IMLebanon

الضغط على التأليف: حكومة من 32 وزيراً أو القمة بلا حكومة!

الضغط على التأليف: حكومة من 32 وزيراً أو القمة بلا حكومة!
«نورما» تطيح بتوقعات الجفاف وتمدّد عطلة المدارس.. واتصال بين دريان ومطر لتطويق الفتنة

سحبت العاصفة القطبية تأثيراتها على النشاط العام في العاصمة والمحافظات والمناطق سواء أكانت جبلية أو ساحلية، فعطلة المدارس تأرجحت بين اقفال فوق الـ700م، وحرية قرار للمدارس الخاصة، في حين خطت المدارس الكاثوليكية خطوة مختلفة، وأعلنت التضامن مع المدارس الجبلية بالتوقف عن التدريس، في حين تأثرت الحركة الاقتصادية المشلولة بالعاصفة «نورما» أو التي تطلق عليها مصلحة الأبحاث الزراعية اسم «غطاس»، مع الإشارة إلى ان المصلحة أكدت في بيان لها أمس، ان لبنان سيبقى ولأكثر من 60 ساعة متتالية، تحت تأثير المنخفض الجوي..
اما المنخفض الحكومي، فما زال يتأثر بضغط سياسي مرتفع، لجهة التأليف، وهو يتأرجح بين خيارين كليهما مرّ:
1- الخيار الاول: قبول الرئيس المكلف سعد الحريري، بالعرض الأخير، الذي نقله «اللواء» عباس إبراهيم مدير عام الأمن العام، ويتضمن تشكيلة وزارية من 32 وزيراً، يتمثل فيها الطرفان: العلوي والأقليات، ولا يكون وزير اللقاء التشاوري (سنة 8 اذار) من حصة أحد..
وعلمت «اللواء» ان حزب الله يدعم هذا التوجه، وعلم ان لا مبادرات جديدة خارج هذا التوجه..
2- الخيار الثاني: وهو ما ألمح إليه الرئيس ميشال عون بقوله ان القمة الاقتصادية التنموية العربية يمكن ان تنعقد، حتى ولو لم تتألف الحكومة، ولو في ظل حكومة تصريف الأعمال..
وتعقد كتلة «المستقبل» اجتماعاً لها بعد ظهر اليوم برئاسة الرئيس الحريري تتداول خلاله في تطورات قضية تأليف الحكومة.
ولم يستبعد مصدر مطلع من ان يصدر عن الكتلة بياناً، يردّ فيه على ما أثير مؤخراً على لسان نواب «حزب الله»، لجهة تحميل الرئيس المكلف مسؤولية تأخير الحكومة.
عملياً، جمدت حالة الطقس الباردة مناخياً وسياسياً، الاتصالات حول تشكيل الحكومة العتيدة، وبقيت الأمور تراوح مكانها سواء بالنسبة للمقترحات حول تمثيل سُنة 8 آذار، أو حول توسيع الحكومة، أو تصغيرها، فيما استمر في المقابل، تبادل إلقاء المسؤوليات بين الأطراف السياسية، في حين انحصر الاهتمام السياسي، من أعلى الهرم السياسي إلى أصغر مسؤول في متابعة ما ألحقته العاصفة الثلجية «نورما» من تداعيات واضرار أو مكتسبات سياحية، على واقع البلاد، خاصة وان «نورما»، بحسب ما أعلنت دائرة الأرصاد الجوية، ستبلغ ذروتها اعتبارا من بعد ظهر اليوم الثلاثاء، وتستمر حتى صباح غد الأربعاء حيث تنحسر تدريجياً.
وحذرت الأرصاد الجوية من السيول الناتجة عن الأمطار الغزيرة، والتي فاقت معدلاتها السنوية، عن السنوات الماضية، والتي تسببت بانجرافات في التربة وفيضانات على ضفاف الأنهر، وخطر سقوط أشجار ولوحات الإعلانات واعمدة الكهرباء بسبب شدّة الرياح التي تخطت الـ90 كيلومتراً في الساعة، فضلا عن ارتفاع موج البحر إلى حدود الخمسة أمتار، ما يشكل ذلك من خطر على سلامة الملاحة البحرية.
اما الثلوج، فستتساقط، بحسب الأرصاد الجوية ايضا على ارتفاع الـ800 متر وما فوق، وتلامس الـ600 متر في المناطق الداخلية والشمالية، مصحوبة بعواصف رعدية ورياح ناشطة مع تدنٍ في درجات الحرارة.
