خطاب جامع للحريري السبت.. والحكومة صامدة لحماية الجمهورية
المشنوق للتنسيق مع الأردن.. والضاهر خارج المستقبل.. ودرباس يُوضح موقفه لسلام
بعد غد السبت، تحل الذكرى العاشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، في عملية اغتيال كانت أشبه بالزلزال الذي ما تزال المنطقة ولبنان يعيشان تحت وطأة ارتجاجاته، ولا حاجة لادلة، فالحرب المستعرة في طول المنطقة وعرضها والمفتوحة على صراعات تطيح بالأمن والاستقرار والحكومات وتهدد الكيانات أيضاً، من سوريا إلى العراق فاليمن ومصر وشمال افريقيا.
والأخطر في لبنان، وبعد عشر سنوات على الجريمة تنوء الدولة اللبنانية تحت وطأة وضع هش وتنكفئ الطوائف التي تشكّل المجتمع اللبناني خلف المتاريس، وتتزايد المخاوف من دور جماعات التطرف والإرهاب، ويثقل نزوح اللاجئين السوريين كاهل الاقتصاد اللبناني الذي يتعرّض لاسوأ فترة يمر بها مع ضمور الاستثمارات وتراجع السياحة ومجمل الخدمات الأخرى.
وبقدر ما كان الرئيس رفيق الحريري أعاد لبنان إلى الخارطة الدولية، فإذا بانتخابات الرئاسة الشاغرة تكاد تصبح شيئاً منسياً، لولا المبادرة الفرنسية اليتيمة التي اصطدمت بجدار إقليمي – محلي، يرغب بتحويلها إلى ورقة بين جملة الأوراق التي يجري اللعب بها لتحسين المواقع في صراعات الشرق الأوسط.
في هذه البيئة السياسية – الأمنية الثقيلة، تواجه حكومة الرئيس تمام سلام التي تمارس سلطتها الاجرائية بإجماع الوزراء مما يُهدّد الحكومة بالشلل، فضلاً عن القيام بمقام رئيس الجمهورية لملء الشغور الرئاسي، ضغطاً متزايداً من الأعباء، على خلفية «الفيتوات» المتبادلة بين الوزراء، بما يُهدّد السلطة الاجرائية بالتعطيل الدائم.
واحتلت قضية إعادة النظر بآلية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء محور الاتصالات السياسية، ليس فقط لتسيير مصالح النّاس، بل أيضاً لإعادة الاعتبار للسلطة التشريعية من خلال فتح دورة استثنائية، وحتى لا يبقى المجلس ينتظر الثلاثاء الذي يلي 15 آذار المقبل لينعقد في دورة عادية.
ويلقى موقف الرئيس سلام المطالب بإعادة النظر بالآلية، عملاً باحكام الدستور – المادة 65 – دعماً من الرئيس نبيه برّي والنائب وليد جنبلاط وأطراف مسيحية، وقد اثير هذا الموضوع في لقاء الأربعاء النيابي وأبدى وزير الاشغال العامة والنقل غازي زعيتر تأييده للرئيس سلام على صعيد سعيه لإعادة النظر بآلية اتخاذ القرارات.
وقال الوزير زعيتر لـ«اللواء»: «لا يجوز استمرار عرقلة الملفات الحياتية نتيجة ما هو متبع اليوم في المجلس، لافتاً إلى أهمية الاحتكام إلى الأصول الدستورية والقانونية في تسيير أعمال مجلس الوزراء، مشيراً إلى ان هذا الاجراء سيسمح باتخاذ القرارات وفقاً لهذه الأصول إذا تعذر التوافق، موضحاً ان ما هو حاصل اليوم هو انه عندما يعرقل وزير ما ملفاً يُصار إلى وضعه جانباً، وهذا أمر يجب ان يعاد النظر به».
وقال مصدر سياسي ان المسألة لا تتعلق فقط بتعطيل مصالح النّاس، أو تصوير لبنان دولة لا حول لها ولا قوة، بل ان الهريان الحاصل من شأنه ان ينال من هيبة الحكومة ومن رصيد الرئيس سلام، في ظل الضغوطات الجارية لإبقاء الوضع كما هو عليه، والمخاوف من ان تكون صرخة وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس صرخة في واد بعد الاتصالات التي جرت معه لثنيه عن موقفه، وحتى لا يتخذ هذا الموقف ذريعة للآخرين.
