الحريري يجنح إلى التأليف: حفرة كبيرة في الطريق ولن نقع
برّي ماضٍ في التحضير لجلسة تشريع الإنفاق.. وباسيل يلوِّح بالشارع!
.. بانتظار الحسم!
مرّ اليوم الأوّل لتوجه الرئيس المكلف سعد الحريري بت مسألة التكليف والتأليف، إيجاباً أو سلباً، بحكومة أو البحث عن خيار آخر..
المؤشر الأكبر للمسار الحاسم، ما سيبحث في اجتماع كتلة المستقبل النيابية، التي يرأس اجتماعها الرئيس الحريري، إذا لم يكن على موعد طارئ في بعبدا مع الرئيس ميشال عون، وعما إذا كان ثمة زيارة جديدة إلى عين التينة، للتداول في مسألتين: تبادلية الحقائب، والجلسة التشريعية التي يتجه رئيس المجلس لعقدها، بعد ان دعا هيئة مكتب المجلس للانعقاد غداً، لتحديد موعد الجلسة وجدول أعمالها، وفي مقدمه وضع اليد على موازنة العام 2019.
وفي إشارة إلى ان الأرجحية هي لمسار التأليف، اعتبر الرئيس المكلف اننا قادرون على النهوض بوطننا.. وكل ما علينا ان نقوم به هو ان تشكل حكومة، تعمل على أسس واضحة، وتقوم بالاصلاح الذي تمّ اقراره في «سيدر».. معتبراً ان الشرط الأساسي لنجاح الحكومة ان تقوم بالاصلاحات المقررة في «سيدر».
وقال الرئيس الحريري في كلمة خلال العشاء الذي أقامه الوزير السابق ميشال فرعون مساء أمس في منزله بالاشرفية على شرفه بحضور شخصيات نيابية وروحية ووزراء في حكومة تصريف الاعمال: «لا شك أننا نمر في مرحلة صعبة جدا، وكما ترون جميعا، فإن هناك مشاورات تحصل ونأمل أن تكون إيجابية. أنا بطبعي شخص متفائل، وتفاءلوا بالخير تجدوه. وأنا أرى أن لبنان لديه فرصة، وأمامه تحديات. الفرصة تكمن في مؤتمر «سيدر» وكل الأصدقاء الذي يرغبون في مساعدة لبنان واقتصاده وأمنه واستقراره. أما التحديات فهي صعبة، إن كان على صعيد المالية أو البنى التحتية أو غيرهما.
ودعا إلى محاربة الفساد، «وهي معركة ستكون صعبة» داعياً إلى الصبر، ومعرباً عن ثقته انه والرئيس ميشال عون ونبيه برّي مصرون على هذه السياسة. واعداً شباب لبنان والخريجين بوظائف، سيوفرها لهم «سيدر» «لتبقوا في بلدكم».
وليلاً اتصل الرئيس برّي بالرئيس الحريري، وابلغه عزمه على عقد جلسة لبت موضوع تشريع الصرف المالي، ووجد تفهماً وتأييداً من الرئيس الحريري، الذي أبلغه بدوره انه بحاجة إلى 72 ساعة لإنهاء المشاورات الهادفة إلى التأليف.
ايقاعات متشنجة
إلى ذلك، لاحظت مصادر سياسية متابعة، ان الجولة الجديدة من المشاورات الحكومية التي يعد لها الرئيس المكلف سعد الحريري، استكمالاً للمفاوضات التي أجراها في باريس مع رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، تجري على ايقاعات متشنجة، عبر عنها تلويح مصادر في «التيار الحر» بالعودة إلى خيار الشارع أو سواه في حال الوصول إلى الحائط المسدود في محاولة للهروب الى الأمام، فيما اتهمت «القوات اللبنانية» اطرافاً لم تسمها بمعاودة محاولة تحجيمها، في إشارة إلى ما يجري حول إعادة توزيع الحقائب الوزارية، في حين ذهبت مصادر «اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين» إلى حدّ التأكيد بأن «الحكومة ليست قريبة، طالما ان أحداً لم يتحدث معنا»، بالتزامن مع دعوة الرئيس نبيه برّي هيئة مكتب المجلس إلى الاجتماع ظهر غد الأربعاء، في خطوة وصفت بأنها لا توحي بأن الحسم الحكومي قريب، وانه لن يبقى متفرجاً إزاء التخبط الحاصل في مشاورات التأليف، عبر التمهيد لجلسة تشريعية قريبة للمجلس، استناداً إلى نظرية «تشريع الضرورة».
ولئن تمهل الرئيس الحريري أمس، في اطلاق الجولة الجديدة من مشاوراته، بعد عودته من باريس، في انتظار أجوبة الفرقاء الآخرين على ما بحث من خيارات في العاصمة الفرنسية، بحسب ما نقلت المعلومات عن مصادر «بيت الوسط»، فإن مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة، أبلغت تلفزيون «المستقبل» ان «العد التنازلي لحسم موضوع الحكومة قد بدأ»، وقالت ان «الرئيس المكلف سيستكمل الجولة الأخيرة من مشاوراته هذا الأسبوع ليبني على الشيء مقتضاه»، موضحة ان «العمل جار على تذليل العقد للوصول إلى تشكيل الحكومة، وان الخيارات ما بعد عملية الحسم يملكها الرئيس الحريري وحده».
ونقلت عنه قوله: «انه قام بما عليه من تنازلات، واننا في ربع الساعة الأخير في الملف الحكومي، وإذا لم تشكّل الحكومة، فنحن نتحدث عن مشهد آخر».
حسم إيجابي
واكدت مصادر قيادية في «تيار المستقبل» لـ«اللواء»: ان هذا الاسبوع سيكون حاسما في ما خص التأليف، والرئيس الحريري يأمل أن يكون الحسم إيجابيا اي لجهة تشكيل الحكومة».
أما عن الخيارات البديلة عن التشكيل وهل الاعتذار من ضمنها؟ فقالت المصادر: «الخيارات مفتوحة لديه، ولا أحد يملكها سواه، لكننا نعوّل على الإيجابية، أي أولوية تشكيل الحكومة، وسننتظر نتائج المشاورات الاخيرة»، مضيفة ان «كل ما يقال حول إعتذار أو فضح المعرقلين فهي فقط في إطار التحليل».
وإذ اشارت إلى ان اجتماعات باريس «لم تحمل الكثير من الجديد»، قالت ان «زيارة الحريري إلى الرئيس ميشال عون في بعبدا، تنتظر الجديد في مسار المشاورات، وان اجتماعات باريس لو كانت إيجابية وحاسمة وتوصلت إلى حلول لما كان بدأ الحريري جولة مشاورات جديدة».
وأوضحت المصادر ان الحريري «يصر على إنهاء الجدل المتواصل منذ أشهر حول الصيغة الحكومية، ويرفض أي شكل من اشكال تجميد عملية التأليف فيما البلاد تواجه تحديات اقتصادية».
ضغط أوروبي – فرنسي
ولفت الانتباه في هذا السياق، البيان الذي أصدرته بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان، في أعقاب زيارة سفيرة الاتحاد الأوروبي كريستينا لاسن للرئيس الحريري في «بيت الوسط» حيث أكّد ان «الغياب المستمر للحكومة بدأ يؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي للبنان وعلى حياة الكثير من اللبنانيين»، وتمنت لاسن للرئيس الحريري النجاح في جهوده الأخيرة.
وتزامناً مع البيان الذي قرأت فيه أوساط سياسية انه جاء بمثابة ضغط أوروبي جديد لتشكيل الحكومة، ربطت مصادر دبلوماسية فرنسية، بين ما تردّد عن تأجيل زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى بيروت، وبين تشكيل الحكومة، إذ كشفت هذه المصادر ان الرئيس الفرنسي سبق ان أبلغ لبنان اساساً انه لن يزور بيروت قبل ان تتشكل الحكومة، وهذا منطقي بالاعراف والعلاقات بين الدول، خصوصاً وأن وزراء سيرافقون ماكرون وسيتم توقيع اتفاقيات، وهذا لا يمكن ان يحصل بوجود حكومة تصريف أعمال.
ولفتت المصادر إلى أن زيارة رئيس فرنسا لا يمكن أن تكون مجرد زيارة شكلية، ففرنسا تنتظر ولادة الحكومة اللبنانية لتنطلق إلى المرحلة الثانية من مؤتمر سيدر، أي مرحلةِ وضع المشاريع موضع التنفيذ بعد قيام لبنان بالإصلاحات المطلوبة.
الثلث المعطل
واذا كانت مصادر سياسية مطلعة قد اعتبرت ان لقاءات باريس الحكومية قد حركت الملف الحكومي من جديد فإنها لفتت الى ان ما طرح من نقاط فيها فهي من وحي المناخ الاساسي للحكومة الثلاثينية ومن غير المعروف اذا كان ذلك يعني صيغة العشرات الثلاث.
واوضحت ان الرئيس الحريري سيستكمل اتصالاته بعد عودته الى بيروت على ان تتبلور الصورة الحكومية هذا الاسبوع تشكيلا او عدمه. واكدت ان اي قرار بالاعتذار عن تأليف الحكومة هو قرار يعود الى الرئيس الحريري دون سواه.
