Site icon IMLebanon

كارثة «تعثُّر التأليف»: مواجهة مكشوفة بين عون وبرِّي

بعبدا تعترض على رغبة بكركي عقد لقاء مسيحي.. واجتماع لأضرار «نورما» اليوم
لم يذب الثلج، لكن المرج بان: انكشفت هشاشة البنى التحتية، وامعنت العاصفة القطبية «نورما»،قبل وصول «أختها» تريسي يوم الأحد المقبل، في كشف خبايا الطرقات، وحتى الاوتوسترادات، فضلا عن العلاقات السياسية بين أطراف السلطة، وسط تجدد التجاذب بين بعبدا وعين التينة حول انعقاد القمة الاقتصادية التنموية العربية التي تعمل بعبدا بقوة من أجل انعقادها، في حين، وفي الوقت الذي كان مجتمعاً فيه الرئيس ميشال عون مع أعضاء السلك الديبلوماسي المعتمدين لدى لبنان،  كاشفا ان أننا نعاني من حالة تعثر داخلي، مؤكدا ان «جوهر الديمقراطية اللبنانية قائم على التوافق قبل أي شيء آخر، على تحقيق توافق واسع، وتام من أجل البت بتشكيل الحكومة العتيدة، بالشراكة مع رئيسها المكلف». فضلا عن التجاذب حول مسألة استمرار توقيف هنيبعل القذافي، على خلفية جلاء قضية الامام السيّد موسى الصدر، الذي خطف في ليبيا قبل أكثر من 40 عاماً.
ويترأس الرئيس الحريري اجتماعاً ظهر اليوم في بيت الوسط، يحضره وزراء الداخلية والاشغال والطاقة والمحافظون ورئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمّد خير لبحث موضوع الاضرار التي خلفتها العاصفة القطبية.
عواصف سياسية مع إنحسار «نورما»
وفيما بدأت العاصفة الثلجية «نورما» تنحسر تدريجياً، أمس، لتحل محلها موجة صقيع يومي الجمعة والسبت، بسبب كثافة الثلوج التي قطعت معظم الطرقات الجبلية وتسببت بانهيارات، وسط معلومات عن عاصفة أخرى ستضرب لبنان في الأسبوع المقبل، الا ان مصادر دائرة الرصد الجوي في المديرية العامة للطيران المدني، خففت من تأثيرات وقوعها، مشيرة إلى انه من المبكر ان نطلق على المنخفض الجوي الذي سيسيطر على البلاد يوم الثلاثاء المقبل، تسمية عاصفة، كشفت كمية الأمطار الغزيرة التي حملتها رياح العاصفة طيلة الأيام الأربعة الماضية، والتي تجاوزت الـ190 ملم، بما يفوق كميات الأمطار التي تهطل عادة خلال شهر أو شهرين في السنوات الماضية، عن اضرار هائلة وكوارث حلت بعدد من المناطق ولا سيما في عكار التي تعرّضت إلى كارثة حقيقية بات يستلزم معها إعلان حالة طوارئ إنسانية، نتيجة السيول التي جرفت المزروعات والسهول والمنازل، بحيث بات عدد كبير من سكان قرى الساحل خارج بيوتهم، والادهى من كل ذلك ان العاصفة كشفت عن وجوه التردي في البنى التحتية سواء لجهة التقصير في ترقب ما يمكن ان يحصل، أو في أعمال هذه البنى اساساً من سوء تنفيذ ومراقبة وتدعيم.
