عودة الحريري تُنعش الإتصالات وتعزّز الجهوزية لنقلة في الحوار
موعد الجلسة السابعة بعد خطاب نصر الله.. والتيّار العوني لإقصاء الوزراء المستقلّين عن التصويت
فرض خطاب الرئيس سعد الحريري في الذكرى العاشرة لاستشهاد والده الرئيس رفيق الحريري السبت في البيال نفسه بنداً سياسياً على حركة الاتصالات والمشاورات، فضلاً عن استعادة الحركة السياسية في «بيت الوسط» عبر الاجتماعات التي عقدها، لا سيما مع الرئيس فؤاد السنيورة، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أو الاتصالات التي تلقاها بالتهنئة بعودته بالسلامة أبرزها من الرئيس نبيه برّي الذي تمنعت أوساطه عن إبداء أي موقف إزاء خطاب الرئيس الحريري السبت الماضي.
وإذا كانت وسائل إعلام «حزب الله» تجاهلت بالكامل الإشارة إلى مهرجان «البيال» وخطاب الرئيس الحريري، فان ثمة ترقباً لخطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، عند السادسة والنصف من مساء اليوم، في ذكرى «القادة الشهداء»، والخطاب الذي يتواصل مع المقابلة التلفزيونية للسيد نصرالله عند التاسعة والنصف، أو قبل هذا التوقيت، في سياق مقاربة الملفات السياسية والإقليمية. وما إذا كان سيشكل مناسبة للرد على الرئيس الحريري الذي اعاد تصويب البوصلة بالنسبة الى الحوار مع الحزب.
وبين الخطابين، بدت الأجواء السياسية مشدودة إلى مستقبل الحوار الدائر بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله»، بعد الجلسات الست التي عقداها، حيث اقترب هذا الحوار من النقاط السياسية الساخنة، سواء في ما خص مشاركة «حزب الله» بالحرب في سوريا، أو كيفية مواجهة مخاطر الإرهاب، ووضع حدّ للشغور الرئاسي، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لخفض منسوب الاحتقان المذهبي، ونزع الألغام من طريق العودة إلى الحرب الأهلية.
ومع أن موعد الجلسة السابعة من الحوار ينتظر خطاب السيّد نصرالله اليوم، إلا أن نائباً في 14 آذار يعتقد أن مصير الجلسة المقبلة يرتبط بحصر مواضيع الخلاف، في ضوء ما كشفه الرئيس الحريري، ومقاربة الأمين العام للحزب لها أو تجاهلها.
وذكرت معلومات أن الجلسة ستُحدد في اليومين المقبلين، في ضوء الاتصالات التي بدأت أمس.
وأكّد مصدر سياسي مطلع أن الحرص الذي أبداه الرئيس الحريري على استمرار الحوار واعتباره «حاجة وضرورة» في هذه المرحلة، ووصفه بأنه «حاجة إسلامية لاستيعاب الاحتقان المذهبي، وضرورة وطنية لتصحيح مسار العملية السياسية وإنهاء الشغور الرئاسي»، يقطع الطريق على أي محاولة للتنصل من الحوار، مع الإشارة إلى ان الحوار كاد يغيب عن خطابات مسؤولين بارزين في «حزب الله» في اسبوع احياء «القادة الشهداء» ما خلا إشارة عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي الذي طالب جميع القوى «بمواصلة حوارها والوصول الى انجاز تفاهمات يكون من شأنها إنجاز الاستحقاقات اللبنانية كافة وفي المقدمة الاستحقاق الرئاسي»، فيما كان نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم يتساءل: لماذا يريد البعض رئيساً ضعيفاً تحت عنوان التوافق؟ مشيراً «نريد رئيساً للبنان لا رئيساً يغطي حيتان المال، وهذا لا يكون الا من خلال الرئيس القوي»، موضحاً أن «الحوار مناسب لتذليل العقبات والصعوبات».
