IMLebanon

مساعي الحريري لفكّ الإشتباك داخل الحكومة تحقِّق تقدماً

مساعي الحريري لفكّ الإشتباك داخل الحكومة تحقِّق تقدماً

تأييد دبلوماسي عربي لحوار المستقبل ــــ حزب الله.. ولا تفاهم على الرئاسة

تقاطعت الحركة السياسية والدبلوماسية التي انعشها الرئيس سعد الحريري منذ السبت الماضي، عند ثلاث قضايا تشكّل اهتمامات لبنانية وعربية، ابرزها: نفض الغبار عن ملف رئاسة الجمهورية واعادتها بقوة إلى الطاولة، فالاستراتيجية الوطنية لمواجهة الإرهاب ومنع انتقاله إلى لبنان.

واستئناف اجتماعات مجلس الوزراء بعد التفاهم على آلية اتخاذ القرارات، وسط تجاذب لم يتوقف بين مكونات الحكومة، واعتراض الوزراء المسيحيين المستقلين على الاقتراح العوني باستبعادهم عن التصويت وتمرير القرارات بتجاوزهم، ورفض وزراء «المستقبل» و«اللقاء الديمقراطي» السير ببدعة أو سوابق دستورية جديدة، والتمسك بالآلية التي بلورتها المادة 65 من الدستور وفقاً لوزراء حركة «امل».

ومع ان الرئيس الحريري اعتبر ان المفتاح لمعالجة الأزمة الوزارية الحالية وإطلاق الاستراتيجية الوطنية لمواجهة المجموعات المتطرفة، هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وإعادة تنشيط مؤسسات الدولة للانتقال من الهدوء الأمني النسبي الذي يعم لبنان بعد الخطة الأمنية، إلى تعزيز استقرار الدولة ومؤسساتها، وانتظام العمل في هذه المؤسسات بتشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على إنهاء البطء الحاصل في بت الملفات الحيوية، وإقرار الموازنة والانتهاء من حالات التمديد في المؤسسات الأمنية والعسكرية، فإن ما نقله البطريرك الماروني بشارة الراعي، لدى عودته من الفاتيكان عن الرئيس تمام سلام الذي التقاه في مطار روما، ينسجم تماماً مع تطلعات الرئيس الحريري، من ان الحكومة لا تستطيع ان تسير من دون رئيس للجمهورية، لذلك فإن عملها يتعثر، وكذلك عمل مجلس النواب.

ويضيف الراعي نقلاً عن سلام: «بأننا لا نستطيع التقدم وتقرير أي شيء، إذا لم ننتخب رئيساً للجمهورية وهذا هو الباب لحل كل مشاكلنا الداخلية».

وتوقعت مصادر وزارية ان تتبلور صيغة استئناف جلسات مجلس الوزراء بعد عودة الرئيس سلام من روما من زيارة وصفت بالخاصة، فإذا ما سارت الأمور على ما يرام، فإن دوائر رئاسة الحكومة ستحدد موعد الجلسة الجديدة التي يمكن ان تكون الخميس المقبل، وذلك قبل 72 ساعة من عقدها، وفقاً لما هو معمول به حالياً مع جدول الأعمال المقترح.

السفراء العرب في «بيت الوسط»

ومجمل القضايا العالقة في الوضع اللبناني كانت على طاولة اللقاء الذي عقد في «بيت الوسط» بين الرئيس الحريري والسفراء العرب المعتمدين في بيروت.

ووفقاً لمعلومات «اللواء» فإن الرئيس الحريري قدم احاطة شاملة للوضع في لبنان، واستمع إلى مداخلات السفراء واجاب على اسئلتهم، في ضوء ما لديه من معطيات، والدور الذي يلعبه تيّار « المستقبل» في تعزيز الاستقرار، ونزع فتائل الاحتقان المذهبي، حيث حدث تطوّر إيجابي بعد تأليف حكومة الرئيس سلام وإطلاق الحوار مع حزب الله.

وشدّد الرئيس الحريري خلال اللقاء ان ظاهرة التطرف تشغل دول المنطقة، وأن مواجهتها تكون من خلال النهج الذي تتبعه دول الاعتدال، داعياً لقيام استراتيجية عربية شاملة لمواجهة هذه الظاهرة.