واستبعد المصدر نفسه أن يحدث تعديل للآلية ما لم يوافق عليها الفريق المسيحي، وإلا فالمراوحة تبقى سيّدة الموقف.
ويعتبر المصدر أن اللقاء المتوقع بين الرئيسين برّي وسلام سيقارب هذا الموضوع، في محاولة لتعديل آلية توقيع الـ24 وزيراً، وبالتوافق أيضاً عملاً بالمبدأ القائل أن الحفاظ على «الستاتيكو» أفضل من الانتقال من الفراغ إلى أزمة سياسية مفتوحة تطيح بالسلطات وتضع لبنان امام وضع شبيه بالأزمة اليمنية.
اما الوزير درباس فقال لـ «اللواء» ليلاً انه يأمل بأن يتجاوب الوزراء مع مطلبه بتسيير مطالب طرابلس لجهة تعيين مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية، والا فإنه مصر على موقفه بالامتناع عن توقيع المراسيم، مشيراً إلى أن التعطيل الذي قد يحصل من جانبه هو «تعطيل حميد» وان لا مصالح شخصية او سياسية من ورائه.. وتمنى ان يطرح الرئيس سلام في جلسة مجلس الوزراء اليوم تعديل آلية اتخاذ القرارات، لكنه أشار الى انه لا يملك معلومات بهذا الخصوص، باستثناء ان الرئيس سلام طلب منه التريث بالنسبة لموقفه فاعتذر منه.
خطاب الحريري
ومن هذه الزاوية، توقعت مصادر نيابية أن يتطرق الرئيس سعد الحريري في خطابه باحتفال «البيال» في الذكرى العاشرة لاستشهاد والده، إلى الفراغ الرئاسي وتداعياته على النظام السياسي، من زاوية ضرورة تحقيق تقدّم بين القوى السياسية، سواء عبر الحوارات الجارية، او مشاورات بين الكتل للتفاهم على مخرج لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وستحضر الجريمة بعد عشر سنوات في خطاب رئيس تيّار «المستقبل»، في وقت انتشرت فيه في بيروت صور الرئيس الشهيد ولافتات تؤكد التمسك بنهجه السياسي ومنهج الاعتدال الذي اعتمده والاصرار على متابعة الطريق مهما كانت الصعوبات والعقبات، ومن نفس روحية: «عشرة، مية، ألف سنة مكملين».
وكشفت المصادر النيابية لـ «اللواء» أيضاً أن الرئيس الحريري سيشدد في كلمته على وحدة قوى 14 آذار، وعلى الانتفاضة التي أدّت إلى تحرير لبنان، وأن مشروع 14 آذار هو مشروع الرئيس الحريري لإعادة الدولة والتخلص من اي سلطة خارج نطاق الشرعية.
كما سيتناول خطاب الحريري الثوابت الوطنية المتعلقة بالسيادة والحرية والاستقلال التي من أجلها استشهد الرئيس رفيق الحريري، وأن تيّار «المستقبل» سيبقى رائد الاعتدال والتسامح والتعايش في لبنان.
ولم تستبعد المصادر أن يتطرق الرئيس الحريري إلى الحوار الجاري مع «حزب الله» لجهة تأثيره على مستوى الشارع الإسلامي من جهة والوطني في شكل عام، خصوصاً وأن هذا الحوار سيقارب في المرحلة المقبلة والذي سيستأنف بعد 14 شباط إلى ملف الرئاسة الأولى.
وللمناسبة، جدّدت كتلة المستقبل النيابية تمسكها بأهداف ثورة الأرز وقيم الاستقلال والسيادة والحرية والاعتدال والقبول بالآخر، والانفتاح وصيغة العيش الواحد، وأهمية استمرار قيام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بدورها في كشف المجرمين والوصول إلى الحقيقة والعدالة.
