8 آذار تصعِّد: التأليف بشروطنا .. والبديل جاهز!
الحريري لن يستقبل الستة ككتلة… وتحذير أممي من إضاعة فرصة «سيدر»
ماذا وراء أكمة تأخير تأليف الحكومة؟ هل ثمة حسابات خارجية، أم معادلات داخلية، تؤثر على معادلات تقاسم الحصص الوزارية، سواء في ما يتعلق بالثلث المعطل، لهذا الفريق أو ذاك، أو الاحتفاظ بصيغة 3 عشرات، لكل مجموعة من الكتل؟
لم تفض مناسبة الاستقلال لأي خرق، وبقيت المناقشات تدور حول نفسها، سواء في خلوة بعبدا السريعة بين الرؤساء ميشال عون ونبيه برّي وسعد الحريري، أو في «الأخذ والرد» الجانبي.. وكأن الاستقلال، لم يفعل فعله، على الرغم من الصرخات الاقتصادية، والمطالبات المتكررة بتأليف حكومة جديدة، يمكن لها ان تتصدى لما يجري من مشكلات متفلته، في غير مجال مع مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس جميع القيادات والأحزاب، ان تعجل بجهودها لتشكيل حكومة تكون شاملة للجميع، مجدداً الحث على ضرورة تجديد الحوكمة المؤسسية ليتسنى للبنان الاستفادة بالكامل من خريطة الطريق المتعلقة بالدعم الدولي التي صيغت في المؤتمرات التي عقدت في روما وباريس وبروكسيل..
في بيت الوسط تكرار للموقف نفسه، حزب الله يتلطى وراء نواب سنة 8 آذار للاستمرار في تعطيل الحكومة، التي كانت جاهزة لإصدار مراسيمها ولا ينقصها سوى تسليم حزب الله أسماء وزرائه، لتصدر اصولاً..
وأكدت أوساط بيت الوسط ان لا كتلة للنواب السنة، وهم موزعون على كتل معروفة.. ولا حاجة لتغيير الصورة..
وتختم مصادر متابعة ان الرئيس المكلف، لا يرغب بلقاء وفد النواب السنة، الذين اتصل باسمهم النائب عبد الرحيم مراد، طالباً موعداً، من دون معاودة الاتصال به لتحديد موعد..
وسط هذه المعطيات، فضلاً عن المخالفات الإقليمية المتبدلة، تتجه قوى 8 آذار إلى التصعيد، فهي لن تترك مهل تأليف الحكومة مفتوحة امام الرئيس المكلف إلى ما لا نهاية، ولا تنوي أيضاً بطبيعة الحال محاولة تقييده بمهل محددة، وفقاً لاوساطها.
وجزمت مصادر مطلعة في هذه القوى لـ«اللواء» ان فريق 8 آذار مرّر للحريري رسالة واضحة مفادها ضرورة الاستعجال في تاليف الحكومة والا الاعتذار والبديل جاهز، دون ان تدخل في لعبة تحديد مهل معينة حتى تترك مكانا للوساطة التي يقوم بها رئيس الجمهورية بشخص الوزير باسيل، حتى ان المصادر رفضت تحديد الشخصية البديلة للحريري التي وافقت على الحلول مكانه.
وبحسب هذه المصادر، فإن هذا الكلام التصعيدي لا تضعه هذه القوى في اطار الابتزاز بقدر ما هو دق ناقوس الخطر لتحميل الجميع مسؤوليتاتهم الوطنية وتقديم مصلحة البلد على مصالحهم الشخصية والفئوية.
وتعتقد المصادر نفسها ان رئيس الجمهورية هو معني أيضاً وبشكل مباشر بحل الأزمة الحكومية، وقالت: في اللحظة الحاسمة نحن نعتقد بانه لن يمانع في تكليف بديل عن الحريري، فالعهد لا يحتمل هذه المماطلة والتعنت في التأليف نظرا الى تزايد الضغوطات الدولية على لبنان وتهديد معظم الدول المانحة في مؤتمر سيدر الدولي بالتراجع عن التزاماتها، مما سيعرض الاقتصاد وسعر صرف الليرة الى خطر جدي.
