عون يرد تحية الغزل للحريري: العُقدة السنيِّة مختَلقَة وغير مبررة
عُقدة تمثيل سُنَّة 8 آذار في «البازار الإقليمي».. وبري ينتظر معجزة السماء!
«بلغ» العهد مرور الذكرى الثانية لانتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية، من دون حكومة العهد الأولى، في ما يشبه الغصة، لكن الفرصة، بعد يوم على لقاء بعبدا التشاور بين الرئيسين عون والمكلف سعد الحريري، لم تكن تبدو متاحة، على الرغم من الزيارة التي قام بها إلى بيت الوسط وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، والذي حرص على تقديم بعض الاقتراحات، علّه يصل إلى تسوية، تسبق إطلالة الرئيس عون، عبر شاشات التلفزة، في حوار اعلامي، بدا فاتراً، ولم يغص في اجابات ولا حتى في أسئلة، تتناول عمق المأزق، وتداعياته الخطيرة، في ضوء «حركة البنك الدولي» الذي دفع بالرئيس نبيه برّي إلى دق جرسه حول الوضع الاقتصادي الخطير، معتبراً انه قام بما عليه، وتكلم مع من يجب ان يتكلم معهم في ملف تشكيل الحكومة، وما آلت إليه الأمور حتى الآن.. مكتفياً بالدعاء، في اشارة توحي بوصول المحاولات الجارية إلى حائط مسدود، فالرئيس المكلف ماضٍ برفضه سنة 8 آذار الذين لديهم ستة نواب موزعين على كتل ممثلة في الوزارة ككتلة التنمية والتحرير (النائب قاسم هاشم)، والوفاء للمقاومة (النائب الوليد سكرية)، واللقاء الوطني (النائب فيصل كرامي) إلخ.. وحزب الله ماضٍ في تمسكه بتوزير نائب من حلفائه.
في حين ان النائب كرامي أكّد انه «لن تكون هناك حكومة من دون النواب السنة المستقلين»، محذراً من خلخلة في الشارع..
وإذا كانت عقدة تمثيل سنة 8 آذار في الحكومة دخلت في «البازار الاقليمي» على خلفية العقوبات الأميركية تجاه إيران بدءاً من مطلع الأسبوع المقبل، فإن الغزل الظاهر بين الرئيسين عون والحريري يُشير إلى ان لا تفريط في «الانجاز الحكومي» الذي تحقق إلى الآن، وان كان تعرض لفرملة تطول أو تقصر على همزة الاتصالات الجارية.
عون: خلاف مع حزب الله حول العقدة السنية
وألمح عون إلى ان الخلافات بشأن الحكومة «ليست سهلة» مشيراً إلى انه على خلاف مع حليفه حزب الله حول عقبة تمثيل النواب السنة.
وقال الرئيس عون في حوار اعلامي نقلته شاشات التلفزة لمناسبة الذكرى الثانية لانتخابه رئيساً للجمهورية: إن العراقيل التي «يتم اختلاقها ليست في مكانها وغير مبررة».
وتحدث عن مطلب السنة المدعومين من حزب الله وقال «هذا الأمر سبب تأخيرا وهذا التأخير هو نوع من التكتكة السياسية التي تضرب استراتيجتنا الكبيرة».
وقال عون إن السنة المدعومين من حزب الله «هم أفراد وليسوا كتلة. نحن نمثل الكتل ضمن معايير معينة، لقد تجمعوا أخيرا وطالبوا بتمثيلهم».
واستبعد الحريري التنازل عن أحد مقاعده الوزارية، وكان أحد الحلول الوسط أن يسمي عون أحد السنة المتحالفين مع حزب الله ضمن مجموعة من الوزراء الذين يسميهم الرئيس.
وقال عون «نحن يهمنا أن يكون رئيس الحكومة قويا وليس إضعافه لأن المسؤولية الملقاة على عاتقه كبيرة».
ورأى عون «اننا بلد ديمقراطي متعدد أكثر من اللازم، والحكومة يجب ان تكون وفق معايير محددة من دون تهميش لا طائفة ولا مجموعة، ولو رضي الجميع بأحجامهم لما حصلت أي مشكلة».
ورداً على سؤال عمّا إذا كان في الإمكان بذل مساعي مع حلفائه، ولا سيما «حزب الله» لحل عقدة تمثيل السنة المستقلين، اجاب: «الوضع ليس سهلاً، وأنا اقدره جيداً، اما حكومة الأمر الواقع فلا اعتقد انها تحترم».
