Site icon IMLebanon

الدخان الأبيض في سماء التأليف.. وموفد أميركي في بيروت

الدخان الأبيض في سماء التأليف.. وموفد أميركي في بيروت

الحريري في عين التينة اليوم وغداً في بعبدا.. فهل تكون الحكومة نهاية الحسم؟

 

غلبت المؤشرات الإيجابية، على ما عداها، بانتظار ان يخرج الدخان الأبيض اليوم أو غداً من قصر بعبدا، وذلك بإطلاق عجلة العمل الحكومي، بعد إصدار المراسيم، والخروج من ثمانية أشهر من الدوران في الحلقات المفرغة. (بتعبير كتلة المستقبل)..

والاهم ما قاله الرئيس المكلف سعد الحريري امام اجتماع الكتلة، والذي توجَّه بحركة اتصالات مكثفة لوضعه موضع التنفيذ، من ان الفرصة هي الأخيرة للحسم، واتخاذ قرار بخرق جدار الأزمة وعدم السماح «بجعل موقع رئاسة الحكومة عُرضة للشلل والتعطيل والاستنزاف اليومي».

فبعد الاجتماع المطوّل في بيت الوسط مع الوزير المفوض جبران باسيل مع ساعات المساء الأولى، تناول، بدعوة من وزير الثقافة غطاس خوري، طعام العشاء في الأشرفية، مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بحضور السفير المصري في لبنان نزيه النجاري، في وقت كان النائب في اللقاء التشاوري فيصل كرامي يبلغ حلفاءه، سواء الرئيس نبيه برّي في عين التينة أو حزب الله ان اللقاء يوافق على ان يكون ممثله في الحكومة من حصة الرئيس ميشال عون.

على ان الخبر المفاجئ للاوساط المعنية بالتأليف تمثل بوصول مساعد وزير المالية الأميركي لشؤون الإرهاب مايشال بيلينغسلي، مساء أمس إلى بيروت على ان يلتقي كبار المسؤولين اللبنانيين بدءاً من اليوم.

وربطت مصادر دبلوماسية بين وصوله والمساعي الحثيثة لإنهاء تأليف الحكومة، مع وصول المسؤول الأميركي المكلف بتطبيق العقوبات المالية على حزب الله.

لكن مصدراً مطلعاً استبعد أي تأثير على جهود تأليف الحكومة، إنطلاقاً مِن ان ما كتب قد كتب، وان الرئيس المكلف سيزور عين التينة اليوم للقاء الرئيس برّي على ان يزور بعبدا غداً، إذا ما اكتملت الصورة على نحو أخير، لإصدار المراسيم، قبل نهاية فترة الحسم وسط معلومات عن حلحلة في تبادل الحقائب لا سيما في ما خص البيئة والصناعة.

حكومة خلال يومين؟

وإذا صدقت المعلومات في شأن اتفاق حكومي وضعت خطوطه العريضة بين الرئيس الحريري والوزير باسيل، في لقاء عصر أمس في «بيت الوسط»، وما زالت تفاصيله قيد الكتمان، فإن لبنان سيشهد خلال اليومين المقبلين ولادة الحكومة العتيدة، إذا لم تطرأ أية تطورات سلبية في اللحظات الأخيرة، على ما اعتاد عليه اللبنانيون من تجارب مريرة على مدى الشهور الثمانية الماضية.

وبحسب ما تسرب من معلومات حول اللقاء الأخير بين الحريري وباسيل، فإن الفريق الرئيسي الذي يمثله وزير الخارجية، قدم التسهيلات الممكنة التي يفترض ان تساعد في إخراج أزمة الحكومة من عنق الزجاجة، وهذا يعني ان الفريق الرئاسي تخلى عن الثلث المعطل، في مقابل حصوله على حقيبة البيئة، وان يكون ممثله نواب سُنة 8 آذار من حصة رئيس الجمهورية، ولكن من دون ان يُشارك في اجتماعات تكتل «لبنان القوي»، وهما النقطتان اللتان كان الرئيس الحريري ينتظر الرد عليهما من قِبل الوزير باسيل، خلال المداولات التي جرت بينهما في باريس، حيث استمهله رئيس التيار يومين للتشاور في شأنهما مع رئيس الجمهورية ميشال عون لرد الجواب عليه، وهو ما حصل عصراً.

