حزب الله للمستقبل: ملتزمون الـ1701 ولا تغطية للفلتان
مجلس الوزراء يتجاوز الخلافات والسجالات .. وجيرو يبدّل أولوياته: الإستقرار أولاً
نجح الروتين الوزاري في تجاوز الملفات الخلافية الدائمة والطارئة، وفيما تكرر موقف الرئيس تمام سلام لجهة ضرورة الإسراع بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، تكرر السجال أيضاً بين وزير الاتصالات بطرس حرب ووزير الخارجية جبران باسيل، على خلفية توزيع عائدات الهاتف الخليوي على البلديات ودقة الارقام المعتمدة.
وتوزعت الساعات الخمس التي استغرقتها جلسة مجلس الوزراء، والتي حرص الرئيس سلام على انعقادها قبل سفره المقرّر اليوم إلى ميونيخ في المانيا لتمثيل لبنان في مؤتمر الأمن السنوي، والذي يناقش مواضيع بالغة الخطورة، أبرزها تنظيم «داعش» وانهيار النظام العالمي، وأزمة اللاجئين المتضخمة والإرهاب الالكتروني، وذلك إلى جانب 20 رئيس دولة وحكومة فضلاً عن 60 وزير خارجية ودفاع، ويتقدم هؤلاء المستشارة انجيلا ميركل ووزيرا خارجية الولايات المتحدة جون كيري والاتحاد الروسي سيرغي لافروف، بين كل مواضيع الساعة حيث أقرّت سلسلة من الإجراءات المالية أبرزها تسديد المبالغ المستحقة لعقود النظافة ابتداءً من 17/1/2015 من الصندوق البلدي المستقل، وارجأ إلى جلسة مقبلة قضية عقود الزواج المدني الـ52، في ظل انقسام الوزراء بين رافض بالمطلق للزواج المدني ومؤيد للزواج الاختياري، وأخذ علماً بتوقف الأعمال في الحوض الرابع في مرفأ بيروت،واحال جريمة التفجير في جبل محسن إلى المجلس العدلي.
وحضرت قضية العسكريين المحتجزين في جرود عرسال، في كلمة الرئيس سلام الذي أكّد ان الدولة اللبنانية تتابع بدقة ومثابرة قضية تحرير العسكريين الأسرى لدى تنظيم «داعش» و«النصرة» وذلك بالتزامن مع تطمينات ومعلومات قليلة قدمها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم أدّت إلى ارجاء تحرك ذوي العسكريين، على الرغم من تفاعل الجريمة الخطيرة المتمثلة باعدام الطيار الأردني الأسير لدى «داعش» معاذ الكساسبة حرقاً، الأمر الذي يعني لبنان، كما يعني دول المنطقة التي تواجه الإرهاب على نطاق واسع.
ومن هذه الزاوية حضرت قضية مكافحة الإرهاب بقوة في مجلس الوزراء، واداء القوى المعنية في مواجهته، عبر:
1- إدانة الممارسات الإرهابية التي يعكسها الفكر الظلامي والتضامن مع الأردن، وتأكيد الحكومة اللبنانية توفير الغطاء السياسي الكامل للجيش وقوى الأمن لمجابهة الإرهاب التكفيري والانتصار عليه.
2- إدانة جريمة تفجير الاتوبيس في دمشق.
وفي السياق علم ان «حزب الله» أعاد التعميم مجدداً على أصحاب الحملات الدينية لزوار الأماكن والمقامات في سوريا عدم القيام بها في هذه الفترة تجنباً لما حصل الأحد الماضي.
3- إعلان كل من حركة «أمل» و«حزب الله» البدء بإزالة الإعلام والشعارات في بيروت، بدءاً من الخندق الغميق وزقاق البلاط ورأس النبع إلى البسطة وبربور والمزرعة، وذلك عشية الموعد الرسمي الذي تنطلق به بلدية بيروت صباحاً من عين المريسة، انفاذاً لقرار وزارة الداخلية.