ولوحظ ان الرئيس عون، لم يكن يرغب في ان يدخل الحوار معه في موضوع «العقدة السنية»، لكنه حينما طرح عليه السؤال، اكتفى بإجابة مختصرة عليه، غير ان مصادر مطلعة في قصر بعبدا، قالت ان الرئيس سيجري تقييمه في ما خص هذه العقدة المستجدة، لدرس كل خطوة يمكن اتخاذها وانعكاساتها، لا سيما في ما يتعلق بالتوازن داخل الحكومة، ولم تستبعد ان تحصل في لحظة معينة تسوية في الملف الحكومي تعيد الأمور إلى نصابها.
وأعلنت هذه المصادر لـ«اللواء» ان هناك إصراراً لدى الرئيس عون بأن يتم تشكيل الحكومة، وفق المعايير التي وضعت، لافتة الانتباه إلى ان أي تغيير في التركيبة الحكومية، ولا سيما لجهة التوزيع الطائفي يعني الوقوع في مشكلة.
وأكدت انه يعمل على تسهيل ولادة الحكومة وفق المعايير التي وضعت من عدالة التمثيل والانصاف، كما كان عليه الحال في العقدتين الدرزية و«القواتية».
وشددت على ان المهم المحافظة على المعايير، مشيرة الى ان توسيع عدد الحكومة ليصبح 32 وزيرا هو كلام اعلامي فحسب. وكررت القول ان تشكيل الحكومة مسؤولية رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والى انه في لقائهما امس الأول رفض الرئيس المكلف ان يكون السني المستقل من حصته.
واذ افادت ان ما من موعد مدرج اليوم للسنة المستقلين في قصر بعبدا لكن تردد ان اي موعد قد يكون بعيدا عن الاعلام. ورأت ان هناك محاولة لايجاد الحلول تفاديا لوصول الحكومة الى مكان مأزوم.
باسيل في «بيت الوسط»
غير ان الوزير باسيل، اختصر من بعبدا محصلة الاتصالات التي أجراها أمس، بقوله للصحافيين: «لا جديد»، وهو كان اطلع الرئيس عون على نتائج لقائه بعد الظهر مع الرئيس الحريري في «بيت الوسط» بعيداً عن الإعلام، وايضاً مع الحاج حسين الخليل الذي زاره بعد «بيت الوسط»، حيث تردّد انه اقترح على الرئيس المكلف حلاً للعقدة السنية تقضي بتسمية الوزير السني من قبل الرئيس عون، على ان لا يكون مستفزاً للرئيس الحريري، وان لا يكون من كتلة «المردة»، أي استبعاد عضوي الكتلة النائبين فيصل كرامي وجهاد الصمد، لكنه علم ان الرئيس الحريري أصرّ على موقفه الرافض لتوزير أي أحد من نواب سنة 8 آذار.
وترددت أيضاً معلومات مفادها ان الوزير باسيل أبلغ الرئيس الحريري رفض الرئيس عون التوزيع الطائفي للوزراء الذين سمتهم «القوات اللبنانية» وإعادة النظر بتوزيع المذاهب ولا سيما بالنسبة إلى الوزيرين المارونيين وان تتضمن حصة «القوات» مارونياً واحداً.
وردت مصادر «بيت الوسط» على هذا الطلب بالقول: «يبدو انهم لا يريدون حكومة».
لكن مصادر «التيار الوطني الحر» نفت لـ«اللواء» هذه المعلومات، مشيرة إلى ان «الاجتماع في «بيت الوسط» تركز على إيجاد حل للعقدة السنية – الشيعية، أي إصرار الثنائي الشيعي على تمثيل سنة المعارضة بوزير في الحكومة، ولم يتطرق إلى مسألة تبديل المذاهب في التشكيلة الحكومية».
اما مصادر «القوات اللبنانية» فعلقت على الموضوع عبر «اللواء»، مؤكدة ان كل ما يتم التداول به عبر الإعلام نحن غير معنيين به، وقد تبلغنا بشكل رسمي من الرئيس المكلف نتيجة مشاوراته المكثفة معنا ومع رئيس الجمهورية قراراً واضح المعالم بأن «القوات» تتمثل بمارونيين وثالث روم أرثوذكس والرابع أرمن كاثوليك.
