Site icon IMLebanon

إيران تضيق ذرعاً بالسنيورة وشهادة السبع تكشف المستور الآتي!

إيران تضيق ذرعاً بالسنيورة وشهادة السبع تكشف المستور الآتي!

ما وراء الحوار المتصادم: «تدجين» سعد الحريري!

الحوار في مفهوم حزب الله خفض مستوى الاعتراض السياسي حيال الملفات الخلافية

بقلم رلى موفق

ثمة قراءات عدّة  للهجمة الشرسة والمبرمجة التي استهدفت الرئيس فواد السنيورة، على خلفية إعلانه للوثيقة السياسية الصادرة عن مؤتمر قوى الرابع عشر في البيال، لكنها تصل في المحصلة  إلى استنتاج سياسي واحد: إعادة استنساخ مرحلة الوصاية السورية: الترهيب والترغيب. فرغم الهيمنة السورية على لبنان، والتي كانت تتحكّم بكل مفاصل الدولة ومؤسساتها، كان النظام السوري يحاذر صدور أي انتقاد علني له، ولو خجولاً. وكان حلفاؤه يتولون شن الهجمات الإعلامية والتخوينية على مَن يتجرّأ على تناول السياسة السورية أو ممارساتها في لبنان.

في رأي سياسيين خبروا طويلا الحقبة السورية في لبنان، فإن أحد الأسباب الرئيسية للهجمة على السنيورة ازدياد وتيرة الخطاب السياسي المناوئ لطهران في لبنان، ورفض هيمنتها عبر ذراعها العسكري والأمني في لبنان المتمثل بـ «حزب الله» على البلاد بديلاً للوصاية السورية، ومشروعها التوسعي في المنطقة. فهذا الخطاب المتنامي لبنانياً يُزعج إيران وحلفاءها لإدراكهما بتأثير صداه وتردداته، سواء على المستوى العربي أو الغربي. على أن ما سمعه هؤلاء أعاد إلى الأذهان صور الترهيب التي مورست حيال الكثير من الشخصيات السياسية، والتي استهدفت في العصر السوري الرئيس رفيق الحريري.

ولعل من غرائب الصدف أن تأتي الحملة على السنيورة، واعتبار بعض قوى الثامن من آذار أنه بات مطلوباً من الرئيس سعد الحريري إقصائه، متزامنة مع شهادة النائب باسم السبع أمام المحكمة الدولية، والتي كشف فيها كيف أن النظام السوري كان يفرض على الحريري إبعاد مستشاريه ومنعه من فتح خطوط على سياسيين يصنفون في خانة المعارضين أو المعادين  لدمشق. فالحملة على السنيورة - وفق العارفين بعقلية «حزب الله» - حملت في طياتها رسالة إلى الحريري مفادها أن القبول به شريكا مستقبلياً، يؤمّن عودته إلى رئاسة الحكومة، يتطلب منه التسليم والرضوخ لجملة من الشروط تصل إلى تحديد من يجب إبعاده من أهل «البيت المستقبلي»، فإن نجحوا في إبعاد السنيورة – الرمز، عندها يكونون قد دخلوا في مرحلة «التدجين الكليّ» للحريري، وفرض الإملاءات الشبيهة بإملاءات الحقبة السورية. وسيكون أشرف ريفي  وأحمد فتفت وجمال الجراح وحتى نديم قطيش، بما يُشكّله من إزعاج إعلامي، على اللائحة المستقبلية.