حوار عين التينة
وإذا كان التوجه في مجلس الوزراء ينطلق من الإجماع على مواجهة الإرهاب التكفيري، فإن النقاشات الصريحة التي جرت في الجلسة الخامسة للحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» تصب في منحى حماية لبنان من المخاطر، واعتبار الحوار أكثر من ضرورة في هذه المرحلة.
وأكدت مصادر مطلعة على أجواء ما دار في الجلسة انه جرت مكاشفة ومناقشة في العمق وبصراحة نادرة حول القرار 1701 الذي اوقف العمليات العدائية عام 2006، والذي شددت عليه الحكومة في بيانها الوزاري.
وكشفت هذه المصادر أن فريق «حزب الله» أكّد أن الحزب لم يتخل عن القرار 1701، وأن مشاركته في الحكومة مع تيّار المستقبل تؤكد التزامه بهذا القرار.
اما بشأن إطلاق النار الذي رافق إطلالة السيّد حسن نصرالله يوم الجمعة الماضي، فجدد الحزب على مسامع «المستقبل» انه شرعياً لا يُقرّ إطلاق النار، وأن تعليمات صدرت على هذا الصعيد، ولكن إطلاق النار لا يقتصر على الحزب فقط، ولا يجوز تحميله وحده مسؤولية اطلاق النار.
واعتبرت المصادر أن الفريقين اتفقا على استكمال البحث في هذا الموضوع في الجولة السادسة التي ستنعقد في الأسبوع المقبل، وأن أياً منها ليس في وارد الضغط على الحوار، بل الحفاظ على هذه القناة من الاتصال المدعومة لبنانياً وعربياً ودولياً، وهو ما أكّد عليه الرئيس نبيه برّي في لقاء الأربعاء النيابي، بقوله أن «الحوار ماشي ولن يتأثر بأي تشويش أو مواقف مسعورة للعرقلة، على حدّ تعبيره، فيما لاحظ عضو وفد «المستقبل» إلى الحوار النائب سمير الجسر ان الحوار حقق الغاية الأساسية منه، وهي خلق نوع من الاسترخاء السياسي في الشارع، معتبراً أن الإنجاز أهم من الكلام، وبقدر ما يشهد الناس إنجازات عملية بقدر ما تتحقق غايات الحوار».
مهمة جيرو
على أن اللافت على هذا الصعيد، هو ما شدّد عليه الموفد الفرنسي جان فرنسوا جيرو امام القيادات اللبنانية التي التقاها، على أهمية الحوارات الحاصلة داخلياً في إبعاد الفوضى المندلعة في المنطقة عن لبنان.
وكشف مصدر نيابي لبناني لـ «اللواء» أن أولويات قصر الاليزيه والتي لمسها السياسيون اللبنانيون من جيرو قد تبدّلت من اعتبار انتخاب رئيس الجمهورية أولاً أولوية فرنسية إلى أولوية الحفاظ على الاستقرار في لبنان، وأن باريس تتطلع إلى الحوار الجاري بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» بتفاؤل، فضلاً عن الاستفسار عن المسار الذي قطعه الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله».
وكان جيرو الذي اختتم زيارته مساء أمس، قد أجرى في اليوم الثاني من مهمته جولة جديدة من اللقاءات مع سياسيين لبنانيين، شملت رئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب ميشال عون ومسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» عمار الموسوي، ورئيس «القاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط الى مائدة غداء مع السفير الفرنسي باتريس باولي في السفارة الفرنسية، ثم أكملها بزيارة الرئيس فؤاد السنيورة في مكتبه في «بلس»، ورئيس حزب الكتائب الرئيس امين الجميل في دارته في سن الفيل، والذي طرح امام ضيفه مبادرة في شأن وجوب انتخاب رئيس جمهورية قادر وقوي، تجمع بين هوية الرئيس القادر من جهة واحترام الأصول الديمقراطية والقواعد البرلمانية من جهة ثانية، تقضي بترشيح الاقطاب الموارنة لرئاسة الجمهورية والوقوف بجانب أحدهم، من دون اقفال الباب امام المرشحين الآخرين.
