مَنْ يلعب على حِبال التوتُّر الطائفي؟
برّي وحزب الله: ما زلنا ضمن مهلة التأليف .. وجنبلاط يرفض تدخُّل باسيل في «البيت الدرزي»
أسمع الرئيس نبيه برّي مَن يعنيه الأمر كلاماً واضحاً، انه لن يسمح لأحد، ايا كان، بأن يلعب مجددا على خطوط التوتر، بين الطوائف والمذاهب.
ونقل عن الرئيس برّي انه عندما التقى الرئيس الأسبق للحكومة فؤاد السنيورة، أكّد له احترامه الكامل للميثاقية ولاتفاق الطائف، وللتكليف الذي يعبّر عن الإرادة النيابية بأن الرئيس سعد الحريري هو الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، وفقاً للدستور الذي ينص على ان المراسيم تصدر بتوقيع كل من رئيسي الجمهورية والحكومة.
ونقل عن رئيس المجلس ايضا ان الجلسة النيابية التي جرى التداول بشأنها، لتبادل الرأي حول الوضع في البلاد، لا تعني بأي شكل من الاشكال ممارسة أي ضغط نيابي، يستهدف الرئيس المكلف، أوسواه، لأنه الوقت هو لتسريع التأليف، وليس للمشكلات الداخلية، لا سيما بين المسلمين والمسيحيين، أو بين المسلمين والمسلمين سنّة أو شيعة.
وفي السياق نفسه، قال قيادي بارز في الثنائي الشيعي (حزب الله – أمل) لـ«اللواء» «اننا ما زلنا ضمن المهلة المقبولة والمعقولة.. لم يستنفد الوقت بعد، وليس هناك ما يدعو إلى القلق» (راجع ص 3).
الحريري في مدريد
ولكن، وعلى رغم الجمود الحاصل على خط التأليف، فإن الرئيس الحريري بقي على تفاؤله، وهو أكّد امام عدد من الطلاب اللبنانيين في جامعة IE لإدارة الأعمال في مدريد، ان تشكيل الحكومة بات قريبا، مشددا على أهمية احترام التوافق بين معظم المكونات والأحزاب بسبب التنوع والتعددية في لبنان. وقال انه «لا يُمكن تشكيل حكومة على قاعدة أكثرية وأقلية، وقد جربنا هذا الأمر في الماضي ولم ننجح، لذا فالتوافق هو الحل الوحيد في البلد».
وأشار إلى ان دوره كرئيس مكلف هو جمع مختلف الأطراف، على الرغم من كل الخلافات السياسية الموجودة، والتي يجب علينا ان نضعها جانباً، ونركز عملنا على النهوض بالبلد وتطوير مختلف القطاعات، مشيرا إلى انه إذا عدنا إلى الماضي القريب نرى انه عندما نضع خلافاتنا جانبا ننجح في تحقيق العديد من الإنجازات التي تخدم مصلحة لبنان والمواطنين، ولكن لا يمكننا ان ننجح في هذا الأمر الا إذا بدأنا بمحاربة الفساد فعليا، لافتا الى ان الشروع بتطبيق مقررات مؤتمر «سيدر» من شأنها ان تحفز النمو وتنشط الوضع الاقتصادي، الأمر الذي سينعكس على الاستقرار في لبنان»، معتبرا ان وجود مليون ونصف مليون نازح في لبنان هو أمر منهك لبلدنا، لكن وجودهم ليس هو السبب الوحيد لمعاناتنا اليوم، فلو استثمرنا قبل سنوات في قطاعات النقل والتكنولوجيا والصحة والتربية، لكنَّا وفرنا على انفسنا الكثير مما نشهده الآن.
وكان الرئيس الحريري أجرى صباحا محادثات مع نظيره الاسباني بيدرو سانشيز بيريز كاستيخون، تناولت التطورات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين، ودون كلمة في سجل الشرف أكّد فيها أنه يتطلع لتطوير العلاقات الثنائية، شاكرا اسبانيا على مساهمة جنودها الموجودين في إطار قوات «اليونيفل» في تأمين السلام للبنان.
ومن مدريد انتقل الحريري مساء إلى لندن، حيث سيشارك في مأدبة عشاء لكلية الأركان التي يدرس فيها نجله حسام.
وفي تقدير مصادر مطلعة على أجواء «بيت الوسط» ان الرئيس المكلف وضع لنفسه معايير جديدة لتشكيل الحكومة، تقوم على مبادئ ثلاثة هي:
1 – حكومة توافق وطني تضم الجميع، أي معظم المكونات والأحزاب، ومن دون استبعاد أحد ومن دون طغيان فريق على آخر.