وكان الملف الحكومي قد شهد أمس، حركة متسارعة، توزعت بين بعبدا و«بيت الوسط» وعين التينة وحارة حريك، وكان أبرزها زيارة باسيل إلى «بيت الوسط»، وعضو «اللقاء التشاوري» للنواب السُنَّة المستقلين فيصل كرامي للرئيس نبيه برّي في عين التينة، والذي أعقبه لقاء بعيد من الإعلام بين ممثلين «للقاء التشاوري» و«حزب الله» في حارة حريك، لحسم موضوع ممثّل «اللقاء» في الحكومة، في ضوء معلومات تحدثت عن مسعى من قِبل باسيل لإعادة تسويق ترشيح جواد عدره، قوبل بالرفض من قبل «حزب الله» و«اللقاء التشاوري»، فعاد باسيل إلى طرح اسم الزميل عثمان مجذوب وهو أحد الأسماء الثلاثة ليمثل «اللقاء التشاوري» في الحكومة، على ان يكون من حصة رئيس الجمهورية، ولكن من دون ان تكون له علاقة بتكتل «لبنان القوي»، الا انه لم يعرف بعد موقف الحريري من هذا الطرح، علماً ان رئيس الحكومة المكلف التقى مساءً رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط إلى مائدة عشاء في مطعم «كيللز» في الأشرفية، بحسب صورة نشرها وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال غطاس خوري على حسابه على «تويتر»، وجمعت الحريري وجنبلاط وعقيلته نورا في حضور النائب وائل أبو فاعور والسفير المصري في لبنان نزيه نجاري، وارفق خوري الصورة بعبارة: «عشاء أصدقاء».

تفاؤل حذر

ومهما كان من أمر هذه المعلومات، فإن الرئيس الحريري، أكّد أمس، بعد ترؤسه جانباً من اجتماع كتلة «المستقبل» النيابية، انه «متفائل بحذر»، مشيرا إلى ان «الأمور إيجابية، وان شاء الله ستتضح خلال يومين».

وجدّد الحريري، في دردشة مع الصحافيين في «بيت الوسط» سبقت لقاءه مع الوزير باسيل، التأكيد على ان «هذا الأسبوع هو اسم الحسم سلباً أو ايجاباً»، إلا انه رفض التحدث عن خياراته في هذا المجال.

ورداً على سؤال حول وضع النظام السوري «تيار المستقبل» على لائحة الارهاب العائدة له، قال الرئيس الحريري: «هذه لائحة الشرف، لأن هذا النظام هو إرهابي أصلاً».

إشارة إلى ان مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب مايشال بيلينغسلي وصل إلى بيروت مساء أمس في زيارة تستمر يومين، على ان يبدأ اتصالاته اليوم.

وأعربت الكتلة، في البيان الذي أصدرته بعد الاجتماع، «عن ارتياحها للجهود التي يقوم بها الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة، وإصراره على وقف مسلسل تعطيل ولادة الحكومة، مثنية على اعتبار الأسبوع الحالي اسبوعاً نهائياً للحسم المطلوب والانتقال إلى مرحلة جديدة، آملة تتويجها باصدار مراسيم التأليف وإطلاق عجلة العمل الحكومي التي يتطلع إليها اللبنانيون بعد أكثر من ثمانية أشهر من الدوران في الحلقات المفرغة».

وأكدت الكتلة انها «تتطلع إلى كسر حلقات التعطيل والجمود، وتؤيد بالكامل توجهات الرئيس المكلف في هذا الشأن، وهي دائماً إلى جانبه العضد والسند في أي قرار يمكن ان يلجأ إليه وينهي مرحلة المراوحة في الجدل العقيم حول الحصص والادوار والصلاحيات، وفي ما يستوجب الخروج من هذا النفق ومباشرة إطلاق ورشة حكومية وتشريعية لا تحتمل المزيد من التأخير وترف الانتظار».