وإذا كانت العاصفة «نورما» فاجأت اللبنانيين بقوة رياحها وكثافة ثلوجها وغزارة امطارها، بحيث كست جبال لبنان ومرتفعاته بالثلوج واغرقت المناطق بالامطار والسيول وقطعت الطرق واحتجزت المواطنين في سياراتهم وعطلت المدارس، فإنها كشفت سوء البنى التحتية، ولم يفلت من قبضتها أي شيء على البر، فيما بقيت الأمور تحت السيطرة جواً، حيث لم تتأثر عمليات هبوط واقلاع الطائرات في مطار الرئيس رفيق الحريري، والتي سارت حسب المواعيد المحددة.
لكن  العاصفة بردائها الابيض وخيراتها لم تخل من الاضرار التي رافقتها والتي طالت البنى التحتية وشبكات الكهرباء والطرق مما استدعى استنفاراً من المسؤولين فجهدت فرق وآليات وزارة الاشغال والبلديات والدفاع المدني والصليب الأحمر وعناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي على فتح الطرق وخصوصاً الرئيسية في ضهر البيدر وإنقاذ المواطنين العالقين في سياراتهم ورفع الاضرار واجلاء سكان مخيمات النازحين التي غمرتها المياه وإصدار التعاميم والارشادات التي تساهم في الحفاظ على السلامة العامة للمواطنين. (راجع التفاصيل ص 5).
قمّة بيروت في موعدها
في غضون ذلك، حسم رئيس الجمهورية ميشال عون، النقاش الدائر في البلد، حول احتمال تأجيل القمة الاقتصادية التنموية المقرّر عقدها في بيروت في 19 من الشهر الحالي، في ظل حكومة تصريف الأعمال، مؤكداً على فك الارتباط بين انعقاد هذه القمة ومفاوضات تأليف الحكومة الجديدة، معلناً ان «وجود الحكومة في مرحلة تصريف الأعمال ليس سبباً لتأجيل القمة لأن الحكم استمرارية، وان الحكومة الحالية تمارس صلاحياتها وفقاً للأصول والقواعد الدستورية المعتمدة».
وإذ أكّد ان القمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية ستعقد في بيروت في موعدها، شدّد على ان كل الترتيبات المتعلقة بتنظيم هذه القمة انجزت، وان لبنان جاهز لاستقبال القادة العرب لمناقشة المواضيع الواعدة على جدول أعمال القمة.
وجاءت مواقف الرئيس عون، خلال استقباله قبل ظهر أمس، في قصر بعبدا، الممثل الشخصي للرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، الوزير العميد الازهر القروي الشابي الذي سلمه رسالة خطية من الرئيس التونسي يدعوه فيها للمشاركة في القمة العربية التي سوف تنعقد في تونس في 31 آذار المقبل، كما اكد الوزير الشابي ان الرئيس السبسي سوف يحضر القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في بيروت في نهاية الاسبوع المقبل.
وشكل إعلان الرئيس التونسي حضوره قمّة بيروت في مقابل تأكيد الرئيس عون مشاركته في قمّة تونس وترؤسه للوفد اللبناني الذي سيشارك في أعمالها، أوّل إشارة عربية إلى ان القادة والمسؤولين العرب يفصلون بين حضورهم إلى بيروت، وبين التعثر الحاصل على صعيد تأليف الحكومة، وان كانوا يفضلون ان تكون هناك حكومة كاملة الصلاحيات، بدليل ان الدوائر الرسمية المعنية أعلنت انها لم تتبلغ باعتذار أي دولة من دول الخليج عن حضور القمة، فيما تأكد ان وزير الاتصالات جمال الجراح، توجه أمس إلى الرياض، عن طريق روما، لنقل الدعوة اللبنانية إلى المسؤولين السعوديين بخصوص القمة التنموية في بيروت يومي 19 و20 كانون الثاني الجاري.