ولفتت المصادر إلى انه قطع عهد ووعد للقوات بأن هذه خاتمة الأمور ان لجهة الحقائب أم لجهة التوزيع المذهبي، معتبرة كل كلام خلاف ذلك نحن غير معنيين به، الا إذا كان هناك من يريد ان ينقل التعطيل مجدداً إلى المربع المسيحي، بعدما لمس ان هذا التعطيل عندما توضح انه هو معني به مباشرة يريد إزاحة الصورة عنه من أجل إعادة التعقيد إلى المربع المسيحي، وان لا تفسير لهذا الأمر غير ذلك».
أجواء سلبية في «بيت الوسط»
في هذا الوقت، كانت الأجواء السلبية وغير المريحة قد خيمت بشكل واضح وملحوظ على أجواء «بيت الوسط» وباستثناء زيارة الوزير باسيل، فإنه لم تسجل أية حركة تتصل بمشاورات تأليف الحكومة، وكأن محركات التأليف اطفئت أو أخذت بعض الاستراحة.
ولاحظ المتابعون لمجريات الأمور، استياءً كبيراً لدى الرئيس الحريري حول ما سمي «بالعقدة السنية»، من خلال تمسك «حزب الله» بتمثيل أحد النواب السنة المعارضين لتيار «المستقبل»، وهناك كان تأكيد جازم من قبل مصادر الحريري بعدم قبوله على الاطلاق بأن يترأس حكومة تتضمن إسماً من نواب السنة المعارضين تحت اي ظرف من الظروف، والا فليتم البحث عن رئيس للحكومة اخر، مشيرة الى ان الكرة ليست في ملعب الرئيس الحريري.
ولفتت المصادر الى ان الرأي العام اصبح على اطلاع واضح ان من يعرقل التأليف هو «حزب الله» الذي يبدو انه لا يريد حكومة، واكدت المصادر ان قرار الرئيس الحريري في هذا الاطار حاسم وليس هناك من امكانية لتراجعه عن موقفه وانه ليس في صدد تقديم اي تنازلات جديدة، خصوصا ان موقفه من مسألة توزير سنة نواب المعارضة كان واضحا منذ البداية من خلال ابلاغه الامر الى رئيس الجمهورية والى عدد من المعنيين، كذلك من خلال مواقفه التي اعلن عنها مرارا وتكرارا في الاعلام فيما يخص هذا الموضوع.
عين التينة: لم يبق سوى الدعاء
ويبدو ان الأجواء السلبية نفسها انعكست بدورها على أجواء عين التينة، حيث رفض الرئيس نبيه برّي الدخول مع نواب الأربعاء في نقاش حول مسألة توزير نواب سنة 8 آذار، قائلاً للنواب: «دعوني من هذا الموضوع، لقد تكلمت مع من يجب ان اتكلم معهم في شأن الحكومة، ولم يبق لنا سوى الدعاء للإسراع في تشكيلها».
ولوحظ ان الرئيس برّي الذي كان يعتزم الدعوة إلى جلسة تشريعية الشهر المقبل، وقد تمّ توزيع جدول أعمالها على النواب، يفضل التريث في توجيه الدعوة، في ظل الوضع والظروف الآنية، والتي تتسم بحساسية معينة.
ولاحقاً، ترأس بري في عين التينة، الاجتماع الدوري لكتلة «التنمية والتحرير» التي اعلنت في بيان ان الرئيس بري وضع «النواب في أجواء ملف تشكيل الحكومة، وعدم الرغبة في تحديد موعد لجلسة تشريعية نظرا الى الأجواء السائدة حكوميا.
«غزل تويتري»
وعشية بدء السنة الثالثة لولاية الرئيس عون في رئاسة الجمهورية، لفت انتباه المراقبين «الغزل» التويتري الذي دارت وقائعه مساء أمس بين الرئيسين عون والحريري، إذ غرد الثاني عبر حسابه على موقع «تويتر» قائلاً: «سنتان معاً على طريق استعادة الثقة بالدولة، ومعك لن نتراجع عن مسيرة النهوض بلبنان، نسأل الله ان ينعم عليك بالصحة لتبقى عنواناً لوحدة جميع اللبنانيين». ورد الرئيس عون على تغريدة الحريري بتغريدة قال فيها: «بالتفاهم والتضامن نستطيع ان نحقق الكثير، وسنبقى معاً ما دمنا نخدم معاً مصلحة لبنان ونحفظ وحدة اللبنانيين».