وأوضحت مصادر نيابية في الكتلة لـ«اللواء» بأن الحريري لم يضع النواب في تفاصيل المشاورات التي أجراها، ولا سيما في العاصمة الفرنسية وبيروت، الا انه أكّد امامهم ان الأجواء إيجابية وجيدة، وبقي في العموميات من دون الدخول في تفاصيل.

ولاحظت هذه المصادر ان الجو كان يوم أمس افضل من اليوم الذي سبقه، وانه بدأ يميل نحو الإيجابية.

تكتل «لبنان القوي»

في المقابل، لفتت مقدمة النشرة الإخبارية لمحطة O.T.V الناطقة بلسان «التيار الوطني الحر» إلى ان «اسبوع الحسم الموعود يتقدّم حكومياً، على وضع تقدّم المفاوضات التي تنقلت بين أكثر من مقر، واشترك فيها أكثر من طرف، قبل ان يتوجها مساءً لقاء جديد بين الرئيس الحريري والوزير باسيل، عسى ان تكون «الثالثة ثابتة» ولا يصطدم اللبنانيون مرّة جديدة بتعطيل جديد، بذريعة لا على البال ولا على الخاطر» لكنها قالت انه «اذا فشلت المساعي من جديد فحينها سيكون لكل حادث حديث، في إشارة إلى العبارة التي وردت في بيان تكتل «لبنان القوي» بعد اجتماعه أمس برئاسة باسيل، والتي جاء فيها، بحسب ما قال الوزير سيزار أبي خليل الذي تلا البيان: «انه في ظل الأفكار الواضحة التي حددت معايير واضحة للتمثيل والتنازلات المتبادلة، يمكن ان تبصر الحكومة النور هذا الأسبوع، وإذا لم تبصر النور بعد كل هذا العمل، سيكون لنا الأسبوع المقبل حديث آخر وموقف آخر، لأن عندها تكون قد اتضحت الرؤية بأن هناك نية لتعطيل التأليف».

غير أن مصادر التكتل أوضحت لـ«اللواء» ان اي تفاصيل عما يمكن ان يقدم عليه التيار في حال لم تشكل الحكومة لم تناقش بسبب الإفساح في المجال امام المشاورات كاشفة ان رئيسه الوزير باسيل عدد امام المشاركين في الاجتماع المرات التي تنازل فيها التيار تسهيلا لولادة الحكومة، إلا ان مصادر مطلعة قالت إن المناخ العام ميال الى الإيجابية.

وعزا نائب « لبنان القوي» ماريو عون لـ«اللواء» التفاؤل الحكومي الى ان التيار قدم الكثير و«هالقد بيكفي» واشار الى هناك تقدما سجل في اللقاءات الباريسية.

ورأى ان العقدة ليست وقفاً على الحقائب انما لا يزال هناك موضوع اللقاء التشاوري. ونحن ننتظر ما ستفضي اليه المشاورات في الساعات المقبلة.

وفهم من مصادر مطلعة ان اسبوع الحسم هو بالفعل ذلك والمشاورات متواصلة، وهو ما أكده أيضاً النائب آلان عون، عندما أشار إلى ان كل شيء يبشر بأن الحكومة ستبصر النور بعد يومين، فيما قالت أوساط التيار ان المشاورات بين الحريري وباسيل قطعت شوطاً مهماً، موضحة بأن العمل ينصب راهناً على تشكيل الحكومة لا على الحديث عن خيارات أخرى، والأمور يفترض ان تتبلور قبل نهاية الأسبوع.