وكررت القول ان هذا الأسبوع هو اسبوع الحسم وان ايجابية لقاءات العاصمة الفرنسية تكمن في انها حددت اطارا لإنهاء الملف الحكومي مؤكدة ان الإيجابية تتظهر خصوصا اذا تمكن الرئيس الحريري من احراز تقدم في الاتصالات التي يجريها.
ولم تؤكد المصادر نفسها ما تردد عن عرض الوزير جبران باسيل على الرئيس الحريري استعادة الوزير المسيحي من حصته مقابل اعطائه الوزير السني من حصة رئيس الجمهورية. وتردد لاحقا ان هناك من يرغب في ان تحسم اتصالات الحريري مع رئيس المجلس بعض الأمور، والمقصود هنا الوزير باسيل الذي نقلت عنه مصادره بأن على الحريري ان يلتقي الرئيس برّي بعد عودته من باريس، مضيفة بأن على الحريري ان يأخذ قراره ويتحرك، ولا يمكنه ان يحاور في باريس ويصمت في بيروت.
وأشارت مصادر مطلعة الى انه إن لم تنجح مهمة الرئيس الحريري والوزير باسيل فهذا معناه انه ثمة من يعرقل الحكومة غيرهما، موضحة ان «تفاهم الحريري مع باسيل حصل بعد كلمة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله وتطمينه ان عقدة التشكيل تنحصر بعقدة «اللقاء التشاوري» وبعض الحقائب الثانوية».
وأكدت مصادر باسيل انه «لن يتنازل عن الثلث المعطل إلا بمقابل» حقيبة بديلة، موضحة ان «الحريري يعلم ما هو المقابل، فباسيل وضع بيديه عدة اقتراحات معدلة وعلى الحريري ان يبادر وعليه ان يأخذ قراره».
غير ان اللافت وسط هذا الضخ الإعلامي، كان ما نقلته محطة O.T.V الناطقة بلسان «التيار الوطني الحر» عن مصادر التيار قولها ان «التيار قدم أقصى ما يمكنه من تسهيلات والاهم هو الحسم هذا الاسبوع والا فالتيار سيضطر الى وقف المهادنة التي اعتمدها منذ البداية على أمل تسهيل التشكيل لانه لن يقبل بان يدفع من رصيده الشعبي اكثر من اجل قوى سياسية تؤكد يوماً بعد يوم أنها لا تريد الا التعطيل».
ولفتت مصادر التيار إلى أنها لا تستبعد خيار الشارع او سواه في حال الوصول الى حائط مسدود، مستبعدة اللجوء الى تشكيلة امر واقع، كما استغربت تحديد الرابع من شباط كموعد نهائي للحسم.
خيار الاعتذار
في المقابل، رأت مصادر «القوات اللبنانية» أن موضوع تبادل الحقائب قد يعرقل او ينسف كل الامور التي باتت منجزة حتى الان، ويعيد البحث الى بدايات مفاوضات تشكيل الحكومة، وقد ينسف المعايير التي وضعت وتم تشكيل معظم الحكومة على اساسها ويفرض البحث عن معايير جديدة مايعني مزيدا من التأخير والعرقلة بينما وضع البلد لا يحتمل..
وكشفت أوساط معراب، ان الاعتذار لم يكن الخيار الوحيد الذي طرح في اللقاء الباريسي بين الحريري وجعجع، إذ ثمة خيارات أخرى تخضع للنقاش راهناً، بين الحريري وفريق عمله، وشكلت محور بحث أيضاً في اللقاء مع جعجع، والذي جاء في إطار الاجتماعات الدورية، حيث تخللته قراءة شاملة للوضع السياسي عموما في المنطقة وتم استعراض المخاطر المحدقة بالبلاد والناجمة عن الفراغ الحكومي سياسيا واقتصاديا لجهة ضياع الفرص الكبيرة لتقديم المساعدات لا سيما من سيدر وروما وبروكسيل، وتعاظم المخاطر المتأتية من التطورات الاقليمية، وكان تشخيص دقيق للوضع انتهى الى اتفاق على ضرورة عدم استمرار الامور على حالها ووجوب احداث اختراق في جدار الازمة.
اللقاء التشاوري
وعلى صعيد «اللقاء التشاوري» برز أمس تصريح عضو اللقاء النائب فيصل كرامي الذي أعلن فيه ان «لا مشكلة في تعيين الوزير المختار من قبلنا من حصة رئيس الجمهورية، على الا يكون من كتلته حتماً».