2 – تفادي التصعيد مع الجميع، والعمل على تهدئة الأجواء السياسية، ووضع الخلافات السياسية جانباً.
3 – التمسك بصلاحيات الرئيس المكلف، بحسب منطوق الدستور، واعتبار ان دوره هو جمع مختلف الأطراف.
الا ان التفاؤل الذي ابداه الرئيس الحريري من مدريد، لا يعني ان هناك حكومة في المدى المنظور، أقله في الأسبوع المقبل، حيث نقل انه يعمل على مسودة حكومية سوف يقدمها إلى رئيس الجمهورية بعد عودته من لندن مطلع الأسبوع.
وفيما انتقل الرئيس نبيه برّي إلى المصيلح في الجنوب في إشارة إلى توقف محركات تأليف الحكومة، أعربت مصادر في الثنائي الشيعي، التي نقلت عن الحريري هذا الكلام، عن اعتقادها بأن الخلاف حول الاحجام وتوزيع الحصص يبقى مجرّد تفصيل ثانوي أمام التفصيل الأساسي المتعلق بنوعية الحقائب التي سوف يختلف عليها الفرقاء حكماً، والتي لم يبدأ الحديث الجدي عنها بعد.
وأكّد قيادي في هذا الفريق لـ «اللواء» إصرار ثنائي «حزب الله- امل» على عدم التفريط بحصة تيّار «المردة» تحديداً، وقال: «اذا كانت هناك إمكانية ولو ضئيلة جداً في تنازلهم عن وزارة الاشغال فإن هناك استحالة في قبولهم أو قبولنا الا بالحصول على وزارة أساسية بديلة من وزنها، واصفاً مطالبة الوزير جبران باسيل بالمداورة في وزارتي المالية والداخلية «بالنكتة» وبالكلام الذي «لا يقدم ولا يؤخر»، ما يعني ان حصة الثنائي الأساسية باتت محسومة على صعيد الحقائب أي «الصحة» و«المالية» سواء تشكّلت الحكومة اليوم أو بعد سنة، وانه لا داعي للأخذ والرد في هذا الموضوع لا في العلن ولا في السر.
وجاءت هذه المواقف، في ظل ارتفاع منسوب التوتر بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» اثر انهيار الهدنة الإعلامية بينهما، بسبب تجدد تبادل التراشق بين الطرفين، ولا سيما بين الوزير باسيل ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع، بما يؤشر إلى ان مفاوضات رأب الصدع بين الطرفين لم تنجح تحقيق اختراق يؤدي إلى جمع الرجلين معا.
وفيما أكدت مصادر قواتية على ان لا حديث مع باسيل بعد اليوم، غرد وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي عبر «تويتر»، قائلاً: «كم تجن يرتكب باسمك أيتها الهدنة، مشكلتكم مع جبران انه دخل في الوجدان الوطني والمسيحي بالموقف الحازم من القضايا المصيرية وبالشرعية الشعبية الأقوى، هذه العقدة لا حل لها عند جبران لأنها ملكه».
اما باسيل، فأكد من جهته، خلال جولة له في قضاء البترون انه سيكون أكثر تصلبا في كل معركة سياسية تمس دور التيار السياسي الذي قاتل كثيرا من اجل استرداده، واصفا المرحلة بأنها «جدية لتكريس الدور من خلال وجود المسيحيين في المؤسسات الدستورية، والإدارية، وفي كل معالم الدولة لنقول له اننا شعب متساو».
وذكر باسيل ان «الحركات التكفيرية لم تميز بين مسلم ومسيحي. المسيحيون دفعوا الثمن وخصص لهم المزيد من الاستهداف، وهذا ليس مسؤول عنه الحزب التكفيري بل ايضا من يدعمهم والسياسات التي تسمح بخلق دول احادية الدين»، مؤكدا انه «لا يُمكن الحديث عن إرهاب دون حركات نزوح، ولا حركات نزوح كثيفة دون زيادة التطرف، وزيادة التطرف أي الحد من الحريات الدينية».
العقدة الدرزية
على صعيد العقد، بقيت الدوائر المغلقة والمفتوحة تتحدث عن التجاذب الحاصل في ما خصَّ توزير النائب طلال أرسلان، الذي شنّ حملة على النائب وليد جنبلاط، متهماً اياه ان النواب السبعة الذي حصل عليهم، كان له ذلك بفضل عضلات الرئيس نبيه برّي وليس بقوته.
وإذ، رفضت مصادر اشتراكية الخوض في ما اسمته متاهات، معتبرة ان اللقاء الديمقراطي، يتعامل مع الملف الحكومي انطلاقاً من نتائج الانتخابات، ضمن معيار وزير لكل أربعة نواب، فيكون للقاء وزيرين، إنما الثالث فنتيجة الكسر، وتدويره بحيث يصبح ثلاثة.
