إتصالات استباقية للحؤول دون تعطيل مجلس الوزراء
درباس يُطلِق شرارة «الإنتفاضة من أجل طرابلس» .. والتجاذب مستمر بين حرب والتيار العوني
لاحت في أفق جلسة مجلس الوزراء المقررة غداً الخميس، مخاوف من تعطيل وتعطيل مضاد، بما يعني أن البلاد معرّضة للانزلاق إلى أزمة دستورية تتجاوز الفراغ الرئاسي.
وكشف مصدر وزاري مطلع على أجواء الاتصالات الدائرة بين المصيطبة وعين التينة والمختارة، أن الأطراف الثلاثة تنشط على خط حماية جلسة مجلس الوزراء من مخاطر نقل اللهجة المرتفعة في الخارج إلى نصب متاريس على طاولة المجلس، الأمر الذي يُطيح بما تبقى من قدرة لدى الرئيس تمام سلام على تحمّل أعباء الأزمات التي يمعن بعض الوزراء في منع إيجاد الصيغ الملائمة لمعالجتها بالتضامن والتكافل.
وقال المصدر إن الاتصالات تركزت أيضاً على تهدئة الموقف وإبعاد أي خضة عن مجلس الوزراء، عشية الذكرى العاشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، وحرصاً على تغطية سياسية هادئة للخطة الأمنية في البقاع الشمالي، بعد احتواء المواقف المتشنجة التي برزت في طرابلس في خلال الساعات الـ 48 الماضية.
وأشار المصدر إلى أن القضية لم تعد قضية تعديل آلية اتخاذ القرار داخل السلطة الاجرائية، بل تجاوزتها إلى إيجاد أرضية سياسية لإقناع الوزراء والأطراف السياسية التي يمثلونها بأن الوقت غير متاح الآن لعرض العضلات على الطاولة، في ظل دخول انتخابات الرئاسة الأولى غياهب المجهول، بعد أكثر من تسعة أشهر على هذا الفراغ، وترنّح الدورة الاستثنائية في مجلس النواب، بعدما تحوّل كل وزير في حكومة المصلحة الوطنية إلى «فيتو» قائم بذاته، بحيث إذا امتنع عن التوقيع توقف عمل الحكومة وتوقفت مصالح الناس، ورفعت الجلسة بعد ضرب على الطاولة أو نبرة مرتفعة بين وزيرين على الأقل.
وعلى هامش هذه الصعوبات السياسية والدستورية، لم يخف وزير الصحة وائل أبو فاعور مخاوفه من خرق أعراف الدستور وتجاوز إتفاق الطائف، رافضاً إيجاد سوابق دستورية يمكن أن يستند عليها للتشكيك باتفاق الطائف أو الطعن به.
وعلمت «اللواء» أن الرئيس سلام لم يستعجل بتّ الآلية قبل أن يعقد سلسلة لقاءات مع الوزراء المعنيين من زاوية أنه لا يجوز تعطيل الجلسات وتحويل الحكومة إلى مؤسسة غير منتجة، بسبب موقف من هنا أو اعتراض من هناك.
وفي الإطار نفسه، استبعد وزير الاتصالات بطرس حرب في اتصال مع «اللواء» صعوبة التفاهم على تعديل آلية اتخاذ القرارات، معرباً عن اعتقاده أن محاولات بعض الوزراء في تعطيل الجلسات قد تستمر، لأن الحل يكمن في انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
إنتفاضة درباس
في هذا المناخ، وبعد الضجة التي أثيرت في طرابلس وخارجها، سواء في ما خصّ الخطة الأمنية ونزع الشعارات والأعلام الحزبية، أو تعيين مدير للفرع الثالث لكلية إدارة الأعمال ثم التراجع عنه، والذي استأثر بأخذ وردّ، ليس في الأوساط الجامعية والطلابية فحسب، بل في الأوساط السياسية وعلى لسان النواب والسياسيين، وحضر كبند مستقل في بيان تكتل «الاصلاح والتغيير»، يعتزم وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس إثارة قضية تعيين مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية في طرابلس، حيث سيوضح خلال الجلسة، انه لن يوقع أي مرسوم ما لم يتم تعيين مجلس إدارة، معتبراً أن تعطيل مثل هذا المجلس المتعذر إنجازه منذ العام 2008، يمكن أن يقوم به أي وزير، وهو سيشكل تمادياً في عدم انصاف طرابلس التي تطالب الدولة بنجدتها فلا تفعل، وانه إذا لم يحسم الأمر – أضاف درباس – فان «طرابلس ستعطل الدولة ولن اوقع أي مرسوم بعد اليوم»، لكنه استدرك بأنه قد يعود عن قراره إذا نال وعداً قاطعاً من الوزراء مجتمعين بالسير في مطلبه، استناداً إلى الآلية المتبعة.
