دار الفتوى تجدِّد رفضها القاطع للزواج المدني.. وانتفاضة في بيروت إحتجاجاً على «العقاب الكهربائي»
هزّ الانقطاع المتكرر للكهرباء عن العاصمة بيروت والضواحي «الثقة» التي نالتها الحكومة، بصرف النظر عن تبريرات مؤسسة كهرباء لبنان، مع العلم ان سلفة الخزينة لشراء الفيول وقع عليها قبل نهاية الأسبوع الماضي..
وترتب على هذا الوضع الكهربائي غير المبرر، إقدام شبان غاضبون ليل أمس على إشعال اطارات وقطع الطريق احتجاجاً في محيط المدينة الرياضية، ثم ما لبثت القوى الأمنية ان أعادت فتح الطريق، بالتزامن مع إعلان عودة التغذية الكهربائية للعاصمة بدءاً من بعد غد الخميس.
وتزامنت «انتفاضة الكهرباء» مع وضع الخطط التمهيدية لتحريك ملفات مؤتمر «سيدر» ومن بينها ملف الكهرباء، الذي يحتاج إلى خارطة طريق واضحة، مع العلم ان الرئيس سعد الحريري ترأس أمس في السراي الكبير اجتماعاً تشاورياً لممثلي الصناديق العربية والأوروبية والدولية والمؤسسات المالية التي التزمت بمساعدة لبنان في مؤتمر «سيدر».
وبدا التخبط منذ اليوم الأول لانطلاق الحكومة، ففي الوقت الذي كان اجتماع المؤسسات المانحة منعقداً في السراي الكبير، وفقاً للالتزام الذي ما يزال قائماً، وفقاً لما أدلى به المدير الإقليمي للبنك الدولي في دول المشرق ساروج كومار جا للعمل مع الحكومة تطبيق المشاريع ذات الأولوية في مختلف القطاعات، كان وزير الدولة لشؤون النازحين السوريين في سوريا يبحث في آليات العودة، وكانت دوائر قصر بعبدا، الذي احتفل بالميلاد الـ84 للرئيس ميشال عون، يستعد لاطلاق آلية مكافحة الفساد، بعد نفير حزب الله في المهرجانات وساحة النجمة.
وتعقد جلسة مجلس الوزراء بعد غد الخميس عند الساعة 11.30 في قصر بعبدا، وعلى جدول أعمالها تعيين القاضي محمود مكية أميناً عاماً لمجلس الوزراء خلفاً للأمين العام السابق فؤاد فليفل، إلى جانب بت عدد من المواضيع التي كانت مدرجة على آخر مجلس وزراء، ويوزع اليوم جدول الأعمال.
ويغادر الرئيس الحريري إلى بروكسيل في 13 آذار المقبل، لترؤس وفد لبنان إلى مؤتمر الدول المانحة بشأن النازحين السوريين.
وتوقع مصدر مقرّب من وزارة شؤون النازحين السوريين ان يزور الوزير صالح الغريب السراي الكبير، قبل انعقاد جلسة مجلس الوزراء.
على ان الأبرز محلياً تجديد دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية رفض الزواج المدني، معبراً عنه بموقف المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان والمجلس الشرعي ومجلس المفتين، المعروف منذ سنوات، هذا الزواج المخالف للدستور وللشرائع السماوية.
من يضع العصي في دواليب الحكومة؟
وفيما انصرف الرئيس الحريري إلى وضع قطار العمل الحكومي على السكة، انطلاقاً من محطة تنفيذ مقررات «سيدر»، مطمئناً إلى الأجواء التوافقية التي اثمرت ولادة هذه الحكومة، برز في المقابل أكثر من ملف خلافي متفجر، اوحت ظروف اثارته، ان طريق الحكومة غير آمن مائة في المائة، وان ثمة من يحاول ان يغرقها في بحر الخلافات، أو أقله وضع العصي في دواليبها لفرملة انطلاقتها، حتى قبل ان يجف حبر البيان الوزاري الذي نالت ثقة المجلس النيابي على أساسه.
ولعل أوّل هذه الملفات، كان ملف النازحين السوريين، حيث باغت وزير شؤونهم صالح الغريب الجميع بزيارة مفاجئة، وربما ملتبسة إلى دمشق، تحت عنوان التنسيق مع السلطات السورية لتسريع عودة هؤلاء النازحين، بالتزامن مع الموقف الذي أعلنه وزير الدفاع إلياس بو صعب امام مؤتمر ميونخ للأمن، بالنسبة إلى رفض المنطقة الآمنة في شمال سوريا، والذي اعتبرته أوساط «القوات اللبنانية» بأنه خطأ من شأنه توريط لبنان في صراعات المنطقة، فضلاً عن كونه خروجاً عن مبدأ النأي بالنفس.
