IMLebanon

سباق بين التسوية والعرقلة .. وعون بوجه فرنجية في 16 ك1؟

هولاند يتّصل بفرنجية داعماً .. والكتائب تطالبه بالإلتقاء في «منتصف الطريق»

بعد مضي نحو من ثلاثة أسابيع على لقاء باريس الرئاسي بين الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية، تسارعت التطورات في ما يشبه السباق بين وضع التفاهم على انتخاب النائب فرنجية رئيساً للجمهورية ضمن سلّة تسوية متكاملة، بخلفية إطار سياسي واسع محلي واقليمي وعربي، يشمل الموقف من الحرب السورية وعلاقة الأطراف بالرئيس السوري بشار الأسد، فضلاً عن موقع لبنان الإقليمي والدولي، بما في ذلك تدخل «حزب الله» في الحرب السورية، والاطاحة بهذا التفاهم «بشعارات مسيحية» قديمة – جديدة، اضاعت أكثر من محطة، بدءاً من العام 1988 عندما أسقطت ما عرف وقتها بتفاهم الاسد – مورفي، وصولاً إلى محطات أخرى قد تكون محطة تشرين ثاني 2015 واحدة منها؟

المعلومات تُشير إلى ان الموقف يقترب من اشتباك داخل فريقي 8 و14 آذار، الأمر الذي هزّ الوحدة العضوية لهذين الفريقين، وانتج مقاربة سياسية جديدة ما تزال الأطراف اللبنانية متباينة في المواقف تجاهها، وإن كانت الوجهة الدولية والإقليمية باتت حاسمة لإنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل نهاية هذا العام، والا فلا بدّ من البحث عن فرصة أخرى لا احد بإمكانه ان يتوقع مداها الزمني والذيول المترتبة عليها.

وعلى مسافة أيام قليلة من موعد الجلسة 33 المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية بدا المشهد ضاغطاً بقوة على كل من رئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب ميشال عون الذي ما يزال يردد في مجالسه ان حزب الله لم يسقط تبنيه كمرشح للرئاسة، وهو لم يكاشفه أحد رسمياً بترشيح النائب فرنجية، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي كان ما يزال يعتبر نفسه مرشحاً للجمهورية على 14 آذار.

وفي التطورات السياسية التي من شأنها ان تدفع المشهد الرئاسي نحو صورة أكثر وضوحاً في بحر الأسبوع المقبل، شكل الاتصال الهاتفي الذي اجراه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع مرشّح التسوية السياسية النائب فرنجية والذي دام 15 دقيقة، تأكيداً اوروبياً وغربياً على متابعة فرنسا تفاصيل الملف الرئاسي لايصاله إلى النهايات المرسومة له.

ويأتي هذا التطور، في وقت عاد فيه الرئيس سعد الحريري إلى الرياض على ان يكون على جدول أعماله في اليومين المقبلين لقاءات مع عدد من وزراء ونواب «المستقبل» من بينهم وزير العدل اشرف ريفي والنائب أحمد فتفت اللذين سيتوجهان غداً إلى الرياض، في حين نفى مصدر نيابي «مستقبلي» ان يكون الرئيس فؤاد السنيورة من ضمن الشخصيات التي ستزور الرياض.

وفي تقدير هذا المصدر ان جهوداً هائلة تبذل على الصعيدين الداخلي والخارجي لتذليل العقبات من أجل إنجاز التسوية الرئاسية، لافتاً إلى ان جانباً من هذه الجهود يقودها الرئيس الحريري شخصياً، إلى جانب نقاش مسيحي – مسيحي تقود بكركي بهدف استكمال المظهر الوطني لصورة التسوية.

