IMLebanon

المأزق: هل تؤلّف حكومة بإقصاء «القوات»؟

 

إنهيار «تفاهم معراب» بعد إفتضاح بنوده .. ومدرسة خديجة الكبرى تعاود العمل الأسبوع المقبل

ما هي الاحتمالات بعد نشر «الورقة السرية» المخفية التي وقعها وزير الخارجية والمغتربين بوصفه رئيساً للتيار الوطني الحر ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، على التأليف الحكومي؟ واستطراداً: هل تشكّل حكومة «بلا قوات»؟ وهل يُشكّل الرئيس المكلف سعد الحريري حكومة «بلا قوات»؟ وماذا إذا بلغ الصدام حداً من الممكن ان يلامس الدستور بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية، وكلاهما دستورياً، يتعين ان يوقعا على مرسوم الحكومة العتيدة والبعيدة؟

مرّد هذه الأسئلة المشروعة عشية عودة الرئيس المكلف من «اجازة عائلية» كانت قصيرة، وعشية عودة الرئيس نبيه برّي من «اجازة استجمامية» كادت ان تتأخر لو انطلق قطار التأليف قبل سفره، فضلاً عن الإجازة التي شارفت على النهاية للوزير باسيل، والتي جمعت غالبية كتل الجسم السياسي على مناصبتها الابتعاد إن لم نقل الخصومة أو حتى العداء؟

لا تخفي مصادر واسعة الاطلاع في بيروت، اعتقادها ان عملية التشكيل وقعت في المأزق؟ فالتيار الوطني الحر وكتلته (لبنان القوي) وحزب الله (وكتلته الوفاء للمقاومة)، فضلاً عن شخصيات نيابية تدور في فلك «تحالف مار مخايل» لا بأس عندهم، من تحوُّل الحزب المسيحي الثاني، القوي إلى المعارضة، لكن هناك، وفقاً لهذه المصادر، حسابات أخرى.. فالاتجاه لدى الرئيس المكلف ان لا حكومة لا تتمثل فيها «القوات اللبنانية»، فضلاً عن ان الدوائر «العونية» لا تتورع عن التأكيد على ان ثمة جهات قد تكون خارجية، أو من «وراء الحدود» يدفع بها وسواها إلى التصعيد لمنع التشكيل؟» (السؤال من مقدمة O.T.V الناطقة بلسان التيار الوطني الحر).

مع بداية الأسبوع، كشف مصدر مقرّب ان حركة اتصالات واسعة سترافق عودة الرئيس الحريري المرتقبة خلال ساعات، لتذليل العقد.

وقال المصدر لـ«اللواء» ان التنازلات ستكون مطلوبة لتسلك عملية التأليف طريقها..

وجزم المصدر ان تشكيل الحكومة سيحصل، وان الرئيس الحريري سيعمل على احداث توازن، من دون ابعاد أو اقصاء أي مكوّن له تمثيل شعبي، اما مسألة المراسيم، فتحتاج إلى تفاهم الرئيسين (الرئيس عون والرئيس الحريري).

ماذا بعد التسريب؟

وفيما بقي موضوع تأليف الحكومة «مكانك راوح» في ظل غياب المعنيين به، بدا واضحاً حيال استمرار التجاذب بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» ان العلاقة بين الطرفين وصلت إلى نقطة اللاعودة، بعد ان عمد الطرفان إلى التنصل من تفاهمهما الموقع في معراب في 18 كانون الثاني من العام 2016، عبر تحمل مسؤولية نشره وتسريبه إلى الإعلام، الأمر الذي بات يحتم طرح السؤال عن الخطوة التالية التي قد تلجأ إليها «القوات»، وما إذا كانت هذه الخطوة ستسهل تأليف الحكومة أو أن تعقدها أكثر ما هي عالقة حالياً أسيرة العقد المسيحية والدرزية.