وعلى هامش هذا التحذير، لمحت المصادر الى ان «التيار الحر» والعهد باتا ملزمين بايضاح الكثير من النقاط حول مسالة اصرارهم على الثلث المعطل بشكل منفصل عن باقي قوى ٨ آذار، مشددة على ضرورة اعادة نظر كل القوى بمواقفهم وتوجهاتهم وعدم اضاعة البوصلة تحت عنوان «مشروعية التباين في المسائل السياسية الداخلية». وتضيف «لربما لا تقف مشكلة الحريري عند حدود حل ازمة سنة ٨ آذار، فما لا يعلمه الحريري ان هذه القوى بدات الحديث جديا عن اعادة النظر باتفاق الطائف، هذا الكلام ليس للاستهلاك الاعلامي بل انه كلام رسمي ومن اعلى المراجع في هذه القوى، والمفارقة هنا ان موضوع تاليف الحكومة او عدم تاليفها لا يرتبط بشكل مباشر بهذا الموضوع».
أعقد من ان تحل
في هذا الوقت، بدا من تطورات اليومين الماضيين، والذي انشغل لبنان الرسمي فيها بعيد الاستقلال الماسي الخامس والسبعين، ان عقدة تشكيل الحكومة التي تدخل اليوم شهرها السابع، اعقد من ان تحل في خلوة سريعة بين الرؤساء الثلاثة: ميشال عون ونبيه برّي وسعد الحريري، لم تتجاوز العشر دقائق، قبيل بدء الاستقبال الرسمي للمهنئين بالاستقلال، نتيجة تمسك الأطراف المعنية كل بموقفه وموقعه.
وأظهرت وجوه الرؤساء الثلاثة، ان ذكرى الاستقلال التي جمعت أركان الحكم حولها، سواء في العرض العسكري الذي نظمته قيادة الجيش صباحا في الواجهة البحرية للعاصمة، أو في الاستقبالات الرسمية في قصر بعبدا، والتي غاب عنها رؤساء الاحزاب: الاشتراكي والكتائب والقوات والمردة، لم تتمكن من جمعهم حول قرار وطني كبير بفك الأسر الحكومي من الارتهان للخارج، ويعيد للاستقلال معناه الحقيقي، فبدا ناقصا بكل المعايير، إذ ما معنى الاستقلال إذا كانت الأطراف الداخلية، رهينة ضغوط الخارج، سواء كانت هذه الضغوط أميركية على «حزب الله»، أو إيرانية على الحكومة لمنع تشكيلها قبل إنهاء العقوبات الأميركية على طهران.
ولم يكن الذين تابعوا مواقف الرؤساء للاعلاميين في قصر بعبدا، بحاجة إلى دليل أو كفيل بأن الخلوة الرئاسية، فشلت في التوصّل إلى حل، طالما ان هذا الحل لم يحضر أو انه لم يتبلور بعد، ذلك ان وقت الخلوة الذي كان عبارة عن ثماني أو عشر دقائق، كان دليلا على ان الرؤساء لم يتوصلوا إلى حل، إذ ان الرئيس برّي كاشف الصحافيين لدى خروجه من مكتب رئيس الجمهورية، بأن «ليس هناك من شيء جديد»، فيما قال الرئيس الحريري ان «الحل ليس عنده»، ثم اردف ردا على سؤال عمّا إذا كان سيلتقي النواب السُنَّة المستقلين، قائلاً مرّة جديدة: «الحل ليس عندي» وسأل: «هؤلاء مستقلون عن ماذا يا ترى؟».
