IMLebanon

إعتقالات في مخيّمات عرسال .. وسلام لتسليح الجيش ومواجهة الإرهاب

إعتقالات في مخيّمات عرسال .. وسلام لتسليح الجيش ومواجهة الإرهاب

 القمّة الروحية للإسراع بانتخاب رئيس وإدانة «الشراذم المسلّحة».. وجلسة التشريع تنتهي بالتمديد

طغت المداهمات التي نفذتها وحدات الجيش اللبناني في عدد من المناطق من البقاع الى الشمال، وعلى الاخص في بلدة عرسال، على ما عداها، في وقت كان فيه رئيس مجلس الوزراء تمام سلام يركز اتصالاته مع المسؤولين الذين التقاهم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك، على تداعيات الحرب الدائرة في سوريا، سواء عبر الضغط الناجم عن النازحين السوريين الذي لم يقتصر فقط على الاعباء المالية والخدماتية، بل تعداه الى اندساس عناصر مسلحة بين هؤلاء النازحين، بعضها مرتبط بالجماعات العنفية المتطرفة، كـ«النصرة» و«داعش»، او عبر الارتدادات الميدانية، والتي كانت معركة عرسال اوائل الشهر الماضي واحدة من تحدياتها الدموية والانسانية بعد احتجاز اكثر من 30 عسكرياً من قبل هذه الجماعات اسرى، اضافة الى الاوضاع السياسية في لبنان، في ضوء تأخير انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والاستقرار الذي يشهده لبنان، والاوضاع المالية والحاجة الى تسليح الجيش اللبناني يتمكن من مواجهة اية محاولة لتخريب هذا الاستقرار.

وكشفت مصادر الوفد اللبناني في نيويورك لـ«اللواء» ان محادثات الرئيس سلام مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تناولت المراحل التي قطعها تقويم التسليح الروسي للجيش اللبناني، في ضوء زيارة وزير الداخلية نهاد المشنوق الاخيرة، وهبة المليار دولار التي قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتسليح الجيش والقوى الامنية اللبنانية.

وقالت المصادر ان اليوم الجمعة وهو اليوم الخامس من وجود الرئيس سلام في نيويورك، سيكون حافلاً، فهو سيلقي كلمة لبنان امام الجمعية العامة، محدداً الموقف من الحرب التي بدأتها قوات التحالف الدولي – العربي ضد «داعش» والتنظيمات المتطرفة في سوريا والعراق.

ولم تستبعد المصادر ان يتناول سلام دور لبنان في مواجهة الارهاب بعد معركة عرسال واحتجاز عدد من الجنود ورجال الدرك لدى الجماعات المسلحة.

كما يترأس اجتماع المجموعة الدولية لدعم القدرات اللبنانية في ايواء وتعليم وتطبيب ما يزيد عن مليون نازح سوري على اراضيه يتزايدون يومياً بحكم التوالد، ورفض الدول الاخرى استيعاب اعداد منهم، او عودة هؤلاء الى بلادهم، بعد التسهيلات التي قدمتها الدولة اللبنانية باعفائهم من غرامات تأخير الاقامة.

ولفتت المصادر الى لقائين مهمين للرئيس سلام يسبقان عودته الى بيروت نهاية الاسبوع الاول مع الرئيس الايراني حسن روحاني، والثاني مع وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي تقود بلاده الائتلاف الدولي ضد «داعش» والنصرة، حيث سيكون موضوع المساعدات الاميركية لتسليح الجيش اللبناني في صدارة المحادثات.

ونفت المصادر ان يكون هناك ارتباط بين المحادثات الجارية في نيويورك وحملة المداهمات التي نفذها الجيش ولا سيما في عرسال، والتي ادت الى توقيف 22 شخصاً في عرسال وحدها «للاشتباه بانتمائهم الى منظمات ارهابية شاركت في القتال ضد الجيش»، و36 شخصاً لدخولهم الاراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية وعدم حيازتهم على اوراق ثبوتية وفقاً لمصدر عسكري، من مجموعة اكثر من 450 شخصاً، جرى ترك معظمهم باستثناء الـ58 الذين اكد الجيش توقيفهم.