وفي تقدير مصادر سياسية ان تسابق كل من «القوات» ومن ثم «التيار» على نشر نصوص تفاهم معراب والذي هو عبارة عن محضر اجتماع لقيادتي الطرفين المذيل بعبارة «سري للغاية»، هو بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على الاتفاق، وأصبح بالتالي «لزوم ما لا يلزم»، سواء على صعيد النقاط الكثيرة التي تمّ التفاهم عليها، في الحكم والادارة، أو على صعيد الاستمرار في مسيرة دعم العهد، الذي هو نتاج التسوية الرئاسية التي نسج خيوطها كل من الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع.

وإذا كنت الحرب الإعلامية – السياسية هدأت نسبياً، ولكن من دون ان تتوقف نهائياً، بين «التيار» و«القوات»، اتجهت الأنظار أمس، إلى موقف الوزير علي حسن خليل الذي لوح فيه بالمطالبة بزيادة حصة الثنائي الشيعي إذا لم يتم توحيد معايير توزيع الحصص على القوى السياسية، الا ان مصادر متابعة اعتبرت ان موقف خليل هو نوع من التحذير من المماطلة في لعبة عض الأصابع وتحديد معايير متباينة لتشكيل الحكومة، فيما بدا ان حرب ركني «تفاهم معراب» من شأنها ان تعيق أكثر تشكيل الحكومة، خاصة في غياب أي تواصل مباشر بين الطرفين، حيث رفض الوزير المكلف التفاوض مع «التيار» ملحم رياشي، رداً على سؤال لـ«اللواء» حول مصير مساعي التهدئة، الدخول في أي موقف مكتفياً بالقول «أنا مش عم أحكي».

وبحسب المصادر السياسية نفسها، فإنه يفترض بالاطراف المنغمسة في الحروب، السياسية والإعلامية، ان تتحمل مسؤولياتها وتشارك في تذليل العقبات والعقد امام تشكيل الحكومة، بدل الاستمرار في خوض حروب عبثية، والا فإن التشكيل قد يصبح في مهب الريح، ولا يعد هناك من مدى معروف أو أفق لموعد ولادة الحكومة العتيدة.

وكان اللافت، أمس، تسريب «التيار الحر» للنص الكامل لتفاهم معراب، عبر محطة L.B.C وكان بمثابة ردّ على تسريب «القوات» لفقرات معينة من التفاهم عبر محطة M.T.V أمس الأوّل، لكن المحطة الأولى عمدت إلى اجراء قراءة سياسية للتفاهم من منظور «التيار العوني»، ومن دون ان يكون معزولاً عن إعلان الرئيس الحريري دعمه لترشيح زعيم «المردة» سليمان فرنجية، ومن ثم تحميل رئيس «القوات» سمير جعجع مسؤولية خروجه عن الاتفاق الذي جاء بالتسوية الرئاسية، من خلال تأييده استقالة الرئيس الحريري من الرياض، الأمر الذي اعتبره الرئيس عون خروجاً عن التسوية.

وبحسب ما نشرته المحطة على موقعها الالكتروني، يقع تفاهم معراب في أربع صفحات، ويتألف من بنود عدة أبرزها العمل على احترام الطائفة السنية في العهد الرئاسي لدى اختيار رئيس الحكومة تبعا لقاعدة تمثيل الاقوياء لطائفتهم.

كما تناول توزيع المقاعد المسيحية في مجلس الوزراء، ومن ضمنها السيادية والخدماتية، مناصفة في كل حكومات العهد وذلك بعد احتساب الحصة المسيحية التي جرت العادة ان تكون لرئيس الجمهورية، والتي سار جدل حولها في الاونة  الاخيرة.

وتناول الاتفاق كذلك الانتخابات النيابية، فأقر قانون انتخاب يعتمد النسبية، واكد خوض الانتخابات سويا على ان يتولى كل من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية امر حلفائهما .

