هيل يشجِّع تعويم الحكومة: مهتمون بنوعية الوزراء ومواجهة حزب الله
قطوع القمة الرابعة يمر بأزمة مفتوحة مع ليبيا.. وتفاقم الخلافات بين بعبدا وعين التينة
تجاوز لبنان قطوع انعقاد القمة الاقتصادية الاجتماعية العربية الرابعة، لكن الاشكال بين حركة «أمل» والتيار الوطني الحر، لا يزال يتفاعل، في ضوء ما وصفته أوساط الحركة بـ«التودد المريب» في «وقت مريب» وصفاً لموقف وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال الذي اعتبر أن ما حصل في البيال قبل يومين لا يمثل لبنان الرسمي، على الرغم من المطالبة بجلاء قضية الامام السيّد موسى الصدر.
وإذا كان ما كشف عنه وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل بعد لقاء الرئيس المكلف سعد الحريري من ان «المجتمع الدولي يراقب عن كثب وضع الحكومة اللبنانية،.. وما يهمه (أي المجتمع الدولي) هو نوع الحكومة المختارة، وعدم القدرة على الاختيار..» معرباً عن دعم بلاده لتفعيل حكومة تصريف الأعمال، على المضي قدماً حيث يمكنها، وخاصة على الصعيد الاقتصادي، لتجنب المزيد من الضرر والحفاظ على الثقة الدولية، تنظر إليه أوساط 8 آذار بعين الريبة، لا سيما أوساط «حزب الله»، فإن المعلومات تؤكد استمرار الجمود على جبهة مساعي التأليف، وان المجتمع الدولي، والولايات المتحدة لا يمانعان من ان تلعب الحكومة دوراً إذا ما استمر التعثر في عملية التأليف.. في ضوء الاستراتيجية الأميركية التي تتجه «لمواجهة الأنشطة الإيرانية الخطيرة بما في ذلك تمويل وأنشطة المنظمات الإرهابية بالوكالة مثل حزب الله».
ومع الهدوء النسبي لزوبعة مشاركة ليبيا في القمة بعد إعلانها المقاطعة رسمياً، وتجميد العلاقة مع لبنان، فإن مضاعفات الوضع وتداعياته لم تقف عند حدّ، بل اتخذت اشكالاً متعددة، على الرغم من حضور نواب كتلة التنمية والتحرير إلى جانب نواب من تكل لبنان القوي، ومن كل أخرى في العشاء الذي أقامه النائب ميشال معوض، على شرف السفير هيل والوفد الأميركي المرافق في منزله في الحازمية مساء أمس.
هدوء «زوبعة» المشاركة الليبية
وعلى صعيد الأزمة اللبنانية – الليبية، طالب مجلس الدولة الليبي بتجميد العلاقات مع لبنان، رداً على ما وصفه «إهانة» حركة «أمل» للعلم الليبي في مقر القمة، فيما عمد عدد من الشبان في طرابلس الغرب إلى مهاجمة مقر السفارة اللبنانية، واكتفوا بنزع اللافتة الخارجية من دون اقتحام حرم السفارة.
وأوضح السفير في ليبيا محمّد سكيني الذي صودف وجوده في تونس، أثناء الحادث، ان طاقم السفارة بخير ولم يصب أحد بأذى.
واعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن انزعاجه الشديد حيال الاعتداء على علم ليبيا في بيروت، معتبراً انه «من غير المقبول في أي حال من الأحوال ان يتم حرق علم أية دولة عربية، خاصة وان ذلك حدث على أرض عربية، وحث السلطات اللبنانية على العمل لتوفير الاحترام الكامل لوفود الدول الأعضاء في الجامعة، المقرّر ان تشارك في اجتماعات القمة الاقتصادية، مذكراً بأنه كان هناك ترحيب من مختلف الدول الأعضاء بالطلب اللبناني باستضافة هذه القمة».
اما بالنسبة إلى لبنان الرسمي، فإن تداعيات الموضوع الليبي، كشفت عن انقسام في الموقف الرسمي، خصوصاً وان ما حصل في محيط مقر القمة، مر من دون مساءلة أمنية أو محاسبة قضائية، عبرت عنه رسالة وزير الخارجية جبران باسيل إلى نظيره الليبي محمّد سيالة، معرباً عن اسفه لعدم مشاركة ليبيا في اعمال القمة، معلناً رفضه «للامور والاعمال التي طالت دولة ليبيا ومشاركتها والتي لا تعبر عن موقفه وموقف لبنان».
