فضّ اشتباك بين بعبدا والسراي.. والتأليف في إجازة!
حلحلة عقدة «القوات» تمهّد لتحديد الأحجام… و294 نازحاً عادوا إلى قرى القلمون
نتيجتان من قبيل تحصل الحاصل، خرج بها، الرئيس المكلف سعد الحريري، بعد اجتماع يعتبر الرابع مع الرئيس ميشال عون منذ صدور مرسوم التكليف: الأولى تتعلق بالصلاحيات الدستورية وحدودها، والثانية تتعلق بالصيغة الحكومية لجهة العدد الثلاثيني.
وما خلا هاتين الحصيلتين، اللتين تخفيان دخول العملية الحكومية مرحلة تحديد الاحجام، بعد فض الاشتباك السياسي بين بعبدا والسراي على خلفية تُصوّر الرئيس المكلف لخريطة الحصص الطائفية والتي تعبر عنها الكتل النيابية، والتي من شأنها ان تمهد لاجازة التأليف، مع مغادرة الرئيس الحريري في إجازة وصفت بالعائلية، نهاية الأسبوع الجاري.
وإذا كانت عقد تمثيل «القوات» دخلت مرحلة الحلحة، فإن مصدراً واسع الاطلاع قال لـ«اللواء» ليلاً ان معالجة هذه العقدة تمهد لتحديداحجام الكتل، ولمعالجة العقدة الدرزية، وما تردّد عن تمثيل سنة 8 آذار..
لا طرح جديد ولا تطوّر
وفي المعلومات، ان الحريري لم يحمل معه إلى بعبدا أي طرح جديد بالنسبة للحكومة، لأن الغرض من زيارته للرئيس عون، لم يكن اساساً لفكفكة عقد التأليف بقدر ما كان لوضع الأمور المتصلة بعملية التشكيل على سكة الحل الهادئ، وبعيداً عن أجواء التشنج التي اتسمت بها مرحلة المشاورات في الأسبوعين الماضيين اللذين اعقبا عيد الفطر، مع استمرار التمسك بالتسوية السياسية من قبل الرئيسين عون والحريري.
وإذا كان الاجتماع لم يتوصل إلى أي تطوّر على صعيد تأليف الحكومة، حيث بقيت الأمور على حالها وعلى عقدها، الا ان مصادر الطرفين حرصت على عدم تسريب أي معلومات، كي لا «تشوط» طبخة التأليف، باستثناء ما ذكر من ان الرئيسين عون والحريري اتفقا على ان يقود كل منهما اتصالات مع الأطراف التي «يمونان» عليها للوصول إلى معالجة العقد، والتي بقيت محصورة بحسب ما بدا من الأجواء، بعقدة تمثيل «القوات اللبنانية» وعقدة تمثيل الحزب التقدمي الاشتراكي، فضلاً عن سقوط طرح حكومة الـ24 وزيراً، التي لم تعد قائمة، والاستمرار في السير بحكومة الـ30، بحسب ما أكّد الحريري بعد اللقاء.
وبحسب هذه المعلومات، فإنه يفترض ان يتولى الرئيس الحريري حل العقدة الدرزية، من خلال التفاهم مع رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط على شخصية درزية ثالثة تكون مقبولة من جنبلاط ومن الرئيس عون والنائب طلال أرسلان. في حين ان مسألة تمثيل «القوات» أصبحت شبه محلولة، من خلال إسناد 4 حقائب لها من ضمنها حقيبة سيادية، فيما بات منصب نائب رئيس الحكومة، الذي كانت «القوات» تطالب به خارج إطار البحث، بعد البيان الرئاسي الواضح في هذا الشأن، بأن يكون من حصة رئيس الجمهورية.
اما ما يتعلق بتمثيل المعارضة السنية، أي السنة خارج تيّار «المستقبل» فقد كان الرئيس الحريري حاسماً تجاه هذا الأمر، عندما اعتبر ان لا وجود لشيء اسمه معارضة سنية، خصوصاً وانه لا يمكن اعتبار النواب بلال العبد الله (الحزب الاشتراكي) أو الرئيس نجيب ميقاتي أو فؤاد مخزومي أو حتى اسامة سعد من المعارضة السنية، لكنه ترك باب النقاش مفتوحاً حول القرار الذي سيتخذه، في إشارة إلى انه يمكن ان يوافق على ان يكون السني السادس من حصة رئيس الجمهورية فقط.
اللقاء الرابع
وعلى هذا الأساس، يمكن القول ان اللقاء وهو الرابع المعلن الذي يعقد بين الرئيسين منذ التكليف، نجح في إعادة الملف الحكومي إلى المسار الذي يجب وضعه فيه، بعد ان نجحا معاً في التأكيد على ان التسوية السياسية التي انتجت عهد الرئيس عون، ما زالت قائمة، خصوصاً وان الدستور واضح بالنسبة لصلاحيات كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف في تأليف الحكومة، وأن ما تردّد عن خلل في العلاقة بين الرئاستين الأولى والثالثة لم يكن صحيحاً، بل من صنع جهات ارادت التعكير على هذه العلاقة، من خلال إشاعة أجواء خلافات حول الصلاحيات والأعراف والتفاهمات، للإفادة منها للضغط على الرئيس المكلف والفريق السياسي الذي يتعاون معه وبدا واضحاً في المرحلة الأخيرة، لتقديم تنازلات في مفاوضات التأليف، ومن هنا فهم ان الرئيس الحريري طلب من الرئيس عون ان يكون التواصل مباشرة معه من دون وسيط، واللبيب من الإشارة يفهم.
