حوار عين التينة يُلامس مواجهة المخاطر.. ولقاء متوقّع بين برّي والحريري
عون في بيت الوسط : تواصل وعشاء.. وجعجع يُؤكّد الخلاف حول الرئاسة الأولى
لم يكن النقاش في جلسة الحوار السادسة بين تيّار المستقبل و«حزب الله» سلساً، أو مرناً، على النحو الذي عكسه البيان الذي صدر عن الجلسة، التي لم تتجاوز الثلاث ساعات، وأجرت لأول مرّة «مقاربة للدعوات المتبادلة حول سبل الوصول إلى الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب وفتح النقاش حول آلياتها».
وبالتزامن مع هذه الجلسة التي وصفت بالمهمة، كونها تختبر مدى القدرة على إنتاج تفاهم وطني لمواجهة الحريق الذي يضرب المنطقة، والذي توقع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ان يقوى ويشتد هذا العام، كانت المشكلات التي تواجه عمل حكومة الرئيس تمام سلام والأوضاع المتفجرة في المنطقة، لا سيما في سوريا والعراق ومخاطر امتدادها إلى لبنان، وأهمية اللقاءات الحوارية الجارية في البلاد لانتاج تفاهمات وطنية في مكافحة المخاطر الإرهابية وظاهرات التطرف، وصولاً إلى التفاهم على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، على بساط البحث بين الرئيس سعد الحريري ورئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» العماد ميشال عون، في «بيت الوسط».
وامتدت المحادثات التي جرت بين الرئيس الحريري والعماد عون وشارك فيها كل من وزير الخارجية جبران باسيل ومستشار الرئيس الحريري النائب السابق الدكتور غطاس خوري الذي يتولى الاتصالات السياسية مع كل من بكركي والرابية، على مائدة عشاء على شرف ضيفه.
وفي بداية اللقاء، هنأ الرئيس الحريري عون بعيد ميلاده الثمانين، قبل أن يستغرقا في عرض مجمل الأوضاع السياسية في البلاد وآخر المستجدات الإقليمية، فيما توقعت مصادر مطلعة أن يعقبه لقاء مع الرئيس نبيه برّي قبل نهاية الأسبوع.
وبطبيعة الحال، لم يغب الحوار الدائر بين عون و«القوات اللبنانية» عن اللقاء، في ضوء النقاط التي تمّ التفاهم عليها حتى الآن، والذي لم يصل بعد إلى نظرة موحدة في الملف الرئاسي الذي وضع جانباً لعدم عرقلة سائر الملفات، بحسب ما أعلن رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، بعدما أرجأ الرئيس نبيه برّي الجلسة التي كانت مقررة لانتخاب رئيس الجمهورية للمرة الـ19 إلى 11 آذار المقبل.
تجدر الإشارة إلى أن جعجع هنأ عون بعيد ميلاده، عبر «تويتر» فرد عليه الأخير املاً أن يكون اتفاقهما ناجزاً مع نهاية زمن الصوم.
جلسة الحوار السادسة
وبالعودة إلى الحوار، فقد كشفت مصادر وزارية انه بعد تقييم الخطة الأمنية في البقاع الشمالي، والإجراءات المتخذة لوقف إطلاق النار لدى إلقاء الخطابات، سواء في الضاحية أو غيرها.
وفيما غابت قضية «سرايا المقاومة» عن البحث للمرة السادسة، حضر خطاب كل من الرئيس الحريري والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله على طاولة النقاش، من زاوية المخاطر المحدقة بلبنان، بسبب تهديدات المجموعات المسلحة، والتي تمارس ارهاباً في سوريا والعراق وليبيا وبلدان أخرى، وباتت تشكّل خطراً فعلياً على لبنان.
وعلى الرغم من التباعد في نظرة كل من «المستقبل» و«حزب الله» من استراتيجية مكافحة الإرهاب، فان المصادر الوزارية تُشير إلى ان الطرفين ابديا حرصاً على إيجاد نقاط تفاهم حول هذه الاستراتيجية.
