IMLebanon

«هواجس لبنانية» تثير قلق مؤتمر ميونيخ

«هواجس لبنانية» تثير قلق مؤتمر ميونيخ

سلام: النزوح السوري قنبلة تهدّد استقرار لبنان وأمنه

 تقدّم الاهتمام بالتطورات الميدانية على جبهة الزبداني وجرود عرسال، مع تصدّي الجيش اللبناني لمحاولات تسلّل لمسلحي جرود عرسال ورأس بعلبك باتجاه مراكز الجيش، واستهداف تنقلاته وآلياته، في وقت نُقل عن شهود عيان، أن غارات بالطيران شنّت على مواقع المسلحين في جرود عرسال، تردّد أنها تمّت بواسطة مروحيات سورية.

وتأتي هذه التطورات، في وقت تحتدم فيه المعارك بين الجيش النظامي السوري والمعارضة حول دمشق والمناطق المحيطة بها من الزبداني إلى درعا.

وتتزامن هذه الاشتباكات مع إجراءات تتخذ لبنانياً لمحاصرة «الإرهاب» والتخفيف من وطأة الاحتقانات الجارية في المنطقة، وذلك عبر تعزيز برنامج إزالة الشعارات واليافطات وإنزال الأعلام الحزبية من الساحات والشوارع العامة أو المختلطة، فضلاً عن تسريع المحاكمات، إذ أصدر المجلس العدلي أحكاماً بإعدام 22 شخصاً في ملف «فتح الاسلام»، كما أصدر أحكاماً بالأشغال الشاقة لمدة 25 عاماً لمتهم و7 سنوات لمتهم آخر، فضلاً عن تعزيز الاجراءات في الضاحية الجنوبية ومحيط المخيمات وتشديد الرقابة والمتابعة لمنع تسلّل عناصر متطرّفة أو إنتحارية للقيام بتفجيرات في مناطق لبنانية.

وما عزّز المخاوف وفرض الحاجة لخطط إستباقية أن الإنقسام المذهبي الذي يعصف في المنطقة كان جزءاً من «استراتيجية الأمن القومي الأميركي» التي عممتها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم الجمعة الماضي، ولاحظت فيها أن البيت الأبيض قلق من «العنف المأساوي والنزاع المذهبي من بيروت إلى بغداد، والذي أعطى اندفاعاً لمجموعات إرهابية جديدة مثل داعش»، مشيداً «بدور الحكومة العراقية بإعادة النظر بأدائها لجهة الانفتاح على السنّة في ممارسة الحكم»، من دون أن تتطرق الاستراتيجية إلى الوضع في لبنان من هذه الوجهة.

إلا أن مصادر مطلعة على حركة الديبلوماسيين وعلى حركة سفراء الدول الكبرى في بيروت تكشف أن هناك حرصاً على استمرار حكومة الرئيس تمام سلام وتفهماً لأدائها المتوازن، فضلاً عن تشجيع دائم لاستمرار الحوار بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» لاحتواء الانقسام ومنع التشدّد من أن يترك انعكاساته السلبية على العلاقات السياسية والشعبية.

وإذا كانت استراتيجية أوباما تلقى انتقاداً لدى الجمهوريين في الكونغرس الأميركي، باعتبار أن «الصبر الإستراتيجي» يساعد «داعش» و«ملالي إيران» وفلاديمير بوتين على الازدياد قوة، فإن «استراتيجية الحوار اللبناني» من شأنها أن تحمي الاستقرار الداخلي وتوحّد الجبهة الوطنية بمواجهة الرياح الخارجية والحرائق المتنقلة بين سوريا والعراق وصولاً إلى اليمن، حيث تصدّر «الإعلان الدستوري» من قبل الحوثيين في مرحلة إنتقالية تحت إدارتهم الاجتماعات الدائرة في ميونيخ، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجيتها للبحث في المشكلات التي تهدّد الأمن العالمي.

سلام في ميونيخ

 وعكس الرئيس تمام سلام, الذي تحدّث بالإنكليزية، في كلمته أمام المؤتمر هواجس لبنان من أزمة النزوح السوري وتداعياته الأمنية ورؤية لبنان في مواجهة الإرهاب والضغوط الناجمة عن الحرب السورية، فضلاً عن التهديدات الاسرائيلية التي تجدّدت بعد اعتداء القنيطرة والردّ في مزارع شبعا، مبلغاً المجتمع الدولي أن لبنان متمسّك بالقرار 1701.

وركّز الرئيس سلام كلمته على أزمة النازحين السوريين في لبنان، والتي وصفها بأنها باتت «قنبلة موقوتة تهدّد أمننا واستقرارنا في كل الأوقات»، مشيراً إلى أن وجود أكثر من مليون ونصف مليون في بلد تعداده 4 ملايين نسمة، انعكس على الأوضاع الأمنية، والاجتماعية والحياتية، وإلى ارتفاع نسبة الجريمة، مؤكداً أن الحل الوحيد لهذه المأساة يكمن في حل سياسي في سوريا، محذراً من انه مع مرور كل يوم هناك انهيار لكل اوجه هذه الأزمة.

