Site icon IMLebanon

تبريد يسبق حقائق الحريري اليوم وباسيل يسوّق لتسوية متفائلة

تبريد يسبق حقائق الحريري اليوم وباسيل يسوّق لتسوية متفائلة
إيحاءات سلبية لاستفزاز الرئيس المكلّف.. وإقرار قانون كشف مصير مفقودي الحرب
بصرف النظر عن حجم الأبعاد المالية، التي ترتبت على مشاريع واقتراحات القوانين، التي اقرها مجلس النواب في جلستيه التشريعيتين أمس، فإن البوصلة اتجهت إلى بيت الوسط، وما يمكن ان يكون قد استجد في الكلمة التي ستتضمن ردّ الرئيس المكلف على الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، وشرح حقائق الأمور المتعلقة بعملية تشكيل الحكومة.
وفي المعطيات الأولى التي تسبق المؤتمر الصحفي نقاط ثلاث:
1- إطلاق جولة مشاورات من زاوية التمسك بتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة الرئيس المكلف سعد الحريري، شملت لقاء بين الرئيس نبيه برّي والرئيس المكلف، ثم لقاء بين رئيس المجلس والوزير جبران باسيل، الذي زار بيت الوسط، وعقد لقاءً مطولاً مع الرئيس الحريري، من دون ان يخرج بأي تصريح..
2- النقطة الثانية، التمسك بالتهدئة، واعتبار ان التبرير السياسي، هو المدخل للمعالجة..
3- إطلاق مبادرة وضعت لدى الرئيس المكلف.
وفي ضوء هذه المعطيات، أكدت مصادر مقربة من الرئيس الحريري انه سيتمسك في الثوابت في مؤتمره الصحفي، ويرد على مغالطات السيّد نصر الله في خطابه السبت الماضي.
وقالت المصادر ان دقة المرحلة تستدعي التنازل من سائر الأطراف..
وحول «الحل الوسط» الذي حمله الوزير باسيل للرئيس الحريري، كشفت أوساط رئيس التيار الوطني الحر ان مبادرته ترتكز على أمور ثلاثة:
1- أن يُبادر نواب اللقاء التشاوري السني، إلى طلب موعد من الرئيس المكلف، على ان يُحدّد لهم الموعد..
ويبلغهم ما أعلن من انهم لم يشاركوا في الاستشارات النيابية الملزمة ككتلة، وموقفه على هذا الصعيد شبيه بموقف رئيس الجمهورية، عندما استقبل أعضاء اللقاء المعروفين بسنة 8 آذار..
2- من الأفكار المطروحة، توزير شخصية من 8 آذار، أو قريبة لهذا الفريق، وطرح على هذا الصعيد، اسم نقيب المحامين السابق في الشمال خلدون نجا، وتربطه علاقة قرابة أيضاً بالنائب السابق محمّد الصفدي.. في حين ان الوزير باسيل طرح توزير شخصية سنية بقاعية..
3- تركّز المبادرة على ولادة مراسيم الحكومة قبل 22 ت2، بحيث يحتفل لبنان بعيد الاستقلال، بحكومة اصيلة، وليست بحكومة تصريف أعمال..
وأعلن الوزير باسيل انه سيلتقي النائب السابق وليد جنبلاط في الساعات المقبلة، نافياً ان تكون العقدة خارجية، ومؤكداً ان ولادة الحكومة باتت قريبة.
وفي السياق، أكّد مصدر وزاري مطلع، انه وبانتظار كلام الرئيس الحريري اليوم، فإن صيغة 3 عشرات، ما تزال المعتمدة في الحكومة العتيدة.
ماذا سيقول الحريري اليوم؟
في هذا الوقت، بقيت كل الانظار مشدودة الى «الكلمة الفصل» التي سيعلنها الرئيس الحريري اليوم من «بيت الوسط»، فيما علم ان جزءاً من المسعى الذي قام به أمس رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، كان لتهدئة الحريري ومحاولة اقناعه بحل يقضي بتمثيل نواب سنة 8 آذار في الحكومة من حصة الرئيس ميشال عون، وهو ما رفضه الحريري، ملوحاً بوقف كل محركات تأليف الحكومة، ولكن من دون ان يكون في ذلك اعتكافاً أو اعتذاراً، خصوصاً بعدما تبين مما رشح من أوساط 8 آذار، ان المواقف التصعيدية التي اعلنها الأمين العام لـ«حزب الله» السبت الماضي، كانت بقصد احراجه دفعاً لاخراجه من التأليف، وهو ما كشفه الوزير السابق وئام وهّاب بعد زيارته لنائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، عندما اعتبر انه «لن تكون هناك مشكلة إذا اعتذر الحريري»، وان الحريري «لا يصلح لأن يكون رئيساً للحكومة، أو حتى ان يكون موظفاً في الحكومة».