وفي تقدير مصادر سياسية، ان هذا الغزل المتبادل بين الرئيسين، فيما كان العهد يطوي العام الثاني من الولاية، من دون حكومة، عكس متانة التسوية السياسية الحالية، وتفاهماً يفترض ان تكون ترجمته حلاً معيناً للعقدة السنية لا تغضب الحريري، بدأت مؤشراته من خلال كلام عون بأنه «يهمه ان يكون رئيس الحكومة قوياً»، واشارته إلى ان لا تحدث مسألة تمثيل السنة من خارج تيّار المستقبل «ثغرة في الوحدة الوطنية»، فضلاً عن لفتته اتجاه الحريري، رداً على سؤال حول سر الكيمياء بينهما، عندما قال: ان نوايا الحريري طيبة لبناء لبنان، رغم اننا نختلف حياناً في الرأي، لكنه الأقوى في طائفته، علماً ان عدد نوابه انخفض في الانتخابات الأخيرة.
وتناول الحوار الإعلامي الذي أجري مع عون عبر محطات التلفزة والاذاعة، مختلف الأوضاع الراهنة والمحطات التي مرّت بها الولاية على مدى السنتين الماضيتين، والتي اتسمت بأنها لم تكن على قدر طموح اللبنانيين، على حدّ ما خصلت إليها «عينة» من المواطنين أخذت عشوائياً وبثت خلال الحوار، حيث ردّ عليها الرئيس معترفاً بأن هناك قضايا لا امكانات لتنفيذها بالنسبة لتأمين الخدمات للناس، وأخرى فيها تقصير، لكنه وعد بالعمل على معالجته، على الرغم من قناعته بأن هناك من يعمل على مقاومة ذلك، لافتاً الحاجة إلى تشريعات في مجلس النواب، آملاً من الحكومة المقبلة تسهيل العمل بالنسبة لازمة الكهرباء.
وكشف انه يحضر لمؤتمر في مطلع السنة المقبلة يتعلق بالقضاء، معتبراً ان هذا الأمر يعطينا فرصة لإصلاح القوانين، لافتاً إلى انه ليس قلقاً من الوضعين الاقتصادي والمالي، ولكن إذا اكملنا هكذا فالخطر أكبر، مشيراً إلى ان الوضع الاقتصادي سيئ لكنه موروث، ووصف العقوبات الأميركية على «حزب الله» بالاستعمار المالي لأنها تحد من تصرف أي شخص بامواله، معتبراً ان كل لبنان سيتأثر بها.
وطالب المؤسسات التي تهتم بالنازحين بان تقدّم المساعدات لهم في سوريا وليس في لبنان، متوقعاً ان نصل إلى مرحلة نعالج فيها مسألة النازحين بالتفاهم مع سوريا وبمعزل عن المؤسسات الدولية، الا انه كشف بأن المبادرة الروسية في هذا السياق تعرقلت.
وقال ان احتمال لقائه بالرئيس الأسد مرهونة بالأمور مجدداً دفاعه عن وجود المقاومة، بقوله ان شرعة الأمم المتحدة تسمح بذلك، ووعد خيراً اللبنانيين بالعمل على تحقيق كل حاجاتهم رغم ان الموارد قليلة، لكنه لاحظ ان المسألة ليست سهلة والتحديات كبيرة.
وأعلن انه «سيطالب بمحكمة خاصة للجرائم المالية».
وختم متوجهاً إلى اللبنانيين بالقول: «وصلت بدعمكم ومحبتكم وثقتكم. لن اصدمكم، فستبقى الثقة بيني وبينكم، وهذا من خلال الوعود التي اعطيتكم اياها».
أزمة الكهرباء
إلى ذلك، توقعت بعض المصادر ان تحدث أزمة في توزيع التيار الكهربائي على المناطق، تبعاً للخلل الحاصل لدى مؤسسة كهرباء لبنان على صعيد حاجتها الى مادة الفيول، بسبب نقص في التمويل، وهو الامر الذي ردّت عليه وزارة المال، بالتأكيد على ان أي زيادة في موازنة وزارة الطاقة تحتاج إلى قانون، وعليها ان تصرف من الاعتمادات الملحوظة لها في الموازنة.