تبديل الحقائب

وفي موضوع الحقائب الوزارية، قالت مصادر مطلعة ان الرئيس بري ابلغ زواره امس، «انه لن يقف عقبة امام موضوع تبادل الحقائب، وهو يقبل بحقيبة اخرى غير البيئة ولكنه لن يقبل بحقيبة الاعلام لأنه مقتنع اصلا ان لا لزوم لوجود وزارة للاعلام»، وان الرئيس الحريري استمهله يومين لانهاء تشكيل الحكومة قبل الذهاب الى جلسة تشريعية لمجلس النواب، لكن بري لم يعد يستطيع الانتظار اكثر بسبب تردي الوضع المالي والاقتصادي ولوجود عدد من اقتراحات القوانين المهمة التي تحتاج الى الاقرار في المجلس. فإن تشكلت الحكومة قبل نهاية هذا الشهر او مطلع الشهر المقبل يتم تأجيل الجلسة التشريعية وإلاّ فالجلسة قائمة.

وذكرت المصادر أن تبديل الحقائب بحاجة لتنازلات ايضا من اطراف اخرى مثل الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب «القوات اللبنانية» اللذين يرفضان حتى الآن أي مسّ بالحقائب التي خصصت لها، لكن الرئيس الحريري لا زال يراهن على اقناع الطرفين بالتنازل عن الصناعة المخصصة للتقدمي والثقافة المخصصة «للقوات»، وذلك بعد تلقيه جواب الوزير باسيل على الموضوعين العالقين.

وبهذا المعنى، باتت الكرة في ملعب الرئيس عون والوزير باسيل، اللذين يفترض ان يحسما امر الحقائب وتمثيل «اللقاء التشاوري»، الذي قالت مصادر نيابية فيه لـ«اللواء»: نحن مصرون على مطالبنا ولكننا ننتظر ان يتم الاتصال بنا لمعرفة ماذا سيعرض علينا وتقرير الموقف المناسب حينها، عدا ذلك لا معطيات جديدة تجعلنا نترقب تشكيل الحكومة قريبا اذا بقيت مواقف الاطراف على حالها، لا سيما مواقف الرئيس الحريري والوزير باسيل.

وأعلن النائب كرامي بعد زيارة عين التينة انه يؤيد دعوة برّي لعقد جلسة تشريعية، من دون ان يرى ما هو مستجد حكومياً.

وأضاف بأنه نقل إلى الرئيس برّي جو «اللقاء التشاوري» الذي يريد ممثلاً حصرياً عنه يمثله ويصوت معه، مكرراً موقفه بأنه «لا مانع لدينا في ان يكون الوزير الممثل للقاء التشاوري من حصة رئيس الجمهورية، وبطبيعة الحال هذا الوزير سيتعاون مع رئيس الجمهورية ومع رئيس الحكومة، لكن هذا شيء وان يكون ممثلاً حصرياً للقاء التشاوري شيء آخر».

وبالنسبة «للقاء الديموقراطي»، قال عضو اللقاء النائب فيصل الصايغ لـ»اللواء»: نحن متمسكون بحقيبتي الصناعة والتربية ولا يمكننا التنازل أكثر مما تنازلنا، علما ان موضوع تبادل الحقائب لم يُطرح معنا ولا مع رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط بشكل مباشر، بل وصلنا الخبر بالتواتر عبر تسريبات. وبرأيي القضية لا زالت معلقة عند موضع الثلث الضامن وتموضع وزير «اللقاء التشاوري»، بحيث ان الوزير باسيل يحاول الالتفاف على موضوع الثلث الضامن للحصول عليه بشكل غير مباشر من باب الوزير السني، ولكن اكثرية القوى السياسية ترفض منح الثلث الضامن لطرف سياسي واحد.

وابدى الصايغ اسفه «للتلهي بحقيبة هنا وحقيبة هناك بينما اقتصاد البلد ينهار والوضع الاجتماعي والاقتصادي للناس بات كارثيا حتى بتنا نفقد احترامنا امام دول العالم».

يذكر ان «القوات اللبنانية» سبق واعلنت أيضا رفضها التنازل عن الحقائب التي خصصت لها.