خطاب الحريري
لم تكن المناسبة الوطنية الجامعة وحدها هي التي تحكمت بمهرجان «البيال»، سواء في المشاركة الشخصية للرئيس الحريري، أو في الخطاب السياسي – البرنامج الذي قدمه، مستعيداً الجهود الكبيرة للرئيس الشهيد رفيق الحريري في وقف الحرب الأهلية، مشدداً على مكافحة شبح عودة هذه الحرب، واصفاً الرئيس رفيق الحريري بأنه «قوة الاعتدال في وجه التعصب والتطرّف والعنف»، مؤكداً ان الرئيس الحريري عمل لسنوات على إعمار لبنان وإعادة دوره العربي والعالمي، وها نحن اليوم نواجه خطة لتفريغ الدولة وتدمير مؤسساتها، موجهاً تحية إلى الرئيس تمام سلام على صبره الطويل وعمله الدؤوب لتولي المسؤولية الوطنية الحيوية في هذه المرحلة.
وبالنسبة إلى الحوار مع «حزب الله» لاحظ الرئيس الحريري فوائد نشأت عن الحوار، معلناً رفض الانجرار وراء الغرائز المذهبية والامتناع عن تحكيم الشارع في الخلافات السياسية.
وقال: «دخلنا إلى الحوار لحماية لبنان»، معتبراً انه (أي لبنان) أمام خطرين، خطر على البلد هو الاحتقان السني – الشيعي، وخطر على الدولة هو غياب رئيس الجمهورية.
وحصر أسباب الاحتقان بأربعة:
1 – رفض «حزب الله» تسليم المتهمين بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
2 – مشاركة حزب الله في الحرب السورية.
3 – توزيع السلاح تحت تسمية «سرايا المقاومة».
4 – شعور باقي اللبنانيين بأن هناك مناطق وأشخاصاً وفئات لا ينطبق عليهم لا خطة أمنية ولا دولة ولا قانون، معرباً عن أمله في وصول الحوار مع حزب الله الى نتائج.
ودعا الرئيس الحريري «حزب الله» إلى العمل دون تأخير لوضع استراتيجية وطنية كفيلة بتوحيد اللبنانيين في مواجهة التطرف وتداعيات الحروب المحيطة، معتبراً الرهان على إنقاذ النظام السوري وهم، وأن ربط الجولان بالجنوب هو جنون، مؤكداً أن لبنان لن يكون جزءاً من محور يمتد من إيران إلى فلسطين مروراً بسوريا، مجدداً دعوة الحزب للانسحاب من سوريا لتجنب الحرائق، وقال: «لن نعترف لحزب الله بأي حقوق تتقدم على حق الدولة في قرار السلم والحرب»، وأكد دعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية من غير شروط وبلا حدود، مطالباً بدعم المؤسسات الشرعية والعيش الواحد والمناطق، وبناء الدولة المدنية ودولة القانون، متوقفاً عند المحكمة الدولية التي قال عنها أنها تقوم بعملها إلى أن تظهر الحقيقة وينتظر حلم رفيق الحريري على أعداء الحرية والتقدم والاعتدال.
إلى ذلك، توقعت مصادر سياسية تفعيل الحركة السياسية خلال وجود الرئيس الحريري في بيروت، على الرغم من أنه لم يعرف ما إذا كان وجود الحريري سيكون دائماً، أم مجرد زيارة، خاصة وأن الرئيس الحريري نفسه يتكتم على هذه الناحية لاعتبارات أمنية.
ولاحظت المصادر أن ردود الفعل على خطاب الرئيس الحريري لم تكن سلبية، وهو كان تلقى اتصال تهنئة من النائب سليمان فرنجية، في حين شكل وجود وزراء ونواب من التيار العوني علامة بارزة في مهرجان «البيال» لم تكن تحصل في السنوات السابقة.
آلية عمل الحكومة
على صعيد آخر، أوضح وزير البيئة محمد المشنوق في تصريح لـ«اللواء» أن رئيس مجلس الوزراء تمام سلام سيواصل مشاوراته الهادفة إلى بلورة صيغة حول آلية اتخاذ القرارات داخل مجلس الوزراء، ويؤمّن استمرارية عمل المجلس بشكل مريح، ولا يفسح في المجال أمام «الفيتوات المتبادلة»، كاشفاً أنه (الرئيس سلام) أجرى سلسلة اتصالات تصبّ في هذا السياق، وأنه لم يلمس أي أمر سلبي حتى الساعة.