وكشفت المصادر أن فريق «المستقبل» شدد على أن تكون الدولة وحدها هي إطار وضع الآلية المتعلقة بالاستراتيجية، لأن ما يهم تيار «المستقبل» هو حماية لبنان ومنع امتداد الحريق إليه، وأن الاتفاق مع الحزب يتعلق فقط بضرورة حماية لبنان من أية ارتدادات سلبية للحريق السوري.
وبحسب المعلومات فإن فريق الحزب حدد من جهته موقفه، واستمهل لأكمال البحث من دون أن يصل الحوار في هذه النقطة إلى نتيجة، سوى تحديد المواقف.
وبعد انتهاء الجلسة التي لم يغب عنها أي من ممثلي الطرفين بمشاركة الوزير علي حسن خليل ممثلاً الرئيس نبيه بري، أوضح البيان الرسمي أنه «جرى استكمال الحوار بروح جدية في المواضيع المطروحة، وحصل تقييم للخطة الأمنية في البقاع والخطوات التي حصلت على صعيد نزع الأعلام والصور في المناطق المختلفة والالتزام الجدي بها.
ودعا المجتمعون القوى السياسية والمرجعيات للمساعدة على وقف ظاهرة إطلاق النار في المناسبات أياً كان طابعها.
وجرت مقاربة للدعوات المتبادلة حول سبل الوصول إلى الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الارهاب، وفتح النقاش حول آلياتها».
أما وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي شارك في الحوار، فقد أعلن أن نجاحه مرهون بسريته، مشيراً إلى أن الرئيس الحريري حدد نقاط الخلاف مع الحزب في خطابه، وهذه النقاط نؤجل البحث فيها للتفاهم على الأمور التي يمكن التفاهم عليها، مشدداً على «أننا جزء من منطقة تحترق بصرف النظر عن الخصومات، يجب أن ننقذ لبنان من هذا الحريق الذي لم يعد فقط داخل سوريا، ومهمتنا أن نخلّص لبنان إذا استطعنا».
الآلية
وتؤكد المعلومات التي حصلت عليها «اللواء» أن جلسة لمجلس الوزراء ستعقد بالتأكيد في الأسبوع المقبل، معربة عن تفاؤلها بالتوصل إلى تفاهم حول آلية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء تُنهي أسبوعين أو أكثر من التجاذبات وتعطيل مصالح المواطنين.
وفي هذا السياق، أمل وزير البيئة محمد المشنوق لـ«اللواء» أن تكون هناك جلسة لمجلس الوزراء في الأسبوع المقبل، لبحث موضوع الآلية بكل شفافية، وعرض الأسباب التي أدت إلى ممارسات خاطئة لآلية التوافق التي تم اعتمادها في بداية عهد الحكومة السلامية، وأن يتم هذا الحوار بين الوزراء بكل هدوء ومحبة.
وتوقع الوزير المشنوق أن تكون الجلسة مع جدول أعمال عادي من دون استبعاد طرح مسألة تعيين مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية في طرابلس، حتى يكون الوزير رشيد درباس حاضراً معنا، موضحاً أن المشاورات التي أجراها الرئيس سلام مع الوزراء كانت إيجابية، لافتاً النظر إلى ان رئيس الحكومة حريص على تطبيق المادة 65 من الدستور، ولكن إذا كانت هناك ضرورة لاعتماد التصويت بالثلثين فلا بأس، مع اعطاء الأهمية لكل المواضيع المطروحة، مشدداً على ضرورة العودة الى الوضع الذي نحترم فيه مقام رئيس مجلس الوزراء من دون استعمال حق «الفيتو» الا في حالات معينة.
من جهة ثانية، استغربت مصادر سياسية مواقف بعض الوزراء الذين دعوا إلى تعديل في الآلية المتبعة ومن ثم العودة إليها، مشيرة إلى أن الرئيس سلام قرّر دراسة البحث في بدائل بعدما لمس اعتراضات عدد كبير من الوزراء واستاء من التعطيل الحاصل.
