سلام يطلب المساعدة لتحرير العسكريين .. وشروط التبادل تعيق التفاوض
«مجموعة الدعم» تتبنى المطالب اللبنانية .. وملف التنسيق بين باسيل والمعلم
من على اعلى منبر دولي، اعلن الرئيس تمام سلام ان الشعب اللبناني يقف الى جانب قواته المسلحة في معركتها مع الارهاب، وان الحكومة تسعى الى حشد الدعم اللازم للجيش والقوى الامنية لتتمكن من القيام بحماية السيادة وضمان الامن والسلم الاهلي، في وقت كانت فيه الارض تمور بين أربعة أحداث متداخلة، إن دلت على شيء، فهي تدل على معركة مفتوحة بين الاستقرار بكل الوانه والارهاب بكل مسمياته:
{ الحدث الاول: استمرار الجيش في اجراءاته في ملاحقة المجموعات المشتبه بها في اعمال ارهابية او جرائم، كان اخرها امس توقيف 18 شخصاً في الدكوانة وبعض السوريين للاشتباه بقيامهم باعمال مخالفة للقانون.
وتأتي اجراءات الجيش، في خطوة استباقية لمنع «الخلايا النائمة» من العبث بالأمن، او استهداف وحداته، كما حصل في بعض مناطق عرسال والشمال.
{ اما الحدث الثاني ولعله الاخطر، فهو يتعلق بالتحضيرات الجارية لمعارك عند الحدود الشرقية والشمالية، تستعد له جبهتا «النصرة» و«داعش» كما يستعد لها حزب الله.
واتى البيان المنسوب الى «ابو مالك التلي» المعروف بابو مالك الشامي، امير جبهة «النصرة» في القلمون، يصب في هذا الاتجاه، لا سيما مع اقتراب فصل الشتاء.
وقال الشامي ان «لجبهته» آلاف المقاتلين في لبنان وهم ينتظرون الاذن ليبدأوا المعركة ضد قرى شيعية حصراً..
وفي سياق متصل، يجري التداول بأن الجيش اللبناني اتخذ اجراءات لتحصين مواقعه، تحسباً لأي محاولات تسلل «للنصرة» و«داعش».
{ الحدث الثالث: تحركات الاسلاميين، ابرزها المسيرات التي جرت بعد صلاة الجمعة في بعض مساجد طرابلس تحت عنوان «لا لذبح عرسال»، ولاعلان التضامن مع النازحين السوريين هناك، فيما كان الجيش اللبناني ينفذ اجراءات ويسير دوريات لمواكبة المسيرات.
وحذرت مصادر شمالية معنية من محاولة لتوتير الاوضاع وابقاء قضية العسكريين من دون معالجة، مع الاشارة الى ان الدعوات لمسيرات في بيروت لم تلقَ آذاناً صاغية.
{ الحدث الرابع، صرخة الاهالي: في هذه الاثناء مضى اهالي العسكريين المحتجزين في تحركاتهم الرامية لابقاء قضية اطلاق سراح ابنائهم حية، واستمر هؤلاء في قطع طريق ضهر البيدر وطريق المصنع عند مفرق ضهر الاحمر، راشيا، وكذلك طريق طرابلس – بيروت عند محلة القلمون.
وحسب مصادر الاهالي، فإن التحركات ستبقى مستمرة حتى وصول معلومات اكيدة لهؤلاء من ان المفاوضات بدأت، ولم يفلح الوزير وائل ابو فاعور في اقناع الاهالي بفك الاعتصام, مقترحاً تحديد اوقات معينة لاقفال الطرقات وفتحها، لكن من دون نتيجة، داعياً القضاء لمواكبة قضية الموقوفين الاسلاميين واصدار الاحكام بسرعة، معلناً ان النائب وليد جنبلاط مع اعتماد مبدأ المقايضة للافراج عن العسكريين.
وكشف النقاب عن ان اهالي المخطوفين ابلغوا ابو فاعور ان جبهة النصرة نقلت اليهم تسجيلات لابنائهم يطالبون باعتماد التفاوض واطلاق الموقوفين الاسلاميين وعدم التعرض للنازحين.
وعلى هذا الصعيد، جرى التداول بأن «داعش» و«النصرة» يطالبان باطلاق خمسة من اخطر الموقوفين لدى السلطات اللبنانية وهم: ابو سليم طه (المسؤول الاعلامي في فتح الاسلام) جمانة حميد (وهي لبنانية متهمة بتهريب سيّارات مفخخة إلى الداخل اللبناني عبر عرسال)، عماد جمعة (أمير «لواء فجر الاسلام») والذي بايع داعش بعد إعلان خلافة أبو بكر البغدادي، وتهمته محاولة قتل عسكريين في عرسال، نعيم عباس (فلسطيني والملقب بأبو سليمان، ويوصف بأنه اخطر المطلوبين على الأراضي اللبنانية)، وعمر الأطرش (المتهم بتهريب انتحاريين وسيارات مفخخة عبر معابر عرسال إلى الداخل اللبناني، وهو لبناني وشيخ معمّم).