وحتى توزيع مراكز الفئة الاولى تناولها اتفاق معراب، الذي شدد على توزيعها بالاتفاق بين الطرفين وفقا لمعايير الكفاءة والنزاهة، من دون ان يتطرق الى موضوع المناصفة، على ان ركيزة الاتفاق الاهم هو ان تكون الكتلتان مؤيدتين لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وعاملتين على انجاح عهده، وهذه النقطة بالذات هي التي يُركّز عليها «التيار العوني» ويخوض كل معاركه رافعا شعاراتها، في حين ان «القوات» تصر على التمييز بين الرئيس عون وبين رئيس التيار الوزير جبران باسيل، حيث اعتبر النائب السابق عن «القوات» انطوان زهرا ان محاولة «تزعيم» باسيل لن تكون ولن تأتي على حساب القوات، وقال: «نحن نحترم وجوده، لكن عليه ان يعلم حجمه الطبيعي». نافيا ان يكون اتفاق معراب ألغى سائر الأحزاب والشخصيات المسيحية الأخرى، مشيرا إلى ان جزءا من الاتفاق ينص على إعطاء حصة لرئيس الجمهورية على ان تتوزع الحصص المتبقية بالتشاور مع الحلفاء.

حذر زهرا من أي محاولة لاحراج «القوات» بغية اخراجها، جازما بأنها ستبقى «أم الصبي» لكنها لن ترضى بأن يعيش هذا الصبي داخل ميتم». مشددا على ان «القوات» لن تقبل الا بتمثيل فاعل وقوي داخل الحكومة، وسنشارك بفعالية، وسنتمثل بما نستحق وما على باسيل الا تنفيذ الاتفاق.

اما مصادر «التيار الوطني الحر»، فقد اكتفت بالتأكيد ردا على نشر «القوات» لتفاهم معراب، على ان المصالحة المسيحية حيّة، وان تفاهم معراب لم يمت، لافتة إلى ان ما حدث مساء أمس الأوّل، لا يفسد في الود قضية، أقله من جانب التيار» بحسب ما جاء في مقدمة نشرة اخبار محطة O.T.V.

واستغربت المصادر اتهام باسيل بخرق الهدنة الإعلامية في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، وأكدت ان ما قاله في المقابلة هو نفسه ما ردده مرارا من خرق للتفاهم من قبل «القوات» في عرض لنقاط الخلاف وما شاب العلاقة بين الطرفين طوال الفترة الماضية.

وردا على ما ورد، في نص الاتفاق لجهة تقاسم الوزارات والمواقع الرسمية بين الطرفين، وهي النقطة المركزية في الاشتباك الحكومي، أشار الوزير السابق غابي ليون إلى ان المناصفة والتشارك يطبقان عندما تكون «القوات» داعمة للعهد، لكن عندما تكون الوظيفة الوحيدة لوزرائهم «الحرتقة» على العهد ففي ذلك نقض الاتفاق، بدليل موقفهم من خطة الكهرباء».

أولوية الاقتصاد

وعلى صعيد آخر، استأثر الوضع الاقتصادي باهتمام الرئيس عون الذي استقبل وفدا من الهيئات الاقتصادية برئاسة رئيس غرفة بيروت محمّد شقير ورئيس جمعية المصارف جوزف طربية ورئيس جمعية الصناعيين جاك صرّاف، وأكّد امامهم ان معالجة الأوضاع الاقتصادية ستكون من أولى اهتمامات الحكومة الجديدة، خصوصا بعدما انجزت شركة «ماكيزي» الخطة الاقتصادية الوطنية، التي ستنعكس نتائجها على مختلف المسائل الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية». ولفت إلى ان «تحسين البنى التحتية والطرق وغيرها من المشاريع الانشائية سيساهم في تعزيز النهوض الاقتصادي بالتوازي مع الإصلاحات التي تنوي الحكومة العتيدة تحقيقها انسجاما مع توصيات مؤتمر «سيدر» الذي عقد في باريس قبل أشهر.

اما شقير فقال: اطمأننا من الرئيس إلى الوضع السياسي والأمني في البلاد، ونحن طمأناه بدورنا الىالوضع الاقتصادي والمالي.