المداهمات

 وكانت قيادة الجيش، مديرية التوجيه، كشفت في بيان اصدرته صباحاً عن قيام قوة من الجيش في عرسال بعملية تفتيش عن المشتبه بهم في احد مخيمات النازحين في البلدة.

وقال البيان ان ثلاثة مسلحين على دراجة نارية احرقوا مخيماً قريباً من المخيم الذي دهمه الجيش، الامر الذي دفع عناصره الى اطلاق النار عليهم واعتقالهم واحالتهم الى التحقيق.

وتفاعل هذا الموقف على الارض بعد تصاعد الدخان الاسود واظهار مواقع التواصل الاجتماعي ان خيماً للنازحين تندلع فيها النيران، وعلى الاثر تظاهر النازحون امام مبنى بلدية عرسال، ونقلت المواقع الالكترونية ان بعضهم حمل أعلام «داعش» وردّدوا هتافات ضد الجيش، فيما صدر عن لجان النازحين بيان دعت فيه الحكومة اللبنانية الى أن تفتح لهم باب العودة الآمن، ليرحلوا عبر سلسلة الجبال المهلكة.

وفيما اعتصمت المفوضية العامة للاجئين الصمت، اتهم الناطق بلسان الائتلاف السوري المعارض نصر الحريري حزب الله بالوقوف وراء هذه العمليات الاجرامية، مطالباً الحكومة اللبنانية بوقف التجاوزات بحق النازحين السوريين وإطلاق سراح الموقوفين وفتح تحقيق بهذه الانتهاكات.

أما جبهة «النصرة» فهدّدت مرة جديدة الشعب اللبناني بدفع الثمن نظراً لثقته بالجيش اللبناني.

ووصف مسؤول في لجان النازحين في عرسال البلدة بأنها «لم تعد آمنة بالنسبة الى اللاجئين»، في حين كذب مصدر عسكري رواية هذا المسؤول السوري المحلي بأن الجيش هو الذي أحرق الخيم، مؤكداً أن المسلحين هم وراء الحريق، مجدداً التذكير بأن الجيش ينفذ مهامه ملتزماً كافة الاجراءات القانونية والانسانية في التوقيفات التي ينفذها.

أما في الشمال، فقد داهم الجيش أماكن لمشبوهين في طرابلس وأوقف 20 شخصاً في حوزتهم أسلحة وذخائر حربية، وجرى توقيف عناصر سورية في الكورة لإقامتهم غير القانونية، وكذلك 4 سوريين في شبعا لمحاولتهم الخروج من البلدة نحو القنيطرة السورية التي تسيطر عليها «النصرة»، فيما أوقفت المديرية الاقليمية لأمن الدولة في عكار سورياً قالت أنه على اتصال ببعض المجموعات الارهابية.

واعتبرت مصادر وزارية أن اجراءات الجيش في عرسال وإلقاء القبض على مطلوبين يأتي في سياق المهام الموكولة إليه، معتبراً أن التربية التي نشأ عليها بعيدة كل البعد عن اتهامه بأي اجراءات قمعية وغير قانونية، معربة عن خشيتها من تعرض الجيش مجدداً لعمليات استهداف واستنزاف.

غير أن «هيئة العلماء المسلمين» التي زارت دار الفتوى صباحاً والتقت بمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، بعيداً عن الإعلام، فقد دعت في بيان أصدرته بعد اجتماع طارئ عقدته مساء، الى أن يكون اليوم الجمعة يوماً لعرسال بعنوان «لا لذبح عرسال» درءاً للفتنة عن البلدة التي قد تتسلل الى الوطن خلال انتهاك الحريات في البلدة.

ولاحظت الهيئة في البيان الذي تلاه رئيسها الشيخ مالك جديدة أن هناك من يعمل على تفجير الأوضاع وإشعال الفتنة والاصطياد في الماء العكر، مشيرة الى أنها تدرس إمكانية تقديم شكوى لمنظمة حقوق الانسان والمنظمات الانسانية، محذرة مما وصفته «ممارسات غير مسؤولة وغير إنسانية».