ومع هدوء العاصفة المناخية، برزت تطورات سياسية توحي بهبوب عواصف سياسية، بدأت تلوح من خلال رياح سجالات اطلت برأسها، سواء بالنسبة إلى القمة العربية التنموية الاقتصادية المقرّر انعقادها في بيروت في العشرين من الشهر الحالي، حيث برزت دعوة رئيس المجلس نبيه برّي إلى تأجيل هذه القمة نتيجة عدم وجود حكومة بما يجعلها هزيلة، وبسبب غياب سوريا عنها، أو بالنسبة إلى اقتراحه لتفعيل حكومة تصريف الأعمال لتمرير مشروع موازنة العام 2019، من دون اغفال السجال الذي ظهر إلى العلن، بين وزير العدل سليم جريصاتي وعضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي بزي، حول موضوع استمرار توقيف هنيبعل القذافي الموقوف منذ أربع سنوات بتهمة كتم معلومات في قضية إخفاء الامام موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا، والذي يُخفي الاحتقان المتصاعد بين «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل» من جهة أو بين بعبدا وعين التينة من جهة ثانية، إذا ما اعتبرت مسألة دعوة سوريا إلى القمة الاقتصادية جزءاً من هذا الاحتقان.
تناقض ومقايضة
وكان كلام الرئيس برّي في ما خص ارجاء القمة الاقتصادية احتل صدارة الاهتمامات السياسية، حيث نقل عنه النائب بزي قوله امام نواب الأربعاء في عين التينة، انه «في غياب وجود حكومة، ولان لبنان يجب ان يكون علامة جمع وليس علامة طرح، ولكي لا تكون هذه القمة هزيلة فإنه يرتأي ان يتم تأجيل القمة، فيما نقل النائب عبد الرحيم مراد عن برّي ايضا تأكيده على ضرورة مشاركة سوريا في هذه القمة، معتبرا انه لا يجوز ان تنعقد من دون مشاركتها.
ورأت مصادر سياسية ان دعوة برّي تناقض مواقف الرئيس عون الذي أكّد قبل أيام ان القمة يُمكن ان تنعقد من دون حكومة اصيلة، فضلا عن انها تكشف معالم «المقايضة» المطروحة في الكواليس السياسية منذ أيام بين مسألة دعوة سوريا إلى القمة والافراج عن تأليف الحكومة، علماً ان الاستعدادات للقمة متواصلة على صعيد الترتيبات اللوجستية، بعدما انتهت عملية تسليم الدعوات إلى المملكة العربية السعودية، وقد وزّعت اللجنة الإعلامية بياناً مفصلاً يتصل بمهلة تسجيل الاعلاميين الراغبين في تغطية وقائع القمة ما بين 16 و20 الحالي.
الا ان مصادر سياسية أخرى، لاحظت مؤشرات تدعم موقف برّي لجهة تأجيل القمة، من بينها عدم الحماسة العربية والخليجية للمشاركة في القمة حتى ان بعض الدول الكبرى لا سيما السعودية والامارات لم يحدد مستوى تمثيله، وهو ولئن حدده فإنه لن يكون حتما وفق التطلعات، كما انه يرفض حتى الساعة فك الحظر المفروض على مقعد سوريا في الجامعة العربية الى حين تبيان مدى استعدادها لتنفيذ التزامات وعدت بها وتتصل، كما تكشف المصادر، بالعودة الى الحضن العربي وفك الارتباط بايران واخراج تنظيماتها المسلحة من الارض السورية. وفي هذا المجال لفتت الى اهمية موقف أدلى به امس نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد حيث عبّر عن ثقته في أن القوات الأجنبية ستغادر البلاد، معلنا ان دمشق فعّلت اتصالاتها مع الأكراد في ضوء التدخل التركي.
عون أمام السلك الديبلوماسي
إلى ذلك، لوحظ ان الرئيس عون لم يتطرق في كلمته امام أعضاء السلك الديبلوماسي ومديري المنظمات الدولية الذين جاؤوا لتهنئته بالعام الجديد، إلى موضوع القمة في بيروت ولا إلى موضوع دعوة سوريا، فيما حضر موضوع الحكومة وقضية النزوح السوري والقضية الفلسطينية في المفاصل الأساسية من الكلمة، ولا سيما عندما أشار إلى أن «لبنان يُعاني اليوم من حالة تعثر داخلي، ومن الانعكاسات السلبية لملف النازحين، وانه من موقعه كرئيس للجمهورية، يعمل من منطلق إن جوهر الديمقراطية اللبنانية قائم على التوافق قبل أي شيء آخر، على تحقيق توافق واسع وتام من أجل البت في تشكيل الحكومة العتيدة، بالشراكة مع رئيسها المكلف».