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان الجلسة بين الرئيسين كانت إيجابية ومثمرة، وانها لم تقتصر على موضوع واحد، بل تناولت مواضيع عدّة، أمنية واقتصادية وزيارة المستشارة الالمانية انجيلا ميركل والخطة الاقتصادية التي تضعها شركة ماكنيزي الأميركية.
وأكدت ان الرئيسين لم يحددا موعداً لولادة الحكومة، باعتبار انها قد تحصل في أي لحظة كما كان عليه الحال في الحكومات السابقة، حيث كان الاتفاق يتم في اللحظة الأخيرة، كاشفة ان اللقاء كان للتهدئة اكثر من كونه لانضاج التشكيلة الحكومية وان الرئيس عون يعتبر ان الأمور بدأت تسلك منحى أفضل مما كانت عليه سابقاً، مشيرة إلى ان الاتصالات ستتكثف في الساعات المقبلة، حتى يتبلور تُصوّر يتجاوب مع توجهات الرئيسين حول ضرورة حلحلة الأمور العالقة.
وتحدثت المصادر عن رغبة مشتركة في إزالة كل الالتباسات التي رافقت الأسبوعين الماضيين، وبذل جهد مشترك لمعالجة أي خلل في الاتصالات، مع توجه لإنهاء ملف تشكيل الحكومة سريعاً.
الحريري
اما الحريري فقد حرص بعد اللقاء على الاحتفاظ بتفاؤله واطمئنان للوصول إلى حل، وان كل الأطراف السياسية متفقة على الإسراع في تشكيل الحكومة، لافتاً النظر إلى ان الدستور واضح بالنسبة لصلاحيات كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف في عملية التشكيل، واصفاً الرئيس عون بأنه «الحامي الأوّل للدستور»، آملاً عدم إثارة أي لغط حول هذه المسألة، لأن التفاهم بين الرئيسين قائم حول كل التفاصيل.
وأكد ان التسوية التي أجراها سابقاً مع الرئيس عون ما زالت قائمة، و«أنا ما زلت على موقفي بوجوب حماية هذه التسوية مهما كان الثمن لأنها لمصلحة البلد»، داعياً إلى عدم اللعب على وترها لأنه سيواجهنا معاً، مؤكداً «الاتفاق تام مع عون على كل الامور».
وبالنسبة للحكومة، أشار الحريري إلى ان كل فريق أيا كانت حصته من المفترض ان يتمثل في الحكومة لخدمة
الشعب اللبناني، وليس لخدمة تياره أو حزبه، وانه إذا اعتمدنا هذه المقاربة يمكن عندها الوصول إلى حيث نريد جميعاً.
وقال انه تحدث مع الرئيس عون حول بعض الأمور العالقة في مسألة تشكيل الحكومة، وانه اتفق معه على طريقة عمل ستظهر في الأيام المقبلة، لكنه رفض الكشف عن هذه الأمور العالقة «مخافة من ان يتم تضخيمها»، نافياً «ان يكون قد تمّ تحديد أي مهلة للتشكيل، وكذلك ما يتداول عن ان الحكومة ستكون من 24 وزيراً»، مؤكداً انه ما زال يعمل على تشكيل حكومة من 30 وزيراً.
وشدّد على ان كل ما يطلبه هو التهدئة لحلحلة الأمور.
العلاقة مع «القوات» و«الاشتراكي»
وفي سياق عملية التأليف، كشف عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب وائل أبوفاعور عن «علاقة باردة تشوب مع رئيس الجمهورية، عزاها إلى ما نال الحزب الاشتراكي من المحيطين بالرئيس عون في الانتخابات النيابية، وفي التشكيل الوزاري من سهام ومن تصويب ومن استهداف».
وأوضح بعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، انه «لا وجود لعقدة درزية، إذ ان نتائج الانتخابات النيابية واضحة، بل هناك افتعال لعقد للحصول على تمثيل إضافي، وربما للحصول على ثلث معطّل أو غير معطّل في الحكومة، مؤكداً ان لا شيء اسمه عهد، فهناك رئيس جمهورية وهناك حكومة، وبعد الطائف الصلاحيات موجودة لدى الحكومة التي تتمثل فيها كل القوى السياسية»، مشيراً إلى أن الرئيس الحريري يقوم بكل ما يجب ان يقوم به، لكن التهويل عليه مرّة بسحب التفويض ومرة بمهل غير دستورية هو من باب الهرطقات الدستورية.