وأشار المشنوق إلى أن الرئيس سلام يرى أن العودة إلى تطبيق النظام الداخلي لمجلس الوزراء وفق ما هو منصوص عليه في الدستور تساعد على فهم الحاجات الموجودة داخل المجلس وتسهل عمله، معلناً أن الوزراء راغبون بإيجاد حل لآلية اتخاذ القرارات داخل الحكومة، ولفت الى أن الرئيس سلام كان قد فاتح الوزراء قبيل سفره الأخير إلى ألمانيا برغبته بإيجاد آلية لعمل الحكومة لا تؤخر عمل المجلس ولا تسمح لأحد بالتحكم بمصير جلساته، وأنه باشر لقاءاته مع مختلف القوى السياسية في البلاد تحقيقاً لهذه الغاية، وأنه سيستكملها.
وكان الرئيس سلام زار لهذه الغاية يوم السبت الماضي عين التينة وبحث مع الرئيس بري الوضع الحكومي لناحية آلية عمل مجلس الوزراء.
وبحسب مصادر عين التينة، فإن الرئيس سلام اقترح اعتماد التصويت بالثلثين في مختلف المواضيع في مجلس الوزراء، غير أن الرئيس بري ردّ داعياً إياه بالتمسك بنص المادة 65 من الدستور التي تنص بأن يتخذ مجلس الوزراء قراراته بالتوافق، وإذا تعذر فبالتصويت، ويتخذ قراراته بأكثرية الحضور، في حين ان المواضيع الأساسية التي حددها الدستور بـ 14 موضوعاً فإنها تحتاج إلى موافقة ثلثي عدد أعضاء الحكومة المحدد في مرسوم تشكيلها.
ومن جهته، أكّد وزير الاشغال والنقل غازي زعيتر، من كتلة الرئيس برّي، انه تمّ اعتماد آلية الإجماع في الحكومة في تطبيق الدستور، مشيرا إلى ان الرئيس سلام كان يحيد المشاريع التي لا نتفق عليها، موضحاً انه عند أي خلاف نسلك طريق الثلث زائد واحد أو الثلثين، لافتاً إلى انه لم يكن لأي وزير دور في تأجيل القرارات، بل أي اعتراض كان سلام يتخذ قرار التأجيل فيه.
وعلى الصعيد ذاته، كشف وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب بعضاً من الملفات العالقة التي تحتاج إلى توافق على آلية في مجلس الوزراء، تراوحت بين نص المادة 65 من الدستور، أو اتخاذ القرارات بالثلثين زائداً واحداً، أو استبعاد الوزراء الذين لا يمثلون تيارات عن التوقيع على القرارات كوزير الاتصالات بطرس حرب مثلاً، واعتبار ان تفاهم وزراء التيارات الأساسية كافياً لتمرير القرارات والمراسيم.
على ان الأخطر هو اندلاع السجال على نطاق تجاوز اعتبارات الحوار الموضوعي إلى الشخصي بين الوزير بوصعب ونائب عكار هادي حبيش، فضلاً عن كشف ملفات تنطوي على مخالفات كبيرة في المناقلات، ومراسيم ترفيع في وزارة التربية بالإضافة إلى تبرير الترخيص لكليات جامعية بكليات جديدة أو اقسام للصيدلة، والموقف في ما خص عمل مجلس الجامعة اللبنانية.
خطة البقاع
في غضون ذلك، واصلت قوى الجيش اجراءاتها الأمنية المشددة في منطقة البقاع، بعدما توسعت لتشمل عمليات الدهم بلدات الكنيسة، ريحا وبريتال والمحمودية، حيث أوقفت وحداته، بحسب بيان القيادة، 33 شخصاً من المطلوبين والمشتبه بهم والمخالفين، كما ضبطت 9 سيّارات و26 دراجة نارية من دون أوراق قانونية، بالاضافة إلى كميات من المخدرات والامتعة العسكرية والأسلحة الخفيفة والذخائر.
وأوقفت وحدات الجيش أيضاً 23 شخصاً من التابعية السورية ومواطنين لبنانيين لارتكابهم أعمالاً جرمية، وضبطت معملاً لتصنيع المخدرات وكمية من المواد المخدرة.