وشدّد سلام على انه «يجب العمل لمعالجة الوضع الأمني المتدهور، وأن الخيارات معروفة، لكن الوقت ليس في مصلحتنا»، معتبراً أن «تردد المجتمع الدولي في تقديم المساعدات إلى هؤلاء النازحين سوف تكون له تداعيات»، داعياً الأوروبيين إلى أن «لا يبتعدوا عمّا يجري في منطقتنا»، لافتاً إلى أن «افضل مساعدة يقدمونها إلى أنفسهم هي المساعدة على إطفاء النيران في منطقتنا».

ودعا سلام في نهاية كلمته إلى إدانة اعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة والرهينتين اليابانيين، لافتاً، إلى «اننا في لبنان ندين هذا الأمر، ونسأل لماذا لم يشعر العالم بنفس الصدمة عندما قتل 4 من جنودنا الشجعان من قبل نفس المجرمين»، مشيراً إلى انه «لدينا 26 عسكرياً معتقلين من نفس التنظيمات» ومهددين بالقتل البربري نفسه.

تفاهم شباط

 وفيما يستعد «المستقبل» و«حزب الله» لاستئناف الجلسة السادسة بين الثلاثاء أو الأربعاء المقبلين، وقبل احتفال المستقبل بالذكرى العاشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، حيث من المتوقع ان يقترب الحوار من النقاط السياسية، احتفل «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» بالذكرى التاسعة لتوقيع التفاهم بينهما عام 2006، من خلال زيارة قام بها الى الرابية وفد من الحزب، حيث جدد على لسان نائب رئيس المجلس السياسي محمود قماطي ان لا بديل لديه عن النائب ميشال عون كمرشح لرئاسة الجمهورية، معتبراً ان التفاهم مدخل مهم للتفاهم اللبناني – اللبناني، لافتاً الى «ان الحوار مع المستقبل جدي، وأن الجميع يتحلى بالهدوء والعقلانية والموضوعية والجدية للوصول الى نتائج».

وفي المناسبة، أبلغ عون قناة O.T.V الناطقة بلسان تياره أن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يحتاج إلى تفاهم بين كافة الأطراف، معتبراً أن التفاهم مع «حزب الله» سجل نجاحات وسط منطقة تشهد تبدلات خطيرة، داعياً الأطراف الأخرى الى الانضمام إلى التفاهم الذي تجاوز اختبار الثقة الى قوة المضمون وصلابته.

وفيما أبلغ عضو تكتل الإصلاح والتغيير النائب سليم سلهب «اللواء» أن تأخير لقاء عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لا يعني وجود عرقلة، وإنما يهدف إلى تكريس التفاهم الذي يمكن ان يتوصل إليه الحوار الدائر بين أمين سر التكتل النائب إبراهيم كنعان والمستشار الإعلامي لجعجع ملحم رياشي، كاشفاً ان العمل مستمر لإعداد مسودة خطية للتفاهم، قللت مصادر مطلعة على أجواء «القوات اللبنانية» من احتمال عقد لقاء قريب بين القطبين المارونيين القويين، مشيرة إلى ان انتخابات رئاسة الجمهورية ليست مسألة ممكنة الحل في المدى المنظور.

درباس

 حكومياً، أكّد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ «اللواء» أن هناك مساعي حثيثة يبذلها الرئيس سلام في ما خص تعديل آلية العمل الحكومي، لكنه نفى أن يكون متفائلاً بالنسبة إلى هذا الموضوع، من دون ان يُخفي انزعاجه من الوضع الحالي على جميع الأصعدة، قائلاً: «اصبحنا كمن يعيش في منزل من كرتون مرشح للتصدع عند اول اهتزاز»، مكرراً التأكيد أن الحل لا يقوم الا بانتخاب رئيس جديد للبلاد، لافتاً إلى أن امكانيات الحكومة ضعيفة قياساً الى ما هو مطلوب منها في ظل الفراغ الرئاسي، والتي ليس ولا يجوز أن تحمل كل هذا القدر.

ورأى درباس أن الأمر ليس بيد الطبقة السياسية، كما أن الحل يستحيل ان يكون من الداخل، بقدر ما يحتاج إلى حدث كبير، طالما أن الوضع في لبنان كلّه مقفل، ولا أحد يمتلك لا عقل ولا قلب ولا حرية، معتبراً أن كل شيء في هذا البلد مخالف للدستور.

وفي السياق، رفض درباس القول بأن الحكومة أصبحت حكومة تصريف أعمال، لافتاً النظر إلى قرارات اتخذتها وأعطتها رصيداً لا بأس به، لكنه لاحظ أن الاختلاف داخل الحكومة أصبح يكبر حتى ضمن الفريق السياسي الواحد، مشيراً الى ان أكثرية السجالات التي حصلت كانت تقوم بين الفريق الواحد.