وفد عرسال في السراي الكبير: حدودنا عكار والطريق الجديدة ومجدل عنجر
حزب الله وعون ينقلان «التحدي» إلى الشارع .. والرابية تصوّب على الحكومة قبل الإثنين
رسم الوفد العرسالي الموسع الذي زار السراي الكبير، والتقى الرئيس تمام سلام، كما زار وزارة الداخلية والتقى الوزير نهاد المشنوق، على ان يزور اليرزة للاجتماع مع قائد الجيش العماد جان قهوجي، في إطار تحرك مضاد للتعبئة التي ينظمها «حزب الله» في منطقة بعلبك – الهرمل لاعلان الحرب في منطقة عرسال وجرودها ضد المجموعات السورية المسلحة المنتشرة في المنطقة، خطاً فاصلاً بين ما هو مقبول وما هو مرفوض: إذ ان عرسال شعباً وجروداً تعاني من الوجود المسلح الذي ينعكس سلباً عليها، وهي لا تقبل أي مسلح غير القوى الشرعية اللبنانية، إلاَّ انها في الوقت نفسه ترفض ما يجري من تجييش وتحريض، وكأن المعركة واقعة غداً، وهو الأمر الذي ترفض أن ينقله «حزب الله» من القلمون السوري إلى جرودها ومحيطها البلدي، مع التأكيد على ان الولاء هو للجيش اللبناني فقط الذي يقوم بواجبه ويوفر الأمن والحماية ويمنع أي ظهور مسلح يُسيء الى الأهالي، بما في ذلك مخيمات النازحين السوريين.
إلاَّ ان الأخطر هو الموقف الذي عبر عنه نائب البقاع عضو كتلة «المستقبل» جمال الجراح الذي شارك مع الوفد في اللقائين مع كل من الرئيس سلام والوزير المشنوق، من ان حدود عرسال هي عكار وطرابلس والطريق الجديدة ومجدل عنجر وسعد نايل وكل لبنان، في إشارة واضحة ان «الهجوم» على عرسال لن يكون نزهة، بل ستكون له تداعيات سياسية وجغرافية وربما أمنية.
ووفقاً لمعلومات «اللواء» فقد اثار النائب الجراح خلال اللقاء مع الرئيس سلام ومع الوزير المشنوق انزعاج أهالي وفعاليات عرسال من اليافطات التي رفعت في منطقة بعلبك – الهرمل، أمس فضلاً عن اللقاء الذي عقد في حسينية بلدة بوداي والذي حضره عضو كتلة الوفاء للمقاومة علي المقداد، والذي جمع عشائر وعائلات وفعاليات منطقة بعلبك – الهرمل لاعلان الدعم لحزب الله في المنحى الذي يدفع إليه لجهة بدء المعركة في جرود عرسال ما لم تتولى الدولة هذه المهمة.
وقال المقداد ان أهالي بعلبك – الهرمل سيعطون الفرصة للدولة والحكومة ليخرجوا ما وصفه بالجماعات «الصهيوتكفيرية» من جرودنا، و«على قاعدة أن أهالي المنطقة لن يقبلوا بان يبقى تكفيري واحد على ارضنا».
وفيما أكّد البيان الختامي الجهوزية للقيام «بواجب الدفاع» أكّد في الوقت نفسه على «ان أهالي عرسال الشرفاء هم اخوة لنا ودمهم دمنا»، داعياً إلى «نزع الخلافات والتعاون مع الدولة اللبنانية لإغلاق مناطقهم في وجه التكفير والتهديدات».
وأوضح الجراح الذي أعطى حضوره في الوفد العرسالي مع نائب البقاع الغربي زياد القادري، انطباعاً بأن تيّار «المستقبل» دخل بقوة على خط ملف عرسال، عشية جلسة مجلس الوزراء الاثنين المخصصة لهذا الملف مرتبطاً بملف التعيينات الأمنية، ان الوفد سيتابع جولته في الأيام المقبلة، وأن امامه خطوتين رفض الكشف عنهما لـ«اللواء»، لكنه لفت إلى ان احداهما ستكون باتجاه اليرزة ومسؤولين سياسيين.
ووصف الجراح موقف سلام والمشنوق في مجلس الوزراء بالموقف الوطني والمبدئي والمنطقي السليم، مستغرباً التحريض المذهبي البغيض في الهجوم على عرسال وأهلها، مؤكداً «اننا جميعاً تحت سقف الدولة والقانون وفي حماية الجيش اللبناني».
ولفت إلى انه لمس بان مجلس الوزراء سيعود إلى طرح موضوع عرسال الاثنين، باعتبار بأن هناك تسعة وزراء سيدلون بدلوهم، لكنه أكّد ان الموقف بالنسبة لنا واضح، وهو انهم يريدون التصويب على عرسال للوصول إلى تعيين قائد جديد للجيش، مع العلم ان هذا الموضوع غير مطروح قبل انتهاء ولاية قائد الجيش العماد قهوجي في أيلول.
وكشف بأن موقف «المستقبل» واضح من موضوع التعيينات، وهو الفصل بين تعيين مدير قوى الأمن الداخلي عن قيادة الجيش، مشيراً إلى أن وزير الداخلية هو الذي يستطيع أن يقدّر ما يمكن أن يفعله، سواء بالنسبة لتعيين مدير جديد أو التمديد للمدير الحالي، واصفاً هذا الموقف بأنه غير خاضع لا للابتزاز ولا للمساومة، في حين أن تعيين قائد جديد للجيش مرتبط بانتخاب رئيس الجمهورية الذي يجب أن تكون له الكلمة الفصل في هذا المجال.