وحرصت مصادر رسمية على التأكيد بدورها ان دعوة سوريا إلى القمة أمر يعود إلى مجلس وزراء الخارجية العرب وإلى جامعة الدول العربية، والتي أرجأت مناقشة هذا الموضوع على مستوى المندوبين إلى اليوم، لكن مصادر سياسية بارزة في الثنائي الشيعي، جزمت ان سوريا لن تحضر القمة في بيروت حتى لو تمت دعوتها، كاشفة بأن دمشق مستاءة من الأداء اللبناني بالنسبة لهذا الموضوع، لأنها كانت تفضل ان يعتذر لبنان عن استضافة هذه القمة، عندما تقرر هذا الأمر في العام الماضي، وانه كان يجب على لبنان ان يتخذ موقفه بالاعتذار بحكم علاقات الجيرة والصداقة والاتفاقيات الاقتصادية والأمنية والسياسية التي تجمع بين البلدين.
وكشفت المصادر في هذا السياق لـ«اللواء» ان الثنائي الشيعي وتحديداً «حزب الله» أبلغ بعبدا في حينه عدم موافقته على استضافة لبنان للقمة بهذا الشكل ولكنه لم ولن يضغط على رئيس الجمهورية لتغيير موقف لبنان تاركا له حرية التصرف واتخاذ القرار المناسب، الا انه لم يتركها للرئيس عون ورد عليه في عدم تسهيل تشكيل الحكومة حيث اصر على تنازله حصرا عن حصته السنية للقاء التشاوري اي بمعنى اخر سحب منه الثقة بمسالة الثلث المعطل.
واضافت المصادر ان رئيس التيار الحر جبران باسيل وبتوجيه مباشر من الرئيس عون جرب تدارك الخطأ الرئاسي بمحاولة التواصل مع جهات دبلوماسية عربية ومع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للتوسط لاعادة دمشق الى الجامعة العربية قبل القمة المنتظرة في ٢٠ الجاري الا ان المساعي «اللبنانية-المصرية» لم تتوصل حتى اللحظة الى اية نتيجة. واشارت المصادر الى ان العقدة ليست عربية فقط بل ان دمشق رفضت هذه المساعي ايضا لانها تعتبرها مهينة بحقها، وابلغت المعنيين بالمساعي وتحديدا الجهات اللبنانية انها في غنى عن بائعي المواقف في ظل تهافت الدول العربية بدون وساطة احد الى اعادة علاقاتها الدبلوماسية والسياسية مع سوريا كما كانت قبل بداية الازمة.
لا جديد حكومياً
في هذا الوقت، قالت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة أن ما من جديد على صعيد تأليف الحكومة وان ما من حراك استثنائي وكل الافكار التي أقترحها الوزير باسيل يواصل تداولها من أجل اخراج الملف الحكومي الى النور انما من خلف الكواليس وبعيدا عن الاعلام . واكدت ان باسيل يجري اتصالاته مع الاطراف المعنية وسيستمر في ذلك انطلاقا من المقترحات الخمسة التي تداول بها مع الرئيس سعد الحريري مؤخرا.
واوضحت المصادر ان الاتصالات الحكومية مستمرة لكن الصورة غير واضحة، مشيرة إلى ان لا حكومة الـ32 وزيراً ولا تلك المصغرة، بحسب ما يطالب البطريرك الماروني بشارة الراعي، ومعه عدد من السياسيين وفي مقدمهم رئيس الكتائب سامي الجميل، قادرة على ان تبصر النور، لأن الاقتراحين لم يلقيا الصدى المطلوب، فالاول رفض من قبل الرئيس الحريري، في حين ان الثاني بقي مجرّد اقتراح للحل ولم يسوق، وفي الأصل بقي مجرّد تمن.
وكشفت معلومات ان الرئيس الحريري أبلغ الوزير باسيل انه لن يقبل بتوسيع الحكومة الـ32 وزيراً، مهما كلف الأمر، لأن حزب الله هو صاحب هذه الفكرة، ويريد فرضها على الرئيس المكلف الذي لا يريد فرض اعراف جديدة في عملية التأليف.
وفي هذا السياق، قال تلفزيون «المستقبل» في مقدمة نشرته الإخبارية مساء الأحد، ان الرئيس المكلف لن يخضع للشروط التي يعتبرها «حزب الله» مناسبة لولادة الحكومة، تحت أي ظرف من الظروف، ولن يسمح بتحويل الصلاحيات الدستورية لرئيس الحكومة إلى ساحة مباحة لتجاوز الأصول والأعراف، واداة تتلاعب بها الأهواء والمصالح السياسية.