وتوجه مساء أمس إلى المملكة العربية السعودية كل من نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري وعدد من النواب للتشاور مع الرئيس الحريري في الوضع اللبناني وما يمكن ان يضمنه في خطابه السبت.
تعليق عضوية الضاهر
وانسجاماً مع تطلعاتها المتمثلة بالعيش المشترك والاعتدال ورفض التطرّف وإدانة الإرهاب والدفاع عن حرية الرأي، ناقشت كتلة «المستقبل» في اجتماعها أمس، طلب نائب عكار خالد الضاهر تعليق عضويته فيها، على خلفية الضجة التي أحدثتها تصريحاته الأخيرة في شأن إزالة الرايات الإسلامية في طرابلس.
وكشف مصدر نيابي أن الطلب نوقش خلال الجلسة، وتقرر الموافقة عليه، بعدما أصبحت المواقف متباعدة بين أداء الضاهر وثوابت الكتلة، وفقاً للمصدر الذي وصف الإخراج التي تم الوصول إليه، في لقاء سبق اجتماع الكتلة بين الرئيس فؤاد السنيورة والضاهر في مكتب الأول في بلس، بأنه مقبول، فنحن لا نريد تعليق مشنقة للضاهر وفي الوقت نفسه نريد أن نتجاوز الإحراج الذي تسببت به تصريحات الأخير، والتي لم تكن مقبولة بكل المقاييس.
وبحسب المعلومات، فإن الرئيس السنيورة طلب في الاجتماع مع الضاهر الاعتذار من المسيحيين الذين ساءتهم تصريحاته بخصوص إزالة تمثال يسوع الملك في حال رفع لفظة «الجلالة» من مستديرة النور في طرابلس، لكن الضاهر رفض بحجة أنه لا يعتقد أن هذه التصريحات أساءت إلى المسيحيين، وطلب من الرئيس السنيورة إقالته من الكتلة إذا كان موقفه لا يعجبها، غير أن رئيس كتلة «المستقبل» رفض أن تأخذ الكتلة المبادرة بإقالته، وكان اتفاق بعد جدل أن يعلن الضاهر طلب تعليق عضويته، وليس استقالته، فتوافق الكتلة وهكذا كان.
المشنوق في الأردن
على صعيد التنسيق مع الدول المجاورة المعنية بمكافحة الإرهاب، ولمناسبة تقديم التعازي بالطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي أعدمته «داعش»، زار وزير الداخلية نهاد المشنوق يرافقه مدير الأمن العام اللواء عباس ابراهيم ورئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن العميد عماد عثمان، الأردن حيث قابل الملك الأردني عبد الله الثاني ورئيس الوزراء عبد الله النسور في حضور الوفد المرافق ونظيره الأردني حسين المجالي وسفيرة لبنان في المملكة ميشلين باز.
وأبلغ المشنوق الملك عبد الله تضامنه مع الأردن والتطلع إلى التنسيق اللبناني – الأردني في مجال مكافحة الإرهاب وتبادل الخبرات في ما خص النزوح السوري.
ونقل المشنوق للنسور تحيات الرئيس سلام، مشيداً بالتجربة الأردنية مع النازحين السوريين.
أما في ما يتعلق بالوضع السوري، فقد سمع الوفد اللبناني من المسؤولين الأردنيين أن الأردن مع الحل السياسي للأزمة السورية، وهو معني بإفرازات هذه الأزمة، وبضبط الحدود ومنع تهريب الأسلحة والمخدرات والبشر.
وأوضح المشنوق بعد لقاء الملك والذي استمر زهاء ساعة أنه لمس حرصاً كبيراً من العاهل الأردني على لبنان وأمنه السياسي والعسكري، وهو أبدى استعداداً لتقديم أي دعم معنوي ومادي، بمعنى تدريب الأجهزة الأمنية من حيث الحاجات العسكرية، معتبراً أن هذا الموقف ليس غريباً عليه، فنحن نقاتل عدواً واحداً.
وكشف أن لبنان بدأ تسلّم المعدات العسكرية التي أهداها الملك، لكن بعض الظروف حالت دون إقامة احتفال للتسليم والتسلّم، وهذا الأمر سيجري في بيروت قريباً.