وإذ استنكرت الهيئة الاعتداء على الجيش من أي جهة أتى، لفتت الى أنه «لا يمكن أن يؤخذ البريء بجريمة المسيء ولا يمكن تبرير ردات الفعل بالعقاب الجماعي للنازحين السوريين الذين يعانون من وضع إنساني خطير»، ودعت قيادة الجيش الى «وضع حد لأي تجاوزات والعمل على معالجة الموضوع بالحكمة والسرعة حفاظاً على سمعة المؤسسات والوطن وقطعاً لدابر الفتنة».

وتزامنت زيارة الهيئة لدار الفتوى، مع زيارة قام بها قائد الجيش العماد جان قهوجي، قبيل التئام القمة الروحية، بددت جزءاً من القلق الاسلامي، خصوصاً في ضوء تأكيده حرص الجيش على أمن وسلامة عرسال وعدم محاصرتها، وتوضيح طبيعة المهمة المتمثلة بمنع المسلحين المتواجدين في الجرود من دخول المدينة والاعتداء على سكانها.

وشرح العماد قهوجي للمفتي دريان كيفية معالجة الازمة في عرسال والشمال وعمل الجيش الجدي لتأمين أمن اللبنانيين في جميع المناطق من دون تفرقة ولا تمييز.

القمة الروحية

 أما القمة الروحية الاسلامية – المسيحية التي جمعت المفتي دريان والبطريرك الماروني بشارة الرعي، ومشاركة نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان وشيخ عقل الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن وممثلين عن الطوائف المسيحية الأخرى، فقد أشاعت مناخ استرخاء في ضوء ما تضمنه بيانها من نقاط مهمة عكست الرغبة بالموقف الواحد، واحترام منطق الدولة ومؤسساتها، إذ دعا المجلس النيابي إلى المبادرة فوراً لانتخاب رئيس الجمهورية رمز وحدة الوطن، لأن التأخير يعطل دور لبنان، مطالباً القوى السياسية الى الابتعاد بلبنان عن الصراعات الخارجية التي تعرضه لخطر استباحة أرضه وتحويله إلى مسرح لصراعات أخرى، كما دعا إلى احترام ميثاق الطائف والتزام العيش المشترك والوحدة بين اللبنانيين، ورفض مبدأ الإستقواء بالخارج، والتمسك بالحوار لمعالجة الاختلاف.

وقررت القمة تشكيل وفد اسلامي – مسيحي مشترك لعرض الأخطار المترتبة على قضية انتهاك حقوق المسيحيين العرب وتهجيرهم، أمام المرجعيات الدينية والمراجع السياسية العربية، باعتبار هذه الانتهاكات تتناقض مع الإسلام ومع حقوق المواطنة، وان التصدي لها بفاعلية ضروري لصون العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين في الدول العربية وفي العالم.

وأعرب القادة الروحيون عن المهم الشديد لخطف جنود ورجال أمن لبنانيين من شراذم مسلحة وقتل بعضهم بطرق وحشية، نددوا بهذه الجرائم البشعة، مطالبين ببذل كل الجهود من قبل الحكومة اللبنانية لإطلاق المحتجزين بأسرع وقت رحمة بهم وبعائلاتهم».

ووصف الرئيس سعد الحريري بيان القمة «بالتاريخي»، معتبراً انه يشكل «وثيقة جديدة من وثائق العيش المشترك» و«إعلاناً قوياً عن تمسك الشعب اللبنني بكل أطيافه ومذاهبه بالكيان اللبناني دولة ورسالة وانتماء عربياً».

صفقة التمديد

 في خضم هذا الحراك الدبلوماسي والميداني والروحي، تتجه الأنظار الى المشاورات والاتصالات المتعلقة بعقد جلسة تشريعية تنتهي بالتمديد للمجلس النيابي.

وفي هذا الاطار، كشفت مصادر نيابية مطلعة في «التيار الوطني الحر» لـ«اللواء» ان صفقة التمديد للمجلس جعلت على الشكل الآتي: يعقد المجلس جلستين تشريعتين، الأولى الأربعاء المقبل لإقرار سلسلة الرتب والرواتب واليوروبوند علماً انه سيكون على جدول أعمال الجلسة موضوع قوننة رواتب موظفي القطاع العام، تعديل المهل في قانون الانتخاب، حتى لا يتمكن أحد من الطعن بقانون التمديد بعد صدوره واقتراح قانون التمديد.