لكن قريبين من المختارة، يعتقدون ان للمسألة اوجهاً أخرى، تتعلق بعدم السماح لأحد بالتدخل في شؤون الجبل، لا سيما البيت الدرزي، وهنا تكمن مشكلة التدخل الذي يحاور الوزير باسيل اقامته لإحداث توازن بوجه تحالف الحزب التقدمي الاشتراكي مع «القوات اللبنانية» يقابله تحالف التيار الوطني الحر مع الحزب الديمقراطي اللبناني، الذي يرأسه النائب طلال أرسلان، والتحالف قبل الانتخابات وبعدها مع التيار الوطني الحر.
آلية محلية ودولية لعودة النازحين
إلى ذلك أعلنت المديرية العامة للأمن العام أنها «ستقوم بتأمين العودة الطوعية لمئات النازحين السوريين من منطقة عرسال الى سوريا عبر حاجز وادي حميد، يوم الاثنين المقبل، اعتبارا من الساعة الثامنة صباحا، على أن تكون نقطة التجمع في وادي حميد– عرسال».
ويبلغ عدد افراد الدفعة التي ستغادر الاثنين نحو300 شخص من اصل نحو 1200 سجلوا اسماءهم ستتم اعادتهم تباعا بعد تحضير ملفاتهم.
وذكرت مصادر رسمية متابعة لملف النازحين السوريين ان آلية عودة الراغبين منهم الى قراهم في القلمون السوري وريف دمشق انما تتم عبر المديرية العام للامن العام، حتى الذين يتولى «حزب الله» عبر لجانه المختصة ترتيب استماراتهم وتسجيل اسمائهم وتحضيرهم للعودة، انما سيتولى الامن العام التدقيق في اسمائهم ورفعها للسلطات السورية التي تدقق بدورها بالاسماء وترسل الاسماء التي تتم الموافقة عليها للجانب اللبناني حيث يتولى الا من العام تسوية اوضاعهم القانونية ،قبل ان يتم التنسيق المباشر بين الامن العام والسلطات السورية لترتيب الامور اللوجستية لنقل العائدين.
واوضحت المصادر ان دور «حزب الله» وبعض الاحزاب الاخرى التي تشارك في عملية الاعادة الطوعية، هي تحضير الاستمارات للنازحين عبر اللجان التي شكلتها وتسجيل الاسماء، والتنسيق مع الجانب السوري ومع الامن العام اللبناني.
الى ذلك، أعلنت الامم المتحدة امس الجمعة، ان نحو 750 الف نازح داخل سوريا عادوا الى بلداتهم في النصف الاول من 2018 اي قرابة العدد الاجمالي للعائدين العام الماضي.
وقالت مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة في بيان ان غالبية النازحين عادوا الى مناطق استعادتها القوات الحكومية من فصائل المعارضة بينها حلب وحمص وريف دمشق.
وتخطت نسبة العادئين هذا العام تلك المسجلة في 2017، عندما عاد نحو 760 الفا الى بلدات اجبروا على مغادرتها.
وقالت المفوضية انها «عززت امكانياتها داخل سوريا» في 2017 تحسبا لعودة اعداد اكبر من النازحين الى مناطق معينة مع تغير معطيات النزاع.
لكن المفوضية قالت: إن الزيادة الكبيرة في اعداد العائدين تتزامن مع ارتفاع في اعداد المهجرين في مناطق اخرى. حيث اعلن مكتب الامم المتحدة للشؤون الانسانية في سوريا الشهر الماضي، أنه في الاشهر الاربعة الاولى من العام 2018، اضطر 920 الف شخص على الفرار من منازلهم، في نسبة هي الاعلى في النزاع المستمر منذ 7 سنوات.
وفي موسكو، نسبت وكالة الإعلام الروسية إلى وزارة الدفاع قولها امس، إنها أرسلت مقترحات مفصلة لواشنطن بشأن تنظيم عودة اللاجئين لسوريا بعد اتفاقات توصل إليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الأميركي دونالد ترامب.
وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أن أكثر من مليون و700 ألف سوري سيتمكّنون من العودة إلى ديارهم في المستقبل القريب. وأن موسكو اقترحت على واشنطن تنظيم مجموعة روسية– أميركية– أردنية لإعادة اللاجئين من الأردن إلى سوريا، وكذلك لجنة مماثلة بخصوص اللاجئين في لبنان.
ولفتت الانتباه الى ان نحو 7 ملايين سوري تركوا البلاد خلال 7 سنوات من العمليات القتالية.