واعتبر انه «فيما أظهرت تجارب الماضي أن عملية التشكيل كانت تتطلب وقتاً ومشاورات واسعة لأنها لم تقم على أسس ومعايير واضحة، فانها اليوم، وبعد اعتماد القانون النسبي ما كان يجب أن تطول لو اعتُمد منذ البدء معيار عدالة التمثيل الذي يجب أن يكون الحكم في أي خلاف».
وحذر من ان الظروف لم تعد تسمح بالمماطلة أو التشبث بمصالح الأطراف على حساب الوطن والشعب، داعياً جميع الفرقاء لتحمل المسؤوليات والارتقاء إلى مستوى التحديات الجسام.
وفي الشأن السوري، جدد عون التأكيد على ان لبنان من الدول التي حملت ولا تزال اثقل الأعباء من تداعيات حروب الجوار وتدفق النازحين السوريين، واشار الى ان في امكانهم العودة الى وطنهم والعيش فيه بكرامة، والمساهمة في ورشة إعادة اعماره، خصوصاً بعدما انحسرت الحرب وعادت الحياة الى طبيعتها في معظم مدنه».
واذ اعتبر ان موقف المجتمع الدولي لا يبدو واضحاً حيال مسألة العودة، «لا بل ما يرشح من مواقف للمؤسسات الدولية لا يبدو مطمئناً»، فانه اعرب عن الخشية من أن يكون الإصرار على إبقاء النازحين في لبنان «مخططاً لتهجير من أمكن من اللبنانيين تسهيلاً للحلول الغامضة والمشبوهة التي تلوح في الأفق».
الحكومة فعل ماضي ناقص
ولاحظت مصادر سياسية ان كلام عون بالنسبة إلى الموضوع الحكومي، لم يحمل أي موقف جديد، باستثناء التشديد على «معيار عدالة التمثيل»، وهو معيار دونه الكثير من الاعتبارات، والتشديد ايضا على انه «يعمل على تحقيق توافق واسع وتام من أجل البت في تشكيل الحكومة العتيدة بالشراكة مع رئيسها المكلف، وهو توافق يتلاءم مع نظرة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى مسألة التأليف، الا انه لم يشر إلى «الخلاف حول الخيارات» الذي سبق ان تحدث عنه في بكركي صبيحة عيد الميلاد، وان كان قد انتقد ضمناً الوقت الطويل الذي ما تزال تستغرقه عملية التأليف.
وفي تقدير المصادر نفسها، ان كلام رئيس الجمهورية لم ينقل مساعي إخراج الحكومة من دائرة الجمود الحاصل، منذ ما قبل بدء السنة الجديدة إلى مربع آخر، في وقت نقل فيه النواب عن الرئيس برّي قوله ان «موضوع تشكيل الحكومة كان في خبر كان واصبح اليوم فعلاً ماضياً ناقصاً»، لافتاً إلى ان «الاقتراحات التي جرى التداول بها أخيراً لم يكن لها نصيب من النجاح»، في إشارة إلى اقتراح الوزير جبران باسيل بتوسيع الحكومة إلى 32 وزيراً أو 36، والذي رفضه الرئيس الحريري، مؤكداً تمسكه بموقفه بأن تكون الحكومة من 30 وزيراً وما دون، وهو مصر على ذلك، بحسب ما أكّد مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» لـ«اللواء».
أما في بكركي، فقد دعا المطارنة الموارنة الى «تخطي العراقيل السياسية وغير السياسية التي تحول حتى الان دون تشكيل الحكومة والتوافق سريعاً على صيغة لها تكون قادرة على مواجهة التحديات»، واكدوا بعد اجتماعهم برئاسة البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي «على الدعوة إلى تشكيل حكومة مصغرة من اختصاصيين مستقلين مشهود لهم بنظافة الكف والضمير، قادرين على تولي المهمة الانقاذية المطلوبة قبل انهيار الهيكل على الجميع».