وفي الشأن الإقليمي اثار الرئيس الحريري مع السفراء التهديدات الإسرائيلية المتواصلة للبنان وسيادته، مطالباً بالتضامن العربي في مواجهتها، ونبّه إلى مخاطر التدخل الإيراني في الأوضاع الداخلية العربية، متوقفاً عند ما يجري في اليمن وسوريا والعراق ولبنان.

ورداً على سؤال، اعرب الرئيس الحريري عن أمله في أن يعاود العمل الحكومي نشاطه قريباً، في ضوء اتصالات الرئيس سلام مع الجهات المعنية.

وعبر السفراء عن ارتياحهم لسياسة الانفتاح بين القوى السياسية اللبنانية، والحوار الجاري سواء بين «المستقبل» و«حزب الله» أو بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية».

الآلية

 وحضرت آلية عمل الحكومة بقوة أمس، في لقاء «بيت الوسط» بين الرئيس الحريري والنائب العماد ميشال عون، كما كانت بنداً اساسياً في جولة وزير الصحة وائل أبو فاعور بين الرئيس نبيه برّي والرئيس الحريري من زاوية انه لا يجوز ان ينتقل التعطيل إلى مجلس الوزراء، وفي الوقت نفسه لا يجوز إضافة سوابق دستورية جديدة والانتقال من أزمة إلى أزمة، خشية كشف النظام على أزمة دستورية، حيث ليس في إمكان أحد ان يتحملها، في حين ان المطلوب الآن هو اعداد المناخ لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

1- تقول المعلومات ان تفاهماً حدث في «بيت الوسط» في شأن الآلية، وأن هذا التفاهم رهن

 موافقة الرئيس سلام عليه.

2- كشف الوزير أبوفاعور أن موقف الرئيس برّي والنائب وليد جنبلاط يبقى عند نقطتين: عمل الحكومة وعدم الدخول ي سوابق دستورية جديدة.

3- موقف الرئيس سلام الذي يرفض الاستمرار في الآلية المعمول بها حالياً وقوامها الإجماع في التوقيع على المراسيم حتى تصبح نافذة، الأمر الذي بابت ليس القضايا الخلافية فحسب، بل حتى البنود العادية المدرجة على جدول الأعمال.

وكشف مصدر مقرّب من الرئيس سلام ان المشاورات التي أجراها لم تكن قد حبت الخلافات خول الآلية حتى تاريخه.

4- إعلان وزراء حزب الكتائب والوزير بطرس حرب وخلاف مواقف وزراء «التيار الوطني الحر» لن يسيروا بآلية تقدّم الموقف في البلاد وكأن الأمور سائرة بشكل طبيعي في ظل غياب رئيس الجمهورية، وهو أمر مرفوض من جانبهم لأنه يتعلق بميثاقية الرؤساء الثلاثة.

وكشف معلومات خاصة بـ«اللــواء» ان جانبا من مداولات «بيت الوسط» تناولت إمكان حلحلة عقدة الخلاف بين وزراء عون والوزير حرب لجهة العودة عن اقتراح استبعا الوزراء المستقلين عن التصويت في مجلس الوزراء باعتباره «بدعة دستورية».

عشاء «بيت الوسط»

وبالعودة إلى عشاء «بيت الوسط»، فقد وصفه وزير الخارجية جبران باسيل الذي غادر إلى أميركا الجنوبية أمس وعبر مطار لندن، بأنه كان جيداً في إطار عملية التفاهم التي نركّز عى تدعيمها، بدءاً من تفاهمات داخل الحكومة، وتحقيق نتائج إيجابية في الحوارات الجارية.

ووصف عضو كتلة «الاصلاح والتغيير» النائب ناجي غاريوس اللقاء بأنه «اتسم بالشمولية»، وقال لـ«اللــواء» ليل أمس «ان خطوط عون بالوصول إلى سدة الرئاسة لم تخفض وهي لا تزال مرتفعة». لكن المعلومات لم تؤكد حصول أي تقدّم على صعيد التفاهم على موضوع رئاسة الجمهورية.