اضافت ان الرئيس المكلف مسؤول عن تأليف الحكومة، وعن اعداد الصيغة التي تكفل قيام حكومة ائتلاف وطني، تراعي مقتضيات اللحظة السياسية ولا تعزل احدا من المكونات الاساسية عن المشهد الحكومي. فمن هو المسؤول يا ترى عن عرقلة التأليف وتعطيل إصدار المراسيم التي كانت قيد الإعداد، ومن هي الجهة التي تتحمل مسؤولية قطع الطريق على الصيغة التي انجزها الرئيس المكلف».
وختمت: «الاسئلة برسم «حزب الله»، وليست برسم الرئيس المكلف. الرئيس المكلف قام بمسؤولياته الكاملة في سبيل تأليف الحكومة، وهناك من قام بقطع الطريق على التأليف».
«حزب الله» مع حكومة الـ 32
وكان نواب «حزب الله وقياديوه واصلوا العزف على تحميل الرئيس المكلّف مسؤولية التأخير بتشكيل الحكومة، ورأى عضو كتلة «الوفاء المقاومة» النائب حسن فضل الله، ان «حل الأزمة الحكومية بكل وضوح وبساطة، هو بيد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وليس في أي مكان آخر، وبالتالي فلا يذهبن أحد للتفتيش عن أي حلول خارج إطار قيام الرئيس المكلف بدوره الطبيعي في إيجاد المعالجة الضرورية، لا سيما وأن بين يديه اقتراحات محددة واقعية وعملية لتشكيل الحكومة، وإذا قرر اليوم أن يأخذ بأي منها، فيمكن أن تشكل الحكومة، وإذا أراد أن ينتظر باعتباره أن موضوع الوقت يمكن أن يغير الأمور، فإن الواقع لن يتغير، فهناك حقيقة موجودة في البلد، ألا وهي وجود آخرين لا بد من الاعتراف بهم».
وفيما رأى «فضل الله» ان الاقتراحات التي بين يدي الرئيس المكلف اليوم هي أفضل له مما يُمكن ان يأتيه بعد شهر أو شهرين، لأنه بعد هذه المدة يُمكن ان يغير البعض رأيه، قال تلفزيون «المنار» الناطق بلسان الحزب، ان الحل المنطقي للحكومة يُمكن ان يكون عبر حكومة الـ32 وزيراً التي رفضها الحريري، أو عبر تمثيل نواب سُنة «اللقاء التشاوري» بوزير حصري من حصة تيّار «المستقبل» والذي رفضه الحريري ايضا.
أما النائب عبدالرحيم مراد فقال لـ«اللواء» ان اقتراح الوزير باسيل بتوسيع الحكومة الى 32 وزيرا باضافة وزير علوي من حصة الرئيس الحريري ووزير من الاقليات المسيحية من حصة رئيس الجمهورية، ويبقى الوزير السني السادس مستقلا من حصة «اللقاء التشاوري»  هو حل عملي والاكثر واقعية طالما ان المطلوب حكومة وحدة وطنية تمثل كل الاطراف السياسية وتؤمن الميثاقية الكاملة بتمثيل كل الطوائف، لكن الرئيس الحريري يرفض منح «الثلث الضامن» لأي طرف سياسي منفردا تحت اي صيغة.
وكرر مراد إصرار «اللقاء التشاوري» على ان يكون من يمثله في الحكومة من حصته ويلتزم قراراته.
وكانت بعض المعلومات قد اشارت الى طرح اسماء جديدة للتوزير غير الاسماء التسعة التي اقترحها «اللقاء التشاوري»، لكن مصادر اللقاء اكدت لـ«اللواء» انها كلها تسريبات وتركيبات لا اساس لها من الصحة وهدفها الاساءة الى «اللقاء» وطروحاته وخلق حالة من التشويش والبلبلة على موقف «اللقاء» الثابت..
تطويق الفتنة
وعلى صعيد تطويق قضية ما  حدث للنائب رلى الطبش في كنيسة في انطلياس، جرى اتصال بين مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وراعي أبرشية بيروت للموارنة المطران بولس مطر، تمّ خلاله تداول في الخلفيات المحيطة بمحاولات تحريك مشاعر الفتنة، واتفق على اتخاذ الإجراءات اللازمة لطي هذه الصفحة، ومنع المصطادين في المياه العكرة، في إطار ما اشارت إليه «اللواء» في عددها السبت الماضي.
وشدّد الشيخ دريان والمطران مطر على أهمية الحفاظ على صيغة الوحدة الوطنية والعيش المشترك.