تمرير الموازنة
على ان اللافت في بيان المطارنة الموارنة، كان في إعلان رفض بكركي الصريح للدعوة إلى تمرير الموازنة، عبر حكومة تصريف الأعمال، واعتبر البيان ان «الكلام المتداول عن سوابق وفتاوى تتناول تمرير الموازنة العامة، بدلاً من استبدال العلاجات الموضعية بالعلاج الأساسي وهو اكتمال عقد السلطات الدستورية، يأتي خلافاً لمنطوق الدستور والقانون، معرباً عن «القلق من ممارسات آخذة بتحوير الخصوصية اللبنانية التي يكرسها الدستور والميثاق الوطني والقائمة على العيش المشترك وتقاليده، وعلى الاحترام المتبادل وصون الحرية الشخصية.
وفيما قال الرئيس برّي انه «لم يصل إليه أي جواب ولم يسمع بدعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد لمناقشة وإقرار الموازنة، والذي اعتبر انه لا يتناقض مطلقاً مع ضرورة الإسراع بتأليف الحكومة، والرجوع عن التعنت الذي يؤخرها»، قالت مصادر سياسية مطلعة ان أي أحد لم يبحث مع الرئيس عون في موضوع تفعيل حكومة تصريف الاعمال ولفتت الى ان هذا الموضوع لجهة انعقاد جلسة لحكومة تصريف الاعمال لم يطرح على الرئيس عون. واكدت ان الاولوية الآن هي لتشكيل الحكومة وان الاتصالات كلها يجب ان تصب في هذا الاتجاه، وافادت المصادر ان الكلام عن تفعيل حكومة تصريف الاعمال يتم تداوله في الإعلام.
واكدت المصادر الرسمية لـ»اللواء» ان الاتصالات بين المعنيين حول تشكيل الحكومة لم تنقطع وان كانت تجري بعيدا عن الاعلام من اجل معالجة العُقد التي تؤخر تشكيلها. لكن حتى الان لا تفاصيل او معلومات حول مقترحات جديدة يمكن ان تؤدي الى نتائج ايجابية، مشيرة الى ان موقف الرئيس عون امام السلك الدبلوماسي العربي والاجنبي في الملف الحكومي وخصوصاً اعتماد المعيار الواحد ليس بموقف جديد، وكان رئيس الجمهورية يريد اطلاع السفراء على سبب التعثر الحكومي.
وأكدت ان قصر بعبدا لم يتبلغ أي أمر رسمي يتصل بتحرك بكركي الأخير، كما ان المملكة العربية السعودية لم تبلغ لبنان عن مستوى تمثيل مشاركتها في القمة الاقتصادية الاجتماعية التنموية.
«اللقاء التشاوري»
وعلمت «اللواء» ان «اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين» سيعقد اجتماعا عند الواحدة والنصف من بعد ظهر اليوم، في دارة الرئيس الراحل عمر كرامي بالرملة البيضاء، لمواصلة البحث في المستجدات المتعقلة بتمثيلهم في الحكومة الجديدة، وانقطاع التواصل والمبادرات حول هذا الموضوع، وقالت مصادراللقاء: ان الاعضاء سيؤكدون على موقفهم ذاته باختيار احد النواب الستة او اسما من الاسماء الثلاثة التي اقترحوها لتمثيلهم.
ونفت مصادر اللقاء ما تردد عن طرح اسماء اخرى غير التسعة المعروفين، مشيرة الى ان الرئيس بري اكد مجددا امس خلال لقاء الاربعاء النيابي على حق اللقاء في المشاركة بالحكومة بوزير من حصته، وان اعضاء اللقاء هم اصحاب القضية لكن احدا لا يتصل بهم للوقوف على رأيهم.
كما نفت علم اللقاء بأي مبادرات جديدة تتعلق بمعالجة العقد امام تشكيل الحكومة سوى ما يتم تسريبه عبر الاعلام، لا من قبل الوزير جبران باسيل ولا من قبل المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم.