تحذيرات أميركية- فرنسية تُسابِق «أسبوع الحسم»
نصر الله يتفاجأ «بإخترع» باسيل توزير «التشاوري».. وجعجع يرفض تبديل الحقائب
قبل حلول «اسبوع الحسم الحكومي» الذي بشر به الرئيس المكلف سعد الحريري، قبل سفره في زيارة خاصة إلى باريس، فإن حابل التفاؤل اختلط على نحو دراماتيكي بنابل التشاؤم، وباتت الرهانات تتهاوى، والتخمينات، تارة تعود إلى ساعة الصفر وطوراً تذهب باحثة عن التبريرات الهزيلة للمواقف، أو الفوضى في ما يمكن تسميته «بالاسباب والموجبات لهذا الخيار الخاطئ أو ذاك».
وتحبس مختلف القوى المنضوية، في إطار الحكومة العتيدة الأنفاس، بانتظار تطورات ثلاثة:
1- اجتماعات الرئيس الحريري الموجود في العاصمة الفرنسية مع كل من وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، بصفته رئيساً لتكتل لبنان القوي، الداعم للرئيس ميشال عون، والذي وصل إليها آتياً من دافوس، حيث شارك في مناقشات المنتدى الاقتصادي العالمي..
وكشفت مصادر في «التيار البرتقالي» ان الرئيس الحريري اجتمع مع باسيل أمس الأوّل.
ومن الاجتماعات، التي على الطاولة هناك، لقاء بين الرئيس المكلف ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع والتي أكدت اوساطه، قبل اللقاء «ان لا عودة إلى تموضع وزارات «القوات» المتفق عليها».
2- عودة الرئيس المكلف إلى بيروت، وما يمكن ان يحمله معه من الاجتماع مع باسيل، فضلاً عن كيفية التعامل مع «الشروط الجديدة» لنواب «اللقاء التشاوري» (السني)، الذي أعلن باسمه النائب جهاد الصمد، بعد اجتماع عقد في منزله في طرابلس، ان «اللقاء لن يقبل بأن يكون الوزير الذي سيمثله الا ممثلاً حصرياً له، على ان لا يكون من حصة احد»، أو أحد الأسماء الثلاثة التي رشحها اللقاء.
3 – ما يُمكن ان يعلنه في إطلالة تلفزيونية، عند الثامنة والنصف من مساء اليوم، الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله.
وعشية الإطلالة، نقلت معلومات عن السيّد نصر الله «وصف مبادرة باسيل «بالاختراع» معرباً عن تفاجئه من طريقة تعاطي حليفه في الملف الحكومي لا سيما حين حاول تهريب اسم جواد عدرة بالتوافق مع الحريري، مما سبب احراجاً للجميع ودفع بنصر الله إلى لوم إبراهيم (عباس إبراهيم المدير العام للأمن العام) على طريقة ادارته للملف» (راجع ص 3).
ووفقا لمعطيات منقولة عن الحزب انه «لا يبدو متفائلا بتشكيل الحكومة، الا إذا وجدت فجأة نوايا سليمة وجدية، ملمحاً (أي الحزب) إلى ان «هناك من يراهن على عرقلة التشكيل لثلاثة أشهر اخرى».
وتنتظر أوساط 8 آذار ان يُحدّد السيّد نصر الله بوضوح «موقفنا من كل ما يجري حكومياً»، وفقا لقيادي في الحزب، مستنداً إلى ان المعلومات لدى الحزب تفيد بأن «الرئيس عون ليس في وارد السماح للحريري وباقي الأفرقاء بالاستمرار في المماطلة في ملف تشكيل الحكومة».
دولياً، يتجه الكونغرس الأميركي إلى إصدار تشريع بتجميد المساعدات الأميركية للبنان، في حال استمر تعثر تأليف الحكومة.
بدوره، اعرب وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان عن اسفه للتأخر في تشكيل حكومة في لبنان بعد ثمانية أشهر على الانتخابات التشريعية في لبنان في أيّار 2018.
وقال: «من مسؤولية جميع المسؤولين السياسيين اللبنانيين العمل للخروج من هذا المأزق السياسي، الذي وضعوا أنفسهم فيه».
وحذر من فرض عقوبات صارمة على إيران في حال فشل الحوار حول الأنشطة العسكرية في الشرق الأوسط، مؤكداً ان باريس ستكون «حازمة جداً خصوصاً حول إرسال أسلحة من إيران إلى الجناح المسلح لحزب الله في لبنان»، لأنها تُهدّد أمن إسرائيل.
وجاءت اقوال لودريان في حديث خاص مع «الاذاعة العبرية الرسمية» ورداً على تحذير الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريغلين، الذي قال خلال زيارته إلى باريس بأن إسرائيل تحمل الحكومة اللبنانية مسؤولة عدوانية حزب الله على حدّ زعمه..
يذكر ان فرنسا أوقفت حاليا مساعداتها إلى الجيش اللبناني، بينما ألغى الرئيس الفرنسي عمنويل ماكرون زيارته المخططة إلى لبنان الشهر القادم.
وأضاف لودريان بأنه يجب على القادة اللبنانيين التوصّل لاتفاق تشكيل حكومة جديدة تتحمل مسؤولية نفسها. وبرأيه، فرنسا طلبت من إسرائيل ودول أخرى بالمنطقة تأييد ذلك».
هبوط بورصة التفاؤل
في هذا الوقت، لوحظ ان بورصة التفاؤل الحكومي التي ارتفعت اسهمها في اليومين الماضيين إلى حدّ دفع الرئيس المكلف إلى تحديد الأسبوع المقبل، موعداً لحسم قراره النهائي في شأن تشكيل الحكومة، هبطت إلى حدها الأدنى من قبل «حزب الله» عشية إطلالة أمينة العام السيّد حسن نصر الله عبر قناة الميادين، فيما بقيت على حالها في أوساط «بيت الوسط» ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، في حين دعت أوساط قصر بعبدا إلى وجوب عدم قطع الأمل وانتظار المشاورات الجارية خلف الكواليس والتي يفترض ان تتبلور الأسبوع المقبل في أقصى حد.
وفيما لم تطرأ أي معطيات جديدة في عملية التأليف، ولم ترد أي معلومات عن لقاءات الرئيس سعد الحريري في فرنسا، باستثناء التأكيد بأن زيارته إلى العاصمة الفرنسية ليست يتيمة، خصوصاً بعدما سبقه إليها الوزير باسيل، مع معلومات بأن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع موجود اصلاً هناك، فإن الأكيد ان الاتصالات بقيت مستمرة حول تدوير الحقائب وحول معضلة تمثيل «اللقاء التشاوري» للنواب السنة المستقلين، بالتزامن مع تأكيد أوساط سياسية بأن خيار العودة إلى تصريف الأعمال للحكومة القائمة، غير وارد الا في حالة واحدة فقط، وهي عقد جلسة وزارية لإقرار موازنة العام 2019، إذا لم تشكّل الحكومة ضمن المدى الذي حدّده الرئيس المكلف، والذي يفترض ان يكون مداه يوم الخميس المقبل.
تحذير فرنسي واقتصادي
غير ان اللافت وسط الغموض في بورصة التأليف، هو ما طرأ على الصعيد الفرنسي، ما يعطي انطباعاً بأن باريس مستاءة من التباطوء في تأليف الحكومة، ويؤكد في الوقت عينه المعلومات التي تحدثت عن احتمال تأجيل زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون إلى بيروت في شباط المقبل، بالتزامن مع التلويح بأن باريس قد لا تتمكن من الوفاء بالالتزامات التي قطعتها لمساعدة لبنان، على صعيد مؤتمر «سيدر»، سواء المالية منها، أو حيال الجيش اللبناني.
وقد ورد هذا التلويح للمرة الأولى على لسان وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الذي أسف للتأخر الحاصل في تشكيل الحكومة اللبنانية بعد مرور ثمانية أشهر على الانتخابات التشريعية في أيّار 2018، معتبراً انه «من مسؤولية مجمل المسؤولين السياسيين اللبنانيين العمل للخروج من هذا المأزق السياسي الذي وضعوا أنفسهم فيه»، مشدداً على انه لم يعد يجوز اليوم القبول بهذا الوضع السوريالي».
وقال الوزير الفرنسي: «انه بسبب هذا المأزق السياسي، لا نستطيع الوفاء بكل الالتزامات التي قطعناها للبنان، بما في ذلك المالية منها، وحيال الجيش اللبناني الذي يبقى اليوم، رغم كل شيء، العمود الفقري لتوازن الدولة».
وبالتزامن مع التحذير الفرنسي، أعادت الهيئات الاقتصادية قرع ناقوس الخطر، عبر بيان أصدرته في أعقاب اجتماع عقدته برئاسة رئيسها محمّد شقير، وبمشاركة أعضاء الهيئات، أعربت فيه عن «قلقها الشديد حيال ما آلت إليه أوضاع البلاد الاقتصادية والمالية، خصوصاً بعد خفض وكالة «موديز» التصنيف الائتماني للبنان والضرر الشديد الذي يلحقه ذلك بالوضع المالي للدولة».
واعتبرت الهيئات ان «لجم هذا التدهور ووضع البلد على الطريق الصحيح يبدأ بتشكيل الحكومة»، وأكدت ان «كل الظروف التي نعيشها لم تعد تسمح بأي تأخير في تشكيل الحكومة، لأن الاضرار ستكون مضاعفة ومؤلمة على الجميع من دون استثناء».
تشاؤم «حزب الله»
وفي انتظار الموقف الذي سيعلنه السيّد نصر الله اليوم من موضوع الحكومة تحديداً، أفادت معلومات خاصة بـ«اللواء» ان «حزب الله» لا يبدو متفائلاً بتشكيل الحكومة، إلا إذا وجدت فجأة نوايا سليمة وجدية من الجميع، ملمحاً بطريقة أو بأخرى إلى ان هناك من يراهن على عرقلة التشكيل لثلاثة أشهر أخرى، من دون ان توضح عمّا إذا كان هذا الرهان له علاقة بمؤتمر وارسو التي تحضر الولايات المتحدة الأميركية لعقده في العاصمة البولندية في النصف الأوّل من الشهر المقبل.
وبحسب هذه المعلومات فإن الحزب يُصرّ في مجالسه المغلقة وامام زواره على التأكيد على ان مشكلة تأخير الحكومة لا تتعلق بموضوع إعطاء فريق رئيس الجمهورية و«التيار الوطني الحر» الثلث المعطل، وإنما مع رئيس الحكومة المكلف الذي تقول انه يتحمل وحده المسؤولية الكاملة عن هذا التأخير، مبرراً كلامه هذا بالاشارة إلى ان الوزير جبران باسيل هو من تبرع مجاناً للرئيس الحريري عن قصد أو من دون قصد بنقل الأزمة الحكومية إلى ملعبه، حيث اقترح على الحريري تنازل رئيس الجمهورية عن مقعده السني لصالح «اللقاء التشاوري» للنواب السُنَّة المستقلين، من دون الرجوع إلى الحزب أو مناقشته في هذا الطرح.
وقالت انه «للمرة الأولى يكشف الحزب عن ان السيّد نصر الله وصف مبادرة باسيل «بالاختراع» معرباً عن تفاجئه من طريقة تعاطي حليفه في الملف الحكومي، لا سيما حين حاول تهريب اسم جواد عدره بالتوافق مع الحريري، مما سبب احراجاً للجميع، ودفع بنصر الله إلى لوم المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على طريقة ادارته للملف، وطلب منه إيصال رسالة حرفية إلى الرئيس ميشال عون، مفادها انه لا يتبنى كل ما يقال حول اعتراض الحزب على إعطاء فريق رئيس الجمهورية الثلث المعطل.
ووفق المعلومات أيضاً، فإن الحزب يعتقد ان العقد المستحدثة بشأن إعادة توزيع الحقائب الوزارية هي محاولة لحرف الانتباه عن الموضوع الأساسي المتعلق بتمثيل سُنة «اللقاء التشاوري» والذي لا يبدو ان هناك حلولاً واقعية أو منطقية له حتى الآن، ويؤكد في الوقت عينه ان هناك حلاً واحداً أمام الحريري والوسطاء وهو الاعتراف بحق تسمية سُنة اللقاء لوزير يمثلهم حصرا، وغير تابع لأي طرف.
