8 آذار: حلّ عُقدة توزير النواب الستة بيد عون
الحريري يكشف عن استمرار المعالجة.. وشلاش ينتصر لوهاب ويهدّد بيروت!
استبقت 8 آذار لقاء الرئيس المكلف سعد الحريري مع وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، المكلف من الرئيس ميشال عون، السعي لإيجاد مخرج لآخر العقد الحكومية، بالكشف عن وقائع ذات صلة مباشرة بمهمة باسيل:
1- لا اكتراث، لا بما يعلن، ولا بحركة الاتصالات، ولا حتى بالاقتراحات. فهي، برأي قوى محورية في فريق 8 آذار، لا تعدو كونها حركة بلا بركة..
2- ومن زاوية هذا التوصيف، فهي تهدف فقط لتقطيع الوقت ليس إلا..
3- الحل يكمن لدى الرئيس عون نفسه، والسؤال كيف؟ تجيب القوى الإذارية إياها: بالتنازل عن الوزير السني من حصته لـ8 آذار.. أي اللقاء النيابي التشاوري السني..
4- والعودة إلى هذا الحل، بعدما تبين للجماعة (النواب الستة وحزب الله) ان لا نتيجة يمكن ان تكون حتى لو انعقد اللقاء، واستقبل الرئيس المكلف، بعضاً من أعضاء اللقاء.. أو نائباً يمثله..
5- سقوط اقتراحات باسيل تباعاً يعني انها ليست جدية، أو ممكنة القبول..
6- رئيس الجمهورية عليه تدارك الوضع، لا سيما ان رفضه الأوّلي، بعد لقاء الرئيس المكلف توزير أحد من النواب السنة من 8 آذار فاقم العقدة، بدل ان يسهم في حلها..
وعليه ثمة اتفاق، ان الطريق لا تزال مسدودة، وان كانت الأطراف كلها متفاهمة على الابتعاد عن كل ما هو موتر للأجواء.
وهذا ما جرى التأكيد عليه، في الاجتماع المسائي بين الرئيس الحريري والوزير باسيل.
واكتفى المكتب الإعلامي للرئيس الحريري على التأكيد انه جرى خلال اللقاء عرض للافكار التي كان الوزير باسيل في بحثها مع الرئيس نبيه برّي، في إطار الجهود الرامية لإيجاد حل لازمة تأليف الحكومة.
ولاحظ المراقبون ان اللقاء بقي بعيداً عن التغطية الإعلامية.
ولفت نظر الأوساط ما قاله الرئيس الحريري امام حفل تعارف أقامه اتحاد العائلات البيروتية مساء أمس، ان «العقد التي اثيرت مؤخراً تتم معالجتها، اما أنا فموقفي واضح، ولن اتراجع عنه».
ورأى مصدر مطلع في كلام الحريري، إشارة إلى ان المعالجات قائمة، وربما تكون تجاوزت مسألة استقبال نواب سنة 8 آذار، أو توزير أحدهم، أو من يمثلهم من حصته.
ومن المتوقع ان يلتقي باسيل النواب السنة من 8 آذار، في إطار ما تمّ التفاهم عليه مع الرئيس برّي.
لكن المصادر المطلعة على أجواء بعبدا، لفتت نظر «اللواء» إلى ان استمرار حركة باسيل على الخط الحكومي، على الرغم من المطبات الواضحة والسقوف المرتفعة يبقى الفرصة الوحيدة الراهنة، واعترفت بأن الوضع أصبح أكثر تأزماً والمعالجة باتت صعبة المنال، الا إذا أقدم الطرفان المعنيان بالعقدة الحكومية، (أي الرئيس المكلف والنواب السنة الستة) على ما يشبه التسوية، مع العلم ان لا معالم لها.
ولاحظت المصادر نفسها ان إرادة الحل غير متوفرة، وان المواقف الداعية لتأليف الحكومة لا تكفي ما لم تقترن بخطوة ملموسة، وهو أمر لم يظهر بعد.
وأفادت ان المجتمع الدولي كان واضحاً في تشديده على قيام الحكومة لكن في المقابل ما من ترجمة داخلية لها.
يُشار في هذا السياق، إلى ان وزارة الخارجية الروسية أصدرت بياناً في أعقاب استقبال نائب وزير الخارجية والمبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول افريقيا ميخائيل بوغدانوف أمس الجمعة مستشار الرئيس الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان، أعربت فيه عن أمل موسكو في تشكيل حكومة جديدة في لبنان بأسرع ما يمكن، مؤكدة على تمسكها بسيادته واستقراره وعدم جواز تدخل جهات خارجية في شؤونه الداخلية.
السنة المستقلون
اما مصادر لقاء السنة المستقلين فقالت لـ«اللواء» ان «موقفهم بسحب التنازل في موضوع الحقيبة الوزارية التي يطالبون بها وطلب التشاور معهم فيها، هو مطلب جديد قابلوا به التصعيد الذي بادرهم به الرئيس الحريري».
