه الأجواء جاءت دعوة الرئيس برّي اللجان النيابية إلى عقد جلسة مشتركة الثلاثاء في 5 كانون الأول المقبل، إشارة ايجابية إلى تعافي لبنان من الأزمة الحكومية، والانصراف بالتالي إلى تفعيل عمل المؤسسات الدستورية باتجاه «الأجندات» التي كانت مطروحة قبل استقالة 4 تشرين الثاني، ولا سيما في ما يتعلق بثروة لبنان النفطية، خاصة وأن عروض المشاركة في مناقصات الكشف عن هذه الثروة كانت قطعت شوطا كبيرا.
وحدد برّي في الدعوة، جدول أعمال اللجان المشتركة في درس مشاريع اقتراحات تتعلق كلها بهذه الثروة، وهي: اقتراح قانون الموارد البترولية في الأراضي اللبنانية، اقتراح قانون الصندوق السيادي اللبناني، اقتراح قانون شركة البترول الوطنية اللبنانية، اقتراح القانون الرامي إلى إنشاء مديرية عامة للأصول البترولية في وزارة المالية ومشروع القانون الوارد في المرسوم رقم 2292 طلب الموافقة على ابرام اتفاقية قرض بين الجمهورية اللبنانية والوكالة الفرنسية للتنمية للمساهمة في تمويل استثمارات القطاع الخاص في مجال توفير الطاقة والطاقة المتجددة.
اضراب المعلمين
وعلى صعيد آخر، نفذ المعلمون في المدارس الخاصة امس اضرابا عن العمل احتجاجا على عدم شمولهم بزيادات الرواتب اسوة بمعلمي القطاع العام، وقالت مصادر تربوية مسؤولة انه لم يكن شاملا، حيث قاطعته مدارس مؤسسات تربوية كبرى لا سيما الاسلامية منها الشيعية والسنية والدرزية، واقتصر على بعض المدارس الكاثوليكية. لأن بعض المدارس لجأ الى تهديدالمعلمين ان اضربوا، وهناك مدارس تعهدت بدفع زيادات الرواتب لاحقا اسوة بالقطاع العام، وثمة مدارس سبق ودفعت الزيادات.
وقال وزير التربية مروان حمادة لـ«اللواء»: انه يعمل على حل للقضية يقوم مبدئياً على ضمان حقوق المعلمين في القطاع الخاص، على ان تتولى المدارس دفع الزيادات تدريجيا وخلال سنة او سنتين، وكذلك استيفاء الزيادات عل الاقساط تدريجيا لو حصلت. والمطلوب الان ان يتنازل كل طرف للاخر حتى لا يكون الطلاب هم ضحية الخلاف بين المعلمين وبين اصحاب المدارس ويضيع عليهم العام الدراسي.