الحريري من كليمنصو: أسبوع الحسم نهاية الشهر
الصناعة إلى برّي والتنمية الإدارية إلى جنبلاط قيد التفاوض.. وممثل التشاوري لا يصوِّت ضد رئيس الجمهورية
هل اقترب موعد الحسم الحكومي؟ وإذا كان اقترب، فبأي اتجاه؟ هل صوب التأليف حيث يرتجي هذا الأمر الرئيس نبيه برّي، ليس باسمه فقط، بل باسم فريقه أيضاً (الثنائي و8 آذار) أم في خيار آخر، ربما يشتهيه البعض، جهاراً أو سراً، بإعلان الرئيس المكلف عن اعتذاره، وإن كان هذا الخيار ليس وارداً لديه لا في الأمس، ولا اليوم ولا في الغد القريب أو البعيد؟
زحمة الأسئلة تتكاثر، وتتسارع أيضاً، ربما على نحو متشابه أو مختلف، تفرضها جدية المشاورات الجارية، والتي سجلت محطة حيوية: إذ زار الرئيس المكلف سعد الحريري النائب السابق وليد جنبلاط في كليمنصو، بحضور النائبين تيمور جنبلاط ووائل أبو فاعور.
المعلومات تتحدث عن ان الزيارة جاءت على خلفية مشاورات تتعلق بتبديل حقيبة أو أكثر، لا سيما بين كتلتي التنمية والتحرير التي يرأسها الرئيس نبيه برّي، وكتلة اللقاء الديمقراطي، لجهة تخلي الحزب التقدمي الاشتراكي عن وزارة الصناعة، لصالح حركة «أمل» وإعادة إسناد وزارة المهجرين لمرشح عن «اللقاء الديمقراطي»، ولوضع جنبلاط في نتائج زيارة الحريري إلى عين التينة أمس الأوّل.. لكن المعلومات تضيف ان المقاربة جاءت على خلفية استشعار جنبلاطي لمحاولة استهداف جديدة من بعض فريق 8 آذار، على خلفية احداث الجبل الأخيرة، سواء في الجاهلية، وقبل ذلك في الشويفات، ومطالبة النائب طلال أرسلان استدعاء النائب اكرم شهيب إلى القضاء للادلاء بشهادته حول اغتيال عضو الحزب الاشتراكي علاء أبو فرج قبل عدّة أشهر.
الرئيس الحريري توقف عند الحملات التي استهدفته، واستهدفت النائب جنبلاط، داعياً لرص الصفوف، متكتماً حول المسار التفاوضي، لكنه وعد بالحسم في الأسبوع المقبل.
وتوقع مصدر متابع لمشاورات التأليف ان تنتهي فترة الحسم، أو السماح التي اعلنها الرئيس الحريري نهاية كانون الثاني الجاري، وتحديداً قبل بداية الأسبوع المقبل.
قرار الحسم الأسبوع المقبل
وفي تقدير مصادر سياسية، انه سواء حافظت أسهم التفاؤل بولادة الحكومة على ارتفاعها، أو ان «شياطين التفاصيل» دخلت على الخط، جرياً على عادتها عند كل منعطف أو أمل، مثلما ألمح رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط بعد لقائه الرئيس المكلف، فإن الرئيس سعد الحريري بدا جازماً وحازماً في شأن حسم قراره في الأسبوع المقبل، بحسب ما أكّد هو شخصياً، من دون ان يعرف عمّا إذا كان هذا القرار يتعلق بالصعود إلى قصر بعبدا، لإصدار مراسيم تشكيل الحكومة، أو الاعتذار، خصوصاً بعد ان طرأت نقاط جديدة في مسألة تبديل الحقائب قد تُعيد خلط الأمور، إلى جانب استمرار عقدة تمثيل نواب سنة 8 آذار، أو ما يسمى بـ«اللقاء التشاوري»، حيث ذكرت معلومات ان الرئيس الحريري لم يتلق بعد أجوبة في ما يتعلق بتموضع الشخصية التي ستمثل هؤلاء في الحكومة.
وبحسب هذه المصادر المطلعة على الملف الحكومي، فإنه بعدما حسمت صيغة الثلاث عشرات، فإن النقاش يدور حالياً في موضوع الحقائب، والمشاورات تجري على تبديل في بعضها، دون ان يعني ذلك إعادة توزيع في الحقائب كلها.
وفهم من المصادر، وفق ما أبلغت «اللواء» إن «التيار الوطني الحر» كرر مطالبته بوزارة البيئه التي كانت قد حسمت من حصة رئيس مجلس النواب نبيه بري وهذا يؤدي اوتوماتيكيا الى مطالبة بري بوزارة اخرى بديلة تردد انها الصناعة التي وردت في حصة جنبلاط.
واوضحت ان هذا التبديل قد يعيد خلط الامور خصوصا اذا ادى ذلك الى المس بوزارات اخرى جرى حسمها سابقا.