وأضاف ان الرئيس طمأننا إلى ان العمل يتم في سبيل إنجاز تشكيل الحكومة في أسرع وقت، وعلينا الا ننسى التزامات مؤتمر «سيدر» ومسألة التنقيب عن النفط والغاز التي أصبحت حقيقة، لكننا نريد السرعة في تأليف الحكومة.

وأكّد الرئيس عون خلال استقباله وفد «هيئة أبناء العرقوب ومزارع شبعا»، ان لبنان يجري حاليا محاولة لترسيم الحدود البرية، على ان تكون مزارع شبعا وتلال كفرشوبا جزءا من هذا الترسيم، وبذلك يتمكن من استرجاع كامل أراضيه، كاشفا ان هذه العملية هي تحت رعاية الامم المتحدة وليس في شكل مباشر مع الإسرائيليين، «وهذا حق سيادي لبناني لا يُمكن لأحد النقاش فيه».

قضية المقاصد

تربوياً، وفي تطوّر قضية المدارس التابعة لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، كشف مصدر «مقاصدي» «اللواء» ان مجلس الأمناء في جلسته أمس اتخذ قراراً بإعادة فتح كلية خديجة الكبرى التابعة للجمعية والكائنة في عائشة بكار، بدءاً من الأسبوع المقبل، مع العلم ان المدرسة عادت وفتحت أبوابها أمس، وشوهد الحرس يمارس عمله كالمعتاد.

وكانت استمرت أمس ردود الفعل الداعمة لجمعية المقاصد الاسلامية للخروج من أزمتها المالية، لما ترمز اليه في وجدان الامة وأبناء بيروت، وما تمثّله من ركيزة اساسية من ركائز المجتمع البيروتي، كما نفّذ اعتصام رفضاً لقرار إقفال مدرسة الصويرة في البقاع الغربي التابعة لجمعية المقاصد، وأبدى الجميع الارتياح لما قام به الرئيس الحريري لتسريع دفع مستحقات الجمعية لدى وزارة المال.

ومن البقاع، افاد مراسل «اللواء» إبراهيم الشوباصي بأنّه على خلفية الأزمة المالية التي تضرب مدارس المقاصد الخيرية الاسلامية، شمل القرار إقفال مدرسة الصويرة في البقاع الغربي التي أنشئت عام 1929، تداعى أهالي البلدة معلّمين وطلاب من القرى المجاورة ونفّذوا اعتصاماً عند مدخل البلدة، تقدّمهم عضو كتلة المستقبل النائب محمد القرعاوي ورئيس بلدية الصويري حسين عامر ومشايخ وحشد من فعاليات المنطقة، واقفلوا الطريق الرئيسية لبعض الوقت.

وتحدث القرعاوي بإسمه وبإسم الرئيس الحريري قائلاً: «نحن في تيار المستقبل لن نسمح بتشريد الطلاب في الشوارع ولا المعلمين بقرار صرف ادارية، ولن نسمح بإقفال المدرسة لا اليوم ولا الغد».

وفي مجال متصل، توقف المجلس التنفيذي لنقابة المعلمين في لبنان في بيان إثر جلسة استثنائية امس، أمام «حالات الصرف التي وردت الى النقابة من مختلف المدارس ولا سيما حالات الصرف الجماعية في البعض منها نتيجة الاقفال».

واستغرب «في بعض الحالات اقدام المؤسسات التربوية على تسديد مبالغ طائلة للمعلمين كتعويضات صرف بالرغم من تحججها بالضائقة المالية ورفضها تجديد العقود مع المعلمين المصروفين، علما ان رواتبهم للسنوات المقبلة اقل من التعويض المدفوع عن سنوات خدمتهم في المؤسسات، وكأن المقصود افتعال ازمة مع انتهاء العام الدراسي للاظهار للرأي العام أن ما حذرت منه المؤسسات التربوية قد حصل، مع العلم ان المؤسسات التي صرفت معلميها لم تطبق القانون 46 بكامل مندرجاته»، لافتا الى انه «لم يلحظ حالات صرف غير اعتيادية في المؤسسات التي طبقت القانون واعطت المعلمين السلسلة والدرجات الست».