واوضحت مصادر «اللقاء التشاوري» انهم لم يحددوا اي حقيبة لكن الموضوع خاضع للتشاور اذا ما قرر الحريري استقبالهم، اما اذا واصل رفضه استقبالهم فإن تشكيل الحكومة سيطول، فمن يحتمل نتيجة هذه المكابرة من الرئيس المكلف الذي يتجاهل وجود عشرة نواب من السنة لهم حيثية واسعة؟
وقالت المصادر ان النواب السنّة بادروا الرئيس الحريري بالايجابية وحسن النية من سنتين عندما زاروه وايدوه من باب توحيد الصف السني، ومن ثم سمّوه رئيسا مكلفا باستثناء النائب جهاد الصمد، ولاحقا من باب الحرص على صلاحياته كرئيس مكلف.
الى ذلك استغربت مصادر رسمية الكلام عن ان احد أسباب تأخير تشكيل الحكومة هو رفض الرئيس الحريري وبعض القوى السياسية حصول التيار الوطني الحر والرئيس ميشال عون على الثلث الضامن تارة بأحد عشر وزيرا وطورا بأثني عشر وزيرا، واكدت ان الامور توقفت منذ مدة على صيغة ثلاث عشرات والوزيرالدرزي المستتقل المتفق عليه لن يكون من حصة رئيس الجمهورية بل هو مقرب من الوزير طلال ارسلان ولم يعترض عليه رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط، وليس بالضرورة ان يكون من حصة «التيار الحر» بل مستقل.
ورأت المصادر «ان تسريب هذا الكلام هدفه ربما حرف الانظار عن المشكلة التي تتم معالجتها الان بتمثيل النواب السنة المستقلين، فموضوع حصة الرئيس والتيار الحر اصبحت وراءنا من مدة».
وما زال البحث جاريا عن مخرج لتمثيل هؤلاء النواب السنة وسط توجهات بأن يكون من حصة رئيس الجمهورية خلافا لما روّجه الوزير باسيل، ولا تستبعد مصادر سياسية ان يكون هذا المخرج عبر تنازل ثلاثي الاضلاع، اي عون والحريري والنواب السنة الستة، فيوافق الحريري على لقائهم في مقابل قبولهم بتمثيل من يمثلهم في الحكومة من حصة الرئيس عون، وفق ما كانت «اللواء» اشارت إلى ذلك قبل أيام.
قلق من الفلتان
في هذا الوقت، وحيال تمدد الوقت الضائع واتساع حالة الفراغ الحكومي إلى الشأن المالي، بدأ القلق يساور جهات عدّة من إمكان ان يُشكّل هذا الواقع بيئة مناسبة لأي تلاعب بالوضع الأمني، مع بروز أكثر من إشارة في هذا الاتجاه خلال اليومين الماضيين، سواء ما حصل في بيروت وبعض المناطق، أو ما حصل في الجبل ليل أمس الأوّل، وان كانت أوساط عسكرية رسمية أكدت ان لا موجب للقلق، وان الوضع ممسوك على الأرض، ولن يسمح لأي فريق بالتلاعب به.
وفي تقدير مصادر قريبة من فريق 8 آذار، ان لا خوف من انزلاق الشارع نحو المجهول، وان ما حصل أخيراً لا يمكن ان يتخطى حدود ردّات الفعل، بدليل ان الأمور هدأت، مشددة على ان لا مصلحة لأي طرف داخلي بالتصعيد واستخدام لعبة الشارع، مشيرة الى قرار سياسي كبير بالحفاظ على الوضع الأمني وابعاده عن المناوشات السياسية، معتبرة ان هذا القرار الناتج عن توافق معظم القوى السياسية هو الذي حمى البلد طيلة هذه الفترة وأبعده عن حمم البراكين المتفجرة من حولنا في المنطقة».
وكانت منطقة الشوف عاشت ليل أمس الأوّل، ليلاً متوتراً جداً بين مناصري الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب «التوحيد العربي» على خلفية مواكب سيّارة قام بها مناصرو الوزير السابق وئام وهّاب بدأت من بعقلين إلى بقعاتا وصولاً إلى المختارة، ما استفز مناصري الحزب الاشتراكي ما أدى إلى قطع طريق الباروك في وجه الموكب الذي اوقفه الجيش ومنع وصوله إلى البلدة.
وأوضحت قيادة الجيش في بيان لمديرية التوجيه ان مجموعة من المواطنين تجولت في مواكب سيّارة وإطلاق النار في الهواء بين مناطق الشوف ومعاصر الشوف والباروك والمختارة، وان قوة من الجيش تدخلت على الفور واوقفت 25 سيّارة و57 شخصاً من المشاركين في المواكب وضبطت بحوزتهم أسلحة حربية وذخائر وسلم الموقوفون والمضبوطات إلى القضاء المختص.
وشكر جنبلاط، في تغريدة له عبر «تويتر» «الجيش الذي فتح الطرقات واعتقل المشاغبين، موضحاً بأن المختارة خط أحمر أيا كانت الموازين الإقليمية».