واشارت الى انه تم استبعاد الثلث المعطل وان موضوع تمثيل «اللقاء التشاوري» عبر من يسميه سيكون من حصة رئيس الحمهورية على ان تتم الاتصالات مع اللقاء قريبا. وافادت ان الساعات المقبلة مفتوحة على مشاورات مكثفة مع الاخذ في الاعتبار ان اي منحى ايجابي سيؤدي الى ولادة الحكومة قبل نهاية الاسبوع بعد اجتماع بين رئيس الحمهوريه العماد ميشال عون ورئيس الحكومه المكلف.
وفيما نفت مصادر الحزب الاشتراكي ان يكون لديها معلومات عن إمكانية استبدال الحقائب المحسوبة لصالحها، ولا سيما حقيبة الصناعة، ترددت معلومات ان الرئيس برّي وافق على التخلي عن حقيبة البيئة مقابل الحصول على حقيبة الصناعة، وهو ما سعى الحريري لاقناع جنبلاط به خلال زيارته كليمنصو، على ان تسند له وزارة التنمية الإدارية، لكن زعيم المختارة لم يشأ الاضاءة على هذه المسألة، وان كان أكّد ان «الحكومة ستتشكل في وقت قريب»، مفضلاً تسليط الضوء على التحرّك الذي يقوم به خصومه السياسيون، مشيراً إلى أن «هناك قوى تريد اضعاف البنية الاقتصادية والاجتماعية للبنان من أجل السيطرة على البلد»، لافتاً إلى ان «هذه القوى استنهضت نفسها أخيراً لتهاجم الآخرين، وهؤلاء لا يهمهم الوضع الاقتصادي في لبنان، وبخاصة بعد تصنيف «موديز» للاقتصاد اللبناني»، مشدداً على ان «الازمة الحكومية ما زالت قائمة، لأن لا جواب من هذه القوى»، والرئيس الحريري يحاول الوصول إلى أجوبة في إطار عقدة «اللقاء التشاوري»، منتقداً سعي البعض إلى تعطيل القمة الاقتصادية في بيروت، حيث رأى انه «كان من الممكن ان يكون التمثيل أفضل، لكنه أمر عمليات ما جاء لتعطيل القمة»، غير انه استدرك موضحاً «ان الرئيس برّي لديه قضية، وعلى ليبيا تقديم أجوبة على استمرار تغييب الإمام موسى الصدر».
أما الرئيس الحريري، فإنه حرص بدوره على الإشارة إلى ان موضوع الحقائب لم يكن مطروحاً فقط خلال هذه الزيارة، بل ان هناك اموراً كثيرة جرت في البلاد، وتم التهجم علينا وعلى جنبلاط، وعلينا ان نرص صفوفنا، رافضاً الخوض في أمور الحكومة، «كي لا تتخرب»، لكنه أكّد ان هناك اموراً إيجابية تتبلور بشأن الحكومة، معتبراً بأنه «ليس في حالة مواجهة مع أحد، والخلافات الإقليمية داخل البلاد والحكومة لن توقف العمل من أجل مصلحة المواطن»، مشيراً إلى انه «كرئيس حكومة مكلف يقوم بمشاورات، والاسبوع المقبل سأحسم قراري بشأن الحكومة».
«لقاء الأربعاء»
ومن جهته، جدد الرئيس برّي قوله ان «هناك نفساً وزخماً جديدين لتشكيل الحكومة في غضون أسبوع أو أقل، بحسب ما سمع من الرئيس الحريري أمس الاول».
وقال امام النواب في لقاء الاربعاء النيابي: «الأجواء جيدة وإيجابية، واذا ما استمررنا بالتأخر في تأليف الحكومة نكون بدأنا بارتكاب جريمة وطنية».
وركز بري على الاوضاع الاقتصادية والمالية، وأشار الى أن «ما ورد في تقرير «موديز» عن تصنيف لبنان يتطلب من الجميع ان نخرج من التجاذبات والإنقسامات وننصرف الى مواجهة كل التحديات، وبوجود الحكومة يمكن إتخاذ الإجراءات المناسبة والإجابة عن كل الأسئلة المتعلقة».
وكرر انه اذا لم تتشكل الحكومة الجديدة فإنه سيطالب بعقد جلسة لحكومة تصريف الاعمال من اجل تحويل الموزانة للمجلس النيابي، مشيرا الى انه سيدعو ايضا الى جلسات تشريعية متتالية، كاشفاً بأن وزير المال علي حسن خليل، اعد مشروع قانون، بخصوص الصرف على أساس القاعدة الاثني عشرية، إذا لم تشكّل الحكومة ضمن مهلة تنتهي في 31 كانون الثاني الحالي، واصفاً هذا التاريخ انه بمثابة Dead Time.
ونقل عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي بزي عن برّي قوله انه «يرى ضرورة التعالي عن الثرثرات والإنقسامات وضرورة تشكيل الحكومة إثر تقرير «موديز»، موضحاً انه «لم يتم التطرق بشكل مباشر مع الرئيس الحريري إلى مسألة توزيع الحقائب وهو شدد على ضرورة تمثيل «اللقاء التشاوري» إما بأحد النواب الستة أو اسم من الثلاثة التي قدموها».