حراك بكركي

وفي المقلب المسيحي، تحوّلت بكركي مع عودة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى خلية اجتماعات، بدءاً من اجتماع مجلس المطارنة الموارنة الشهري، الذي اعتبر ان «ثمة فرصة جدية لملء الشغور الرئاسي بعد مضي 18 شهراً»، داعياً إلى «تشاور وتعاون لإخراج البلاد من أزمة الفراغ، وليأتي انتخاب الرئيس عن تبصر عميق في أهمية هذا الموقع ودوره الاساسي».

وهذا الموقف الذي يعكس رغبة البطريرك الماروني في توفير مظلة للمرشح فرنجية صيغ بلغة فيها بعض الالتباس لجهة ما إذا كان اشترط قبول الأقطاب المسيحيين الثلاثة الباقين: الكتائب و«القوات» والتيار العوني دعم هذا الترشيح.

ولم يتأخر رئيسا الكتائب النائب سامي الجميل و«الوطني الحر» الوزير جبران باسيل في المجيء مساءً إلى الصرح، حيث التقى الاثنان مع البطريرك الراعي بعد ان كان وصل أولاً النائب الجميل بتوقيت مُنسّق بين الطرفين اللذين التقيا على موقف تقاطع عند البرنامج، وإن تمايزا في صراحة الموقف، إذ أعلن رئيس الكتائب «ان المرشح الذي يريد ان يحصل على تأييد الكتائب عليه ان يلاقينا في منتصف الطريق وأن يكون برنامجه متوافقاً مع مبادئنا لتستوعب الكتائب هذا الخطاب وتدعمه»، في حين ذهب الوزير باسيل إلى إطلاق موقف عمومي بمفردات يغلب عليها التعابير الفكرية، لكنها  تعكس قلقاً، مشيراً إلى ما وصفه «حرية المسيحيين في الشرق لنختار بحرية رئيسنا ونختار بحرية قانون انتخاب الذي على أساسه سنختار ممثلينا ونتمثل من خلالهم«، معتبراً أن تياره هو في مرحلة «تبصّر عميق» وفي  مرحلة يختلط فيها «الوهم بالشك»،

أما في المعلومات، فإن التيار العوني الذي يلعب في الظل دور  المستقطب لموقف «القوات» ليشكلا معاً «الحاجز المسيحي» لمنع وصول فرنجية، في محاولة لضمّ حزب الكتائب إليهما.

عون ضد فرنجية

وأشارت مصادر المعلومات إلى أن التيار العوني الذي ما يزال مراهناً على دعم حزب الله لرئيسه لا يستعجل إطلاق المواقف القاطعة، لكنه يتجه للطلب من جعجع الذي من الممكن أن يلتقي الأسبوع المقبل البطريرك الراعي، في ظل عدم وضوح إمكان زيارته للمملكة العربية السعودية بعد أن تراجع هذا الاحتمال، دعم ترشيح عون، فيكون رئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» في مواجهة رئيس تيّار «المردة» الأمر الذي يعقد الموقف الانتخابي، ويجعل إمكان توفير النصاب في جلسة 16 كانون مسألة مشكوك فيها إذا ما أصرّ حزب الله على عدم فك ارتباطه بالمرشح العوني، لا سيما بعد إعلان أمينه العام السيّد حسن نصر الله أكثر من مرّة أن مسألة دعم عون للرئاسة هي مسألة أخلاقية قبل أي اعتبار آخر.

وفي ضوء مثل هذه  الخيارات إنشغلت المطابخ النيابية ومطابخ «البوانتاج» في متابعة فرضية ترشيح عون في وجه فرنجية، والاحتمالات الممكنة لفوز أي منهما، حيث تبيّن أن حظوظ فرنجية متقدّمة بالفوز بالاقتراح بنسبة لا تقل عن النصف زائداً واحداً أياً تكن معطيات التصويت، حتى لو امتنع حزب الله عن التصويت لمصلحة تيّار «المردة».

لكن المعلومات لم تجزم بعد مسألتين:

الأولى تتعلق بالدعوة  إلى جلسة انتخاب تعارضها قوى مسيحية معروفة، وبتضامن بين الحزب وعون.

