الحريري في بعبدا اليوم: صيغتان ولا دخان أبيض
إبراهيم يعلن التنسيق مع «المفوّضية» حول دفعة عرسال.. وخلاف اليمّونة والعاقورة يهدِّد تفاهم «مار مخايل»
عشية الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها إلى بعبدا اليوم الرئيس المكلف سعد الحريري، برزت في الأفق السياسي معطيات من شأنها ان تعطي «معنى عملياً» للاجتماع بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف بعد اتصال اجراه ببعبدا رئيس الحكومة، في وقت دخل الرئيس نبيه برّي فترة صيام عن الكلام، بانتظار العودة من الخارج:
1- طرح حكومة الـ24 وزيراً في التداول، وهي فكرة كانت إحدى الصيغ المطروحة لحكومة، تخفف من عبء الاستيزار والشروط والشروط المضادة، بالإضافة إلى الحكومة الثلاثينية.
2- الليونة السياسية التي تسعى «القوات اللبنانية» لترجمتها، بعد زيارة الوزير ملحم رياشي إلى بعبدا، والاجتماع الذي استمر 45 دقيقة مع الرئيس عون، ووصفت نتائجه «بالايجابية والممتازة».. والذي استكمله ليلاً نائب رئيس الحزب جورج عدوان، والذي اعتبر ان «القوات» حريصة على نجاح العهد، ولا مشكلة إذا كانت نيابة رئيس الحكومة من حصة رئيس الجمهورية أو الحقيبة السيادية من حصة «القوات». وسط معلومات عن ان مشكلة حصة «القوات» قطعت شوطاً باتجاه الحلحة.
3- نفي مصادر قصر بعبدا ان يكون الرئيس عون أبلغ الحريري ان البديل عنه جاهز في حال تأخره في تشكيل الحكومة.
4- تأكيد مصادر مقربة من الرئيس الحريري ان «لا فيتو على أي مطلب من مطالب لحزب الله»، قبل 24 ساعة من إطلالة مرتقبة للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله عند الخامسة والنصف من عصر غد الجمعة، تتناول آخر التطورات في لبنان والمنطقة.
5- تأكيد مصادر مقربة من الوزير جبران باسيل انه ماضٍ بتمسكه بالمصالحة المسيحية، مع اشارته إلى ان التفاهم السياسي مترنح حالياً، بسبب ما يعتبره خروجاً من «القوات» على تفاهم معراب وهذا ما يجعل التيار لا يقاتل من أجل حصتها الوازنة، كما حصل في تأليف الحكومة السابقة.
مبادرتان لحفظ الاستقرار
وفي تقدير مصادر سياسية، ان تعميم اتصال الرئيس الحريري بالرئيس عون، عبر مكتبه الإعلامي، والاتفاق على لقاء يعقد بينهما اليوم، وكذلك زيارة الوزير رياشي موفداً من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى بعبدا، مؤشران على ان ثمة محاولات لإيجاد مخرج من المأزق الحكومي الراهن، بعد ان استشعر كل من الرئيس الحريري والدكتور جعجع بخطر التصعيد الذي حصل في اليومين الماضيين، سواء على التسوية الرئاسية التي انتجت العهد الحالي، أو على تفاهم معراب، وما يمكن ان ينجم عن انهيار التسوية والتفاهم من مضاعفات على الاستقرار السياسي، وتبعاً لذلك الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلاد، ولذلك سارع الرجلان إلى استدراك هذا الأمر، عبر الاتصالات ببعبدا، من اجل تبريد الأجواء السياسية، قبل أي حديث عن تشكيل الحكومة، وعلى اعتبار ان تهدئة الأجواء من شأنها ان تتيح مناخات إيجابية تؤدي حتماً إلى ولادة الحكومة في ظروف سياسية وطبيعية بعيدة عن أجواء التشنج أو التوتر.
ولفتت المصادر إلى ان الرئيس الحريري ربما سارع إلى اجراء الاتصال بالرئيس عون للدلالة على انه ليس منزعجاً من البيان الرئاسي الذي صدر عن بعبدا في خصوص الصلاحيات في تشكيل الحكومة، ومسألة العرف في منصب نيابة رئاسة الحكومة، وان الإشارات التي صدرت في بيان كتلة «المستقبل» النيابية، في شأن هذه الصلاحيات لم يكن غرضها الرد على البيان الرئاسي، أو ان البيان صدر للرد على بيان «المستقبل»، معتبرة ان كل هذه الأمور هي من بنات مخيلات سياسية، لم يكن الرئيس المكلف في اجوائها، الا ان اطرافاً سياسية دخلت بالتأكيد على الخط، من أجل تعكير المناخات بين الرئاستين، وبالتالي الاصطياد في المياه العكرة، مثل الاضاءة على مهل التأليف ووجود بديل أو طرح فكرة نزع التكليف عبر عريضة نيابية، وكلها هرطقات سياسية غير موجودة اصلاً في الدستور، وهو ما دفع مصادر بعبدا إلى نفي صحة ما تمّ تداوله، عن ان الرئيس عون سبق ان أبلغ الحريري بأن البديل عنه جاهز في حال تأخر في تشكيل الحكومة.