وجاء كلام كرامي، تعليقاً على معلومات ذكرت ان التطور الفعلي الذي أفضت إليه مشاورات باريس، قضى بالاتفاق على ما يمكن تسميته «بالهوية السياسية لوزير اللقاء التشاوري»، بمعنى انه يكون ممثلاً فعلياً للقاء التشاوري، ولن يكون جزءاً من «تكتل لبنان القوي»، لكنه بالتأكيد من حصة رئيس الجمهورية.
ومن جهته، أوضح النائب جهاد الصمد ان «المعلومات تقول أن نسبة التشاؤم في تأليف الحكومة تجاوزت التفاؤل»، معتبرا أن «باسيل هو الوزير المكلف والمؤلف في تشكيل الحكومة».
وتوجه إلى الحريري قائلا: «إحترم الموقع الذي أنت فيه كرئيس مكلف»، معتبرا ان «على الحريري أن يتصرف كأي وزير في حكومة تصريف الأعمال، كونه بمثابة وزير أول، وأن يداوم في مكان عمله وفي مقره في السراي الحكومي الكبير».
وسأل عضو «اللقاء التشاوري» النائب عبد الرحيم مراد «هل العقبة امام تشكيل الحكومة اليوم هي فقط تمثيل «اللقاء التشاوري» ام هي في عملية توزيع الحقائب»؟.
وقال في تصريح له: «ان قضية اللقاء التشاوري باتت اليوم اسهل بعد حصر تمثيل اللقاء بـستة نواب بالاضافة الى مرشحي اللقاء الثلاثة، ونحن نعتبر ان تمثيل اي شخص من التسعة كأننا نتمثل جميعاً».
ووصف مراد الوضع بـ«الصعب جداً وبالمخنوق اقتصادياً»، معتبراً «ان تشكيل الحكومة قد يعطي الامل للناس فتعود الحركة ونستفيد من مؤتمر «سيدر».
شغور المجلس العسكري
وسط هذا التضارب بين التفاؤل والتشاؤم، برز تطوّر يفترض ان يكون دافعاً نحو استعجال تأليف الحكومة، يتمثل بما كشفته مصادر عسكرية، عن شغور في المجلس العسكري، نتيجة إحالة ثلاثة ضباط من أصل ستة من أعضاء المجلس تباعاً إلى التقاعد بدءاً من شهر شباط المقبل، بعدما كان سبقهم قبل أشهر رئيس الأركان اللواء حاتم ملاك.
والضباط الثلاثة هم: الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء سعد الله الحمد، الذي سيحال على التقاعد في الثاني من شباط المقبل، ويليه في الرابع من شباط اللواء سامي الحاج، واللواء جورج شريم في 27 آذار. ويبقى فقط في المجلس ضابطان هما قائد الجيش العماد جوزف عون واللواء مالك شمص.
ولاحظت المصادر العسكرية، ان الخيار الوحيد المطروح لتمكين المجلس العسكري من الاستمرار في تصريف الأعمال إلى حين إجراء تعيينات جديدة بموجب قرارات تصدر عن مجلس الوزراء، هو تغطية قيادة الجيش سياسياً عبر منحها قراراً من السلطة السياسية يسمح لأعضاء المجلس العسكري الاجتماع بمن حضر، على ان يحضر كل أعضاء المجلس حتى بعد تقاعدهم، بهدف تسيير أمور قيادة الجيش، وهو ما حصل في عهد قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي.
وقالت انه قبل مطلع شباط، موعد إحالة الضابطين الحمد والحاج، يجب ان تكون القيادة حصلت على الحل، والا يصبح نصاب المجلس العسكري غير قانوني، لأنه يحتاج إلى خمسة أعضاء. (التفاصيل ص 3)
محاربة الفساد
في مجال آخر، رأى الرئيس ميشال عون ان محاربة الفساد لا تتم بالشكوى من الفساد فحسب، بل بتوثيقه والابلاغ عنه، لافتا الى سهولة ضبطه في المؤسسات اكثر منه بين الافراد.
وشدد خلال استقباله وفد هيئة الاشراف على الانتخابات برئاسة القاضي نديم عبد الملك الذي سلّمه التقرير النهائي الذي اعدّه حول الانتخابات على ان مكافحة الفساد تتطلب وجود رجال قضاء يواجهون الضغط السياسي الذي يتعرضون له، لافتا الى انه سعى، من جهته، الى توفير الحصانة الفولاذية للقضاة لابعادهم عن هذه الضغوط، اما الممارسة فيتحمل مسؤوليتها القضاة انفسهم. (راجع ص 2)