ووفقاً لبعض مصادر المعلومات، فان هؤلاء الخمسة تشترط «داعش» إطلاق سراحهم مقابل إطلاق سراح 14 جندياً محتجزين لديها.
واعترف مصدر إسلامي في تصريح لـ «اللواء» انه ليس من السهل على الدولة اللبنانية أن تطلق أحداً من هؤلاء، الأمر الذي جعل «هيئة علماء المسلمين» تستنكف عن متابعة هذا الملف.
كما اعترف الوزير أبو فاعور بأن هذه الشروط ليس من السهل تلبيتها، وعلى الوسيط الإسلامي أو القطري او أي وسيط آخر أن يقنع «النصرة» و«داعش» بتعذر تلبية مطالبهم.
في المقابل، قال مصدر في هيئة العلماء المسلمين أن إقرار مبدأ المقايضة من شأنه أن يفتح ثغرة في الملف.
اما مصادر «حزب الله»، فقد كشفت أن المقايضة لا يمكن أن تتم كيفما اتفق، وبالتالي لا بدّ من دراسة متأنية للأسماء، نظراً للمحاذير السياسية والأمنية والقضائية المرتبطة ببعضها.
وكشف معلومات للمؤسسة اللبنانية للارسال L.B.Cأن «حزب الله» أبدى استعداده بمبادلة الأسرى لديه من «النصرة» و«داعش» بالعسكريين الرهائن، مشيرة إلى أن هذا الاقتراح بات يحظى بموافقة الجميع، ولفتت الى ان المفاوضات ستكون سورية – سورية نظراً لتعذر التفاوض بين الجانب اللبناني و«النصرة».
وتحدثت المعلومات عن خطة يجري العمل عليها وتقوم على المبادلة بين المخطوفين العسكريين وبين موقوفين من الجهات الخاطفة لدى الجيش اللبناني وحزب الله والنظام السوري، وذلك استناداً إلى ان الجيش اللبناني اوقف خلال معارك عرسال وما بعدها اعداداً كبيرة من المسلحين الذين لم يحالوا إلى القضاء بعد، وبالتالي لم تصدر بحقهم قرارات اتهامية أو احكام، وبالتالي فان هذه الفئة من الموقوفين يمكن للدولة اللبنانية أن تجري عمليات تبادل بهم لاسترداد العسكريين الأسرى.
تجدر الإشارة إلى أن الموفد القطري وصل إلى بيروت في إطار مهمته للمساعدة في قضية العسكريين.
وقرابة منتصف الليل، اعلنت جبهة «النصرة» على «تويتر» ان لا تفاوض في قضية الجنود اللبنانيين حتى يتم اصلاح الامور في عرسال بشكل كامل.
درباس
من جهته، أكّد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ «اللواء» أن الرئيس سلام والوزراء الأعضاء في خلية الأزمة الوزارية مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ماضون في جهودهم من أجل إطلاق العسكريين، معلناً تأييده لأي أمر يساهم في إعادة هؤلاء العسكريين لأن خلاصهم يُشكّل خلاصاً للوطن، داعياً إلى عدم اتهام الحكومة بالتقاعس، قائلاً: «بالنسبة لي مفاوضات، ومقايضات أو اي أمر آخر انا أؤيده، وأؤيد ما يتم الاتفاق بشأنه، اما ان نجعل من هذا الموضوع ساحة للتجاذب لتخريب البلاد، فنكون ننفذ ما يريده تنظيم «داعش» الذي يسعى الى ذلك، فهذا التنظيم لا يمكن له ان يدخل الا اذا انقسمنا في ما بيننا.
ولاحظ درباس ان الخاطفين يوجهون العسكريين المحتجزين لديهم لقول ما يريدونه، مشيراً الى ان ما هو اخطر هو ذلك الذي يتصل بمطالب الاهالي، اذ ان هناك متراسين يتحدثان باسم المخطوفين، وقد ظهر ذلك في الاعلان عن المطالب، وبدا ان هناك من الاهالي من يؤيد المفاوضات وتسليم الموقوفين، في حين ان قسماً منهم يطالب باعطاء الامر لضرب عرسال، والكل يتهم الحكومة في حين انها تسعى جاهدة لانقاذ العسكريين.