وبدورها، لا ترسم مصادر وزارية صورة مريحة لما يمكن أن تؤول إليه النقاشات داخل مجلس الوزراء بشأن ملف التعيينات الأمنية، لكنها أكدت في الوقت نفسه أن محركات الاتصالات انطلقت لتأمين مناخ حواري بشأن هذا الملف، مشيرة إلى أن كل الاحتمالات واردة في ما خص الخطوة التي يمكن أن يقدم عليها وزراء «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» في حال سلك هذا الملف عكس ما يشتهون.
وإذا كان النائب وليد جنبلاط كرر دعوته لتعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش للحؤول دون أي تصدع للحكومة، فإن مصادر وزارية محايدة، اعتبرت أن الموقف قد يتوضح في ضوء ما سيفعله النائب ميشال عون اليوم وغداً أمام وفدين شبابيين من منطقتي المتن وبعبدا، اللذين يستقبلهما في إطار مواصلة الضغط على حكومة الرئيس سلام التي لا تنفك محطة O.T.V الناطقة بلسان التيار العوني من توجيه الانتقادات إليها، والتي كان آخرها وصف الحكومة مساء أمس بحكومة «اللامصلحة اللبنانية»، وضاعت بين وصف إدراج قضية عرسال والتعيينات الأمنية أمام جلسة الاثنين بأنها «مناورة» أو «مؤامرة».
جلسة مفصلية الخميس
وفي الوقت الذي نشطت الاتصالات والمساعي لفكفكة الألغام قبل جلسة الاثنين، اعتبر وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج في تصريح لـ«اللواء» أن جلسة الاثنين قد لا تكون حاسمة على صعيد التعيينات الأمنية، وأن جلسة الخميس ستكون مفصلية، والتي تتزامن قبل يوم واحد من انتهاء ولاية المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص، علماً أن هذه الجلسة، الذي وزّع على الوزراء جدول أعمالها متضمناً 68 بنداً، ستكون حافلة بالمواضيع المؤجلة والمستجدة، وأبرزها قضية إحالة الوزير السابق ميشال سماحة على المجلس العدلي، وتعيين مجالس إدارة عدد من المستشفيات الحكومية، إضافة إلى تقرير وزير البيئة محمد المشنوق حول النتائج الأولية لفض العروض الفنية والإدارية العائد لمناقصات تلزيم خدمات جمع وكنس ومعالجة وطمر النفايات المنزلية الصلبة على كافة الأراضي اللبنانية (راجع ص2).
أما وزيرة شؤون المهجرين أليس شبطيني فدعت عبر «اللواء» لإجراء مقاربة شفافة للبندين المطروحين أمام مجلس الوزراء الاثنين، وتساءلت: لماذا علينا أن نوقف قائد الجيش عن أداء مهامه قبل انتهاء مُـدّة خدمته؟
وبدوره تساءل وزير البيئة محمد المشنوق: كيف يوفق الذين يدعون إلى بقاء الحكومة ويتشبثون بها وبين إثارة ملف خلافي بحجم ربط تعيين قائد الجيش بمدير قوى الأمن الداخلي، من دون إعطاء تبرير منطقي أو سياسي أو عملي سوى انتزاع موافقة على تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش؟
يُشار إلى ان الوزير دو فريج دعا زملاءه الوزراء خلال مناقشة ملف عرسال في جلسة أمس الأول إلى مشاهدة مقابلة يبثها تلفزيون لبنان مساء الأحد المقبل لكل من الرئيس الراحل رشيد كرامي وريمون إده وكمال جنبلاط كي يتذكروا كيف كان رجال الدولة في لبنان يتصرفون إبان الأزمات، ولم يتفوه أي من الوزراء بكلمة.
وفي اتصال مع وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم الموجود خارج لبنان سأل: هل يجوز أن يمر منصب قائد الدرك وهو الذي يعود إلى مرشّح مسيحي مرور الكرام، فلا يسأل أحد عن الموضوع ولا يتحدث بشأنه؟
على أن المعلومات المتصلة بهذا الموضوع تُشير إلى أسماء كثيرة مطروحة لتولي هذا المنصب، لكن يبقى قائد منطقة جبل لبنان العميد جهاد حويك وأمين سر مجلس الأمن المركزي العميد الياس خوري الإسمان الأكثر حضوراً والأبرز دعماً من قبل التيار العوني وحزب الكتائب، إلى جانب إسم العميد فادي الهاشم والعميدين جوزف الحلو أو جوزف عقيقي اللذين يعتبران وسطيين والأكثر حظوظاً في حال تمت تسوية وتنازل كل فريق عن مرشحه.
ويشير مصدر وزاري إلى أن معظم القوى السياسية باستثناء العماد عون تميل إلى التمديد في كل المواقع العسكرية والأمنية، خصوصاً وأن فتح باب التعيين في أي موقع سيؤدي إلى تعقيد قضية التمديد لقائد الجيش في أيلول، معتبرة أن موضوع التمديد هو السيناريو الأقرب والأنسب في ظل الظروف الأمنية والسياسية التي يمر بها لبنان.