وبعد اقرار السلسلة وصدور اليورو بوند يعلق الرئيس نبيه بري الجلسة من دون ان يقفل المحضر وتبقى مفتوحة، على ان تعقد جلسة ثانية بعد اسبوع فيقر تعديل المهل والتمديد للمجلس والمشاريع الاخرى المطروحة.

وقالت المصادر ان النصاب لمثل هذه الجلسة بدا مكتملاً من نواب 14 آذار وكتلة بري وكتلة حزب الله واللقاء الديمقراطي، متوقعة ان يصوت تكتل الاصلاح والتغيير مع كتلتي الكتائب و«القوات» ضد التمديد.

غير ان عضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتفت نفى وجود صفقة في موضوع تشريع الضرورة، مشيراً الى ان الكتلة وافقت على التشريع منذ مدة، في حين ان الرئيس بري كان يعتبر ان تشريع الضرورة هو هرطقة، لكنه عاد وقبل به، في حين اوضح عضو كتلة القوات اللبنانية جورج عدوان، أن عودة القوات الى القبول بالجلسة التشريعية جاء بعدما تبين أن لا أمل بانتخاب رئيس للجمهورية في المدى المنظور.

ولفت فتفت الى أنه مقتنع شخصياً بأن الرئيس بري أكثر من يريد التمديد وله مصلحة فيه، لكنه يحاول أن يجعل غيره يدفع الثمن الذي يريده هو، مكرراً ما سبق أن أعلنه من أن بري «يريد العصفور وخيطه والقفص والبرغل أيضاً».

وفيما تستمر المشاورات على أكثر من محور للتفاهم على مواضيع الجلسة التشريعية، بانتظار عودة الرئيس فؤاد السنيورة الى بيروت، ولقائه الموعود مع الرئيس بري للاتفاق نهائياً على مشروع سلسلة الرتب والرواتب، والمسائل الأخرى، أوضحت اوساط رئيس المجلس أنه لن يدعو الى جلسة عامة لإقرار السلسلة وغيرها من المواضيع قبل أن تتبلور الصورة كلياً حول هذا الأمر، كاشفة أن الاتفاق بين الكتل النيابية بهذا الشأن لم يكتمل بعد، وبالتالي فإن الكلام عن عقد جلسة قريبة للمجلس غير دقيق، وهو رهن الاتصالات والمشاورات الأسبوع المقبل.

لكن مصدراً نيابياً في كتلة «المستقبل» نفى تأخير الاتصالات الى الأسبوع المقبل، مشيراً الى التفاهم على عقد الجلسة قائم، وأن لقاء الرئيسين بري – السنيورة لن يتأخر الى الأسبوع المقبل.

تجدر الاشارة الى أن هيئة مكتب المجلس لم تجتمع أمس، وفق ما كان متوقعاً للاتفاق على المواضيع التي ستدرج ضمن جدول أعمال الجلسة التشريعية، بسبب عدم انجاز التفاهم حول السلسلة بين الكتل النيابية.

وتوقع عضو هيئة المكتب النائب انطوان زهرا لـ«اللــواء» ان يعقد الاجتماع مطلع الاسبوع المقبل، مشيراً إلى أن التفاهم المبدئي على مواضيع الجلسة قائم، لكنه لن ينجز الا بعد دعوة المكتب للاجتماع، لافتاً الي اننا لا نستطيع أن نقول فول حتى يصير في المكيول».

إلى ذلك، كشف مصدر كتائبي لـ«اللــواء» ان الرئيس أمين الجميل سيعقد ظهر اليوم مؤتمراً صحفياً يعلن فيه موقف حزب الكتائب المعروف من الجلسة التشريعية، وهذا الموقف يتلخص بأن المجلس النيابي هو اليوم هيئة انتخابية ولا يجوز له التشريع، وان الأولوية لدينا هي لانتخاب رئيس الجمهورية وليس لأي أمر آخر.

وقال ان الرئيس الجميل سيشرح هذا الموقف وأسبابه الموجبة، وسيعطي البراهين الكافية التي حدت بالحزب اتخاذ هذا الموقف.