تثبيت موعد القمة
لكن البارز ان انتهاء أو هدوء «زوبعة» الحضور الليبي إلى القمة، حسمت الجدل الذي كان قائماً حول طلب تأجيلها بسبب عدم دعوة سوريا إليها، لجهة التأكيد على انعقادها وتثبيتها في موعدها، إذ أعلنت اللجنة العليا المنظمة للقمة في مؤتمر صحافي عقدته أمس، عن انتهاء التحضيرات العملانية واللوجستية للقمة كافة، وفق الخطة الموضوعة لهذه الغاية، وتأكد حسب القيمين على التحضيرات، حضور سبعة قادة عرب لغاية أمس.
وأكّد الناطق الرسمي باسم القمة رفيق شلالا ان لبنان لم يتبلغ رسمياً عدم مشاركة ليبيا، مشيراً إلى ان مشاركة سوريا من عدمها مرتبط بقرار مجلس وزراء الخارجية العرب، وليس اللجنة المنظمة أو الدولة المضيفة، واصفاً تمزيق العلم الليبي في مقر القمة «بالمؤسف».
ومن جهته، أكّد رئيس اللجنة العليا للقمة المدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير ان عنوان القمة الذي اعتمده لبنان وهو «الازدهار من عوامل السلام» أتى في سبيل التشديد على ضرورة ايلاء الأهمية للقضايا التنموية والاقتصادية ودعم الجهود العاملة لمعالجة الأسباب الجذرية للنزاعات لضمان عدم استغلالها، مشيراً إلى انه سيصدر عن القمة «اعلان بيروت» يوجز مجرياتها ومن الممكن ان يُطلق الرئيس ميشال عون مبادرة تنموية، لم يوضح تفاصيلها.
وأوضح رئيس الهيكلية الأمنية الخاصة بالقمة قائد لواء الحرس الجمهوري الذي انيط به مهمة حفظ أمن القمة من قبل المجلس الأعلى للدفاع، ان هذه الهيكلية وضعت خطة أمنية مفصلة لمنع أي خرق أمني، يُشارك فيها إلى جانب لواء الحرس الجمهوري قوة مؤلفة من 500 ضابط و7000 عنصر بين رتيب وفرد من الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة، كما تمّ إنجاز بقعة أمنية في محيط مكان القمة في واجهة بيروت البحرية، ستقفل أيام الجمعة والسبت والاحد، ولن يدخلها الا حاملو البطاقة الأمنية الصادرة عن الهيكلية، وهم من السكان واصحاب المحلات والوفود المشاركة والاعلاميين ومقدمي الخدمات للقمة والعناصر الأمنية.
ولفت مُنسّق اللجنة العليا العميد جوزف نحاس إلى انه ستتخذ يومي السبت والاحد تدابير سير استثنائية على الطرق المؤدية من المطار إلى وسط بيروت على الاتجاهين، فيما أشار العقيد عماد الجمل إلى منع السير على اوتوستراد المدينة الرياضية، نفق سليم سلام، جادة شارل حلو، النفق المؤدي إلى فندق فينيسيا بالاتجاهين يومي السبت من السادسة صباحاً وحتى انتهاء وصول رؤساء الوفود والاحد من السادسة صباحاً وحتى انتهاء مغادرة رؤساء الوفود.
ولاحقاً، أعلن العميد فغالي عن انه طلب اتخاذ إجراءات إضافية لحماية القمة شملت وقف العمل بتراخيص الأسلحة اعتباراً من يوم أمس ولغاية 21 الشهر الحالي ضمناً، في مدينة بيروت وضواحيها، وعدم منح أي تراخيص للاعتصام أو التظاهر في هذه الفترة ضمن البقعة الأمنية المغلقة ومنع تحليق الاجسام الطائرة (درون ومنطاد) فوق بقعة العزل، فضلاً عن منع سير الشاحنات في بيروت وضواحيها.
وأفادت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» انه مع اكتمال التحضيرات اللوجستية والأمنية للقمة، أصبح من الصعوبة بمكان العودة إلى الوراء، ورأت ان المؤتمر الصحافي المتكامل امس يؤشر الى ان القمة صارت بحكم المنعقدة وينتظر بعض التفاصيل عن مستوى مشاركة بعض الدول وسط توجه ان تحقق افضل الممكن بعد كل الذي رافقها على ان موضوع مشاركة سوريا توضح.