لا اعتذار
وحرصت مصادر «بيت الوسط» على وضع زيارة الحريري إلى بعبدا اليوم ضمن إطار التشاور بين الرئيسين المعنيين بعملية التأليف لجوجلة كل الأفكار المطروحة من أجل إيجاد الحلول المناسبة، مؤكدة ان الحكومة ستبصر النور في نهاية المطاف بالصيغة التي يراها الرئيس المكلف، والذي يعمل على بلورتها بتأن وروية وبحكمته المعروفة بعيداً عن أي تسرع، خصوصاً وان لدى الحكومة المقبلة مهمات والتزامات دولية كثيرة وكبيرة تنتظرها في الأشهر والسنوات المقبلة، حيث من المتوقع ان يستمر عمرها طويلاً إذا لم تطرأ أمور معينة تُهدّد التسوية الرئاسية.
وأكدت المصادر ان لدى الرئيس الحريري باعاً طويلاً، وهو معروف عنه عدم استسلامه للصعوبات التي تعترضه، نافية ان يكون بصدد تقديم أي اعتذار عن التشكيل، لكنها شددت على ان المطلوب من الجميع هو التواضع ووقف السجالات، ووضع مصلحة البلاد فوق أي مصلحة شخصية ضيقة، ودعت الجميع للقراءة من كتاب واحد هو الدستور، وتطبيق ما ينص عليه هذا الكتاب بخصوص الصلاحيات.
ولفتت إلى ان موقف الرئيس الحريري أصبح واضحاً فهو لا يريد إقصاء أحد من القوى السياسية الفائزة في الانتخابات النيابية عن التشكيلة الحكومية، وهو حريص على مشاركة جميع هذه المكونات في الحكومة المقبلة.
ورأت المصادر ان الأولوية في المرحلة الراهنة هي السعي لبذل كل الجهود من أجل إيجاد الحلول للعقد التي أصبحت معروفة والتوصل إلى تفاهم سياسي من أجل ولادة الحكومة وبدء مرحلة من العمل الجدي والاستثنائي.
لا صيغة جديدة
اما أوساط قصر بعبدا، فنفت ان يكون الاتصال الذي اجراه الرئيس الحريري قد تناول أي تُصوّر جديد للحكومة، مثل الصيغة التي طرحها تلفزيون «الجديد» لحكومة من 24 وزيراً بدلاً من الحكومة الثلاثينية، بحيث تعطى «القوات» 3 وزراء في مقابل 5 حقائب «للتيار الوطني الحر» و3 لرئيس الجمهورية، وأعطت الدروز مقعدين لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مع استبعاد توزير النائب طلال أرسلان، وأعطت المعارضة السنية مقعداً من حصة رئيس الجمهورية، وأكدت ان هذه الصيغة غير صحيحة، لأن الرئيس الحريري يفضل صيغة الـ30 وزيراً، ومعه الرئيس عون، لقدرة هذه الصيغة على تلبية حاجات التمثيل الأوسع والحفاظ على صيغة الحكومة السابقة.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان انعقاد اللقاء بين الرئيسين عون والحريري اليوم مؤشر واضح على ان ملف تشكيل الحكومة يسير كما يجب حتى وان لم يكن هناك أي تُصوّر جديد لتوزيع الحصص للكتل في الحكومة.
ولفتت النظر إلى انه للمرةالاولى يعمم الاتصال الهاتفي بينهما من أجل تأكيد انعقاد اللقاء أولاً، وللتأكيد ثانياً إلى انه ما من تباين بين الرئاستين الأولى والثالثة في ما خص مقاربة الملف، مشيرة الىان الرجلين يدركان تماماً ما لحظه الدستور حول دورهما في التشكيل.
الا ان المصادر نفت ان يكون لديها معلومات حول ما يمكن ان يدور من بحث في لقاء اليوم، وما اذا كانت هناك مراجعة جديدة لتوزيع الحصص أو لا، لكن المؤكد هو مواصلة المساعي لتأليف الحكومة دون التزام موعد لولادة الحكومة، وان موضوع نيابة رئاسة الحكومة غير قابل للنقاش، وسيبقى هذا المنصب من حصة رئيس الجمهورية.
رياشي في بعبدا
اما فيما خص اللقاء بين الرئيس عون والوزير رياشي، فقد أوضحت المصادر انه اتسم بالود، على الرغم مما اشيع عن استقبال عون له من خلف مكتبه من انه مؤشر سيء، لافتة إلى انه على العكس من ذلك مؤشر إلى ان الحوار كان وجهاً لوجه، وهو ما أراده الرياشي لدى دخوله إلى مكتب الرئيس.
وفي تقدير المصادر ان انعقاد اللقاء بحد ذاته يعني ان للبحث تتمة، وان النقاش كان موسعاً حول العلاقة بين العهد و«القوات»، والتأكيد على ان حزب «القوات» لطالما كان إلى جانب العهد وإلى جانب دعمه.