والثانية، تتعلق بتأمين النصاب الذي يواجه صعوبات إذا تشكّل حلف ثلاثي مسيحي في وجه خيار فرنجية.

غير أن مصادر أخرى تتحدث عن أن وراء الموقف الكتائبي مسألة لها علاقة بدور الكتائب في صيغة التسوية المقبلة، سواء في ما يتعلق بعدد الوزراء أو المدراء العامين، أو خط الاتصالات مع الرئيس العتيد، في حين أن حسابات التيار العوني مختلفة تماماً، فهي تتعلق بمستقبل التيار سياسياً في ظل ابتعاد ركن ماروني أساسي عن التحالف معه، بصرف النظر عن مسار التسوية الرئاسية الجارية.

وفي المعلومات أن لحزب الكتائب شرطين ينتظر سماعهما مباشرة من المرشح فرنجية، أولهما يتعلق بتحييد لبنان، والثاني جعل قرار السلم والحرب بيد الدولة اللبنانية، أما الباقي فهي تفاصيل إجرائية وهي قابلة للأخذ والردّ.

وأوضح نائب رئيس الكتائب الوزير السابق سليم الصايغ لـ«اللواء» وهو كان مهّد للقاء بزيارة صباحية لبكركي قبل اجتماع مجلس المطارنة، أن زيارة الجميّل هدفت إلى توحيد الموقف والإبقاء على التناغم في ما خصّ موضوعي رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب، لافتاً إلى أن الحزب يقوم بجولة على جميع القيادات للتشاور في هذين الموضوعين.

وأشار إلى ضرورة عدم حصول تشنّج في ما يجري وأنه إذا كان لا بدّ للمضي بترشيح فرنجية فلا بدّ من معرفة على أي أساس وكذلك في حال العكس.

إزاء هذه الصورة، بات من المتعذّر عقد لقاء رباعي في بكركي، أقلّه في الوقت الراهن، لتوفير غطاء مسيحي لفرنجية، فغداً يغادر الراعي إلى طرطوس لترؤس سيامة مطران حلب الجديد جوزف طوبجي، ثم يعود إلى بكركي الثلاثاء، على أن يغادر الجمعة إلى  القاهرة.

المشنوق

في هذا الوقت، أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن «عملية تحرير العسكريين اللبنانيين لم تكن بسيطة مع تداخل الشق العسكري والسياسي والأمني فيها»، لافتا إلى أن الخريطة السياسية لهذه العملية كانت واسعة جدا، وأن العملية ما كانت لتتم لولا عمل خلية الأزمة والرئيس تمام سلام ومتابعة الرئيس نبيه بري وجهد السيد حسن نصر الله وصبر اللواء عباس ابراهيم ودعم الرئيس سعد الحريري». كما جدد شكر دولة قطر وأميرها على جهده وحماسته.

وأكد المشنوق خلال زيارته المديرية العامة للأمن العام لتهنئتها، قيادة وضباطا وأفرادا، بإنجازها عملية تحرير العسكريين اللبنانيين، أن «منطقة عرسال محتلة، ومن السهل علينا الدخول في عملية عسكرية فيها، لكن هذا يعني الانخراط في الحرب السورية، وهمنا الأساسي الابتعاد عن الحريق السوري».

وأشار إلى أن «الدولة لن توفر أي جهد للإفراج عن العسكريين التسعة المخطوفين لدى داعش».

وشدد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية «لحفظ الاستقرار في لبنان ولأن هذا النظام ثبت أنه لا يعمل من دون رئيس»، وقال إن «الملف الرئاسي يحتاج إلى أكبر قدر ممكن من التفاهم والإجماع الوطني».

وإذ سئل عن رأي «حزب الله» في ترشيح النائب فرنجية، أجاب: «يسأل حزب الله، لكن من الواضح أنه في قوى 8 آذار عموما هناك قبول بهذا الموضوع».