ولم تخف المصادر التأكيد ان اي قرار بشأن السير بإنعقاد القمة هو افضل بكثير من تأجيلها.
واشارت الى ان هناك رغبة بإنجاح القمة بعد كل الجو السائد ولذلك يتم رصد كل الاجتماعات المرتبطة بها وما تشهده الأيام المقبلة مع العلم ان هناك اهتماما دوليا بها.
هيل وترسيم الحدود
إلى ذلك، ينهي مساعد وزير الخارجية الاميركية للشرق الاوسط ديفيد هيل زيارته للبنان اليوم، بعد مروحة لقاءات سياسية وامنية، تركزت بشكل اساسي حسب معلومات «اللواء» على موضوع ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطيين المحتلة عند النقاط المختلف عليها وعددها 12 نقطة اضافة الى «النقطة ب1» عند الناقورة، وهوطلب التوافق اللبناني على الموضوع نتيجة اختلاف بوجهات النظربين المسؤولين حول هل يكون الترسيم شاملا الحدود البرية والبحرية كلها كما يطرح الرئيس نبيه بري ام يكون متدرجا حسب ما يمكن الاتفاق عليه بين لبنان والكيان الاسرائيلي برعاية الامم المتحدة.
وذكرت مصادر رسمية واكبت زيارة هيل، انه طرح ضرورة تحقيق إجماع لبناني على ترسيم الحدود، ونقل استعداد الكيان الاسرائيلي لتنفيذ العملية، موضحة ان النقاط الاثنتي عشرة بينها سبع نقاط شبه متفق عليها وخمس يمكن حلها، لكن المشكلة الاكبر هي حول النقطة «ب 1» ولكن مساحتها لا تتعدى 14 مترا يصر لبنان على استعادتها كلها. ولكن المصادر اكدت ان حل الموضوع ليس مستحيلا او صعبا، وانه متى توافر التوافق اللبناني يمكن البدء بالحل وهومجرد عملية إجرائية.
وفي الجانب السياسي، اوضحت المصادر ان هيل لم يطرح شيئا جديدا خارج الموقف التقليدي من ايران و«حزب الله» وان الاميركيين ماضون في العقوبات على ايران وحلفائها ولا سيما «حزب الله»، كما انهم ماضون في الضغط على سوريا من اجل تقديم تنازلات في العملية السياسية الجاري بحثها وبخاصة ما يتعلق بأمن الكيان الاسرائيلي عند الحدود الجنوبية لسوريا، وتقديم ضمانات للاكراد عند الحدود الشمالية.
واستنتجت المصادر ان الضغط على سوريا يعني بشكل مباشر تأخير الانسحاب العسكري الاميركي ستة اشهر، وبشكل غير مباشر عدم عودتها الى الجامعة العربية حاليا، وهو ما عارضه الجانب اللبناني حيث اكد المسؤولون اللبنانيون على ضرورة انفتاح لبنان الرسمي على سوريا ولو من الباب الاقتصادي كمرحلة اولى.
وتمنى هيل – كما جاء في تصريحه- على المسؤولين اللبنانيين الاسراع في تشكيل الحكومة وبسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، الا انه شجع حكومة تصريف الأعمال على المضي قدماً حيث يمكنها، خصوصاً على الصعيد الاقتصادي.
وكشفت المصادر عن ان هيل والذي يعتبر الرجل الثاني في الخارجية الأميركية، بعد وزير الخارجية استفسر من المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم عن تطور الاوضاع في لبنان ناقلا قلق بلاده من اي تطور قد يحصل عند الحدود ومؤكدا حرص بلاده على الاستقرار.
واشارت المصادر الى انه اثار مع المسؤولين مسالة اكتشاف انفاق لحزب الله عند الحدود الجنوبية، كما اشارت الى ان لبنان اكد التزامه القرار ١٧٠١، واي خرق يحصل في اتجاه الاراضي اللبنانية لا بد وان يواجه يالتصدي له. وان الاجهزة الامنية على استعداد لذلكِ.
واثار المسؤولون الخروقات الاسرائيلية المتكررة وكيفية متابعة الوضع على الحدود، كذلك افادت ان جولة هيل استطلاعية وهو سيرفع تقريره الى كبار المسؤولين في واشنطن بعد سلسلة لقاءات عقدها خلال وجوده في بيروت.