ولفت درباس نظر «اللواء» بأنه مع الفارق، فان الرئيس سلام سبق أن علق العمل في مجلس الوزراء عندما تعذر على المجلس حل مشكلة النفايات، وأن مطالب طرابلس تستأهل منه ومن الوزراء جميعاً أن يشمولها برعايتهم، مؤكداً أن لا تراجع عن هذا الموقف.
ولاحقاً، أعلن وزير العدل اللواء اشرف ريفي تضامنه مع الوزير درباس، ليس في هذا المطلب الذي أعلنه فحسب بل في كل شيء، مؤكداً أن موقفه محق، وهو سبق أن عرضه في الجلسة السابقة، لكنه لاحظ انه في إمكان اي وزير أن يعطل الاتفاق على تعيين مجلس الإدارة.
وإلى ذلك، علم أن موضوع عائدات البلديات من القطاع الخليوي من دون حل، وهو لم يدرج على جدول أعمال جلسة الخميس بانتظار أن يتوفر موقف ليّن من وزراء تكتل «التغيير والاصلاح»، ولا سيما من وزير الخارجية جبران باسيل الذي يصر على توزيع الأموال مباشرة على البلديات لا أن تتحول الى وزارة المالية عبر حساب الصندوق البلدي المستقل.
وألمح بيان التكتل أمس إلى استمرار التجاذب حول هذه النقطة بالذات، حيث طالب بإلغاء البند الرابع من المرسوم والمطالبة في الوقت عينه بتوزيع فوري للأموال إلى مستحقيها.
الخطة الأمنية
على صعيد الخطة الأمنية في البقاع الشمالي، ففيما تحتفظ القوى الأمنية المولجة بتنفيذها بساعة الصفر لانطلاقتها، يعيش أهالي المنطقة ترقب أن تكون هذه الساعة فجر غد الخميس، بمشاركة نحو الفي عنصر من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام.
وتهدف الخطة إلى فرض الأمن وملاحقة العناصر الهاربة من وجه العدالة وتنفيذ المذكرات القضائية.
وأبلغ حزب الله المعنيين أن الحزب غير معني سوى بإنجاح الخطة، وأن القوى المولجة بتنفيذها في إمكانها الدخول إلى اي منطقة تريدها لملاحقة المجرمين ومروجي المخدرات وسرقة السيّارات في إطار أمني محض، لأن لا إشكالات مذهبية او طائفية في المنطقة، والخطة تهدف إلى ملاحقة العناصر الجرمية.
أما بالنسبة إلى طرابلس، وبعد هدوء العاصفة السياسية التي خلفها موقف النائب خالد الضاهر في معرض احتجاجه على إزالة عبارة «قلعة المسلمين طرابلس» من على قاعدة لفظة الجلالة في مستديرة النور، في إطار حملة ازالة الصور والشعارات الحزبية، وما خلفه من ردّات فعل قاسية ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي، فقد علمت «اللواء» أن الموضوع مجمد في الوقت الراهن بانتظار الاتصالات الجارية لنزع فتيل المشكلة بهدوء، علماً ان وزير الداخلية نهاد المشنوق أعلن امس ان إزالة لفظة الجلالة غير مطروح على الاطلاق، وان ما حصل كان فقط لإزالة الرايات السوداء التي كانت موضوعة بجوار اللفظة، مشيرا إلى انه هو الذي اقترح إزالة هذه الرايات التي أصبحت رمزاً لمنظمات إرهابية تبرأ منها كل المسلمين، وانه اقترح استبدالها بعبارة من القرآن الكريم: «إدخلوها بسلام آمنين»، مشيراً الى أن طرابلس مدينة مفتوحة لكل اللبنانيين على مختلف انتماءاتهم الطائفية والسياسية، وهي ليست للمسلمين فقط.
وفي تقدير مراجع طرابلسية، أن ردة فعل النائب ضاهر كانت غير مقبولة، وكذلك ردة الفعل المقابلة له، مشيرة إلى أن توقيت العملية جاء ملتبساً في لحظة يشعر فيها أهالي المدينة بأنهم مستهدفون، من دون أن تستبعد أن تكون الخطوة متعمدة من قبل بعض الجهات المستفيدة من إحداث شقاق بين اللبنانيين عموماً وأهالي طرابلس خصوصاً، ودعت إلى معالجة هادئة وبناءة بعيداً من إثارة العصبيات والغرائز الطائفية.