واللافت ان هذا الطرح، جاء بعد أقل من 48 ساعة على إعادة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، نبش دفاتر الماضي، وتحديداً ما يتصل بفتح ملف الـ11 مليار دولار التي انفقتها الحكومات السابقة، على الرغم من وضعه على الرف من جانب حليفه «التيار الوطني الحر» الذي كان يرفع عنوان «الابراء المستحيل» شعاراً حتى لحظة ابرام التسوية الرئاسية مع تيّار «المستقبل»، ما يطرح السؤال عن هدف الحزب من نبش قضية استوفت حقها من الشرح، وهل انه يتطلع إلى ربط نزاع مع الرئيس فؤاد السنيورة وتيار «المستقبل»، أم انه يمتحن موقف التيار الحر بعد اقفاله الملف اثر العلاقة الوثيقة التي تربطه «بالمستقبل» وبعض التوتر الذي يشوب علاقة الحزب بالتيار؟
الغريب في دمشق؟
وإذا كانت أوساط معراب، رأت في إعادة السيّد نصر الله ملف المليارات إلى الواجهة اتجاهاً نحو إعادة تسعير الخلاف الداخلي، ودليلاً على سوء نية، فإن أوساطاً وزارية لم تخف لـ«اللواء» بأن توقيت زيارة الوزير الغريب إلى دمشق، خاطئ في الشكل والمضمون، لأنها تمت دون استشارة رئاسة الحكومة والحصول على موافقتها، فضلاً عن انه لم يضع مجلس الوزراء في صورة الزيارة قبل حصولها، حتى تأخذ شكلها الرسمي، وبالتالي فإن الزيارة تركت أكثر من علامة استفهام ولا يمكن تفسيرها الا انها بمثابة تشويش على الأجواء التوافقية السائدة ضمن الحكومة، من دون ان تستبعد ان تكون مادة سجالية في جلسة الحكومة المقررة الخميس المقبل، لأن قسماً كبيراً من الوزراء غير راضٍ عن هذه الزيارة وسيكون له موقف منها، علماً ان مصادر مقربة من الرئيس الحريري أبلغت المتصلين بها ان زيارة الغريب غير موافق عليها من الحكومة، وبالتالي فإنها تعتبر زيارة خاصة.
الا ان مصادر الوزير الغريب قالت لـ«اللواء» ان الزيارة تمت بناءً لخطة الوزير في مقاربة ملف عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، وان الرئيس الحريري كان في جو حصول هذه الزيارة، مشيرة إلى انه تمّ الاتفاق بين الوزيرين السوري واللبناني على آلية جدية لتسريع العودة، وانه سيكون هناك تعاون كبير من الجانب السوري لتحقيق العودة، عبر تسهيل إجراءات عودتهم.
ولوحظ ان المكتب الإعلامي للغريب، هو الذي وثق الزيارة، باعتبارها جاءت تلبية لدعوة رسمية من وزير الادارة المحلية والبيئة حسين مخلوف، وركز اللقاء على سبل تسهيل اجراءات عودة النازحين بأمان، وأكد الغريب أن «الجانب السوري كان متجاوبا جدا ومرحبا بعودة جميع النازحين»، مضيفا أن «الجانب اللبناني مستعد للعمل مع كافة المعنيين لتأمين العودة بما يضمن مصلحة الدولة اللبنانية».
ومن جهته، أشار مخلوف الى أن «سوريا تعمل على ترميم البنى التحتية وشبكات المياه، وتأمين الاجراءات اللوجستية كافة لتأمين عودة كريمة للنازحين».
«سيدر» في السراي
وسط هذه الأجواء، ترأس الرئيس الحريري في السراي، اجتماعاً تشاورياً موسعاً، وصف بالتحضيري والاول لتنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر»، شارك فيه ممثلون عن الصناديق العربية والأوروبية والدولية المانحة، إضافة إلى وزير المال علي حسن خليل ومدير مكتب البنك الدولي لدول المشرق ساروج كومارجا ورئيس مجلس الإنماء والاعمار المهندس نبيل الجسر، وتركز النقاش فيه على وجهة الأموال الموعودة، وكانت أبرز العناوين الاعمار والإصلاح.