وأشار الجميّل إلى أنه تجاوز في اللقاء مع الموفد الفرنسي الموضوع الرئاسي وطرح موضوع المخاطر التي تتهدد لبنان وحدوده المشرّعة على كل التهديدات من الجنوب الى البقاع وجرود عرسال بفعل ربط لبنان بالمحاور الخارجية، داعياً ضيفه إلى وجوب تحرك المجتمع الدولي لمعالجة هذه التهديدات، مطالباً بلجنة تقصي دولية تعاين الوضع وترفع تقريرها الى مجلس الأمن لاتخاذ الموقف المناسب درءاً لأي خطر كياني يهدد لبنان.
وتزامن تحذير الجميل مع تحذيرات مشابهة أطلقها اللواء إبراهيم من أن المنطقة ذاهبة في اتجاه مشاريع جديدة تثير القلق والخوف نظراً إلى طبيعتها التقسيمية، مشيراً إلى ان هذا المشهد المأسوي بدأ يهدد النموذج اللبناني في الصميم.
ولفت المدير العام للأمن العام، في مقالة نشرتها له أمس مجلة «الأمن العام» إلى انه من الخطأ التعامل مع الواقع الإرهابي وكأنه شأن ثانوي وعابر، مشدداً على ان المطلوب مواجهة هذا الواقع وشل قدرته على استباحة الحدود، متسائلاً، «ما الذي يؤخر أو يمنع وضع استراتيجية رسمية لمواجهة الإرهاب، ورسم خطة دفاع للتصدي له ولوجهة الآخر إسرائيل، لافتاً النظر إلى أن الانفاق على الدفاع وسلامة الحدود بات أمراً لا يحتمل التأجيل.
مجلس الوزراء
إلى ذلك، أوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن جلسة مجلس الوزراء لم تخرج في سياقها العادي والمعتاد على حد سواء لجهة ترحيل الملفات الخلافية وإقرار ما هو متوافق عليه، وبدت الحاجة ملحّة لتعديل آلية العمل الحكومي، وفق ما أشار إليه الرئيس سلام خلال الجلسة، معلناً أنه يجري اتصالات تحقيقاً لهذه الغاية، وعندما يجد الظرف المناسب سيطرح الموضوع.
وكشفت المصادر أن البند المتصل بتوزيع عائدات الخليوي على البلديات استحوذ على نقاش واسع لم يخل في بعض الأحيان من الحدة، خصوصاً بعدما اصطدم بعرقلة وزراء «التيار الوطني الحر»، ولا سيما الوزير باسيل الذي أصرّ على توزيع العائدات مباشرة إلى البلدات من دون العودة الى وزارة المال، فواجهه الوزير علي حسن خليل بأن القانون هو الذي يجيز ذلك وفق آلية متبعة من قبل وزراء الاتصالات والداخلية والمالية منذ العام 2001، مبرزاً محاضر اجتماعات لجنة المال والموازنة في ذلك العام.
وأفادت أن ما كان جلياً هو عرقلة الوزير باسيل لعمل وزير الاتصالات بطرس حرب، وهو ما حدا بوزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج إلى أن يتدخل أكثر من مرة للفت نظر باسيل إلى ضرورة تطبيق القانون، وإذا كان هناك من أمر آخر لا يعجبه فليطلب تعديل القانون.
وبرز كلام كذلك عن أهمية التقيّد بما أوصت به هيئة التشريع والاستشارات، ولفت باسيل إلى أنه أصبح بالإمكان معرفة الرقم الذي يتصل من الهاتف الخليوي من أي منطقة بواسطة «سصالإرسال الهوائي» وأنه بإمكان تحصيل نسبة 10 في المائة للبلديات من رقم الخليوي، فرد عليه دو فريج قائلاً أنه في بيروت يمكن تحصيل 70 في المائة لأن معظم المواطنين يقصدون العاصمة ويتحدثون منها.