ووفق المعطيات المتوافرة، فإن الواقع الحكومي لا يزال مجمداً، بفعل تشبث كل فريق بموقفه، وان ما من أحد قادر على ان يقدم تنازلاً لتحريك الأوضاع، فالرئيس عون يعتقد ان اقتراح الوزير جبران باسيل بسحب تبادل الوزيرين السُنّي والماروني بينه وبين الحريري هو لتسهيل الحل، ولسان حاله يقول: «اتفقوا وأنا حاضر»، فيما الرئيس برّي أعلن انه سحب يده من موضوع تشكيل الحكومة بعدما قدم اقتراحه للحل للوزير باسيل ولم يؤخذ به، وقال صراحة: «ان المعني به هو الرئيس المكلف»، ولم يوافق رئيس المجلس على اقتراح بإعلان مراسيم تأليف الحكومة بمن حضر، ورد الرئيس الحريري: «المشكلة ليست عندي، واسألوا الذين افتعلوا هذه الأزمة لارضاء إيران؟».
لا مسعى جديد
ولاحظت مصادر مطلعة، لـ«اللواء»، انه في الوقت الراهن ما من مسعى جديد، بعد ان سجل إطفاء الوزير باسيل محركات الوساطة التي اضطلع بها وتعتقد ان أي اجتماع بين الحريري ونواب السُنَّة المعارضين من شأنه ان يكسر الجليد الحكومي، مع العلم ان لا معلومات عنه سوى ان النائب عبد الرحيم مراد طلب موعداً من «بيت الوسط» لم يأت الجواب عليه، وربما لن يأتي أقله في اليومين المقبلين.
ولفتت المصادر إلى ان المصافحة الباردة بين الحريري والنواب السنة الذين لم يحضر منهم سوى أربعة، فيما غاب النائبان فيصل كرامي وجهاد الصمد، قد لا تدل على شيء، وإن كان مسعى باسيل حرك مسألة اللقاء بينهم وبين الحريري.
وأوضحت المصادر انه امام واقع الجمود الحاصل لا بد من اجراء قراءة متأنية وبين السطور لمضمون رسالة الرئيس عون عشية الاستقلال، والتي بعث بها بأسلوب واضح خصوصا انها اتت على ذكر حجم المعاناة التي يتركها التعثر الحكومي، مشيرة الى ان الرئيس عون وضع الجميع أمام مسؤولياتهم وهو لا يزال يحاول قدر المستطاع فكفكة العقد، ولكن يواجه بتمسك كل فريق بموقفه وهذا الامر يدفعه الى البحث عن خطوات جديدة، ولم يكشف النقاب عنها، وان كانت مصادر أخرى تحدثت عن حكومة تكنوقراط كخيار وحيد من شأنه ان يقطع طريق العرقلة على مستخدمي ساحة لبنان صنودق بريد لرسائلهم الإقليمية والدولية.
الموعد مؤجل
وفي مسألة اللقاء بين النواب السنة المعارضين والحريري، أعلن النائب عبد الرحيم مراد انه اتصل ببيت الوسط طالبا موعدا للقاء مع الرئيس الحريري ولا زال ينتظر الرد، موضحا لـ«اللواء» انه اتصل برقم أُعطي له تبين انه في السراي الحكومية وكان نهار عطلة الاستقلال ثم عاد بعد ثلاث ساعات وحصل على رقم «بيت الوسط» فاتصل به وطلب الموعد، وقال مراد: ان الرئيس الحريري يكون كمن يسيء الى نفسه اذا رفض تحديد الموعد للقاء النواب الستة فنحن نمثل شريحة واسعة من الطائفة السنية ستسأله عن سبب موقفه، فيماهو يوافق على توزير كتلة فيها سني واحد ولو ان لها الحق في التوزير.
واوضح مراد ان اللقاء كان بصدد طلب موعد من الرئيس الحريري مباشرة بعد لقاء الرئيس عون، لكن رئيس الجمهورية ابلغنا ان الوزير باسيل يقوم بمسعى للحل فانتظرنا ريثما يتضح تحرك وزير الخارجية.