وأعلن كومارجا بعد الاجتماع باسم البنك الدولي ان التعهدات المالية التي التزم بها في باريس العام الماضي لا تزال قائمة، وانه يتطلع للعمل مع الحكومة اللبنانية للمساعدة في تطبيق المشاريع ذات الأولوية في مختلف القطاعات، في حين لفت مستشار رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية نديم المنلا الى «اننا اتفقنا على عملية الاسراع في اقرار وتنفيذ المشاريع»، مشيرا الى ان «المؤسسات أكدت التزامها بما وعدت به من مساعدات، وأبدت استعدادها لمساعدات اضافية اذا طبق لبنان اصلاحات»، موضحا ان «المساعدات ليست مشروطة انما لبنان تعهّد في باريس بتنفيذ اصلاحات».
واذ افاد ان الاجتماع «كان جيدا جدا»، قال إن «وزير المال أكد حرص الدولة اللبنانية على انجاز الموازنة سريعا».
واشار ردا على سؤال الى ان «القانون اللبناني يسمح لعمالة سورية في 3 قطاعات وبالتالي اعتقد انه سيكون هناك عمالة سورية بمجال البنى التحتية وهذا ليس بأمر غريب أو مستحدث».
وكشف الاتفاق على عدّة خطوات للإسراع في تنفيذ المشاريع، بحيث لا تتجاوز الفترة ما بين تحديد المشروع والبدء بالصرف عليه ما بين 12 إلى 15 شهراً، مشدداً على ان المطلوب حل نهائي لمشكلة الكهرباء وليس حلاً مؤقتاً، مشيراً إلى ان مدير البنك الدولي في المنطقة أكّد دعم البنك للبنان في قطاع الكهرباء والبنى التحتية والاستعداد للمساهمة فيهما.
مجلس الوزراء
إلى ذلك، استبعدت مصادر وزارية عبر «اللواء» ان يبدأ مجلس الوزرء قريبا بمناقشة مشروع الموازنة بسبب اتاحة المجال امام الوزراء الجدد الذين لم يسبق لهم ان تسلموا موازنة ودرسوها ان يطلعوا على ما ورد فيها وما المطلوب منهم لجهة اجراء اي تخفيض في وزاراتهم.
ولفتت المصادر الى ان ما من قرار محسوم في ما خص عقد اكثر من جلسة حكومية في الاسبوع بإنتظار ان تنطلق في اجتماعاتها، علماً ان جدول أعمال جلسة الخميس لمجلس الوزراء يفترض ان يوزع اليوم الثلاثاء أي قبل 48 ساعة من موعد الجلسة.
وعلى صعيد آخر، أوضحت مصادر مطلعة، ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي احتفل أمس، بعيد ميلاده الرابع والثمانين، مع أفراد عائلته بعيداً من الإعلام، لم يُقرّر في الأساس المشاركة في قمّة شرم الشيخ، حتى يقال انه عدل عنها رداً على عدم مشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قمّة بيروت الاقتصادية، اما قمّة تونس العربية المقرّر عقدها في أواخر آذار المقبل، فإن المصادر تحدثت عن احتمال مشاركة الرئيس عون فيها.
وعلمت «اللواء» ان مؤتمر القضاء الذي يعقد في قصر بعبدا اوائل الشهر المقبل سيكون من ضمن سلسلة مؤتمرات.
انتفاضة الكهرباء
حياتياً، سجلت مساء أمس ما يشبه الانتفاضة الشعبية، احتجاجاً على استمرار قطع التيار الكهربائي عن العاصمة والضواحي، لمدة تزيد عن 12 ساعة يومياً، إذ عمد عدد من الشبان إلى قطع الطريق الدولية بالاطارات المشتعلة عند المدينة الرياضية على المسلكين الشرقي والغربي، وفي محيط السفارة الكويتية، ثم اعادوا فتحها بالاتجاهين بعد تدخل القوى الأمنية وفوج إطفاء بيروت الذي عمل افراده على إخماد نيران الاطرات المشتعلة.
وجاءت هذه الخطوة الاحتجاجية، في وقت أعلنت فيه مؤسسة كهرباء لبنان انه «من المتوقع ان تعود التغذية الكهربائية إلى طبيعتها في جميع المناطق اللبنانية بدءاً من مساء الخميس المقبل، وأوضحت انها ارسلت الكتب الخاصة بفتح الاعتمادات المستندية لبواخر الفيول اويل والغاز اويل بتاريخ 23/1/2019، أي قبل وصول هذه البواخر إلى لبنان، وفق الآلية المتفق عليها من قبل الوزارات المعنية منذ ما يزيد عن العشرة سنوات».
إشارة إلى ان بواخر الفيول باشرت أمس تفريغ حمولتها لمعملي الذوق والجية، والتي تكفي حاجة هذين المعملين حتى منتصف آذار المقبل. في حين نفى وزير المال ان يكون احتجز اعتمادات المؤسسة، مؤكداً انه صرف نحو 75 مليون دولار لهذا الغرض.