وقال مصدر مطلع على المعطيات المتوافرة لدى التيار العوني ان التيار متمسك بالحوار مع «القوات اللبنانية»، وهو يعتبر انه مؤشر إلى ان تفاهماً سعودياً – ايرانياً إذا ما حصل سيصب في مصلحة عون، وفي الوقت نفسه، أبلغ عون الحريري ارتياح تياره إلى الحوار الدائر بين «المستقبل» و«حزب الله».

ووفقاً للمصدر اياه، فإن عون يراهن على تمرير تسوية لبنانية من ثلاثة عناصر: عون رئيساً للجمهورية، والحريري رئيساً لمجلس الوزراء، فيما يدعم الرجلان الرئيس برّي في منصبه كرئيس لمجلس النواب.

ومع ان لقاء «بيت الوسط» حصل بعد أيام قليلة على وجود الرئيس الحريري في بيروت، الا انه أكّد حرص الرجلين على استمرار سياسة الخطوط المفتوحة بينهما، والتي اثمرت توافقاً على عدد من الملفات، من بينها الحكومة، وأن كان لم يلامس الملفات الخلافية التي ما تزال ترخى بثقلها على جميع الأطراف، بانتظار حصول تطورات على المشهد الإقليمي، وفي مقدمها الاستحقاق الرئاسي.

وبحسب مصادر موثوقة، فإن اللقاء بين الحريري وعون كان طيباً ولطيفاً في آن، حيث جرى بحث مجمل التطورات التي يشهدها الوضع الداخلي، لكن في إطار العموميات، ولم يتم التطرق إلى تفاصيل القضايا والملفات التي يجري بحثها في إطار الحوارات الجارية، لكن التوافق كان واضحاً وصريحاً بين القطبين على انه لا يجوز ان يستمر البلد من دون رئيس للجمهورية، وبالتالي، لا بدّ من إنجاز هذا الاستحقاق في أسرع وقت لما فيه مصلحة البلد.

وأشارت المصادر لـ«اللواء» إلى ان الوضع الحكومي احتل حيزاً لا بأس به في اللقاء، بحيث تمّ الاتفاق على ضرورة توفير كل الدعم المطلوب للحكومة لتسهيل عملها وإزالة العقبات التي تعترضها، كما ان الرئيس الحريري شدّد على ضرورة تأمين كل الدعم اللازم للجيش والقوى الأمنية في المعركة ضد الإرهاب ولحماية الاستقرار. وكان تأكيد على أهمية السعي للتوصل إلى استراتيجية ضد الإرهاب ومواجهة المخاطر التي تتهدد البلد على أكثر من صعيد.

ومن هذه النقطة، دلف الرجلان إلى مسألة الحوارات الجارية، فأكد عون على ضرورة استمرار الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله»، فيما أعلن الحريري تأييده للحوار بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، باعتبار ان هذه الحوارات اثمرت ايجابيات ساعدت على التهدئة وإزالة أسباب التشنج والتوتر السياسي والمذهبي.

الجلسة السادسة

 تجدر الإشارة إلى ان المتحاورين من «المستقبل» والحزب توافقا في الجلسة السادسة العودة إلى الحوار بينهما في جولة سابعة تقرر ان تعقد في الأسبوع الأوّل من آذار المقبل، وتحديداً الاثنين في الثاني منه، على ان يكون موضوع استراتيجية ومكافحة الإرهاب بندها الأوّل، بالإضافة إلى موضوع «سرايا المقاومة»، في ضوء اللائحة التي قدمها وفد المستقبل بإمكان وجود هذه السرايا واعداد المنتمين إليها والسلاح المتوافر لدى عناصرها، حيث اكتفى وفد الحزب في تلك الجلسة بأخذ العلم، مؤكداً انه لأ يغطي أحداً.

وأشار عضو وفد «المستقبل» النائب سمير الجسر إلى ان الطرفين قاربا عناوين وجهتي نظرهما في ما خص استراتيجية مكافحة الإرهاب، من دون الدخول في التفاصيل، مؤكداً ان «المستقبل يرى ان هذه الاستراتيجية يجب ان تقودها الدولة، وتعبير وطنية المقصود منها اننا معنيون بمكافحة الإرهاب داخل لبنان وليس خارجه، مشدداً على ان هذه الاستراتيجية لا يمكن ان تتم بمعزل عن وجود رئيس الجمهورية، وانه لا يجب ان يغيب عنها أي مكون خاصة وأن الدولة والحكومة ستقودها».