وفي هذا السياق، لاحظت مصادر تكتل «لبنان القوي» ان المشكلة بالاساس هي سنية – سنية وحلها كان يفترض ان يتم من قبل الرئيس الحريري، لكن الرئيس عون والوزير جبران باسيل ومن باب التسهيل والمساعدة على الحل، اقترحا ان يكون «للقاء التشاوري» وزير من حصة الرئيس عون ومع «كتلة لبنان القوي» على أن يكون ايضا من حصة «اللقاء التشاوري» ويحضر اجتماعاته، كما يحصل الان بالنسبة لوزير حزب «الطاشناق» الذي ينتمي لكتلة ارمنية ويحضر اجتماعاتها ويحضر اجتماعات التكتل، او وزير كتلة «ضمانة الجبل» التي يرأسها الوزير طلال ارسلان، هو من حصة «تكتل لبنان القوي» ولكنه يجتمع مع كتلته النيابية او الجهة السياسية التي ينتمي اليها.
وبحسب المعلومات فإنه لم تتم للآن إقناع «اللقاء التشاوري» بصيغة تموضع وزيره بحيث يكون له «رجل في البور ورجل في الفلاحة»، وما زال «اللقاء» متمسكا بأن يكون وزيره من حصته وملتزما قراراته ويحضر اجتماعاته، إلا أن مصادر اللقاء أكدت لـ«اللواء» ان اركانه ابدوا استعدادهم للتنسيق مع رئيس الجمهورية خلال جلسات مجلس الوزراء في كل الامور والقضايا المطروحة والقرارات التي ستتخذ، وهو أمر طبيعي إذ يُفترض بكل القوى السياسية ان تتعاطى مع رئيس الجمهورية من هذا المنطلق.
وكشفت مصادر معنية ان الصيغة التي يتم التشاور في شأنها تنص على ان يتعهد «وزير اللقاء التشاوري» بعدم التصويت ضد أي قرار يتخذه رئيس الجمهورية، وان يُشارك في الوقت نفسه في اجتماعات «التشاوري».
ارتفاع أسعار السندات
ماليا، وبعد ظهور بوادر جديدة بالنسبة لتشكيل الحكومة، واستعداد السعودية لتقديم دعم جديد للبنان، ارتفعت السندات السيادية اللبنانية المطلوبة بالدولار كثيراً، بحيث قفز الإصدار المستحق في العام 2025 بمقدار 2،9 سنتين ليجري تداوله عند 78،8 سنتاً، وفقا لبيانات «تريدويب»، وعوض كثير من السندات جميع الخسائر التي تكبدتها تقريباً، بعد الحديث عن هيكلية الديون الذي هزّ الأسواق في أوائل كانون الثاني الحالي.
وكان وزير المال السعودي محمّد الجوعان، أعلن ان السعودية ستدعم لبنان «على طول الطريق.. لحماية استقراره»، بعدما كانت قطر أعلنت انها ستشتري سندات دولارية صادرة في بيروت بقيمة 500 مليون دولار، لتعزيز الاقتصاد اللبناني.
وقال الجدعان لشبكة «سي.ان.بي.سي» ردا على سؤال حول ما إذا كانت الرياض تستعد لإجراء مماثل «السعودية كانت، وستظل، محفزا جدا للاستقرار في لبنان».
وأضاف في مقابلة بُثت أمس الاربعاء: «نحن مهتمون برؤية الاستقرار في لبنان، وسندعم لبنان على طول الطريق».
أمن المطار
تزامناً، ترأس الرئيس الحريري اجتماعاً وزارياً امنياً، خصص للبحث في أوضاع مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، والتحضيرات لزيارة منظمة الطيران المدني الدولي «ايكاو» إلى بيروت في الشهر المقبل من أجل التدقيق في أوضاع المطار، ولا سيما من الناحية الأمنية، خاصة وان عملية التدقيق ستستمر عشرة أيام من 6 إلى 15 شباط، بحسب ما أوضح وزير الاشغال يوسف فنيانوس الذي أكّد بأن الدولة اللبنانية واثقة بأن نتيجة التدقيق ستكون أفضل بكثير وأفضل من المرات السابقة، مستبعداً حصول تخفيض في تصنيف المطار، مشيرا إلى انه في المرّة الأخيرة التي جرى فيها هذا التصنيف للبنان وصلنا إلى نسبة 39 في المائة، والآن نأمل ان نتخطى الـ50 أو 60 في المائة. مشددا على ان كل الاعتبارات تسقط امام أمن المطار وأمن المسافرين وسلامة الطائرات.
وحول مسألة استخدام «حزب الله» لنقل الأسلحة، أكّد فنيانوس بأننا «دولة ذات سيادة وتمارس سيادتها كاملة». مشددا على ان هذه الحملة من الافتراءات غير صحيحة في المطلق، وان الأجهزة الأمنية الموجودة في المطار من قوى أمن داخلي وجيش لبناني وأمن عام ورئاسة جهاز أمن المطار وجمرك، تكشف على كل الطائرات، وكل الأجهزة الأمنية تؤكد بما لا يقبل الشك على الإطلاق بأن هذا المطار لا يستعمل لأي غرض عسكري، باستثناء الجيش اللبناني.