اما بالنسبة لعلاقة الرئيس عون بـ«القوات اللبنانية»، فقد كشفت أوساط «التيار الوطني الحر» لـ«اللواء» ان إيجابية لقاء عون بموفد رئيس حزب «القوات» الوزير ملحم رياشي أمس الأوّل، تكمن فقط في جردة الحساب التي أجراها معه رئيس الجمهورية، استناداً إلى نص مكتوب حول أداء وزراء «القوات»، ما يمكن اعتباره خروجاً من القوات على اتفاق معراب، بدءاً من التعيينات الإدارية والدبلوماسية والقضائية التي أخذت بالاعتبار مطالب «القوات» في حين كان وزراؤها ومسؤولوها يقولون العكس خارج مجلس الوزراء، وصولاً إلى ملف الكهرباء، وما بينها خصوصاً الآلية التي اعتمدتها معراب لإدارة معركتها الانتخابية لجهة المسارعة إلى إعلان ترشيحات مبكرة، بدءاً من قضاء البترون (ترشح فادي سعد).
وقالت انه بالإضافة إلى جردة الحساب أيضاً، فإن الرئيس عون أكّد لموفد الدكتور سمير جعجع انه «لا مكان لأي محاولة قواتية للفصل بينه وبين «التيار الحر» ورئيسه على وجه الخصوص، وان على «القوات» الإقلاع عن هذه السياسة التفريقية».
واعتبرت المصادر ان ما فعلته «القوات» في هذا السياق مجرّد مناورة مكشوفة الأهداف وان الاستمرار فيها يعني حصراً انها تستهدف العهد مداورة، عبر التصويب المباشر على ذراعه التنفيذية أي التيار وقيادته، ما يفترض ان تعيد «القوات» حساباتها على هذا الصعيد في حال ارادت فعلاً تعويم «تفاهم معراب»، لا الاتفاق السياسي الملحق به، والذي بات لزوم ما لا يلزم بفعل خروج القوات عنه في الأشهر الـ18 في أكثر من باب ومقام، عددها تفصيلاً رئيس الجمهورية في الاجتماع مع موفد رئيس القوات.
وسط هذه الأجواء تنتظر مصادر سياسية ما سيعلنه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في اطلالته التلفزيونية، عند الخامسة والنصف من بعد ظهر اليوم، لا سيما في ما خص الشأن الحكومي.
عودة النازحين
على صعيد آخر، يبدو أن عودة النازحين السوريين في لبنان بدأت فعلا بعد نجاح عملية إعادة نحو 450 نازحا إلى قراهم في ريف سوريا الغربي، وذلك في خطوة هي الثانية من نوعها بعد العودة الطوعية التي قامت بها عائلات كانت نازحة إلى بلدة شبعا في الجنوب.
وكما كان مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم قد اعلن امس الاول عن عودة دفعة من النازحين، قامت المديرية اعتبارا مـن ساعات صباح أمس، بتأميـن «العودة الطوعيـة» لمائتين وأربعة وتسعين نازحاً سورياً، من مخيمات عرسال إلى بلداتهم في سوريا.
وانطلق النازحون بسياراتهم وآلياتهم الخاصة، من نقطة التجمع في وادي حميد -عرسال- بمواكبة دوريات من المديرية العامة للأمن العام حتى معبر الزمراني الحدودي في السلسلة الشرقية لجبال لبنان.
وتمت عودة النازحين بالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR وحضورها، بعدما تواصلت مباشرةً مع الراغبين بالعودة، وذلك ضمن اتفاق اشرف عليه ونفذه الامن العام اللبناني، الذي واكب عملية العودة مع أجهزة أمنية أخرى، وتم استقبال العائدين من قبل الدولة السورية.
وغادر العائدون الى قراهم في القلمون الغربي والقصير، مع آلياتهم وممتلكاتهم عبر وادي حميد، بعدما وافقت السلطات السورية على ـ450 اسمًا من اصل 3000 تقدموا بطلبات للعودة الى سوريا.
بدوره، وضع الصليب الأحمر اللبناني في خدمة العائدين عند نقطة التجمع في وادي حميد سيارتي إسعاف وسيارة دفع رباعي مع 14 مسعفًا وإداريًا وعيادة نقالة مع طاقم من 6 أشخاص، ومنذ بدء العملية حتى انتهائها، نقلت فرق الإسعاف إلى العيادة النقالة ما يقارب 40 حالة صحية تنوعت بين أطفال ومسنين ونساء حوامل، وقدمت لهم العناية الصحية اللازمة، وأعادتهم إلى نقطة التجمع، فيما كانت مراكز الصليب الأحمر في المناطق المجاورة على جهوزية تامة لتلبية أي طارئ.
يُذكر ان اعتصاماً سيتم اليوم الجمعة في بلدة عرسال، للمطالبة بتسهيلات اكبر من الدولتين السورية واللبنانية، لتسهيل عودة اللاجئين السوريين الى بلدهم، وللتأكيد على رفض التوطين والإصرار على حق العودة الى سوريا.