وما يسهم في تعزيز تلك الرغبة الجامحة لدى «حزب الله» نحو «التدجين» هو أداء الوزير نهاد المشنوق، المفاجئ لقوى 8 آذار، وهو الذي كان يحتسب من «صقور المستقبل» وكانوا يتوقعون أن يكون في موقع المتشدد، فإذا به يبدي مرونة وتعاوناً  استوجب سيلاً من المديح له على لسان خصوم الأمس، ووصل إلى حد  قول  الحزب في مجالسه أن ما يقدّمه المشنوق لهم من خدمات أمنيه فاق بكثير ما كانوا يتنظرون منه وما قدمه أسلافه من وزراء الداخلية. إنه «المديح المسموم» الذي تصاحبه إشارات عن آفاق مفتوحة أمام الرجل تلبي طموحاته في الحياة السياسية، في محاولة للإيحاء  بأن آداء المشنوق لا ينبع من سقف رسمه الحريري وتوجهات يلتزم بها. فالحزب، حسب عارفيه، يسعى من خلال  «سياسة  إغراء» بعض رموز المستقبل، والحملة على البعض الآخر  والترويج  لوجود انقسامات ومحاور داخل التيار، إلى إضعاف الحريري وجبهته الداخلية ما يُفضي إلى إمكان تطويعه.

في مقلب «حزب الله» قراءة ترتكز على شعور الحزب بالامتعاض من حملات سياسية يشنها عليه سياسيو «المستقبل» في وقت يتحاور فيه الطرفان،  إذ آثر الحزب عدم الرد حفاظاً على استمرار الحوار، لكنه وجد نفسه محرجاً أمام جمهوره بعد خطاب الحريري في الرابع عشر من شباط ، والذي تجنب الرد عليه، فجاء بيان قوى الرابع عشر من آذار، بنبرته العالية وتلاوة السنيورة له، ليكون الفرصة المناسبة لتوجيه الرسالة غير المباشرة لزعيم «المستقبل» من أن الحوار في مفهوم الحزب يعني خفض مستوى الاعتراض السياسي حيال الملفات الخلافية، ولا سيما انخراطه في الحرب السورية ودوره الإقليمي، وإنْ كانت تلك الملفات ليست جزءاً من جدول أعمال الحوار الذي أعلن منذ البدء أن هدفه الأساسي تخفيف الاحتقان المذهبي لمنع الوضع الداخلي المتأزم من الانفجار، والعمل على إيجاد السبل الآيلة إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتصويب المسار السياسي في البلاد.

قد تحمل القراءات المختلفة بعضاً من الأسباب والأهداف، لكن اللافت هو الاقتناع الذي يسود متابعين للحوار من أن الهجوم على السنيورة  يستهدف الحوار نفسه، ذلك أن الحوار بات أمام لحظة فاصلة بين أن يستمر في جولات لا تُفضي إلى أي نتائج ملموسة وبين أن يتم الإعلان عن فشله. وفي رأي هؤلاء أن «حزب الله» وصل إلى المرحلة التي لم يعد بمقدوره أن يقدم فيها شيئاً، أو يمضي في مزيد من الالتزامات. ففي ما خص مطلب «تيار المستقبل» بأن يتم حل «سرايا المقاومة» التي تشكل أحد أسباب التشنج المذهبي وأحد وسائل اختراق الحالة السنية، كانت نصيحة الحزب للتيار أن يُشارك، عبر جمهوره، بـ «سرايا المقاومة»، في وقت أبلغ فيه الحزب أن موافقته شمول الخطة الأمنية الضاحية الجنوبية مشروطة بأن يكون دخول قوى الأمن الداخلي تحت رعاية «حزب الله» ووصايته.

إزاء هذا الواقع، تحول الحوار إلى مأزق للطرفين. لم يكن من وهم لدى  «تيار المستقبل» بأنه قادر على انتزاع الكثير من «حزب الله»، لكن هامش المناورة بدأ يضيق. وعلى الرغم من إعلان الطرفين مُضيّهما بالحوار وتعيينهما جلسة في الثاني من نيسان، إلا أن شكوكاً بدأت تدور حول قدرة هذا الحوار على الاستمرار، وبدأت التساؤلات عن  التداعيات التي يمكن أن تنشأ جرّاء فشله، الأمر الذي يدفع ببعض من هُم داخل التيار إلى الاعتقاد بأن «حزب الله» سيسعى إلى إيجاد المبررات لوقف الحوار ورمي المسؤولية على الطرف الآخر قبل أن يصل الحوار نفسه إلى لحظة التصادم داخله!