سباق فرنسي – قطري على الحوار.. ودار الفتوى للإسراع بالانتخاب بعد التمديد للمفتي
هل طرأت تعديلات على البرنامج الدولي- العربي- المحلي الخاص «بالمنصة الرئاسية»، والجهد الذي وضع على الطاولة لإنجاز ما، يتصل بملء الشغور في الرئاسة الاولى، في ضوء متغيرات عدة، ابرزها تأخير مجيء لودريان الى بيروت غداً.
من حيث المبدأ، شكل عدم انعقاد القمة بين الرئيس ايمانويل ماكرون وولي عهد المملكة العربية السعودية الامير محمد بن سلمان نقطة تحتاج الى جلاء، ما دام الأخير هو الذي ألغى مواعيده في الهند، على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي. فهل اكتفى بما توصل اليه فريق العمل الفرنسي- السعودي ضمن «المجموعة الخماسية» أم طرأ تطور اقتضى غياب الهم اللبناني عن هموم القمة من المناخ الى الطاقة والاقتصاد.
وبانتظار مجيء لورديان، يزور السفير الفرنسي الجديد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في اطار لقاءاته التعارفية.
والمشهد قبل وصول الموفد الفرنسي آخذ بالتبدُّل، فالرئيس ماكرون وعلى الرغم من عدم اجتماعه بولي العهد السعودي، فإنّه مصرٌّ على تحقيق خرق ما في الوضع اللبناني، لمصلحة تكريس النفوذ، بعد الضربات التي تعرض لها في افريقيا.
وقالت مصادر قريبة من الاليزيه أن خلية العمل الفرنسية – السعودية التي تضم الوسيط لودريان والمستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل ونزار العلولا المستشار في الديوان الملكي السعودي وسفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري، تناولت كيفية توفير الدعم السعودي للتوجه الفرنسي، بعد تنظيم الحوار الذي سيدعو اليه لودريان، بعد جلسات ثنائية مع ممثلي الكتل والنواب التغييريين والمستقلين.
إذاً، لبنان ما يزال ينتظر ما سيحمله الموفدون العرب والفرنسي من مقترحات اومبادرة جديدة حول الحل لإنهاء الشغور الرئاسي برغم بعض الاجواء السلبية او الضبابية حول طروحات الحوار والتوافق خلافاً لجو الاغلبية الساحقة الراغبة بالحوار والتفاهم، بينما نفى رئيس المجلس النيابي نبيه برّي لـ«اللواء» ما تردد عن «تجميد» مبادرته بالحوار سبعة ايام تتخلله او تليه جلسات مفتوحة لإنتخاب رئيس للجمهورية.
وقال الرئيس برّي: انا لم اجمّد مبادرتي، بالعكس، هي قائمة ومستمرة وتتكامل مع المبادرة الفرنسية، والمبادرتان تكمّلان بعضهما وجوهرهما واحد وهو الحوار والتوافق لإنتخاب رئيس الجمهورية.
واضاف الرئيس برّي لـ«اللواء»: انا انتظر زيارة الموفد الفرنسي جان- ايف لودريان، واتوقع ان يتم دمج مبادرتي مع مبادرة لودريان للوصول الى النتيجة الايجاية المتوخاة عبر الحوار والتوافق.
وتوازياً تنطلق حركة قطرية استكشافية في اتجاه ايران بهدف تسهيل المهمة، وسط توقعات بعقد اجتماع فرنسي اميركي في الرياض واخر في الفاتيكان في 20 الجاري وسلسلة اجتماعات على هامش الجمعية العمومية للامم المتحدة بين عدد من المسؤولين المعنيين بملف لبنان من دون استبعاد انعقاد اللجنة الخماسية مجددا. وبناء على الحركة هذه، تقول المصادر انه قد يتم تشكيل لجنة تضم الى لودريان مسؤولين اميركي وسعودي لطرح مشروع حل من ضمن سلة كاملة، اذا لم يطرأ ما يغير في المعادلة الراهنة.
وحسب معلومات متداولة، فإن قطر التي تميل لترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون، تدرس توجيه دعوات لعدد من الشخصيات اللبنانية الى قطر للتباحث في الاستفادة من الفرصة المتوافرة لانتخاب الرئيس.
ورأت أوساط مراقبة لـ«اللواء» أنه لا يمكن وضع أي توصيف أو حتى شرح ما يحصل للحراك الرئاسي الراهن قبل تبلور نتائج زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان- ايف لودريان إلى بيروت ولقاءاته مع عدد من الأفرقاء.
وأوضحت هذه الأوساط أن ما من مؤشرات واضحة حول ما يمكن للمسؤول الفرنسي أن يطرحه بعدما عقد لقاءات حط فيها الملف الرئاسي مشيرة إلى أنه في كل الأحوال فإن الملف يشهد تحريكا حتى وإن لم يحدث الخرق المطلوب لكن لودريان سيعمل على مناقشة هواجس الأفرقاء ويستخلص النتيجة قبل تزخيم مسعاه والدخول في عملية أخذ ورد معهم لاسيما أنه يريد نيل أجوبة عن بعض الأفكار التي طرحها.
وفي السياق، تسربت معلومات، لجهة ارتفاع حظوظ العماد عون، في حال عدم انعقاد الحوار الذي دعا اليه الرئيس بري، او تعثر الاتفاق حول اللامركزية الادارية والصندوق الائتماني بين التيار الوطني وحزب الله.
مصادر في الثنائي الشيعي كشفت عن وجود حراك خارجي فوق العادة للتسريع بانتخاب رئيس للجمهورية، ولكن دون وجود اي معطيات او تطورات تدفع للقول ان الرئيس في ايلول مثلا ..المسالة معقدة اكثر من ذلك وعلينا انتظار حوار بري وامكانية التوافق حوله واتمام الجلسات المتتالية دون انسحاب الاطراف المعنية منها، وفي هذا اشارة واضحة الى عدم توصل التيار الحر وحزب الله الى توافقات تسمح بالقول ان التيار سيؤمن النصاب لاتمام الجلسات المفتوحة لانتخاب الرئيس.
وحول اللقاء الذي جمع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والعماد عون… وضعت مصادر مطلعة وقيادية في الثنائي اللقاء في اطار التواصل الدوري بين الحزب والقائد دون ان تنفي تناول الطرفين الملف الرئاسي …ولكن هل يعني هذا اللقاء مع الكلام المسرب تمهيد الحزب الطريق لوصول القائد الى بعبدا دون تنازله عن تاييد فرنجية؟
اجابت المصادر حرفيا: «حزب الله ما زال يتمسك حتى اللحظة بخيار فرنجية، وطالما انه لا يبحث عن خيارات رئاسية اخرى، فلا يمكن اعطاء الزيارة اكبر من حجمها ولا يمكن وضعها خارج اطار التواصل والتنسيق الامني والسياسي بين الحزب وقيادة الجيش»..
العمل الحكومي
حكومياً، من المقرر أن تعقد سلسلة اجتماعات لمجلس الوزراء طوال الاسبوع لاستكمال البحث في مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2024، والجلسة المقررة اليوم الاثنين للموازنة سوف تعقد عند الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر، كما ان تتطرق الى كيفية مقاربة مسألة فرض الضرائب بالدولار الاميركي.
أما عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم، فسوف تعقد جلسة خاصة للحكومة للبحث في ملف النازحين السوريين، يشارك فيها قائد الجيش العمادجوزيف عون وقادة الاجهزة الامنية. وسيخضع الملف للبحث المفصل من كل جوانبه، كما من المتوقع أن تخرج الجلسة بقرارات تنفيذية.
وسيتم التطرق الى الارقام التي تعدّ بالآلاف ومن المتوقع ان يشارك فيها وزير الشؤون الاجتماعية (المقاطع اصلاً للجلسات) كونها تبحث ملفاً يعتقد انه من مسؤوليته.
جنبلاط يثمِّن
مناورة بري
سياسياً، ولدى دعوة الرئيس بري للحوار، تمنى النائب السابق وليد جنبلاط في حديث لجريدة «الأنباء» الالكترونية أن «تنجح المبادرة في إخراج لبنان من المأزق»، مستطرداً: لست أدري.
وقال البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، خلال قداس احتفالي في كنسية سيدة ايليج وقال: ان الشهداء استشهدوا لنشهد التعددية التي يمتاز بها لبنان. هذه التعددية في الوحدة المنظمة في الدستور تجعل من لبنان واحة تلاق وحوار. وان العيش معا المرتكز على الوفاق الوطني والموجود في الدستور يعطي شرعية لأي سلطة في الدولة.
وأعرب عن «أسفه للمعارك في مخيم عين الحلوة التي تنشر الخطر في صفوف الآمنين»، وقال: هذه الأحداث المرة تصيب في الصميم القضية الفلسطينية، ولا يمكن أن يكون لبنان حياديا حيال إسرائيل وحيال الإجماع العربي، والحياد يقتضي تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية وأن يضبط لبنان سيادته الخارجية على حدوده وسيادته الداخلية بجيش واحد وسلطة واحدة، والدفاع عن نفسه بالقوى الذاتية المنظمة.
كما دعا إلى «وجوب انتخاب رئيس للجمهورية، وتطبيق اتفاق الطائف لوضع حد للفوضى في السلطة الدستورية والتعيينات الإدارية والأمنية والتفسير العشوائي للدستور، فلا يختبئ مخالفو الدستور وراء الميثاقية» .
ولاحقاً، توجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إلى البطريرك الراعي بالقول: من يطمر رأسه بالرمال تنهشه الوحوش، ولبنان جزء من إقليم تستعر فيه الخرائط الأميركية الصهيونية، ما يفترض تأمين قوة وطنيّة سيادية بحجم معادلة الجيش والشعب والمقاومة، كأساس ضامن للكيان اللبناني، وإلا طار لبنان، كما طار زمن الإجتياح الإسرائيلي، الذي واكبته واشنطن بأكبر دعم لتل أبيب وأتبعت عليه بمتعدّدة الجنسيات لتأكيد الإحتلال الصهيوني النهائي لهذا البلد.
وتابع: واليوم كالأمس، والخرائط لم تتغيّر، والعدو متوثّب، والعالم أشدّ انقساماً، والضعف هزيمة، والمشاريع الإنتقامية بذروتها، والمجتمع الدولي أحلاف، والحياد استسلام، والمصلحة السيادية الوجودية للبنان بلا جيش وشعب ومقاومة مجرد سراب، كما أن السيادة والحدود والوجود الكياني للبنان بلا مقاومة يعني ابتلاع اسرائيل والتّكفير للبنان.
تمديد ولاية المفتي
في تطور آخر وكما توقع الكثيرون، قرر المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في جلسته العادية برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان يوم السبت ، تمديد ولاية المفتي حتى بلوع الـ 76 سنة، والتمديد لمفتيي المناطق حتى سن 72 سنة، وذلك برغم اعلان المفتي في بيان صباحا وقبل جلسة المجلس رفضه تمديد الولاية.
وتلقى المفتي دريان اتصالات تهنئة بتمديد ولايته، وفي مقدمة المهنئين: رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الرؤساء سعد الحريري، تمام سلام وحسان دياب، وزراء ونواب حاليون وسابقون، رؤساء الطوائف والمراجع الإسلامية والمسيحية والعديد من الشخصيات.
وشكر المفتي دريان أعضاء المجلس الشرعي على قرارهم بتعديل مدة ولاية مفتي الجمهورية ومفتيي المناطق، واكد أن «دار الفتوى، بأجهزتها الدينية والوقفية والخيرية والاجتماعية والطبية والرعائية والإغاثية، تعمل على تعزيز وتطوير وتحديث عملها خصوصا في الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان».
وقال: دور دار الفتوى الإسلامي والوطني والعربي هو أساسي في لبنان الذي يعاني من أزمات تلو الأزمات، والاعتدال والوسطية هما قوة لمجابهة كل التحديات التي تعترضنا في الوطن، بحيث ان الأوطان لا تشاد إلا على أسس من الحق، ولا ترتفع وتدوم إلا بدعائم من الأخلاق السامية، ونعول على حكمة وتبصر السادة العلماء الكثير في توعية الناس بدينهم والتزامهم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
وختم داعياً «للتمسك باتفاق الطائف والعيش المشترك الإسلامي المسيحي وبالوحدة الوطنية، والتزام نهج السلم والسلامة الكفيل بحماية الإنسان والأديان والأوطان».
المخيم: فرصة التهدئة أو الانفجار الكبير
في هذا الوقت، بقيت الاشتباكات تقضُّ مضجع الفلسطينيين واللبنانيين، لا سيما الآتين من الجنوب الى بيروت، بعد استهداف الطرق العامة التي تربط الغازية بصيدا واصابة مواطنين ابرياء، مع اقفال الممر الشرقي (الاوتستراد الشرقي) وحصر السير ذهاباً وإيابا بالطريق البحرية، ووسط المدينة.
وبعد تجدّد الاشتباكات، طرأ تطور خطير على الموقف، اذ اعلنت قيادة الجيش ان 3 قذائف سقطت على مركزين عائدين لوحدات الجيش اللبناني المنتشرة في محيط المخيم، ادت الى اصابات 5 عسكريين، اصابة احدهم حرجة، حسب بيان القيادة.
وجددت القيادة تحذير الاطراف المعنية داخل المخيم عن التعرض للمراكز العسكرية، مشيرة الى ان القيادة ستتخذ الاجراءات المناسبة.
والبارز في الموقف الرسمي مبادرة مدير عام الامن العام بالوكالة العميد الياس بيسري الى دعوة الفصائل الفلسطينية كافة الى الاجتماع في مكتبه اليوم عند الساعة 2 من بعد ظهر اليوم للبحث في انهاء القتال في المخيم، ووضع آلية لوقف النار وتثبيته.
ونقل عن البيسري قوله: لا يمكن للدولة اللبنانية ان تبقى مكتوفة الايدي امام هذا الوضع الصعب، مشيرا الى انه سيضع ممثلي الفصائل امام مسؤولياتهم، تحت طالة فتح ملف السلاح الفلسطيني في المخيمات.
وبعد فكفكة الخيم لإيواء الهاربين من نار المخيم على الطريق البحرية، والطلب من الاونروا ابقاء هؤلاء في مدارسها، بدت الاشتباكات تشكل ضغطا على الحياة في مدينة صيدا، فتقفل الادارات اليوم، وتتوقف مؤسسة مياه لبنان الجنوبي عن العمل، وكذلك مصلحتي التوزيع والانتاج والمدارس والجامعات، كما تتأثر سلباً الحركة في الجنوب وبيروت، بعد قطع الاوتوستراد الشرقي لجهة المجيء الى العاصمة من اقضية الجنوب.