«التشاوري» على موقفه
وبالفعل، جدد «اللقاء التشاوري» بعد الاجتماع الذي عقده في منزل النائب جهاد الصمد في طرابلس وبغياب النائب قاسم هاشم، تمسكه بموقفه السابق لجهة تمثيله حصراً في الحكومة بأحد نوابه الستة أو أحد الأسماء الثلاثة التي رشحها من خارج اللقاء لهذه الغاية»، معلناً بأنه «لن يقبل بأي طرح أو تسوية جديدة تكرر التجربة السابقة المرفوضة من اللقاء شكلاً ومضموناً».
وأسف بيان «اللقاء» الذي تلاه النائب الصمد، لحال المراوحة التي لا تزال تخيم على مسألة تأليف الحكومة برغم دخول التكليف شهره التاسع»، معتبرا ان أسباب ذلك تعود إلى «مكابرة الرئيس المكلف ورفضه الاعتراف بنتائج الانتخابات النيابية، لأنها تنهي احتكاره تمثيل الطائفة السنية، واعرب كذلك عن استيائه ممَّا وصفه «تنازل الرئيس المكلف عن الكثير من صلاحياته التي اناطها به الدستور، وقبوله مشاركة الآخرين له في عملية تأليف الحكومة، سوى رئيس الجمهورية، مقدماً تنازلات غير مسبوقة على حساب مقام رئاسة الحكومة ودورها والتوازن بين المكونات اللبنانية.
وأسف اللقاء ايضا لغياب رؤساء وملوك وامراء دول عربية ومقاطعتهم القمة العربية الاقتصادية التنموية التي انعقدت في بيروت، واستمرار غياب سوريا عن حضور القمم العربية ما يحدث خللاً داخل الجسم العربي لن يستقيم قبل عودة سوريا لممارسة دورها القومي في المنطقة وداخل الجامعة العربية، مطالباً المجلس الدستوري بوجوب إصدار قراراته المتعلقة بالطعون الانتخابية المقامة امامه».
تدوير الحقائب
في المقابل، أكدت مصادر مطلعة لـ «اللواء» ان الرئيس عون يتابع تفاصيل مشاورات تأليف الحكومة، مشيرة إلى ان الحديث عمّا يفكر القيام به في حال عدم حسم هذا الملف ليس مطروحاً، لا سيما وان الأطراف المعنية تتبادل وجهات النظر، وأكدت كذلك ان موضوع تفعيل حكومة تصريف الأعمال بدوره غير مطروح حاليا خصوصا انه لا يحظى بموافقة جماعية فضلا عن ان هناك نقاشا دائرا في تشكيل الحكومة.
وقالت المصادر نفسها انه يجب عدم قطع الأمل والافساح في المجال امام الاخذ والرد. ولفتت الى انه عند الوصول الى مرحلة تشكيل الحكومة يتم الإتصال باللقاء التشاوري من اجل تسمية ممثله بعدما حسمت مشاركته من حصة رئيس الجمهورية.
وقالت ان تموضعه متفق عليه. واوضحت ان المطلوب هو التوازن في نوعية الحقائب وتحسين ظروف الحكومة وهو ما يعمل عليه بعدما لوحظ ان هناك حقائب للتيار الوطني الحر ليست خدماتية حتى وان حصل مع حصة الرئيس على وزارات سيادية.
ولم تخف المصادر اعتقادها ان يؤدي هذا التحسين في نوعية الحقائب الى اهتزاز في حصص اخرى ولذلك فإنه يعول على الاتصالات التي ستجري بين الكتل، وبات معلوما ان رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ليس متحمسا للتخلي عن حقيبة الصناعة، من اجل تمكين «التيار» من الحصول على حقيبة البيئة، بعدما رضي الرئيس نبيه برّي التخلي عنها، في مقابل حصوله على وزارة التنمية الإدارية أو الثقافة، الا ان «القوات اللبنانية» رفضت التخلي عن الحقيبة الأخيرة واستبدالها بالاعلام، مؤكدة انها غير معنية بأي حديث عن تبديل في الحقائب التي اسندت إليها وهي: العمل والثقافة والشؤون الاجتماعية.