هيل: «حزب الله» ميليشيا لا تحاسب
وكان الدبلوماسي الأميركي، جال أمس، برفقة السفيرة الأميركية في بيروت اليزابيث ريتشارد على الرؤساء الثلاثة، ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، كما التقى وزيري المال علي حسن خليل والخارجية جبران باسيل، قبل ان يلتقي ليلا السفير السعودي في بيروت وليد بخاري في دارته في اليرزة.
واكد هيل على ضرورة ان يتخذ الشعب اللبناني وحده القرارات السياسية الكبرى بين الحياة والموت»، مشدداً على» ان بلاده تدعم المؤسسات اللبنانية ولاسيما الجيش اللبناني لتأمين الحدود والحفاظ على الأمن في لبنان،» داعيا الدولة اللبنانية وحدها الى ان تدافع عن نفسها، وقال:إننا نمضي قدما في جهودنا لمواجهة الأنشطة الخطيرة الإيرانية في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك تمويل وأنشطة المنظمات الإرهابية بالوكالة مثل حزب الله. وبينما يحق للبنان الدفاع عن نفسه، هذا حق للدولة اللبنانية وحدها. من غير المقبول وجود ميليشيا خارجة عن سيطرة الدولة، ولا تحاسب من كل اطياف الشعب اللبناني، وهي تقوم بحفر أنفاق هجومية عبر الخط الأزرق في إسرائيل أو تجميع أكثر من 100،000 صاروخ تهدد الاستقرار الإقليمي.
وشدد على ان «تشكيل الحكومة يعود الى لبنان وحده لكن نوع الحكومة مهم بالنسبة للجميع»، وقال: نحن نثق بقدرة قادة لبنان على ادارة البلاد خلال هذه الاوقات الصعبة، ونشجع حكومة تصريف الاعمال على المضي قدما حيث يمكنها، وخصوصا على الصعيد الاقتصادي، لتجنب المزيد من الضرر والحفاظ على الثقة الدولية..
وابلغ رئيس الجمهورية هيل، انه كلما دعمت الولايات المتحدة عملية السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الاوسط، ارتاح الوضع في لبنان وترسّخ الهدوء على الحدود الجنوبية. وقال «ان عملية ترسيم الحدود في الجنوب تأخرت، لكننا نأمل في ان تستأنف قريباً».
اما الرئيس بري فتوقف خلال اللقاء مع هيل امام التمادي الإسرائيلي بالخروق والإنتهاكات اليومية لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، وتجاوزه لقوات «اليونيفل» واللجنة الثلاثية بالإعتداء على الخط الأزرق والأراضي اللبنانية. وشدد مرة اخرى على الحل السياسي في سوريا، وضرورة إستعادة العلاقات اللبنانية- السورية لطبيعتها على الصعد كافة.
سوق السندات
مالياً، طرأت تطورات أمس، ساهمت في عودة الارتفاع إلى سوق السندات المالية، بحسب ما أكدت وكالة «رويترز»، في ضوء الاجتماع المالي الذي انعقد أمس الأوّل في بعبدا لإزالة الالتباس الذي احدثه تصريح وزير المال بشأن إعادة هيكلة الديون اللبنانية، إذ أعلن الرئيس عون خلال استقباله وفد مجلس الإدارة الجديد للمؤسسة المارونية للانتشار ان «الودائع ستدفع كاملة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى السندات مع فوائدها وفق الآجال المحددة»، فيما أكّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان اجتماع بعبدا أفاد ان الدولة اللبنانية ملتزمة تسديد الدين وفوائده.
وقال في لقاء – غداء، نظمه مجلس إدارة تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم برئاسة فؤاد زمكحل مع الحاكم في فندق «فور سيزن» حضره عدد من رؤساء ومجالس إدارات المصارف، «صحيح أن ردّة الفعل في سوق السندات في السوق اللبنانية اليوم كانت حذرة، لكنها مرتاحة، علماً أن لدينا القدرة على تسديد الديون في تواريخها المحدّدة وبدون أي اقتطاع منها».
واعتبر أن «تأليف الحكومة وإعلان برنامج اقتصادي وتطبيق مؤتمر «سيدر» ومشاريع أخرى، سيساعد لبنان على تخطي أزماته الاقتصادية الراهنة». وأكد أن «لا خطر على سعر صرف الليرة اللبنانية تجاه الدولار الأميركي، وأن الشائعات الراهنة لم تؤثر علينا والعملة مستقرة، والكميات من الليرة متوافرة في السوق ومدعومة بأرقام وليست بشعارات».