ولم تستبعد بعض المصادر ان يزور الحريري قصر بعبدا قبل مؤتمره الصحفي، من ضمن المحاولات الرامية إلى تدوير الزوايا، وعدم إيصال المواجهة بينه وبين «حزب الله» إلى نقطة اللاعودة، وان تقتصر وقائع المؤتمر على شرح حقائق الأمور المتعلقة بتشكيل الحكومة، علماً ان «مفاتيح» «بيت الوسط» غابت أمس عن السمع ولم يتم تسريب شيء عمّا سيقوله الرئيس الحريري اليوم، حتى ان الوزير باسيل لم يشأ الإدلاء بأي تصريح بعد لقاء الحريري لمدة تزيد عن الساعتين، تخللها غداء رغم انه وعد بذلك قبل وصوله، في إشارة فهم منها الصحافيون إلى ان الأمور ما تزال على حالها على رغم عودة محركات تأليف الحكومة إلى الدوران، والاتصالات الجارية لحل عقدة توزير سنة 8 آذار.
مسعى باسيل
وفي تقدير مصادر سياسية مطلعة، ان الحركة التي قام بها باسيل أمس باتجاه رئيس مجلس النواب نبيه برّي والرئيس الحريري، وكذلك اللقاء الذي جمعه بالنائب فيصل كرامي على هامش الجلسة المسائية النيابية في ساحة النجمة من دون ان يرشح شيء من هذا اللقاء، تصب في إطار الجهد الذي يبذل على صعيد الملف الحكومي، لتضييق الهوة بين رئيس الحكومة المكلف و«حزب الله».
ولفتت المصادر الى انه من غير المعروف ما اذا كان هذا التحرك سيؤدي الى مخرج لعقدة السنة المستقلين، خصوصا وان كلام نصر الله كان واضحا مشيرة الى انه على الرغم من السقف العالي الذي حدده، الى انه ترك هامشافي دعوته الى الحديث مع السنه المستقلين لمعرفة مطالبهم وماذا يريدون؟.
وكشفت ان التشكيلة الحكومية باتت جاهزة عمليا، وينقصها اسقاط اسماء ممثلي «حزب الله»، والوزراء السنة في حال قبول الحريري بتوزير احد منهم.
من هنا فان المصادر دعت الى عدم استباق الامور قبل كلام رئيس الحكومة اليوم، وما قد يعلنه من مواقف وسط توقع بأن تشكل ردا على السيد نصر الله.
لكن المصادر نفسها تحدثت عن «رغبة في تفعيل وتحريك الامور في اتجاه ولادة قريبة للحكومة فبل ذكرى الاستقلال، انما اكدت انه في حال بقي السنة المستقلون على موقفهم القاضي بتوزير شخص من النواب الستة، فان ولادة الحكومة تصبح مستحيلة قبل ٢٢ تشرين الثاني الجاري.
الى ذلك أكدت المصادر ان الرئيس المكلف ليس في وارد الاعتكاف او الاعتذار.
واوضحت ان ما يحكى عن»الوزير الملك» لحل المشكلة السنية هو واحد من الافكار المطروحة، لكن الامر يتوقف على قبول هؤلاء بتوزير شخصية سنية تحظى بموافقتهم. واوضحت المصادر انه ليس معروفا ما اذا كان هناك من لقاء سيعقد بين الحريري والنواب السنة المستقلين لافتة الى ان ثمة نوابا من النواب الستة اصبح من المستبعد توزيرهم كونهم في كتل نيابية ممثلة في الحكومة اما اذا كان هناك من طرح يقوم بمنح احدهم وزارة الدولة فهو مجرد فكرة ليس اكثر.
واشارت الى ان ما من عقدة للتمثيل الكاثوليكي في الصيغة الحكومية الراهنة لإن في التوزيع الحالي ثمة 3 وزراء كاثوليك ضمن تكتل لبنان القوي. واشارت الى انه لا بد من الاخذ بالاعتبار ان هذه الصيغة قد تكون قابلة للتعديل قبل النسخة النهائية.
وكان باسيل حدّد ثوابت تحركه، بعد لقاء الرئيس برّي في المجلس النيابي، بأن لا اعتذار للرئيس المكلف، وتشكيل حكومة وحدة وطنية باكثرية وأقلية كل مكون بعيداً عن الاحتكار بمعايير تمثيل عادل للكتل النيابية، بحيث يمكن تخيل الحل وفق المبدأ والمعيار، مشدداً على ان المطلوب رئيس حكومة قوي لأنه إذا كان ضعيفاً فالعهد والحكومة سيكونا ضعيفين.
الا ان باسيل لم يشأ الكشف عمّا يتضمنه مسعاه من بنود لحل عقدة تمثيل نواب السنة المستقلين، لكن معلومات كشفت ان وزير الخارجية يقترح توزير واحد من النواب السنة العشرة، وليس النواب الستة، باعتبار ان أربعة من هؤلاء ينتمون إلى كتل نيابية ممثلة في الحكومة، غير ان العقدة تكمن في موقف السيّد نصر الله الذي ربط موافقته على أي حل بموافقة النواب السنة الذين يشترطون تمثيل أحدهم في الحكومة، من حصة الرئيس الحريري وليس من حصة رئيس الجمهورية.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر اطلعت على مضمون لقاء باسيل – نصر الله ليل الجمعة – السبت الماضي، ان اللقاء كان عاصفاً، خصوصاً لجهة اعتراض نصر الله على وصف العقدة بالسنية – الشيعية، معتبراً ان هذا الوصف يؤجج لفتنة مذهبية.
ولفتت المصادر إلى ان معظم ما جاء في خطاب نصر الله بعد ظهر السبت سمعه باسيل ولو بشكل مختلف من نصر الله شخصياً وبكامل التفاصيل بما تضمنه من غضب وعتب.
وقالت ان الرئيس عون لم يفاجأ بمضمون الخطاب العالي النبرة لنصر الله كونه اطلع على اجوائه من باسيل صباحاً.
جنبلاط: إنتهى الطائف
ولاحظت ان النبرة الفوقية التي طبعت كلمة الأمين العام للحزب وتبرؤه من «التواضع» و«الادمية» بدت وكأنه يقول للجميع، حلفاء وخصوماً، ان مفاتيح الحل والربط في الملفات الداخلية باتت في يد الحزب، بما في ذلك الدساتير والقوانين التي يفترض مبدئياً ان تحكم الحياة السياسية اللبنانية، بما في ذلك مهمة تأليف الحكومة التي وضعها دستور الطائف بالرئيس المكلف بالتنسيق مع رئيس الجمهورية، وقالت ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي التقط هذه الإشارة، فغرد أمس، عبر «تويتر» ناشراً صورة للعميد ريمون إده قائلاً: «في تلك الأيام كان للديمقراطية معنى وللدستور حصانة وللقانون سطوة، كان العميد إده في مقدمة رجال الدولة في الحكم أو في المعارضة، ثم دخل الاغتيال السياسي من قبل الأنظمة الملكية وأتت الحرب ثم تسوية الطائف بدستور لا يطبق». وختم: متسائلاً «بالامس انتهى الطائف، فما هو معنى حكومة الوحدة الوطنية».
أما البطريرك الماروني بشارة الراعي، فقد ردّ بدوره على السيّد نصر الله، الذي لم يوفّر في خطابه أياً من المقامات الروحية والمسؤولين والسياسيين اللبنانيين، معتبراً انه «من غير الممكن القبول بأن يحكم لبنان بذهنية ميليشيات سياسية بعد ان انتهى زمن الميليشيات العسكرية»، وقال خلال الدورة 52 لمجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك: «ما يؤلم شعبنا ويؤلمنا هو إهمال المسؤولين في الدولة وحصراً اهتمامهم بمصالحهم الخاصة والظهور وكأنهم لا يريدون بناء دولة قانون لأنها تتنافى ومكاسبهم ونفوذهم وزعاماتهم، ولهذا السبب ضعف الولاء للبنان».