وقال انها لحظة لاتخاذ موقف موحد يقضي بدعم الحكومة والجيش وسائر القوى المسلحة، وما يجعلنا شعباً من النازحين هو سقوط رأس الدولة، الامر الذي يستدعي عوناً لرعاية شؤون اللاجئين.
سلام
واستحوذت قضية العسكريين على جزء اساسي من خطاب الرئيس سلام امام الامم المتحدة، الى جانب مشكلة النازحين السوريين التي وصفها «بالكارثة الوطنية» بالنسبة الى لبنان.
وابلغ سلام الامم المتحدة بان الارهابيين تمكنوا الشهر الماضي من خطف عدد من افراد الجيش اللبناني والقوى الامنية واحتجزوهم للضغط على الدولة اللبنانية وابتزازها، وانه بغرض تصعيد الضغط نفذت هذه العصابات جريمة قتل وحشية بحق ثلاثة من المحتجزين الابرياء.
وقال: إن هذه الجرائم عرقلت جهود التفاوض غير المباشر الذي تقوم بها حكومتنا بمساعدة جهات صديقة، لتأمين الافراج عن العسكريين. وأنني أؤكد هنا، أن ليس بين خياراتنا في هذه القضية خيار التراجع عن أي من ثوابتنا، المتمثلة بتحرير العسكريين وحفظ هيبة الدولة وحماية أمنها وسيادة أراضيها.
إن الشعب اللبناني، في معركته مع الإرهاب، يقف إلى جانب قواته المسلحة التي هي الركيزة الاساسية لحماية السيادة الوطنية وضمان الأمن والسلم الأهلي. وتسعى الحكومة الى حشد الدعم اللازم لهذه القوات، لتمكينها من القيام بمهامها على أكمل وجه، مثمناً هنا الهبة السعودية السخية لتعزيز القدرات العسكرية للجيش اللبناني.
ولاحظ الرئيس سلام ان العدد الهائل من النازحين السوريين في لبنان، والذي يتجاوز المليون ونصف مليون، يشكل ضغطاً كبيرا على البنى التحتية اللبنانية، واصفاً هذه المشكلة بالكارثة الوطنية، معتبراً انها ازمة اقليمية كبرى موضوعة برسم المجتمع الدولي الذي عليه ان يتحمل مع لبنان هذا العبء الهائل الذي لا طاقة لأي دولة مهما كان حجمها على تحمله وحدها.
وانعقد قرابة منتصف الليل بتوقيت بيروت، اجتماع المجموعة الدولية لدعم لبنان لمواجهة مشكلة النازحين، في حضور الرئيس سلام الذي كانت له كلمة، كما كانت كلمات لممثلي الدول الأعضاء في المجموعة، أجمعت على تبني المطالب اللبنانية.
وكان الرئيس سلام قد اجتمع قبل إلقاء كلمته امام الجمعية العامة، بوزير الخارجية الأميركية جون كيري الذي أثنى خلال اللقاء على جهود الحكومة اللبنانية في مواجهة «داعش» عند الحدود، وأكّد التزام واشنطن بأمن لبنان واستقراره في مواجهة التحديات.
على ان اللافت في حركة الوفد اللبناني في نيويورك هو الاجتماع الذي عقده وزير الخارجية جبران باسيل مع نظيره السوري وليد المعلم، من دون ان يرشح شيء عن هذا اللقاء، باستثناء اشارات الى تنسيق المواقف بين البلدين، من دون ان يكون هناك تفويض رسمي بذلك.
لقاء بري – السنيورة
في هذا الوقت، بقيت الانظار متجهة نحو جلسة التشريع المرتقبة يوم الاربعاء المقبل، في انتظار استكمال التسوية على مشروع سلسلة الرتب والرواتب، بعد عودة الرئيس فؤاد السنيورة الى بيروت.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس السنيورة اجرى اتصالاً امس برئيس مجلس النواب نبيه بري تم خلاله الاتفاق على موعد لقائهما المرجح خلال الساعات المقبلة لانجاز التسوية، اذا لم يطرأ اي طارئ في اللحظات الاخيرة ليتسنى لهيئة مكتب المجلس الاجتماع الاثنين لتحديد جلسة اعمال جلسة تشريع الضرورة، التي اعلن الرئيس امين الجميل عدم مشاركة حزب الكتائب فيها، وعدم حضور اي جلسة ليس لها علاقة بانتخاب رئيس الجمهورية، داعياً المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ في جلسة 25 أيار الى اخلاء الساحة لغيرهم.