وأوضح نائب رئيس حزب «القوات» النائب جورج عدوان، في مقابلة مع محطة M.T.V ضمن برنامج «بموضوعية»، ان جعجع أراد توجيه رسالة واضحة للرئيس عون مفادها انه «بي» العهد، وان «القوات» ليست ضده بل معه حتى النهاية والتنبه لمن يحاول «الحرتقة» في هذه العلاقة، مشدداً على ان نجاح الرئيس عون هو نجاح «القوات» نظراً لحرص «القوات» على دعم العهد، ولفت إلى ان زيارة الحريري لبعبدا ستباشر يفتح أبواب جديدة للحكومة، وستفتح مجالات أخرى للعلاقة بين عون والحريري بعد ان تدخل عدد من الأشخاص في هذه العلاقة التي هي جيدة وممتازة وستظهر الأيام المقبلة هذا الامر.
وأوضح عدوان ان القوات لا تطلب سوى تنفيذ اتفاق معراب مع التيار واعطائها حجمها الطبيعي، كاشفاً ان التفاهم كان قائماً على تشكيل كتلة واحدة داعماً للرئيس والعهد وليس ما أدت إليه الأمور اليوم، وان «القوات» اعتبرت في تفاهم معراب ان حكومة الـ30 وزيراً يأخذ الرئيس 3 حقائب والباقي يتقاسمه الفريقان، على ان يتم إعطاء الحلفاء الحقائب من حصتهما، وتم الاتفاق على ان يدوم هذا التفاهم طيلة عهد الرئيس عون أي 6 سنوات، وهذا التفاهم مكتوب ولكننا لن نبرزه في القريب المنظور.
وقال ان من يسأل عن عدم تطبيق التفاهم يجب الا يسأل «القوات» بل عليه ان يسأل الطرف الذي لا يريد تطبيقه، أي الوزير جبران باسيل.
اضاف: إذا أراد الرئيس عون نيابة رئاسة الحكومة واي شيء يُعزّز صلاحياته فنحن معه، ولكنه هو الذي بادر في الأساس لإعطاء «القوات» نيابة رئيس الحكومة، لأن البعض كان معترضا على حصول القوات على حقيبة سيادية، الأمر الذي لم يعد قائما الآن بعد ان تبلغنا من الرئيس برّي ومن حزب الله عدم معارضتهم تسلم القوات حقيبة سيادية، والأمر نفسه تبلغه الحريري.
عودة النازحين ومرسوم التجنيس
إلى ذلك، أعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ان دفعة من نحو 400 نازح سوري ستغادر عرسا صباح اليوم عائدة إلى سوريا، بعد ان تمت الموافقة على اسمائهم من قبل السلطات السورية، علما ان هذه الدفعة هي الأولى من ضمن لائحة تضم 3000 اسم، مؤكدا على التنسيق مع مفوضية اللاجئين، وقد وجهنا لهم رسالة ليتحملوا المسؤولية.
وفيما خص مرسوم التجنيس، أكّد إبراهيم ان عمل الأمن العام في هذا الملف أعطى نتيجة، وانه أنجز المهمة على اكمل وجه، كاشفا انه حدّد المآخذ على كل اسم كان موضع شك في التقرير الذي رفعه إلى الرئيسين عون والحريري والوزير نهاد المشنوق، لكنه رفض الكشف عن عدد هؤلاء الذين وردت اسماؤهم في المرسوم الا ان معلومات أكدت ان التقرير تضمن 85 اسماً اقترح عباس شطبهم من المرسوم بالإضافة 15 اسماً تمّ التحفظ عليهم، ملمحاً إلى انه «لم يطلب دراسة سابقة للاسماء، بل دراسة لاحقة».
اليمونة – العاقورة
على صعيد آخر، تفاعل الخلاف العقاري بين اليمونة البقاعية والعاقورة الجبيلية، بعد إطلاق نار جرى على اثره تبادل اتهامات بين رئيس بلدية العاقورة منصور وهبي ورئيس بلدية اليمونة طلال شريف.
فقد اتهم الأوّل (وهبي) الثاني (شريف) بالتحريض على إطلاق النار، في مؤتمر صحفي حضره النائبان زياد حواط وشامل روكز، وصف فيه إطلاق النار بالتعدي ليس على الأرض، وحسب، بل على الاحكام والقوانين أيضاً.
وطالب حواط بتحديد خط المساحة الصادر عام 1936، داعيا الرؤساء الثلاثة للتدخل، في رأى روكز ان الخطة الأمنية التي أطلقت في البقاع ستشمل جرود العاقورة، فيما تلقى منصور اتصال دعم كل من باسيل ومن جعجع.
بالمقابل، وفيما التزم نواب بعلبك- الهرمل الصمت، ولم يصدر أي تعليق عن النائب جميل السيّد، الذي سبق واثار الموضوع، كشفت مصادر مطلعة على الأجواء لـ«اللواء» الوضع بالحذر، وان نواب المنطقة يبدون استياء من أجواء التحريض، مطالبين العودة إلى الخطة القديمة للحفاظ على الهدوء، لئلا يؤثر ذلك على تفاهم مار مخايل بين حزب الله والوطني الحر.