وأشار وهّاب إلى انه لم يكن يعلم ان المواكب ستمر في المختارة وهو لا يقبل بالأمر ويعتبره غلطة، وقال: «اذا هوجمت المختارة نحن سندافع عنها».
وهّاب أمام المعلومات
وفي سياق متصل، أعلن المدعي العام التمييز القاضي سمير حمود قبول الاخبار المقدم من مجموعة من المحامين ضد وهّاب في جرم إثارة الفتن والتعرض للسلم الأهلي سنداً للمادة 317 عقوبات، على خلفية تداول فيديو يتعرّض فيه للرئيس الشهيد رفيق الحريري وعائلته والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، واحال الإخبار إلى شعبة المعلومات في مديرية قوى الأمن الداخلي لاجراء المقتضى.
وأوضح حمود انه لم يقبل الإخبار المقدم من وهّاب ضد الرئيس الحريري ولم يسجله باعتبار ان للحريري حصانة كونه رئيس حكومة ونائباً.
ولاحقاً، أبلغت شعبة المعلومات مكتب وهّاب بوجوب حضوره للاستماع إلى اقواله في الإخبار المقدم ضده.
وانتصر عضو مجلس الشعب السوري السابق أحمد شلاش لوهاب، متوعداً الحريري وبيروت.
وجاء في تغريدة له على «تويتر» ما نصه «على سعد الحريري وبلطجيته ان يعوا ان أي مس بالحليف والصديق وئام وهّاب فهذا يعني قلب بيروت عاليها سافلها.. وقد اعذر من أنذر».
مواقف متضامنة مع الحريري
وفي السياق، شدّد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على ان لا تكون حرية الرأي السياسي نوعاً من إثارة الفتنة واستفزاز مشاعر المسلمين واللبنانيين. ورأى، خلال صلاة الجمعة في مسجد محمّد الأمين في وسط بيروت، انه «من المعيب ما يحصل اليوم بحق رمز وطني كبير من رموز الوطن، الرئيس سعد الحريري، ولما يتعرّض له من حملات افتراء وتجريح وتشويه وتضليل تشن عليه لأهداف سياسية بامتياز ومعروفة الغايات والمقاصد لاعاقة دوره الوطني الذي يتزامن مع مساعيه لتشكيل الحكومة العتيدة ضمن الأطر الدستورية والقانونية التي نص عليها الدستور، مشيراً إلى ان أي كلام أو موقف خارج النظام العام والدستور لن يكون في مصلحة الوطن والمواطن.
ودعا المفتي دريان جميع اللبنانيين إلى الترفع إلى مستوى المسؤولية الوطنية والتحلي بتغليب أقصى درجات الحكمة والوعي والهدوء والتبصر والارتقاء إلى مستوى المرحلة التي يمر بها لبنان، وعدم الانجرار وراء دعاة الفتن وتجنب افتعال المشاكل.
وتزامن موقف المفتي دريان مع مواقف مماثلة صدرت من رؤساء الحكومة السابقين فؤاد السنيورة وتمام سلام ونجيب ميقاتي، اعلنوا فيها استنكارهم للمستوى الذي وصله التخاطب السياسي والشذوذ والاسفاف، مؤكدين تضامنهم مع الرئيس الحريري.
وقال الرئيس السنيورة ان الذي حصل يجب ان يُشكّل حافزاً لتصويب بوصلة العمل الوطني والعودة إلى احترام أصول ومقتضيات الوحدة الوطنية.
سلامة: الوضع مستقر
في الشأن المالي، وعلى الرغم من تأكيد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة باستقرار الوضع المالي وسلامته، وان كل المخاوف التي تثار حالياً في هذا الإطار غير دقيقة، فإن ذلك لا ينفي وجود صعوبات تواجه المسؤولين على صعيد مالية الدولة في مجال الانفاق على الرواتب ومعاشات التقاعد، وصولاً إلى معاشات الجيش، التي أثارها أمس رئيس الحزب الاشتراكي في تغريدته عبر «تويتر» معتبراً أنها «خط أحمر»، داعياً إلى الانفاق غير المجدي.
وبحسب المعلومات، فإن هذا الموضوع، إلى جانب البحث عن وسائل لإيجاد موارد لتمويل خزينة الدولة، كان موضع بحث بين الرئيس الحريري ووزير المال علي حسن خليل، الذي كان التقى نائب رئيس البنك الدولي فريد بلحاج، وتمحور البحث في الموضوع المالي، وعما إذا كان تمويل الخزينة يمكن ان يتم عبر الاكتتاب مع المصارف اللبنانية بسندات خزينة مرتفعة الفائدة، أو من صناديق خارجية.
تزامناً، عقدت هيئة التنسيق النقابية اجتماعاً استثنائياً أمس، حذّرت فيه من المساس بسلسلة الرتب والرواتب من انه سيرتب عواقب وخيمة وانها لن تسكت عن الحقوق المكتسبة للمعلمين والموظفين والعسكريين والمتقاعدين التي كلفتهم سنين من النضال لتحقيقها.