وعلى خطٍ موازٍ ذكرت مصادر «تيار المستقبل» ان الرئيس الحريري ليس لديه ما يقوله للنواب الستة حيال مسألة تمثيلهم في الحكومة طالما ان بعضهم تمثل عبر الكتل النيابية التي ينتمي اليها. فيما لازال الوزير باسيل حسب اوساطه يعبر عن تفاؤله بقرب حل الازمة، لكن وفق شروط وظروف معينة.
وأكد عضو كتلة «المستقبل» النائب سامي فتفت، ان الرئيس المكلف غير مستعد لاستقبالهم ككتلة. أبواب بيت الوسط مفتوحة لهم كأفراد، ولكن كلقاء تشاوري غير ممكن استقبالهم، لما يشكل ذلك من اعتراف بهم، فانضواؤهم في اللقاء لم يحصل خلال الانتخابات، أو خلال استشارات التكليف، بل بعد أسابيع من بدء مفاوضات التشكيل».
وأكد أن «النواب «الستة» ممثلون سياسيا ضمن الكتل التي ينتمون إليها، أما المطالبة بتمثليهم طائفيا فهذا أمر آخر قد يفتح الباب على مطالب أخرى لباقي المذاهب، ما يدخلنا في مأزق أكبر من الذي يعيشه البلد اليوم».
وإذ استبعد أن «تؤدي مبادرة الوزير باسيل الى نتيجة»، أشار الى أن «باسيل طرح ما لديه، ولكن ذلك لا يعني أن الرئيس الحريري سيأخذ بطروحاته».
تحذير أممي
دولياً، حذر غوتيريس من اضاعة الاستفادة من «الدعم الدولي التي صيغ في المؤتمرات التي عُقدت في روما وباريس وبروكسل».
ودعا إلى نبذ الخلافات وتكثيف الحوار وتغليب المصلحة الوطنية على الاعتبارات السياسة الحزبية.
مواقف غوتيريس جاءت في تقريره التقييمي الشامل الذي يقدمه إلى مجلس الأمن كل 6 أشهر، حول تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701 (2006) خلال الفترة من 21 حزيران إلى 26 تشرين الأول 2018، وناقشه مجلس الأمن الأربعاء الماضي.
ودعا غوتيريس في التقرير إلى التحلي بالرغبة في التسوية لإيجاد قاسم مشترك، وتجنب خطر تجدُّد الشلل المؤسسي والتعجيل بتشكيل حكومة تصون التوازن المكرَّس في اتفاق الطائف والدستور».
وأهاب بـ«السلطات المقبلة أن تواصل سياسة النأي بالنفس التي يتبعها لبنان، بما يتفق مع إعلان بعبدا للعام 2012»، داعياً جميع الأطراف اللبنانية إلى الكفّ عن الإنخراط في النزاع السوري وسائر النزاعات في المنطقة.
واعتبر أن امتلاك أسلحة غير مأذون بها خارج نطاق سيطرة الدولة، باعتراف متكرر من حزب الله نفسه وجماعات مسلحة أخرى من غير الدول، في انتهاك للقرار 1701، يثير قلقا بالغا ويشكّل تهديدا خطيرا لاستقرار لبنان والمنطقة»، مشيراً إلى «استمرار ورود ادعاءات بعمليات نقل غير مشروع للأسلحة إلى الجماعات المسلحة من غير الدولة في لبنان، هو أمر يثير قلقا بالغاً». وقال: «ليس بوُسع الأمم المتحدة أن تتحقق من مدى صحة هذه الإفادات بطريقة مستقلة، غير أن عمليات النقل هذه، إذا ثبتت صحتها، ستشكّل انتهاكا للقرار 1701».
ورحب بـ«الخطوات التي يتخذها لبنان نحو تعزيز تنظيم عمليات نقل وتجارة الأسلحة على الصعيد الدولي».