الجلسة التشريعية
إلى ذلك، لوحظ ان التناغم الذي بدا واضحاً بين الرئيسين برّي والحريري منذ لحظة دخوله الى مبنى البرلمان في ساحة النجمة، والخلوة التي جمعتهما في مكتب برّي، انسحب على وقائع الجلسة التشريعية، سواء في ما يتعلق بسحب عدد من اقتراحات القوانين المقدمة من نواب، لدرس نفقاتها المالية، أو باختصار الجلسة إلى يوم واحد، أو بالتمني على النواب عدم إثارة تداعيات ما قاله السيّد نصر الله، ضمن الأوراق الواردة، قبل بدء التشريع، الأمر الذي افسح في المجال لأن تمر الجلسة برداً وسلاماً، من دون ان تتأثر بالاجواء السياسية المتشنجة في الخارج.
وإذا كانت المشاورات الجانبية سحبت المواقف السياسية المحيطة بأزمة التأليف، فإن النقاشات في السياسة الصحية طغت على الجلسة الصباحية، من خلال فتح اعتماد إضافي بـ75 مليار ليرة لسد العجز في أدوية السرطان والامراض المزمنة، وكذلك التصديق على أربعة اتفاقيات لدعم القطاع الصحي، في حين كان لافتاً لجوء الحريري إلى طلب تأجيل كل اقتراحات القوانين التي ترتب زيادة انفاق على الحكومة المقبلة، بما في ذلك سحب اقتراح باعفاء السيّارات المتضررة في حرب تموز ومعارك نهر البارد على الرغم من احتجاج نواب «حزب الله». كما كان لافتاً تلويح وزير المال على حسن خليل بأن احتياطي الموازنة لا يوجد فيه ليرة لبنانية واحدة لتغطية نفقات تمويل أدوية السرطان، فرد عليه برّي بأن «الحكومة مجبرة على تأمين الأموال».
ولم يتخلل الجلسة الصباحية أي توتر، باستثناء انسحاب الرئيس نجيب ميقاتي منها اعتراضاً على التشريع في شكل طبيعي والتغاضي عن كون الحكومة حكومة تصريف أعمال.
اما الجلسة المسائية، فقد سادها جو من الهرج والمرج، لا سيما أثناء البحث في اقتراح القانون الرامي إلى تمديد مُـدّة امتياز شركة كهرباء زحلة سنتين اضافيتين، والمقدم من نواب «القوات اللبنانية» بحيث أخذ حيزاً واسعاً من النقاش تخلله سجالات متشعبة على أكثر من جهة، ولم تنفع «مطرقة» برّي في تهدئة هذا النقاش الذي تحول إلى نوع من الكباش بين نواب «القوات» و«التيار الوطني الحر»، انتهى الى إقرار التعديل الذي اقترحه وزير الطاقة سيزار أبي خليل بتحويل عقد كهرباء زحلة من عقد امتياز إلى عقد تشغيل، كما تمّ تمرير اقتراح أبي خليل بإعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة طويلة الأجل بقيمة 642 ألف مليار ليرة على الرغم من اعتراضات نواب الحزب الاشتراكي على عدم التزام مؤسسة الكهرباء بوعودها بتزويد اللبنانيين الكهرباء 24 على 24 ساعة منذ العام 1992.
على ان البارز في الجلسة المسائية كان إقرار اقتراح القانون المتعلق بالمفقودين قسراً، وسط تصفيق داخل القاعة العامة وتبادل التبريكات ولو عن بعد بين عدد من النواب وبعض أعضاء لجنة المتابعة لهذا الملف الذين حضروا الجلسة لمواكبة سير الاقتراح، بما في ذلك المادة 37 من الاقتراح التي تقضي بملاحقة من تسبب وشارك أو حرض على إخفاء المفقودين أثناء الحرب الأهلية.
وبذلك تكون حصيلة الجلسة التصديق على 13 مشروعاً واقتراح قانون، فيما تمّ سحب أو ارجاء أو إحالة إلى اللجان المختصة 26 مشروعاً واقتراح قانون، أبرزها اقتراح إخضاع الصفقات العمومية في الإدارات العامة والمؤسسات والبلديات لصلاحيات إدارة المناقصات لدى التفتيش المركزي المقدم من نواب كتلتي التنمية والتحرير و«الوفاء للمقاومة».