وأقرت هذه المصادر بأنه حتى الساعة لا يزال البحث عن آلية جديدة يدور في حلقة مفرغة، نظراً إلى المواقف المتباينة، الأمر الذي قد يطيل تعليق جلسات الحكومة الى أجل غير مسمى، ما دفع الرئيس سلام إلى الشعور بالقلق، والتفكير بالتالي إلى العودة إلى عقد جلسات للحكومة، للحيلولة دون إعلان الفشل في التوصّل الى صيغة الحل، خصوصاً وان ثمة تساؤلات حقيقية عن أسباب العرقلة، وعن القراءات المختلفة لكيفية تطبيق الآلية، مما يحول دون الوصول الى تفاهم.
إلى ذلك، قال وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج لـ «اللواء» انه لم يفهم شيئاً مما قاله الوزير باسيل في أعقاب لقائه الرئيس سلام، إذ انه أكّد انه لا يمكن لأحد أن يعطل، لكنه أعلن من جهة ثانية انه يؤيد بقاء الآلية كما هي، متسائلاً: ألم يكن الوزير باسيل نفسه هو من عطل ملف الانترنت.
وأيد الوزير دو فريج اللجوء إلى الدستور في ما خص آلية العمل الحكومي، مشيراً إلى أن النكايات الشخصية والحزبية هي من عطل الحكومة، فيما المواطن اللبناني يدفع الثمن.
وفهم أن النشاط الرسمي للرئيس سلام يخلو اليوم من لقاءات مصورة، ما يعطي انطباعاً بأنه سيجري سلسلة مشاورات بعيداً من الإعلام.
قهوجي في الرياض
على صعيد آخر، توجه قائد الجيش العماد جان قهوجي أمس إلى الرياض للمشاركة في اجتماع رؤساء وقادة جيوش دول التحالف الدولي لمحاربة «داعش».
وتأتي مشاركة لبنان للمرة الثانية في هذه الاجتماعات ليكون على بينة من خطط التحالف لتوجيه ضربات جوية وبرية ومحاصرة هذا التنظيم الذي ينتقل من مجزرة إلى مجزرة وتصيب ضرباته الأبرياء في كل الشرق الأوسط.
وقال مصدر سياسي لـ «اللواء» أن مشاركة لبنان تنبع من أن أية استراتيجية لبنانية لمحاربة «داعش» والمنظمات المتطرفة والتكفيرية لا يمكن أن تكون الا من خلال قوى الشرعية اللبنانية وفي مقدمها الجيش في ضوء النجاحات التي حققها في تنفيذ الخطط الأمنية والتصدي للمجموعات المسلحة في رأس بعلبك وجرود عرسال.
تزامناً، ترأس الرئيس سلام، أمس، اجتماعاً لخلية الأزمة المكلفة متابعة قضية العسكريين المحتجزين لدى تنظيمي «داعش» و«النصرة» في جرود رسال، وشارك في هذا الاجتماع الذي يعقد للمرة الأولى منذ قرابة ثلاثة أسابيع، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم العائد لتوه من الدوحة، حيث أجرى محادثات مع مسؤولين قطريين، أسفرت عن استعادة قطر لدورها في موضوع المخطوفين العسكريين.
وحرص وزير الداخلية، في حواره مساء أمس مع تلفزيون «المستقبل»، عن توجيه الشكر لدولة قطر لاستئناف دورها في مسألة تهم كل اللبنانيين، مشيراً الى أن المفاوضات الجارية لاطلاق العسكريين قطعت شوطاً لا بأس به، وهناك تقدّم جدي على مسار من مسارين نأمل ان نصل من خلاله إلى نتيجة، في إشارة إلى التقدم الحاصل في التفاوض مع جبهة «النصرة» التي تحتجز 16 عسكرياً والذي يتولاه الشيخ مصطفى الحجيري (ابو طاقية)، والذي نجح في تأمين زيارة لعائلة المخطوف بيار جعجع لإبنها في جرود عرسال.